اليسار المصرى..الجذور..الواقع..الآفاق (4)


رياض حسن محرم
2014 / 9 / 25 - 00:32     

(إن كارل ماركس سيغدو المفكر الأكثر نفوذا فى القرن الحادى والعشرين).. السياسى البريطانى الشهير "فرانسيس وين"
(الحلقة الرابعة) 2000- ... ومازال التاريخ مفتوحا
انهار الإتحاد السوفييتى فى نهاية الثمينات بينما اليسار المصرى غائب بشكل شبه تام عن الساحة المصرية فقد تبخرّت تنظيماته السبعينية ولم ينج منها اللهم الاّ ما تبقى من الحزب الشيوعى المصرى الذى تخفى فى عباءة التجمع وركب زورقه للعبور الى الشاطئ الآخر بعد أن اصابه الكثير برحيل الرعيل المؤسس وانشقاق حزب الشعب عنه، ولكن كان زلزال انهيارالاتحاد السوفييتى بوصفه النموذج والقيادة ومؤشر البوصلة وصانع الأمل والعزوة والسند والبيت الكبيرلشيوعييى العالم حتى المختلفين فكريا معه قد أحدث حالة من الفوضى الشديدة أضيفت للوضع الكارثى لليسار المصرى وتخلى معظم من بقى ممسكا بالنظرية عن فكرة التنظيم وانطلقوا يهيمون على وجوههم فمنهم من التحق بالمنظمات الحقوقية وآخرين إتجهوا صوب مصادر التمويل الغربى وبعضهم اعتنق الليبرالية والتحق بمنظمات واحزاب وصحف رأسمالية، باختصاراستبدلوا العمل الثورى بالعمل الحقوقى وبالنضال بين الجماهير بالعمل المكتبى والتمويل الذاتى بالتمويل الأجنبى، بينما حزب التجمع مستمرا فى إنحدراه منذ أحداث يناير 77 متمسكا بأذيال نظام مبارك بحجة النضال المشترك ضد الإرهاب الدينى ووصل به الأمر الى قبول الفتات الذى يلقى اليه بمقاعد محدودة بمجلسى الشعب والشورى ولو بالتزوير الفاضح والتعيين متعاونا بشكل سافر مع أجهزة الدولة الأمنية متجاوزا قوى المعارضة الليبرالية والاسلامية كما ظهر بوضوح فى انتخابات 2010 ، منفصلا عن جمهوره وتحوله الى معارضة كرتونية شكلية.
بدأت الألفية الثالثة بحدث ضخم وهو اندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الثانية فى سبتمبر 2000 وما صاحبها من حراك جماهيرى وتكوين "اللجان الشعبية لمساندة الإنتفاضة" مما ساعد فى نهوض شعبى مؤيد للقضية الفلسطينية "التى احتفظت بعاطفة وجدانية ودينية لدى المصريين منذ ضياع فلسطين عام 1948" وأتاح فرصة لعناصر اليسار وبعض القوميين للعمل المشترك بينما كان الحصار على العراق ثم إحتلالها فى 2003 رافدا مضافا لهذا الحراك حول قضايا خارجية لا تقلق النظام كثيرا، وأدى هذا الزخم الى تصاعد الدعوات للعمل المشترك نتج عنها أشكال من التحالفات ودعوات الحوار من أبرزها:
1- "منتدى الحوار"..أسسه المفكر الشيوعى محمود أمين العالم 2003- 2004
2- "المؤتمر الأول لليسار" 2010 وصدر عنه بيان مشترك باسم "الكتلة الوطنية للتغيير" ووقعة عشرات الكتاب والمفكرين.
3- حركة الديموقراطية الشعبية 2010 وشارك فى بيانها نفس المجموعة السابقة تقريبا.
4- ظهور حركات وتجمعات راديكالية من يساريين وقوميين وليبراليين وبعض أنصار التيار الدينى..حركة كفاية 2004 – حركة 6 ابريل 2008 – الجمعية الوطنية للتغيير 2010 وغيرها.
5- التحالف الاشتراكى 2009 وتشكل من ( حزب التجمع- الحزب الشيوعى- حزب الكرامة – الإشتراكيين الثوريين – مركز العدالة – بالاضافة لبعض المستقلين)
6- تشكيل أول نقابة مستقلة للعاملين بالضرائب العقارية 2006 بقيادة القيادى اليسارى كمال أبو عيطة.
فاجأت ثورة 25 يناير الجميع حتى من دعوا للتظاهر فى هذا اليوم، وتباينت استجابة القوى السياسية لتلك الدعوات الشبابية فجاء رد حزب التجمع على لسان رئيسه باعتبارهم "شوية عيال لاسعين" ورفض حزب الوفد أن يتم تشويه يوم وطنى شارك تاريخيا فى صنعه، كما رفض الإخوان فى بيان لمكتب الإرشاد المشاركة، بينما أعلنت باقى قوى اليسار مشاركتها بقوة (الحزب الشيوعى المصرى- الإشتراكيين الثوريين..وغيرهم) وكان لليسار حضورا واضحا فى ميدان التحرير بشعاراته الثورية " ترددت كثيرا فى الميدان شعارات الحركة الطلابية فى السبعينات وشعارات انتفاضة يناير 1977" وأغانى الشيخ إمام ووجود كثيرين من رموزه منذ اليوم الأول، وبعد جمعة الغضب تدافعت جميع الاتجاهات المترددة فى التدفق الى الميدان وحاول التيار الدينى من إخوان وسلفيين إختطاف الثورة وكتابتها باسمهم.
