اللقاء الشيوعي الأوروبي: 2014 من أجل حركة شيوعية أوروبية قوية ضد الإتحادات الإمبريالية و من أجل إسقاط الرأسمالية


الحزب الشيوعي اليوناني
2014 / 10 / 9 - 09:15     

بمبادرة من الحزب الشيوعي اليوناني عقد اللقاء الشيوعي الأوروبي في 2 تشرين الأول/أكتوبر في بروكسل تحت عنوان: "أوروبا 100 عامٍ بعد الحرب العالمية الأولى. الرأسمالية: أزمة و فاشية و حرب. نضال الأحزاب الشيوعية والعمالية من أجل أوروبا الاشتراكية والسلام والعدالة الاجتماعية".

هذا و حضرت اللقاء المذكور، الأحزاب الشيوعية والعمالية اﻠ 32التالية من مختلف الدول الأوروبية: الحزب الشيوعي، الألباني، حزب العمل البلجيكي، الحزب الشيوعيين البلغار، الحزب الشيوعي البريطاني الجديد، اتحاد الشيوعيين الثوريين في فرنسا، قطب إعادة إحياء الشيوعية في فرنسا، الحزب الشيوعي الألماني، الحزب الشيوعي الجورجي الموحد، الحزب الشيوعي الدانماركي، الحزب الشيوعي في الدنمارك ، الحزب الشيوعي اليوناني، حزب العمال الإيرلندي، الحزب الشيوعي لشعوب اسبانيا، الحزب الشيوعي الإيطالي، الحزب الشيوعي الهولندي الجديد، حزب نهضة الشعب العامل (آكيل) قبرص، الحزب الاشتراكي اللاتفي، الجبهة الشعبية الاشتراكية في ليتوانيا، الحزب الشيوعي اللوكسمبورغي، الحزب الشيوعي النرويجي، حزب العمل المجري، اتحاد الشيوعيين الأوكرانيين، الحزب الشيوعي البولندي، الحزب الشيوعي البرتغالي، الحزب الشيوعي الروماني، الحزب الشيوعي في الاتحاد الروسي، حزب العمال الشيوعي الروسي، الحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي، الحزب الشيوعي اليوغوسلافي الجديد، الحزب الشيوعي السويدي، الحزب الشيوعي في بوهيميا - مورافيا، الحزب الشيوعي، تركيا.

و قدَّم الأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني، ذيميتريس كوتسوباس كلمة اللقاء الإستهلالية، و تلى ذلك تبادل الآراء والخبرات بين الأحزاب الشيوعية حول التطورات ونشاطاتها.

وفيما يلي نص كلمة ذيمتريس كوتسوباس الإستهلالية، وقريبا سوف نقوم بنشر وترجمة النص الختامي.
ذيميتريس كوتسوباس: ضروري هو تنسيق نشاط الشيوعيين عبر خط انقلابي ضد الناتو و الإتحاد الأوروبي.



الكلمة الإستهلالية للأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني:



أيها الرفاق،

نرحب بكم جميعاً ولمرة أخرى هنا في البرلمان الأوروبي ضمن اللقاء الشيوعي الأوروبي.

تُظهر مشاركة أكثر من 30 وفدا من أحزاب شيوعية وعمالية من عشرات بلدان أوروبا، أن هذا الاجتماع، الذي عقد بمبادرة من الحزب الشيوعي اليوناني، يتجاوب مع ضرورة هامة للقاء و تشاور شيوعيي أوروبا و تموضعهم بصدد التطورات الحالية و زيادة تنسيق نشاطهم ضد المنظمات الإمبريالية التي تزرع حصراً المعاناة لشعوب بلداننا، و لتعزيز تنسيق النشاط عموما ضد البربرية الرأسمالية.

حيث سيواصل الحزب الشيوعي اليوناني الاستفادة من كل الإمكانيات المتاحة، من أجل الإسهام في هذه المحاولة، و على كل حال، فنحن هنا اليوم بفضل حقيقة استخدام حزبنا لإمكانيات مجموعته البرلمانية في البرلمان الأوروبي.

