فناء الضدين أم تحول الضدين!


شوكت جميل
2014 / 9 / 13 - 19:57     

المقال لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظري الفكرية،إنما يعبر عن وجهة نظر الماركسية في قضية"فناء الضدين"لمن يتحدثون باسم الماركسية.

قرأت على الموقع الكريم،مناوشاتٍ ساخنةً عن المفهوم الماركسي لـ"فناء الضدين"،و تباينت آراء المعلقين الكرام و الكتّاب الأجلاء،فمنهم من يراها بدعة ما أنزلت بها الماركسية من سلطان!،و منهم من يراها البديل الثاني للتحول الثوري للمجتمع،فإما التحول الثوري للمجتمع "بطبقتيه المتصارعتين"و إما "هلاك"الطبقتين،و كأنهم لا يعلمون أن البديل الأول_أي التحول الثوري للمجتمع_يحمل في طياته هلاك الطبقتين!,و منهم من يقدم لنا _هازلاً أو جاداً_ مفهوم"الصراع الأبدي"،كقانونٍ كوني جديد كأنه من بنات أفكاره!،و أعتذر مقدماً عن الأسلوب المدرسي الذي سأتبعه فيما تبقى من المقال؛و أحسب أنه الأسلوب اللائق في هذا المقام.

و الحق لقد بدا الحديث غريباً على أذني،و كأني أستمع إلى قومٍ يتكبدون المشاق في يومنا هذا لاختراع العجلة من جديد...و أكبر الظن أن مثل هذا التخليط و التخبط إنما ثمرة الفهم السقيم لمفهوم "فناء الأضداد"،ففناء الأضداد لا يعني العدم ،بل يعني "تحول الأضداد"،و يؤدي تحول الأضداد إلى القضاء عليهما معاً،لأن الاشتراكية كما تقضي على البرجوازية كطبقة مستغِلة،تقضي في نفس الوقت على البروليتاريا كطبقة مستغَلة،و تستحيل البرجوازية"مثلا"و هي الطبقة السائدة إلى طبقةٍ مسودة،كما تستحيل البروليتاريا وهي الطبقة المسودة إلى طبقة سائدة..فلا تعود البرجوازية كما كانت،ولا البروليتاريا كما كانت..إذن هلاك الطبقتين ليس البديل عن التحول الثوري بل هو ثمرته يا أولي الألباب!!

أما بخصوص مسألة الصراع الأبدي و قانونه"الحديث جداً" الذي اهتدوا إليه!،نطرح هذا السؤال:ماذا يحدث عند حلول الاشتراكية"فرضاً"؟ألا يزول الصراع بين الطبقات،و من ثم يتعطل_أو يتوقف مفهوم "نضال الأضداد"عن العمل؟أو بعبارةٍ أخرى أليس في القضاء على الرأسمالية قضاء على التناقض أيضاً؟

ج:الاشتراكية لا تخرج عن مفهوم التناقض لأنه طالما وجد المجتمع،طالما وجدت التناقضات التي تكون المجتمع،و تظل الخلافات دائمةً قائمة:ما بين طبقة الفلاحين و العمال...ما بين القرية و المدينة...ما بين العمل اليدوي و العمل الفكري..فنهاية الصراع بين البرجوازية و البروليتاريا لا يعني نهاية الصراع و إن كان أقرب إلى التعارض منه إلى التناقض ؛يقول لينين ،منتقدا بوخاريس:(ليس التناقض و التعارض شيئاً واحداً.إذ يزول الأول بينما يستمر الثاني في النظام الاشتراكي)(1)

إذن في إمكاننا الآن صياغة القانون الصراع الأبدي،و لم أجد أوقع من صياغة لينين له كالتالي
:(وحدة ..الأضداد مشروطة،وقتية،عابرة،نسبية بينما نضال الأضداد ،في قضاء كل منهما على الآخر،مطلق كما هو شأن النمو و الحركة)(2)
.
ملحوظة
لا يروقني مصطلح فناء الضدين،لأن الفناء في العربية قد تعني "العدم"،و أحبذ مصطلح"استحالة الضدين"،"أو "القضاء على الضدين".
.........................................
(1)لينين:كراسات فلسفية(ذكره ما وتسي تونج:"حول التعارض"،و نقلناه عن اصول الفلسفة الماركسية لجورج بوليتزر..منشورات المكتبة العصرية..صيدا_بيروت ص154
(2)نفس المرجع السابق ص141