ما إن تنحى الرئيس وإنفضّ الميدان حتى عادت أحجام القوى السياسية الى طبيعتها واستمر اليسار فى ممارسة هوايته القديمة فى الخلافات والإنشقاقات ونشأ أكثر من تنظيم يدعّى تمثيل اليسار الحقيقى منهم:
1- الحزب الشيوعى المصرى ..الذى أعاد الإعلان عن وجوده العلنى بميدان التحرير بمناسبة الأول من مايو 2011.
2- حزب التحالف الشعبى الاشتراكى الذى تأسس فى اكتوبر 2011 بموافقة لجنة الأحزاب ويتكون من أغلبية منشقة عن حزب التجمع على رأسهم عبد الغفار شكر وأبو العز الحريرى وابراهيم العيسوى وآخرين ومن مجموعة أخرى من تيار التجديد الإشتراكى وبعض أعضاء حزب العمال الشيوعى وشباب مستقل، وانضم اليه فيما بعد المرشح للرئاسة خالد على ومجموعة منشقة من الحزب الإشتراكى منهم فتح الله محروس والهامى الميرغنى، ويذكر أنه حدث انشقاق عن الحزب فى 2013 من مجموعة أعلنت عن نفسها باسم "حزب عيش وحرية" بقيادة خالد على.
3- "الحزب الاشتراكى المصرى" الذى أعلن عن تأسيسه فى يونيو 2011 بقيادة رمز من رموز السبعينات هو "أحمد كمال شعبان" وضم بين صفوفه مجموعة من يسارى السبعينات منهم كريمة الحفناوى ومصطفى الجمال ومحمد نور الدين وسلوى العنترى وماجدة جادو من الاسكندرية ويعتبر الحزب أن المفكر اللامع "سمير أمين" احدى قياداته الفكرية، مع مشاركة محدودة من شباب يناير.
4- "حزب العمال الديموقراطى" وقد أعلن تأسيسه المهندس "كمال خليل" فى فبراير 2011 ويتكون بشكل رئيسى من مجموعة من شباب التحرير وبعض الاشتراكيين الثوريين وقد توارى هذا الحزب عن الأنظار فى الفترة الاخيرة كما أنه لم يكن له دور مؤثر فى التحالفات اليسارية.
5- "حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى" وهو حزب يسارى تأسس فى عام 1976 من قوى يسارية مختلفة وتآكل دوره كثيرا نتيجة قيادة الدكتور رفعت السعيد له وسحبه فى اتجاه اليمين والمهادنة مع السلطة، وتم انتخاب قيادة جديدة له فى 2013 ولكن لم تظهر توجهاتها على نشاط الحزب وفاعليته حتى الآن.
6- "الإشتراكيين الثوريين" منظمة ماركسية تروتسكية مصرية متحالفة مع الدولية الرابعة والحزب الاشتراكى البريطانى وتستلهم أفكار تروتسكى عن الثورة الدائمة والبريطانى "كريس هارمن" وخاصة كتابه "النبى والبروليتاريا" وتضم بين صفوفها المهندس سامح نجيب والناشطة جيجى ابراهيم وحسام الحملاوى وماهينور المصرى وآخرين.
7- "الأناركيون" منظمة يتزعمها "سامح عبود" ويسمون أنفسهم "الاشتراكية التحررية" ويظهرون حاملين راية سوداء كبيرة تحمل حرف "لا" وتتعدد أفكارهم لكن يجمعهم موقف مشترك ضد الدولة والمركزية ويعلون من قيمة الافكارالتعاونية.
8- بالاضافة لما سبق توجد الكثير من المنظمات الماركسية المحدودة العدد والتأثير منها الحركة الاشتراكية الديموقراطية "حشد" والحركة الثورية الاشتراكية "يناير" والاشتراكيين المصريين وغيرها.
حاولت المنظمات اليسارية التوحد أكثر من مرة وتكوين تحالفات مشتركة:
1- "جبهة القوى الإشتراكية" 2011 وتكونت من الحزب الشيوعى وحزب التحالف الشعبى والحزب الإشتراكى والاشتراكيين الثوريين وحزب العمال والفلاحين وقد تم استبعاد حزب التجمع من الجبهة لرفض البعض له واعتباره لم يعد اشتراكيا.
2- " التحالف الديموقراطى الثورى" 2013 ويتكون من حزب التجمع والحزب الشيوعى وحزب التحالف الشعبى والحزب الإشتراكى المصرى وتم اقصاء الإشتراكيين الثوريين من المشاركة بسبب انحرافها اليسارى فى نظر البعض.
لقد أثبتت الثورة فى 25 يناير وفى 30 يونيو قدرة الشيوعيين على التحريض وتأجيج حماس الجماهير عوضا عن قيادتها فى عمل حزبى منظم، يقول "لاكور" (لقد دأب الشيوعيين على خلق إضطرابات عامة غير مفيدة للحركة وغير مفهومة من العمال).