اطروحات في المساله الفلاحيه الجزئين الرابع و الخامس


عبد المطلب العلمي
2014 / 8 / 30 - 20:46     

الأمميّة الشّيوعيّة ، اللّجنة التّنفيذيّة

الاجتماع الخامس الموسّع

ترجمة : عبد المطلب العلمي

الجزء الرابع. المسأله بعد الاستيلاء على السلطه

24) حين استيلاء الطبقه العامله على السلطه ، حين مصادره املاك الرأسماليين و الاقطاعيين ، حين تاميم اهم المواقع الاستراتيجيه في الحياه الاقتصاديه ( البنوك ،الصناعات الضخمه ،المواصلات الخ ) تتغير بشكل جذري ظروف الحياه الاقتصاديه عامه و في الريف خاصه ، بما فيها ظروف تطور الاقتصاد الفلاحي .

25) في هذه الظروف الجديده ، يصبح ممكنا التطور اللارأسمالي للاقتصاد الفلاحي . هذا التطور رغم حدوثه في ظروف متناقضه ، من الممكن الان ان يسير من خلال التعاونيات الى الاشتراكيه . التعاونيات الفلاحيه "القادره على الحياه" في الظروف الرأسماليه ، لا محاله الا ان تتحول الى مؤسسات رأسماليه ، كونها مرتبطه بالصناعه الرأسماليه ، بالبنوك الرأسماليه ، بالبيئه الاقتصاديه الرأسماليه بشكل عام . في ظل ديكتاتوريه البروليتاريا ، تنمو التعاونيات في بيئه مختلفه ، فتصبح مرتبطه بالصناعه البروليتاريه الخ ؛ بكلمات اخرى ، في ظل الراسماليه فان التعاونيات ستصبح مؤسسات رأسماليه ، اما في الظروف الجديده ، و بشرط اتباع سياسه صائبه من قبل الحكومه البروليتاريه ، ستنمو لتصبح مؤسسات اقتصاديه اشتراكيه .

26) من البديهي ان مساله التطور سوف تنضج في خضم صراع بين اشكال اقتصاديه مختلفه ، كانعكاس للصراع الطبقي . الحكومه البروليتاريه التي تدعم بقوه الشكل الاشتراكي للاقتصاد و الاتجاهات الاقتصاديه ذات الصله ، عليها تيسير امكانيه استخدام التكنلوجيا الحديثه ، و ينبغي عليها ان تضبط العلاقات الراسماليه التي حتما ستولد ، و ذلك لتؤمن في النهايه الانتصار للاشتراكيه . سياسه الحكومه البروليتاريه هي اداه عظيمه هي شرط اساسي لانتصار الاشتراكيه ، تواصل بواسطتها البروليتاريا في ظل ديكتاتوريتها ، نضالها الطبقي . في الصراع بين مبدأين ، بين اتجاهين ، بين قوتين طبقيتين متعارضتين ، بين الاشتراكيه و الراسماليه .

27) كذلك يصبح من الممكن للدول المستعمَره ان "تقفز" عن مرحله التطور الرأسمالي ، اذا تمكنت الثوره البروليتاريه المتناميه من احراز السياده البروليتاريه في المراكز الصناعيه الكبرى . سبق لماركس ان اشار الى انه نظريا ، من الممكن تحقيق "قفزه" كهذه ، لان هناك ثوره بروليتاريه منتصره . هذا لا يعني انه لن يكون هناك تطور رأسمالي في تلك البلدان ، العمليه برمتها سوف تمر بانماط متناقضه ، و النمط الراسمالي لا بد و ان يظهر في خضم تلك العمليه .من ناحيه اخرى سيظهر اتجاها قويا ذو طابع اشتراكي ، سيحدد نتيجه العمليه بمجملها.

28) اهم توجيهات تقدم للحزب البروليتاري الحاكم هي : التعايش مع الفلاحين . يجب التفهم بوضوح ،انه من غير ممكن الالتفاف على هذه المشكله ، فالفلاحون هم اغلبيه سكان الكره الارضيه و وزنهم النوعي الانتاجي ما زال ضخما . التعايش مع الفلاحين ممكن فقط عندما تترافق السياسه الاقتصاديه للحكومه البروليتاريه مع تحفيز المُنتج الصغير ، عند ذاك و اعتمادا على هذا ، ستقوده بالتدريج الى المشاركه في التعاونيات ، الى صيغ معاصره للاقتصاد الجماعي .