و يُدحض عمليا كل أولئك الذين ادعوا سواءاً داخل اليونان وأوروبا أن انسحاب الحزب الشيوعي اليوناني من كتلة اليسار الأوروبي الموحد واليسار الأخضر الشمالي GUE/NGLالتي فرضت عليه من واقع سلبية التطورات والتدخلات المتصاعدة لحزب اليسار الأوروبي، عندما زعموا أن انسحاب الحزب سيقود إلى تقليص واختفاء إمكانيات حزبنا.

و بإمكاننا أن نؤكد لكم بعد تجربة هذه الأشهر القليلة، على أن العكس تماما يحدث. فقد تعزز وجودنا و مداخلاتنا المستقلان و كفاحنا في جميع العمليات داخل وخارج البرلمان الأوروبي.

أيها الرفاق،

يعكس موضوع لقائنا اليوم أولا وقبل كل شيء، ما تعيشه بهذا الشكل أو ذاك شعوب أوروبا: من أزمة اقتصادية رأسمالية و انبعاث نزعات قومية عنصرية فاشية ، إضافة للحرب والتدخلات الإمبريالية.

و تعيش أوروبا عواقب ظمأ الإحتكارات الذي لا يرتوي من الأرباح، بعد مرور مئة عام على الحرب العالمية الأولى وحوالي سبعين عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية، و تواجه و لمرة أخرى حتميات نمط التطور الرأسمالي، كالأزمة الاقتصادية و عواقبها المأساوية على العمال و باقي الشرائح الشعبية. حيث تواجه الحرب أوروبا وشعوبها.

و بالطبع، تختلف تعابير هذه الظواهر من بلد لآخر. و هكذا، فمع أنه في بلادنا شرائح كبيرة العمال تعاني من البطالة، وتدهور كبير في مستويات المعيشة، ففي أوكرانيا فإن سفك الدماء جارٍ سلفاً. حيث يتعلق اختلاف تعابير آثار الرأسمالية من بلد إلى بلد، بعدم تكافؤ التطور الرأسمالي، و مع ذلك، فإن من يربح في جميع أنحاء أوروبا من أقصاها إلى أقصاها، هم حفنة من الرأسماليين. حيث بواسطة مذكرة أو بدونها تطبق أجندة ضد عمالية و تتفاقم المشكلات العمالية و الاجتماعية. و ليس ذلك مجرد تقسيم ﻠ"بلدان غنية" في أوروبا ضد "بلدانها الفقيرة"، بل هو تقسيم يتخلله انقسام طبقي شديد العمق: حيث هناك في أفقر بلدان أوروبا ثروة متراكمة في أيدي قلة قليلة، تعيش ببذخ استفزازي مُعملٍ بالنسبة لبقية السكان. كما هو الحال في البلدان الأغنى حيث هناك فقر كبير. إن للعمال مصالح مشتركة بمعزل عما إذا كانوا يعيشون في "بلدان فقيرة"أو"بلدان غنية"، و هي تتمثل في إسقاط سلطة رأس المال، و أكثر من ذلك بكثير، في وقت تهدد الرأسمالية الشعوب بعمليات سفك دماء جديدة في أوروبا.

إننا نعلم من خلال دراسة التجربة التاريخية، بأن الأزمات الإقتصادية كأزمة 1929-1933 تقود نحو الحرب. حيث تشتد عدوانية رأس المال في كل أزمة مدمرة قوى إنتاج ضخمة.

يعتقد حزبنا في الواقع أنه حتى إذا دخل الاقتصاد في مرحلة الانتعاش، فإن ذلك قد يهتز نتيجة تأثير التطورات في المنطقة، وتدهور المسار الاقتصادي في منطقة اليورو.

