دروس الهزيمة: الشيوعيون الألمان وصعود هتلر

محمود عبد المنعم
2014 / 9 / 5 - 08:48     

المترجم ترجمة محمود عبد المنعم الناشر الناشر وحدة الترجمة – مركز الدراسات الاشتراكية

ثمانون عاماً قد مضت على صعود هتلر للسلطة بعد أن سحق أقوى حركة عمالية في العالم. دوني جلاكشتين، مؤلف كتاب “التاريخ الشعبي للحرب العالمية الثانية”، يلقي نظرة على الأخطاء القاتلة التي ارتكبها اليسار الألماني والتي أدت إلى صعود النازيين، ويقدم بعض الدروس المستفادة لليوم.

ثمانون عاماً مضت على تأسيس هتلر للحكم الديكتاتوري على ألمانيا. في 27 فبراير 1933، بعد وقت قصير من تعيين هتلر في منصب المستشار، احترق البرلمان الألماني (الرايخستاغ) على أيدي النازيين. كان ذلك لتوفير المبررات اللازمة لحظر الحزب الشيوعي الألماني ولبدء عملية قمع شاملة. وفي 22 مارس من نفس العام، افتُتح أول معسكر اعتقال في داخاو بالقرب من ميونيخ. في اليوم التالي قامت “قوات العاصفة” بترهيب نواب البرلمان الرافضين لقانون تمكين هتلر الذي يعطي له السلطة في اتخاذ أي تدابير يريدها دون الحصول على موافقة ديموقراطية.

وصف الثوري الروسي ليون تروتسكي تطورات الأحداث بأنها “أكبر هزيمة للطبقة العاملة في التاريخ”. والنازيون يحتفظون بهذا الشرف المشبوه حتى يومنا هذا.

يبلور اليسار استراتيجيته بشكل صحيح استناداً إلى تصاعد نضال الطبقة العاملة، كما كان الوضع في الثورة الروسية 1917 على سبيل المثال. لكن الهزائم تتضمن دروساً مفيدة خاصة بها. فمن خلالها يمكن للاشتراكيين اكتشاف ما ينبغي تجنبه.

عوامل عديدة لعبت دورها في صعود هتلر للسلطة. بعضها كان مدفوعاً عن طريق قوى خارجة عن سيطرة اليسار. في عام 1918 اندلعت ثورة جماهيرية أنهت الحرب العالمية الأولى وأسقطت القيصر الألماني. ولمدة خمس سنوات تأرجحت البلاد على حافة الثورة.

الاضطرابات
النظام الألماني اضطرب بشدة جراء تلك الأحداث، وأُصيب الرأسماليين بالرعب، وكلاهما تولّد لديه الرغبة في الانتقام الفوري. في عام 1923 فقدت الطبقة الوسطى مدخراتها بسبب فرط التضخم، جعل هذا الغضب الشعبي يتوجه ضد النظام البرلماني المؤسَّس بعد الحرب – جمهورية فايمار – وتوجهت الكتل التصويتية إلى أحزاب المعارضة التي حملت مشاعر تدل على خيبة الأمل من النظام القائم. وما جعل الوضع أكثر تأزماً هو الانهيار الاقتصادي في وول ستريت عام 1929.

وبمهارة، جذب هتلر دعم كل هذه التيارات المعارضة وراء الحزب النازي من خلال تشتيت الانتباه بعيداً عن الجذور الحقيقية للأزمة – النظام الرأسمالي – وألقى باللوم على تنظيمات الطبقة العاملة. تلك كانت التنظيمات التي وعد هتلر أتباعه بأنها “ستُدمر تماماً، لن نهدأ حتى يتم تدمير آخر صحيفة، وتصفية آخر تنظيم، ومحو آخر مركز تثقيفي”.

في عام 1933، تمتع الحزب النازي بالدعم الانتخابي الشامل دون معارضة في مواجهته، وتوجهت الطبقة الحاكمة إلى هتلر لتنفيذ برنامجه وعينته مستشاراً. كانت القوة العسكرية للرئيس هيندينبيرج وكبار رجال الأعمال قد استنتجوا أن “أي قرار آخر من شأنه أن يولد إضراب عام، وإن لم يكن حرباً أهلية”.