29) الاخذ بعين الاعتبار تمايز الفلاحين و تامين نمو مستمر لعناصر الاقتصاد الاشتراكي ، التمويل المباشر لمختلف اشكال التعاونيات ، هادفين الى نمو التعاونيات البعيده عن المؤثرات البرجوازيه الخ . الحكومه البروليتاريه و الحزب البروليتاري الحاكم ، يجب ان يوحدوا و يدعموا بمختلف الاشكال المنظمات الزراعيه ، للعمال الزراعيين و الفلاحين الفقراء و الفلاحين متوسطي الحال ، كنقيض للشرائح الجديده ، الشرائح البرجوازيه الرأسماليه من الفلاحين .

30) الوحده الاقتصاديه بين الطبقه العامله و الفلاحين ، طبعا فئات معينه منهم ، يجب ان ترتكز على المساعده الفعاله من طرف الصناعه ، التي يجب ان ترفع مستواها الى درجه تقود في نهايه الامر ، الى ان تكون اكثر ملائمه للفلاحين من الصناعه الرأسماليه .

31) العلاقه بين الطبقه العامله و الفلاحين ،هي علاقات تحالف . الطبقه العامله "المتشكله على شكل سلطه حكوميه" تعقد اتفاقا "مرتكزه" على الفلاحين (صغار الفلاحين و في بعض الدول صغار الفلاحين و الفلاحين متوسطي الحال او جزئا منهم). التعاون مع الفلاحين ،لا يعني اطلاقا تقاسم السلطه . لكن و مع تزايد المشاركه الفعليه للفلاحين في عمليه البناء الاشتراكي و تعرضهم للتحول الاجتماعي ، يصبح من الضروري استيعاب العناصر التقدميه منهم في جهاز الدوله . مع الزمن سيزداد التقارب الاجتماعي بين الفلاحين و البروليتاريا ، و ستمحى اكثر فاكثر الفروقات الطبقيه . الشكل السوفياتي لديكتاتوريه البروليتاريا ، كما بينت التجربه الثوريه ،هو بالضبط ذلك الشكل من اشكال تنظيم الدوله ، الذي من جهه يضمن الشكل الطبقي البروليتاري ، و من جهه اخرى ، الامكانيه المتزايده لاستيعاب الفلاحين في عمليه البناء الاشتراكي .

32) على الاحزاب الشيوعيه ان تتفهم بوضوح ، ان كامل مرحله ديكتاتوريه البروليتاريا تخضع لحتميه : عندما ينمو التناقض الطبقي في ظروف مواتيه . في وقت معين ، تبدأ حدته بالتراجع . مكونات الاقتصاد الاشتراكي ، تنمو بطريقه تطوريه ،السياسه البروليتاريه لا تبنى على تمزيق النسيج الاجتماعي ، بل على تعزيزه ، الانماط البرجوازيه المعاديه يتم شيئا فشيئا اخراجها ، اما الانماط الاقتصاديه الصغيره فيتم استيعابها(عن طريق التعاونيات ، مختلف اشكال الاتحادات الخ) . هذا النمط الخاص للتطور هو اساس تكتيكنا لهذه المرحله .

33) بالتاكيد فان هدف حركتنا هو تنظيم الانتاج الزراعي الجماعي الضخم والقضاء على الفرقات بين القريه و المدينه . التغلب على تخلف الاقتصاد الزراعي ، الذي كان في الحقبه الراسماليه احد مؤشرات التطور .

الجزء الخامس. المرحله الراهنه و وضع المساله الزراعيه الفلاحيه

34) الحرب و سير الاحداث بعدها ،ترافق في عدد من البلدان ، مع هبوط مستوى قوى الانتاج و انتهاك العلاقات القديمه بين المدينه و القريه . القوه الاقتصاديه للقريه ، المنتجه للمواد الغذائيه ، زادت بشكل كبير . في نفس الوقت زاد الوزن النوعي للطبقات الاجتماعيه في القريه ، الفلاحين بالدرجه الاولى .

35) من ناحيه اخرى ، الصدمه للنظام الاقتصادي بشكل عام و التوسع الهائل للافق الايدلوجي للفلاحين ، الذي حصل في زمن الحرب و عمليه الغليان الثوري بعد انتهائها ، رفع من نشاط الفلاحين ، سواء الفقراء او متوسطي الحال منهم ، و حتى الاوساط البرجوازيه . و اخيرا ، إضعاف القوى الامبرياليه ، فاقم الى اقصى الحدود الحركات في المستعمرات ، التي يلعب الفلاحين دورا كبيرا فيها .