يمر الاقتصاد الألماني في ركود للربع الثاني من العام و يتزايد القلق في إيطاليا وفرنسا. إن القوانين الموضوعية للرأسمالية لا ترحم. لقد سببت صعوبات النظام نشوب تناقضات حادة حول خليطة الإدارة الاقتصادية،و ألهبت عملية إعادة صياغة النظام السياسي ليضمن الرأسماليون حلاً حكومياً أكثر فعالية لتعزيز الإحتكارات و ربحيتها ضمن الظروف الجديدة، و لمواصلة هجمتهم الضد عمالية.

و تتفاقم التناقضات بين المراكز الإمبريالية. حيث ترتبط هذه الحقيقة مع تطورات أوكرانيا، و مع الحرب الاقتصادية والعقوبات المتبادلة بين الاتحاد الأوروبي و روسيا، كما و مع تطورات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. و يتفاقم صراع تكتلات احتكارية عاتية وبلدان رأسمالية و طبقات برجوازية، حول حصص الأسواق و من أجل السيطرة على موارد الثروات، و خطوط أنابيب الغاز والنفط، وكذلك للسيطرة الشاملة على ممرات شحن البضائع. وهي الآن عبارة عن تنافس إمبريالي بيني وحشي يتعاظم مع مرور الوقت. و يُعتبر إدراك تغيُّر القانون الدولي جذرياً مهمة أولية لحركتنا بالمقارنة مع ما كان قد تبلور بعد الحرب العالمية الثانية نظراً لسلبية ميزان القوى الحاصل.

و قد عشنا جميعاً على مدى العقدين الأخيرين تجليات ما ذكر أعلاه، عبر سلسلة طويلة لحروب و تدخلات عسكرية لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في يوغوسلافيا والعراق وأفغانستان وليبيا وسوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى، والآن في أوكرانيا. أي في كل مكان، حيثما تُهدد مصالح الاحتكارات الأمريكية والأوروبية حين مواجهتها لمصالح مجموعات منافسة من روسية وصينية و غيرها من الاقتصادات الرأسمالية.الصاعدة

حيث ينطوي الصراع المذكور على استخدام كل أداة، بما في ذلك الإجرائات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية وصولاً لاحتمال استخدام الاسلحة النووية. و هو ما يشهد عليه قرار حلف شمال الاطلسي إنشاء قوات تدخل سريع، كما و سعيه لإقامة ما يسمى ﺑ" الدرع الصاروخية" في أوروبا ليمتلك "استباقاً نووياً" تجاه توجيه" الضربة الأولى" ضد روسيا.

نود أن نتطرق قليلا إلى التطورات في أوكرانيا. لقد كشف الحزب الشيوعي اليوناني و منذ اللحظة الأولى أن احتدام هذا الصراع الدموي بهذه الشدة أتى بعد تدخل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تطورات أوكرانيا، و هي القوى المتواجدة في منافسة قوية مع روسيا من أجل السيطرة على الأسواق والمواد الأولية و شبكات النقل في البلاد. و بالطبع، جرت تطورت الصراع فوق أرضية المسار الرأسمالي للتنمية المتبع في هذا البلد بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. و بالتأكيد، لم يُُشكِّل إسقاط حكومة يانوكوفيتش "تطوراً ديمقراطياً" حيث تسلقت نحو الحكم قوى رجعية محافظة و فاشية، جرى استخدامها من قبل الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز مخططاتهماالجيوسياسية في منطقة أوراسيا.

ويرى الحزب الشيوعي اليوناني أن الحل الفعلي للشعب الأوكراني لا يكمن في ربط أوكرانيا بعربة الاتحاد الأوروبي الإمبريالي الحالي ولا بعربة روسيا الرأسمالية الحالية. و ستقود محاولة تقسيم الشعب الأوكراني على أساس عرقي و لغوي إلى مذابح أكبر مع عواقب مأساوية لا تحصى بالنسبة للشعب ذاته و لبلده، فإن اختيار هذا التكتل الدولي الرأسمالي أو سواه هو غريب تماماً عن مصالح العمال.