الحركة العمالية
كان من المتوقع أن تسعى الطبقة الحاكمة لتحميل الأزمة على العمال. والسؤال الرئيسي هو: ماذا سيفعل معسكرنا؟ كانت الطبقة العاملة الألمانية ممثلة في تنظيمين. الحزب الاشتراكي الألماني كان الأكبر، ومنذ الحرب، وكثيراً ما كان ممثلاً في الحكومة. التنظيم الآخر هو حزب العمال (أكثر يسارية)، وكان حزباً إصلاحياً مرتبطاً بالنقابات الرئيسية. تجاهلت قيادات الحزب الاشتراكي الديموقراطي خطر النازية، واثقين في أن الدستور الألماني الديموقراطي سيكون كافياً لمنع هتلر من تنفيذ تهديداته. وتوقعوا أن “خصومنا سيهلكون من خلال شرعيتنا”. حتى فيلس، أحد قيادات الحزب، انتقد أعضاء حزبه لكتابتهم شعارات معادية للنازية على الجدران، بدعوى أن ذلك لم يكن قانونياً!

أما الحزب الشيوعي فقد كان أصغر من الحزب الاشتراكي الديموقراطي، ولكنه كان أكبر حزب شيوعي خارج الاتحاد السوفييتي، وكان لا يزال كبيراً. كتب تروتسكي من منفاه واصفاً الشيوعيين الألمان بـ “زهرة البروليتاريا الألمانية” الذين كانوا “يحكمهم شغفهم وتطلعهم الصادق لقهر الفاشيين، ولفصل الجماهير عن نفوذهم، لإسقاط الفاشية والتضييق عليها. وما من شك في ذلك”. وضع الشيوعيون الألمان معتقداتهم على صعيد الاختبار العملي. فخلال شهر يونيو وحده، قاتل الشيوعيون الألمان النازيين ذوي القمصان البنية في الشوارع، أسفر القتال عن 99 قتيلاً و125 جريحاً من النازيين.

الفترة الثالثة
اعتمدت المعارضة الفعّالة لصعود النازية على الاستراتيجية التي يتبناها الحزب الشيوعي. المأساة في ذلك الوقت كانت عندما تبنى الحزب الشيوعي ما يُسمى بتكتيك “الفترة الثالثة”. في الوقت ذاته، عندما كانت الأزمة الرأسمالية تدمر حياة الملايين، كانت نازية هتلر تحقق مكاسب انتخابية ضخمة (حيث ارتفعت النسبة من 2.6% عام 1928 إلى 37.4% في عام 1932). تركزت مهام أعضاء الحزب الشيوعي على مهاجمة غيرهم من اليساريين، ووجهوا اتهامات سخيفة ضد الاشتراكيين الديموقراطيين بأنهم “فاشيون اجتماعيون”، و”أسوأ ألف مرة من الديكتاتورية الفاشية”.

كان هذا إلهاء كارثي عن القضايا الرئيسية في ذلك الوقت – الأزمة الاقتصادية وتهديد الفاشية – أفسح المجال لانقسام لم يكن اليسار ليتعافى منه. كانت النتيجة أن الحركة العمالية الأكثر نفوذاً في العالم أصيبت بالاضطراب، وصعد هتلر للسلطة من دون مقاومة تقريباً. استمر الأمر حتى جاء التحدي الرئيسي الأول ضد الفاشية بانتفاضة العمال النمساويين. من هنا بدأت النضالات الجماهيرية ضد الفاشية في فرنسا واسبانيا حتى سنوات الحرب العالمية الثانية.

لن أطيل في الحديث عن نظرية “الفترة الثالثة” في هذا المقال. فكرة أن أياً من القادة، أو كتلة من العمال الذين يشكلون قاعدة الحزب الاشتراكي الديموقراطي كانوا “ألف مرة أسوأ” من هتلر أو هيلمر أو جوبلز أو جورينج، منافية للعقل. هذا النهج غير منطقي على الإطلاق، ولا يمكن لأي شخص عاقل أن يعقد مقارنة مباشرة، في بريطانيا مثلاً، بين حزب العمال والحزب القومي البريطاني – BNP (حزب فاشي) أو يستنتج أن الأول أكثر من التهديد الفاشي. ومع ذلك، فإن طبيعة الخطأ نفسه تستحق المناقشة.