36) الازمه الزراعيه العالميه نتيجه انهيار الاقتصاد العالمي . احدى مظاهرها مايسمى "المَقَص" ، الذي ظهر نتيجه سياسه الاسعار المرتفعه المتبعه من قبل المنظمات الاحتكاريه العالميه الراسماليه ، التي وجهت ضربه موجعه للفلاحين ، مما ادى في بعض الاماكن(على سبيل المثال في الولايات المتحده ) الى دمار هائل .

37) هذه الظواهر تسببت في ظهور اشكال متنوعه للحركات الفلاحيه . في البلدان المتخلفه ذات الطابع الزراعي ( رومانيا ،بولندا ، استونيا ، المجر، ناهيك عن روسيا ما قبل الثوره و و الخ) يظهر بشكل واضح وجود حركات فلاحيه ، حامله احيانا وجه ثوري واضح ؛ في بلدان اخرى ،كان للنضال اشكال مغايره ( المطالبه باسعار عاليه للحبوب ، فرض رسوم جمركيه ) و احيانا كانت القياده بايدي الدوائر الاقطاعيه ؛ من جهه اخرى "المَقص" و الازمه الزراعيه في الولايات المتحده ، ادت الى ظهور حركه ضد سياسات التراستات الضخمه التي ادت الى تدمير الفلاحين نتيجه الاسعار الاحتكاريه العاليه للمنتجات الصناعيه ؛ في عديد من البلدان ظهرت الحركات الفلاحيه على ارضيه الاستغلال المتزايد من قبل المرابين و الراسمال التجاري ( جمعيات التوريد و البنوك ) ؛ هناك حيث كان الدمار هائلا و ادى الى نقص حاد في المحاصيل ( مثلا في بعض المقاطعات الالمانيه ) ، ظهرت حركات صغار الفلاحين المطالبين بمساعدات متنوعه ؛ اخيرا و بعد استقرار العملات ، اصبح للعبء الضريبي اهميه كبيره ، الضغط الناتج عن الانفاق الغير انتاجي للدول الامبرياليه ، و زادت المخاوف من حروب جديده ، ففي الحروب فقد الفلاحين قتلى ، اكثر مما فقدت اي طبقه او فئه اجتماعيه اخرى .

38) على تلك الارضيه الواسعه ، رغم عظم تنوع و عدم تجانس الحركات ، ظهرت في الاونه الاخيره مظاهر جديده في مجال التنظيم الفلاحي . لا بد من الاشاره هنا الى ظاهره مثيره للاهتمام ، ظاهره الحكومات الفلاحيه ( مثلا ستامبوليسكي في بلغاريا) و النصف فلاحيه ( استونيا ، ليتفا الخ) ؛ النمو الهائل لجميع اشكال المنظمات الفلاحيه ( الاحزاب المتعدده في بولندا ، تشيكوسلوفاكيا ؛ ظهور منظمات جديده في المانيا ؛ تزايد قوتها في البلقان ؛ تظيم حركه المزارعين في الولايات المتحده و حزب لافوليتا الجديد الخ ) ؛ محاولات تاسيس اتحادات دوليه (الامميه الخضراء).

39) تقريبا في كل مكان يظهر التمايز الواضح داخل المنظمات الفلاحيه ؛ بروز و خروج بطيئ لمنظمات صغار الفلاحين من المنظمات الفلاحيه العامه ، متحررين من قياده الكولاك و كبار الفلاحين (الفلاحون اليساريون في بلغاريا ، الديموفيين المستقلين في تشيكوسلوفاكيا ، فيزفولينيا في بولندا ، منظمات الفلاحون الكادحون في المانيا ، بعض اتحادات المزارعين في الولايات المتحده الخ ) . لهذا يزداد تاثير الشيوعيين بين الفلاحين .

40) تبذل الدوائر البرجوازيه الفلاحيه حاليا كل جهودها لابقاء الفلاحين تحت تاثيرها .الاصلاحات الزراعيه ( رومانيا ، بولندا ، حكومات دول البلطيق ، تشيكوسلوفاكيا الخ ) ، تمويل التعاونيات ، و عدد اخر من التنازلات التافهه ، الجمارك على النشاط الزراعي الخ ، هذه هي اهم اشكال تلك السياسه . هذا النشاط المحموم للطبقات الحاكمه ، يجعل من الملح على الاحزاب الشيوعيه العمل الحثيث بين الفلاحين .