إننا نعبر عن رأي قائل بأنه على الشعب الأوكراني العامل، تنظيم نضاله المستقل الخاص، وفق معيار مصالحه، لا وفقاً لمعيار أي الإمبرياليين يختاره هذا القطاع أو سواه من مالكي الثروة الأوكرانية. و أن يرسم الطريق نحو القطع الكلي والإنقلاب والاشتراكية، الذي هو البديل الوحيد لمآزق المسار الرأسمالي للتنمية، والأزمات والحروب. و أكثر من ذلك بكثير، في وقت كان الشعب الأوكراني قد عاش ما تعنيه الاشتراكية و الأممية، وحقوق الطبقة العاملة على أساس حاجاتها الفعلية. و هي التي تشكل إلى حد كبير مكاسب اجتماعية هائلة امتلكتها الطبقة العاملة و باقي الشرائح الشعبية.

و طوال هذا الوقت اتبعنا في الحزب الشيوعي اليوناني السياسة الوحيدة التي نعتقد أنها تستجيب مع طابعه باعتباره حزباً شيوعياً. حيث طالب حزبنا و منذ اللحظة الأولى عدم تورط اليونان أو مشاركتها في أي من المخططات الإمبريالية لحلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في أوكرانيا، بمعزل عن صيغ تعابير هذه المخططات، أكانت عقوبات ضد روسيا، أو بعثات عسكرية سترسل غداً. و هو ما قمنا به عبر مداخلاتنا ضمن الحركة العمالية الشعبية والبرلمان، والبرلمان الأوروبي و عبر لقاءات مع رئيس الجمهورية اليونانية. و لم نتوقف عن التأكيد على تلازم الأزمة الرأسمالية مع الحروب الامبريالية، و على أن ليس لشعبنا أية مصلحة في مشاركة اليونان في هذه المخططات.



الرفاق الأعزاء،

في ظل ظروف الأزمة الاقتصادية والتناقضات الحادة والاستعدادات الحربية، إننا نشهد انتشال الرأسمالية لقوى الفاشية من مزبلة التاريخ و إعادتها إلى الحياة السياسية في العديد من البلدان. و بالتأكيد، ذلك بعد إعداد أرضية لذلك على مدى سنوات سبقت. و بمناسبة حديثنا عن قارتنا، فإن الاتحاد الأوروبي ذاته، قام بما في وسعه لإطفاء شعلة التاريخ الحقيقي الذي سُطِّر بدماء الشعوب. و هو يقوم بما في وسعه لتشويه التاريخ لتحقيق تبرير مباشر أو غير مباشر للوحشية الفاشية. فقد وصل إلى حد تحوير ذكرى يوم9 أيار/مايو من يوم نصر الشعوب على الفاشية ليُكرَّس ﻜ"يوم لأوروبا "ساعياً إلى محو طابع هذه الذكرى المعادي للفاشية و الإمبريالية من ذاكرة شعوب أوروبا. و هم لا يترددون ضمن افترائهم القذر الأيديولوجي - السياسي هذا، عن مساواة الفاشية بالشيوعية عبر التوجيه الإطاري الأوروبي و عبر "نظرية الطرفين" المنافية للتاريخ.

في الوقت نفسه لا يتورع الاتحاد الأوروبي كما و الولايات المتحدة، على الإطلاق من الإستناد على أكثر القوى رجعية و هي تلك التي تسلقت انقلابياً إلى الحكومة و قيادة دولة أوكرانيا، كما كان قد حدث في وقت سابق في بلدان البلطيق، لتعزيز مصالحهم الجيوسياسية في منطقة أوراسيا. حيث تُشنُّ في هذه البلدان، في السنوات اﻠ25 الأخيرة أي بعد إسقاط الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفييتي، عملية "غسل دماغ" أيديولوجية معادية للشيوعية منهجية يتم من خلالها تقديم"جحافل الإس إس" والجماعات المسلحة الأخرى الصديقة للفاشية ﮐ"محررين "للبلاد من البلشفية.

