الخدمة – البضاعة :- بين المؤسسة الربحية وغير الربحية


جاسم محمد كاظم
2014 / 10 / 16 - 19:34     

لا يمكن لأي دولة في عالم اليوم التخلي عن القطاع الخدمي وتجاهله فمن غير المعقول أن نسمع بدولة خالية من المستشفيات . المراكز التعليمية . رياض الأطفال. خدمات الطيران . خدمات الأمن والدفاع الوطني . القطاع السياحي .
ولا يوجد مجتمع في هذا الكون تعمل كل قواه العاملة في الإنتاج البضاعي فقط بدون قطاع خدماتي .
تسير الخدمة وتزدهر جنبا إلى جنب مع التقدم الصناعي ومع تطور الصناعة وربما تكون الخدمات أكثر كما ونوعا في التطور في النظم الاشتراكية ومؤسساتها غير الربحية عنها في مجتمع السوق الحر والمؤسسات الربحية .
تقول موسوعة الهلال الاشتراكية ص205 ما نصه :-
"تتميز الاشتراكية عن جميع النظم التي سبقتها بما توفره من خدمات للمواطنين بالمجان أو بتكاليف اقل . والخدمات هنا معناها كل ما يحتاج إلية الإنسان في حياته المعنوية والمادية العصرية . ويكون على مستوى أعلى من مستوى ضرورات المعيشة المباشرة . ولا يستطيع الإنسان توفيره لنفسه إلا عن طريق المجتمع بشكل عام ومن ناحية التقسيم توجد عدة أنواع من الخدمات المتزايدة التي توفرها الدولة الاشتراكية للمواطنين ومن أهم هذه الأنواع .

1- الخدمات العامة: وهي الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين لأداء وظيفة عامة يحتاجون إليها مثل المواصلات والشرطة وجمع الضرائب وتوفير الماء والإنارة أو هي خدمات ذات طابع بنائي مثل خدمات البريد والتليفون والتلغراف والإسعاف والخدمات القضائية.

2- الخدمات الاجتماعية : وهي الخدمات التي تقدمها الدولة لمساعدة الفرد على مواجهة مصاعب الحياة وأخطارها ونقط الضعف في المستقبل . بغية رفع مستواه المادي والمعنوي مثل الخدمات الصحية والخدمات التعليمية والتأمينات المختلفة .

3- الخدمات الاقتصادية : وهي الخدمات والتسهيلات التي تقدمها إدارات الحكومة بصفة مباشرة إلى مختلف القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة في الصناعة والزراعة والتموين كإعانات الأسعار والقروض بدون فوائد .""

ترافق الخدمات أنتاج السلع وتظهر خدمات النقل بأنواعه البري .الجوي .البحري . النقل بالأنابيب لنقل البضاعة من مكانها إلى الأسواق . المخازن . المستهلك النهائي .
ولا يمكن الاستغناء عن خدمات التصليح . الصيانة . في بعض القطاعات الحيوية ففي قطاع الكهرباء مثلا نجد أن عدد العاملين في قطاع الصيانة والتصليح يفوق أعداد العاملين في قطاع الإنتاج .
ولا يمكن فصل بعض الخدمات عن الإنتاج البضاعي بل تكون هذه الخدمات مكملة للقطاع الإنتاجي مثل خدمات تبطين الأنهار. شق قنوات الري . صيانة الأنهار وتنظيفها .والتي تعتبر خدمات هندسية بالنسبة للقطاع الزراعي المنتج للمحصول .

وتتطور بعض الخدمات اعتمادا على التطور الصناعي مثل خدمات القطاع السياحي المتمثلة بالنقل . خدمات الأماكن الترفيهية . الخدمات الفندقية .نوعيات المطاعم ولا يختلف القطاع الصحي عن قطاع السياحة فكلما كانت الدولة متطورة صناعيا رأينا تطور هذا القطاعات وازدهارها.

ولا يختلف قطاع التعليم والبحوث العلمية وما يقدمه من خدمات من خلال مؤسساته المتمثلة بالكليات والمعاهد العلمية فيعتبر هذا القطاع هو الأساس وحجر الزاوية للنهوض بالقطاع الصناعي وتطور الدولة بكاملها ولأجل هذا نرى أكثر الدول ترسل طلابها للدراسة والبعثات وتنفق الأموال الهائلة من تحصيل المعلومة وترجمتها على ارض الواقع .

لا يوجد تناقض مابين الخدمة والبضاعة فكلاهما مكملة للأخرى في عالم اليوم لكن التناقض يكمن في نوع النظام السياسي وشكل الحكم واستثمار الخدمة .
ينظر المستثمر في قطاع السوق الحر والقطاع الاستهلاكي للخدمة بأنها مجردة ومفصولة عن الصناعة المنتجة لها لان كل همة يقع في الربح واستثمار هذه الخدمة لان الربحية التجارية تعتبر المرتبة الأولى للمستثمر الخاص، أما بالنسبة للدول الاشتراكية فتعتبر في المراتب الثانية بعد المصلحة الوطنية العليا.

الربحية التجارية = (كمية المبيعات للخدمة والبضاعة × سعر البيع مجموع التكاليف).
"وتعتمد الربحية التجارية على الطلب المرتقب, الصناعات أو الخدمات المنافسة، تذبذب أسعار المواد ، تذبذب أسعار العملة.""
ما نراه اليوم من سيادة عالم الخدمة على عالم البضاعة في أكثر الدول التي تخلت عن نظامها الاشتراكي وقطاعها الصناعي واعتمدت كليا على إنتاجها الريعي المتمثل بالنفط والغاز والموارد الأولية المصدرة لتحصيل النقد وأدت إلى ازدهار الخدمات لعدة أسباب ذكرناها مسبقا .

1- انهيار النظام الاشتراكي والانفتاح على السوق الحر.
2- إزالة القيود الحكومية التي كانت تستبعد النشاط الخاص والتدخل المباشر في تحديد أسعار العملات في بنوك الدولة حصرا وهكذا أصبحت قوى السوق هي التي تحدد الأسعار .
3- تحويل الملكيات من ملكية الدولة إلى القطاع الخاص وظهور الحيتان والمستثمرين و الشركات العابرة .
4- تضائل أو انتهاء دور الدولة في الاقتصاد وتخليها عن إدارة الإنتاج ووضع السياسات العامة والخطط الخمسية .

لكن حتى هذه الخدمات بقيت متخلفة عن مثيلاتها في الدول الصناعية ولم تتطور وأصبحت هذه الدول فقيرة تعج بالعاطلين عن العمل وتنوء بالمشاكل الطائفية والاثنية وانهارت قاعدتها الاقتصادية وتضاءلت كثيرا قيمة دولها بعدما كانت في يوم ما دولة صناعية ناشئة وأصبحت الخدمة في هذه الدول غير منتجة أبدا بل كارثة تستهلك كل الإنتاج الوطني وتحرق العملة ولا تنتج فلسا احمر .

أذن فالخلاصة الخدمة منتوج يشري ترافق الصناعة وإنتاجها البضاعي ويكملها شكل النظام السياسي والاجتماعي وهي تكون ذات قيمة إنسانية ومكملة للعالم الصناعي في الدول الاشتراكية والمؤسسات غير الهادفة للربح
بينما تكون آفة اجتماعية تسرق الكل وتحرق الثروات حينما تنفصل عن الأساس المكون لها وتتجرد عن أساسها الصناعي ويصبح همها الربح وليس غير الربح في مجتمع السوق الحر والقطاع الاستثماري .

::::::::::::::::::::::::::::::

جاسم محمد كاظم