أولاً؛ يمثل ذلك خسارة من منظور الشيوعيين. حتى وإن كان اعتماد ذلك النهج كان تحت الضغط الروسي، فروسيا تجاهلت الوضع في ألمانيا وقامت بتطبيق مجموعة مشوّهة من الأولويات. مهما كانت الضغائن التي كنّها الحزب الشيوعي تجاه الحزب الاشتراكي، كانت هناك أمور أخرى تجري في الفترة بين عامي 1928 و1932، فقد انخفض الإنتاج الألماني بنسبة 43%، وارتفعت نسبة البطالة الرسمية إلى 5.6 مليون (30%) على الرغم من أن الرقم الحقيقي ربما كان 10 مليون نسمة، وانخفضت مستويات المعيشة للعمال. كان القادة الحكوميون يهاجمون، والنازيون يجذبون ملايين الناخبين من الطبقة المتوسطة ويحشدون مئات الآلاف من العصابات ذات القمصان البنية في الشوارع. كانت الأزمة الرأسمالية الضخمة والخراب الذي حلّ على الحياة اليومية للسكان هي أهم القضايا التي تواجه الحزب الشيوعي الألماني. كان من الممكن أن يتحول الوضع إلى نقطة انطلاق للعمل السياسي، ولكن لم تجري الأمور هكذا.

العدو الخاطئ
ثانياً، حدد الحزب الشيوعي العدو الخطأ، فقد جعل أعضاءه يركزون جهودهم على “التعرض اليومي للدور المخزي والغادر الذي يقوم به الحزب الاشتراكي”.

بالتأكيد كان للشيوعيين العديد من الانتقادات المشروعة لقيادة الحزب الاشتراكي الإصلاحية. في خلال الثورة التي اندلعت عام 1918 وقف الحزب الاشتراكي بجانب الرأسمالية وشجع قمعها العنيف من قبل ميليشيات “فريكوربس” اليمينية. كانت عواقب ذلك مأساوية على المدى البعيد. تم عزل الديموقراطية السوفييتية الوليدة التي أنشأها العمال في روسيا في بلد متخلف يهيمن عليها الفلاحين. واستسلم البلاشفة، المحرومون من الدعم الدولي، في النهاية إلى الثورة المضادة الستالينية.

تواطأت قيادة الحزب الاشتراكي في اغتيال القادة الأوائل للشيوعية الألمانية، روزا لكسمبورج وكارل ليبكينخت، في عام 1919. خلال صعود هتلر استخدم الحزب الاشتراكي خطاباً لا يختلف عن الخطاب الهجومي الذي يلقاه من جانب الحزب الشيوعي: “تحالف فوقي – النازيون والشيوعيون. كل من يصوّت للشيوعيين… يخدم مصالح أصحاب العمل ويساند الرجعية”. وبعبارة أخرى، كان الحزب الاشتراكي الديموقراطي حزباً إصلاحياً شاملاً مُصاب بجميع القيود والمشاكل التي تعوق تحقيق الاشتراكية.

إن حكماً محايداً على هذا الوضع يتطلب شيئاً أكثر من مجرد توجيه الانتقادات على زميل من الجناح اليساري. فالمطلوب هو التحليل الرصين.

تروتسكي وأنصاره الألمان دعوا الشيوعيين – سُدىً – إلى تركيز جهودهم على القضايا الرئيسية للحظة، وخطر النازية قبل كل شيء: “إنكار هذا التهديد، والتقليل منه، وعدم أخذه على محمل الجد هو أكبر جريمة يمكن أن تكون ارتُكبت اليوم”. فبدلاً من الاتهامات المثيرة للسخرية التي تقول أن العدو في المقام الأول هو “الفاشية الاجتماعية”، دعا تروتسكي الشيوعيين إلى أن يوجهوا هذه الرسالة للاشتراكيين: “سياسات أحزابنا متعارضة تماماً، ولكن إذا جاء الفاشيون اليوم إلى مقر منظمتكم، سوف نأتي مسرعين، والأسلحة في متناول اليد، لمساعدتكم. هل تعدوننا أنه إذا تم تهديد منظمتنا سوف تسرعون لمساعدتنا؟”.