و مع ذلك، فمهما تقيؤا من سموم و مهما كتبوا و أشاعوا، فالواقع الموضوعي لا يتغير. فبعد ما يقرب على 70 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، يثمِّن الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم العطاء و التضحيات الغير مسبوقة للحركة الشيوعية في هزيمة الفاشية. حيث تمثلت القوة الرئيسية و إلهام و توجيه هذا الصراع الجبار في الأحزاب الشيوعية بقيادة حزب البلاشفة. حين ضحَّى الملايين من الشيوعيين والشيوعيات بحياتهم من أجل عالم أفضل.

إن النظام الرأسمالي و التنافسات الواقعة حتما بين الإمبرياليين والاحتكارات، هما موصومان في أذهان الشعوب بالمسؤولية العميقة عن وقوع الحربين العالميتين، و عن وقوع لملايين من القتلى والمعوقين و الميتمين. إنهم لا يترددون عن اقتراف أي جريمة في سبيل خدمة الربح والسيطرة والسلطة الرأسمالية. و هو ما يسري اليوم على وجه أكثر في حين احتدام تنافساتهم و صراعاتهم البينية.

كان الوحش الفاشي آنذاك كما هو الآن صنيعة النظام الرأسمالي فقد ولد في أحشائه، و هو ليس بشيء من خارجه كما يعملون على تقديمه. إن الفاشية هي الصوت المتطرِّف لرأس المال الذي يستخدمه ﻜ"رأس حربة" للقوى الرأسمالية ضد الحركة العمالية.

و هي تستخدم ظروف الديمقراطية البرلمانية البرجوازية، من أجل تعزيز قواها مع امتلاكها لدعم رأس المال أو قطاعات منه و من جهاز الدولة. وهي تسعى إلى تنفيذ صيغة قاسية لممارسة سلطة الاحتكارات، على غرار ممارسة الأحزاب القومية الاشتراكية لهتلر وموسوليني في الماضي، في سبيل إخضاع الحركة العمالية الشعبية. حيث كانت هذه السمة الرئيسية المميزة لها و التي ينبثق منها عدائها الصريح السافر للشيوعية، و هو ما يميز كل القوى الفاشية على مر الزمن.

و يرتبط تعزُّز الفاشية في أوكرانيا واليونان وفرنسا والدول الأوروبية الأخرى، بتكذيب الآمال الزائفة التي غذتها الأحزاب الإشتراكية الديمقراطية و غيرها من الأحزاب البرجوازية الليبرالية وجميع صنوف الحكومات البرجوازية التي وعدت بإجراء إصلاحات صديقة للشعب في حين تطبيقها سياسة ضد شعبية قاسية في خدمة الاحتكارات. حيث يحتمل في حينها أن يتوجه إحباط الشرائح الشعبية والمزارعين و العاملين لحسابهم الخاص، و قطاعات الطبقة العاملة العديمة الخبرة و العاطلين عن العمل ولا سيما الشباب نحو اتجاه أكثر رجعية. وهذا ما يظهره على حد السواء كل من التاريخ و التطورات الحالية. حيث تُدحض و تكذب الشعارات والوعود القائلة بإجراء تغييرات صديقة للشعب، عبر الممارسة العملية الجارية من قبل هذه الإدارة أو غيرها لمصالح رأس المال و الهمجية الرأسمالية و الاتحاد الأوروبي، مع تغذية تقهقر الوعي. من المحتمل أن تُشكِّل الفاشية خياراً للطبقات البرجوازية، على غرار ما قبل 80 عاما، و ذلك ليس فقط باعتبارها قوة ترهيب ضاربة ضد الحركة الشعبية، بل أيضا باعتبارها قوة إدارة للسلطة البرجوازية.

نكافح نحن الشيوعيين من أجل القضاء على الأسباب التي تولد الأزمات والحروب والفاشية، التي ليست سوى النظام الرأسمالي. إننا نعتقد أن توجهنا هذا و الكفاح من أجل التغيير الثوري من اجل الإشتراكية، لا يمنحنا فحسب القوة خلال صدامنا اليومي مع رأس المال و للمطالبة بأهداف و مطالب متجاوبة مع الحاجات الشعبية، بل يوجِّه أيضا يوجه سياسة تحالفاتنا. و ضمن سياق هذا التوجه نكافح نحن شيوعيو اليونان، في محاولة لتوحيد أولئك الكثر، أي الطبقة العاملة والشرائح الوسطى في المدينة و الريف ضمن نضال ضد الاحتكارات، ضد الرأسمالية.

