؟هل أقصى اليمين يسار , والعكس صحيحان


احمد مصارع
2005 / 8 / 23 - 13:37     

لفلاسفة الفكر الاشتراكي أسلوبا مميزا في صياغة حد للسخافة , وذلك وفقا لثقافة العصر , فعلى سبيل المثال لا الحصر , ينظر بعين تولستوية ساخرة من تحليق الأدب والفن , ولكن لينين يحيلها نحو الفكر المعقم , كالذي يبحث في أهمية القدم اليمنى بالنسبة للقدم اليسرى , بينما يستخف ماركس بالدكتور (س) الذي تتمثل مهاراته الطبية , وبعد التشخيص الشكلاني , بكونه ينصح بشرب الماء الساخن , وفصد الدم ؟, وهذا عين مار آه روسو عن الطبيب الذي تتمثل خبرته الطبية في نصح المريض بالصبر .
التشخيص الصائب هو مشكلة المشاكل , ولاشيء يشبه شيئا آخرا في الحياة , وحين يصعب على المرء تمييز ماهو علمي محقق ,عن ماهو شعوري أو حدسي ممكن , بل ماهو تخريفي , يصل الى حد الشعوذة .
مرض الطفولة اليسارية يقابله حقا مرض الشيخوخة اليسارية ؟ أم اليمينية ؟ , فمن حيث المنطق ينبغي أن يكون اليمينية على التضاد , وفي حين ينبغي التساؤل عن المقصود من مقولة أقصى اليسار يمين , وأقصى اليمين يسار
وهذا مالا يجد له سندا في الديالكتيك الاجتماعي التاريخي مؤقتا , ولكن الديالكتيك الطبيعي يؤيده بقوة , فالغروب الأرجواني , والأحمر القاني يدفن نفسه في سواد الليل الأبدي , أو في الزرقة الكونية السائدة , بينما شفق النهار الأبيض يخرج من بحر الظلمات , ولتصور المخطط الجامع فلابد من تخيل الإحداثيات الكارتيزية الدائرية , من لحظة اشراقة الضوء الى لحظة غيابه وغروبه , ولطالما الشمس تشرق وتغرب , ستظل الأمور على حالها , وهذا ما يمنح التحليل بعضا من الثبات النسبي وبقاء الأشياء على حالها .
هل الطبيعة شيء والمجتمع شيء آخر ؟ وبافتراض المساواة ممكنة في الحسم فيما بينهما , فلماذا يسود المنطق الطبيعي على كل ما هو مصطنع وببعض العناية ؟ .
قد يمكن اختصار الآخر وبعد الاقتناع باستحالة تهشيمه بصفة تامة , لذلك لابد من الاعتراف به , بل ومصافحته ضرورة , بالمقابل , الذي يقف أمامك وجها لوجه , وحتى لولم يكن خصما , أو طباقا , فحين يتعلق الأمر بمد الأيدي , فمن غير الممكن إجراء المصافحة فيما بين المتعارضين , يسارا بيسار , ويمينا بيمين ,بدون عملية تقاطع مثيرة للغاية , بل وتبدو غير ممكنة التحقيق بدون تقاطع ؟!.
في التقابل المقترح لايمكن لليسار أن يقابل اليسار على التوازي بدون نقطة تقاطع , ليس من السهل امكان تحديدها , حتى لوكانت تواز نية سعرية على طريقة الاقتصاد الكلاسيكي المعروفة , من كون الطلب يتوازن مع العرض عند تقاطع منحنييهما , فهل نحتكم أولا وأخيرا للمنطق الطبيعي ؟ أم أن الأوان حان لمنطق الإرادة العلمية الدقيقة أن تفلق كل قوى الطبيعة , وهذا مالم يتحقق حتى الآن , ومهما كانت مرونة المتفائل بالقدرة في السيطرة على قوى الطبيعة .
الطبيعة هي الحد الأوسط الفيزيقي والميتافيزيقي , ولذلك استطاع الخضر وأنصار البيئة كسب اهتمام البشرية , ونيلهم الاعتراف من اليسار واليمين , لأنهم اختاروا حماية الحد الأوسط , وعند الحد الأوسط يتم التراكم المختلط , وعند ذلك يبرز السؤال مشروعا , أين اليسار وأين اليمين , فالمهم الأهم دوما هو أنسنة الحياة الاجتماعية , كرامتها وحريتها في قضاء أوقات ممتعة وللجميع بدون استثناء , وفي لحظات من عمر الزمن تلقائية أو مخططة أو استثنائية , والأهم أن لا يكون الحاضر مطففا , فيغمط حقوق المستقبل , بل ويلعن الماضي , فكل زمن , وكل اتجاه , بل كل حساب هو من صنع البشر , والحياة واحدة ...
احمد مصارع
الرقه - 2005