للأسف رفض الشيوعيون هذه الجبهة المتحدة. ولم يكن باستطاعة التروتسكيين القيام بشيء. كانوا تنظيماً صغيراً جداً ليس لديه أي تأثير على أي من الطرفين العماليين الرئيسيين.

كان هناك بعض الجدل حول لماذا أصبح الشيوعيون الألمان مهووسين بتوجيه الانتقادات إلى أطراف أخرى من اليسار. المسؤولية الرئيسية لذلك تقع بالتأكيد على عاتق ستالين، فبعد أن أنشأ ديكتاتورية رأسمالية دولة في روسيا، كان يستخدم الحركة الشيوعية خارج روسيا كأداة للسياسة الخارجية له. وكان قد صارع معارضيه في الحزب، مثل تروتسكي وبوخارين، وكان يريد تعزيز الخط، والذي بدا راديكالياً، بغض النظر عن الضرر الذي أوقعه على المستوى الدولي.

ظهر النفاق بعد سنوات قليلة عندما عَكَس ستالين موقفه تماماً، ودافع عن تحالف “الجبهة الشعبية” ضد الفاشية، ليشمل ليس فقط أحزاب الطبقة العاملة الأخرى، بل أيضاً جميع القوى الرأسمالية اليمينية علناً.

على الرغم من أن تكتيك “الفترة الثالثة” كان مفروضاً من الخارج، فالتكوين الاجتماعي للحزب الشيوعي الألماني جعل هذا التكتيك أكثر تأثيراً مما قد يكون. كان من الصعب على الشيوعيين أثناء تواجدهم في العمل أن يتخذوا إجراءات فعالة دون الاتحاد مع العمال الآخرين. هذا جعلهم يحجمون عن تنفيذ التكتيك الرسمي. عندما دعا قادة الحزب الشيوعي أعضاء النقابات إلى الانقلاب على اتحاد النقابات الرئيسي الذي يسيطر الحزب الاشتراكي، عصا أعضاء النقابات هذه الدعوة بشكل متكرر. وقد ندب زعيم الحزب الشيوعي الألماني على ذلك:

“العديد من الشيوعيين يرون أن المجالس العمالية والنقابات المنحاذة للفاشية الاشتراكية (مشيراً إلى الحزب الاشتراكي الديموقراطي) رفاقاً يناضلون من أجل نفس الهدف – الاشتراكية.. العديد من الشيوعيين لا يرون أن الفصيل الفاشي الاشتراكي، وخاصة الإصلاحيين “الشرفاء”، هم العدو الرئيسي”.

العاطلون
للأسف خلال فترة الركود كان هناك عدد قليل جداً من الشيوعيين يعملون في وظائف. مع حلول عام 1932 كان هناك حوالي 9 من أصل 10 أعضاء بالحزب الشيوعي الألماني بدون عمل، مما جعل الحزب يفتقر إلى الاتصال مع الطبقة العاملة المنظمة، وبالتالي أن يتشوش أعضاؤه. جعلهم ذلك فريسة لموقف ستالين وشجعهم على تحويل إحباطهم ضد الآخرين من اليسار. وكانت العواقب وخيمة.

ومع ذلك، فإن الدرس المستفاد من كارثة “الفترة الثالثة” يتجاوز الحاجة إلى تشكيل جبهة متحدة ضد الفاشية. كان ذلك الخطر عنصراً واحداً فقط من الصورة الشاملة. إن الدعوة إلى تشكيل جبهة متحدة لا تعني أن كل شيء يجب أن يُنسى. هذا هو السبب الذي جعل تروتسكي ينصح الشيوعيين بعدم التعتيم على حقيقة أن سياسات الحزب الاشتراكي الديموقراطي تتعارض على نحو لا يمكن رأبه مع سياسات الحزب الشيوعي. كانت المشكلة الرئيسية لدى الحزب الشيوعي الألماني هي أنه فقد الحس بالمنظور والأولوية، الحس بالأمور الهامة في كل لحظة. تركز عمل الحزب على مهاجمة فصيل آخر من اليسار، وتجاهل الأزمة الاقتصادية والاضطرابات السياسية والهجمات الرأسمالية، وكذلك المناورات النازية.