أيها الرفاق الأعزاء،

من المهم جداً لموقف الحركة الشيوعية والعمالية. ألا يقع في"الفخاخ" التي تم نصبها، من قبل كثر من ضمنهم قوى "اليسار" أي الانتهازية – الإشتراكية الديمقراطية، كحزب سيريزا في اليونان وحزب اليسار الأوروبي، الداعية للشرائح العمالية الشعبية للكفاح "تحت علم أجنبي". حيث تحضر موضوعات مثل تأسي"جبهة جنوب" أوروبا أو ما يسمى ﺑ"دمقرطة الاتحاد الأوروبي" و "تغيير دور البنك المركزي الأوروبي"، الخ... من أجل إلى "تعكير المياه" و لزرع أوهام قائلة بإمكانية تخليص الرأسمالية من الهمجية الحالية و تصحيح الاتحاد الأوروبي عبر "خليطة إدارة أفضل و أكثر عقلانية".

و من هذا المنبر نريد التأكيد على عجز النظام الإمبريالي الدولي على غرار الرأسمالية، أن يتخلص أبداً خصائصه الملازمة ذاتها لبعضهم البعض، و هو يعجز عن "التأنسن" عبر أسلوب إدارة "يساري"مزعوم، و على هذا الشكل تعجز التحالفات الرأسمالية الدولية والمنظمات الإمبريالية من طراز الاتحاد الأوروبي، عن "التأنسن". و في هذه الظروف يُستبعد أن تتحول نحو الأفضل فهي تسير نحو الأسوأ. إن سبيل الشعوب الوحيد هو عبر الكفاح من أجل إسقاطها لبناء مجتمع اشتراكي جديد،حيث الطبقة العاملة والشعب في موقع السلطة.
إن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي هي"أدوات" للاحتكارات الأمريكية و الأوروبية. و ليس الاتحاد الأوروبي تحت "وصاية" الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي.و هو لا يُجرُّ من قبل والولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي كما تزعم القوى الانتهازية، بل هو في تعاون وثيق يتجلى في كل مكان. و بالطبع هناك مصالح جانبية قد تتعارض مع بعضها أثناء المواجهة المشتركة للموضوع، ولكن القوى الامبريالية الأوروبية الأطلسية، و مع ذلك تُدعى القوى الأوروبية الأطلسية الإمبريالية إلى ربط مصالحهم الجانبية و رسم تنسيق مشترك بين الاتحاد الأوروبي والناتو و الولايات المتحدة الأمريكية، و للمزيد من تعزيز حلف الذئاب الأطلسي و بنيته التحتية في أوروبا، جنبا إلى جنب ضمن سعي لكسب تفوق على روسيا الرأسمالية الحالية يمكنهم من الحديث معها من موقع قوة. و في ضمن هذا السياق، وباسم"الأمن الأوروبي" المزعوم، تنضوي مخططات زيادة الإنفاق العسكري و ما يسمى ﺑ"الدرع الصاروخية"، و زيادة ما يسمى ﺑ"التشكيلات العسكرية المرنة" و ربط أوكرانيا الأكبر مع مخططات الناتو الخ.. كما قُرِّر في قمة الناتو الأخيرة في ويلز.

إن أوروبا الاشتراكية والسلام والعدالة الاجتماعية، التي من اجلها نكافح، تشترط موضوعياً تعزيز الكفاح العمالي الشعبي على المستوى الوطني. لأن تعزيز النضال على المستوى الوطني هو شرط أساسي لتعزيز النضال على المستوى الإقليمي والأوروبي، لتغيير ميزان القوى، من أجل "كسر حلقة" سلطة الاحتكارات و "أغلال" الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الإمبريالية، عبر فك الإرتباط، و هو ما تضمنه حصراً في الظروف الحالية سلطة عمالية شعبية.

وقد فتح نقاش هذه المسألة في بلدنا، ما دام حزب المعارضة الرئيسي يُقدم من جهة قسم إيمانه تجاه الإتحادات المذكورة و على المقلب الآخر يَعد بأنها كحكومة سيجمِّل الاتحاد الأوروبي معلناً أن مغادرة حلف شمال الاطلسي ليس في أولوياته، أو يضع بعض كوادره للقيام بحديث بشكل عام عن ضرورة "تفكيك الناتو"، ولكن الخط الثوري الذي يتماشى مع مصالح كل شعب وجميع الشعوب هو واحد: على كل البلدان المنضوية ضمن من حلف شمال الاطلسي الكفاح بثبات لمغادرته، و على كل البلدان التي تستعد طبقاتها البرجوازية لانضمامها للحلف تنظيم معركتهما ضد ذلك. و غير ذلك ما من طريق ثالث.

معروف هو تكتيك القوى الانتهازية و الإشتراكية الديمقراطية كحزب سيريزا و سواه المنضوي ضمن إطار حزب اليسار الأوروبي، و التي تقوم من جهة و على مدى سنوات بإسناد حلف شمال الأطلسي و ذرائع تدخلاته الإمبريالية مثل تلك في يوغوسلافيا وليبيا، أو سوريا، مع سعيها في الوقت نفسه ﻠ"ذر الرماد في عيون" العمال، و حديثها بعبارات عامة و لا عنفية لصالح تفكيك حلف شمال الاطلسي. إن في ذلك نفاق لأن مطلباً كهذا كان من الممكن طرحه من قبل حركة أو حزب ليس بلاده عضواً في حلف شمال الاطلسي و ما من فكرة لانضمامها ولكن عندما تكون بلدك جزءاً من عصابة المجرمين هذه، فمن غير الممكن التظاهر باللا مباللاة مع التصريح عموماً "حسناً، فليتفكك"، بل ينبغي قبل كل شيء أن تكافح من أجل تحرير بلدك من المخططات الإجرامية و من المنظمة الإجرامية ذاتها، أي من "الذراع الطويلة" و "الذراع المسلحة"للاحتكارات الأوروبية الأمريكية.

الرفاق الأعزاء،

قبل مائة عام كانت تقديرات بعض محللي التطورات الدولية، تقول بانحسار التناقضات والصدامات بين القوى العظمى حينها على بؤر جانبية أي في حروب و مناوشات محلية. حيث ارتأت تقديراتهم حينها أن ضخامة مصالح التعاون بين الدوائر الإقتصادية لأعتى البلدان، و أن من شأنها ردع نشوب حرب عالمية.

كما نعلم اليوم، فقد دحضت الحياة صحة التقديرات المذكورة، حيث دفع الملايين من الناس حياته ثمناً.لقد سببت الرأسمالية والتناقضات الإمبريالية البينية لأوروبا سلفاً، حربين عالميتين و أضرار هائلة. لقد أوقد "فتيل"الحرب مرة أخرى في حاضرنا و ليس بقلة هم أولئك الذين يعتقدون ﺑ"سخافة" احتمال وقوع صدام معمم، ما دامت هائلة هي أرباح التعاون بين القوى الكبرى، كالتعاون بين ألمانيا وروسيا، أي أنه من غير المعقول أن نصل نحو صدام المعمم. إننا من جانبنا نحن لا نتبنى هذه الأصوات مطمئنة.

و بالطبع، فنحن ندرس التطورات، والخلافات، والمصالح الجانبية والشراكات التي تطورها الطبقات البرجوازية، ولكننا لا ننسى أن الأزمة الرأسمالية ""تخلط الأوراق"ضمن النظام الإمبريالي حيث يشارك كل بلد رأسمالي فيه على أساس قوته الاقتصادية والسياسية و العسكرية. لقد قادت التناقضات الإمبريالية البينية في الماضي إلى نشوب عشرات الحروب المحلية والإقليمية وحربين عالميتين، و هي لا تزال تسبب صدامات اقتصادية و سياسية و عسكرية قاسية ، بمعزل عن واقع تشكيل و إعادة تشكيل الإتحادات الإمبريالية الدولية، والتغيرات في هيكلها وإطار أهدافها و ما يسمى ﺑ" هندستها" الجديدة.