تحليل تروتسكي لما حدث من أخطاء في ألمانيا تركز بشكل ثابت على الشيوعيين لسبب بسيط جداً، وهو ضرورة توافر قيادة سياسية تتمثل في حزب ثوري. وكان تروتسكي قد تعلم ذلك من خلال الثورة الروسية 1917، على حد تعبيره في كتيبه “دروس ثورة أكتوبر”، مشيراً إلى ثورة 1917 في روسيا: “بدون حزب، وبصرف النظر عن الحزب، وعلى رأس الحزب، أو مع وجود بديل للحزب، لا يمكن للثورة البروليتارية أن تنتصر، وهذا هو الدرس الرئيسي من العقد الماضي”.

البطل الغائب
وضع الحزب الشيوعي الألماني الأولويات في غير محلها، وقرار توجيه طاقته لمهاجمة فصيل آخر من اليسار يعني أن الطبقة العاملة تُركت بالفعل “من دون حزب” ينتصر لقضيتها.

هذا العام، على الرغم من العديد من الاختلافات، يشترك في بعض أوجه الشبه مع عام 1933. أزمة وول ستريت في عام 1929 تسببت في انتشار الكارثة الاقتصادية من الولايات المتحدة إلى بقية العالم، تماماً كما حدث في خلال الأزمة الاقتصادية في عام 2008. وهذا تأكيد تام لحجة ماركس بأن الرأسمالية هي النظام الذي هو حتماً عرضة للأزمة.

وفي حين أن هذا يتيح فرصة غير مسبوقة للاشتراكيين لتحدي الرأسمالية ولتشكيل بديل، إلا أن تقدم اليسار لا يتم بشكل تلقائي. شهدت فترة الثلاثينات من القرن الماضي العديد من عمليات الاستقطاب، فكانت قوى اليمين تحشد قواها السياسية والاقتصادية والأيديولوجية لكي تدفع الطبقة العاملة ثمن الأزمة، وكانت قوى اليسار تسعى لمواجهة ذلك. لم تكن النتائج محددة سلفاً. في اسبانبا خلال عام 1936 اشتعلت ثورة قوية لمعارضة انقلاب فرانكو العسكري (والتي إذا كانت لها قيادة أفضل، لكانت نجحت). في ألمانيا، انتصرت النازية دون صراع.

الوضع اليوم في بريطانيا يبدو مختلفاً إلى حد ما. نحن بشكل واضح لا نواجه نفس التهديد الوشيك الذي واجهه الشيوعيون الألمان في عام 1933، والذي حذر منه تروتسكي، قائلاً “إذا صعدت الفاشية للسلطة فسوف تمر على جماجمكم وعظامكم كدبابة مخيفة”. أحد أسباب الاختلاف هو أنه في بريطانيا تم تطبيق تكتيك “الجبهة المتحدة” بنجاح. في السبعينات من القرن الماضي كانت هناك “رابطة مكافحة النازية”، واليوم توجد حركة “اتحدوا ضد الفاشية” واللذان استطاعا أن يؤسسا تحالفاً واسعاً من قوى تتراوح بين الإصلاحية إلى الثورية لمكافحة نمو تنظيمات مثل “الحزب القومي البريطاني – BNP” و”رابطة الدفاع الإنجليزية – EDL”. جزء من الفضل في ذلك يعود إلى حزب العمال الاشتراكي البريطاني.

مكافحة الفاشية اليوم
ومع ذلك، سيكون من الخطأ الجسيم أن نكون متهاونين مع مخاطر اليمين المتطرف. هناك هجوم واسع النطاق من قبل الحكومة الائتلافية التي يقودها حزب المحافظين على الرعاية الاجتماعية، وقيادة الطبقة العاملة من قبل زعماء النقابات اليمينيين بعد إضراب 30 نوفمبر عام 2011، وتجاوز حزب الاستقلال البريطاني للديموقراطيين الليبراليين في التصويت، كل ذلك يشير إلى الضرورة الحتمية لليقظة والتركيز المستمر على العمل ضد الفاشية.

لذلك من المهم للاشتراكيين الثوريين أن يقدموا دائماً تحليل دقيق للحالة العامة، وبناء تحركاتهم السياسية حوله، وأثناء بناء الحزب الثوري – العنصر الأساسي من أجل التغيير – أن يعملوا مع الآخرين في جبهات متحدة.

* المقال منشور باللغة الإنجليزية بمجلة “الاشتراكي” الشهرية البريطانية – عدد مارس 2013