وعلاوة على ذلك:"إن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل عنيفة أخرى"، وخاصة في ظروف الأزمة العميقة لفرط تراكم رأس المال و تغيرات كبرى في ميزان القوى ضمن النظام الإمبريالي الدولي، حيث نادراً ما تكون عملية إعادة اقتسام الأسواق غير دموية.

إن الإستنتاج القائل باستمرار وجود الظروف المولدة للحروب مع استمرار وجود الرأسمالية، يضعنا أمام مهام معقدة. و لذا فنحن نتوجه نحو الطبقة العاملة في البلاد، وشعوب أوروبا و نؤكد على أن مصالحها تتطابق مع الكفاح المشترك المناهض للرأسمالية و الاحتكارات من اجل فك الإرتباط عن المنظمات الإمبريالية، وإزالة القواعد العسكرية الأجنبية والنووية، و عودة القوات العسكرية من البعثات الإمبريالية، و للتعبير عن التضامن مع جميع الشعوب التي تكافح وتسعى لرسم طريق تطورها الخاص. و من أجل فك الارتباط بلدنا عن المخططات الامبريالية والحروب. و لممارسة شعار"لا لمنح الأرض أو المياه لقتلة الشعوب" إن هذا هو نضال يومي! هو نضال ذو أهداف صراع محددة، نخوضه نحن شيوعيو اليونان بشكل موحد دون فصله عن الكفاح من أجل السلطة الشعبية.

إن استخدام التجربة التاريخية القيمة،لكل حركة و كل حزب في بلاده ودوليا، هو أداة هامة. و في نفس الوقت يستحيل البقاء حصراً على التجربة القيمة القديمة. حيث سيرتبط مزاج الطبقة البرجوازية في كل بلد نحو القيام بدور نشط في اقتسام الاسواق عبر الحرب، بحملة قومية تضليلية في كل بلد، مع ذرائع مختلفة تسعى عبرها كل طبقة برجوازية لإقناع شعبها بأن له مصلحة مادية في المضي حتى الحرب التوسعية، و أن تسعى لضم أراضي الغير أو قبول توافقات و تبعيات. و في أي حال، أيا كان الشكل الذي تتخذه مشاركة كل بلد معين في الحرب الإمبريالية والتدخل الإمبريالي،ينبغي على حركتنا الشيوعية و احزابنا الشيوعية أن تقود التنظيم الذاتي للمقاومة العمالية الشعبية، وربط هذه الصراع بالهزيمة الكلية للطبقة البرجوازية، سواء المحلية و الأجنبية الغازية. حيث بإمكان هذا يمكن أن يصبح حقيقة واقعة، عند اتخاذ الحزب الشيوعي زمام المبادرة لإقامة جبهة عمالية شعبية شعارها: فليقدم الشعب الحرية و المخرج من همجية الرأسمالية، التي مادامت سائدة في بلداننا ستجلب الحرب و"السلام"الامبريالي مع مسدسها مصوبا لصدغ الشعوب.

إن عطاء الاشتراكية في أوروبا، على الرغم من الانقلابات التي وقعت قبل نحو 25 عاما لا يزال ثابتاً. فوحدها الاشتراكية هي قادرة على وضع تلك الأسس الاقتصادية والاجتماعية، القادرة من جهة على تلبية حاجات العمال المعاصرة وغيرهم من الشرائح الشعبية، مع ضمانها للسلام.

يجب على الأحزاب الشيوعية والعمالية في أوروبا تكثيف محاولاتها و عملها وتنسيقها وتمشيا و عبر خط انقلابي أن تسهم في تعزيز الجبهة الأوروبية ضد الناتو والإتحاد الأوروبي، لكي يبزغ غد واعد لشعوب وشباب بلداننا.