الطريق لتحرير الطبقة العاملة وسائر الشغيلة من القيود والتسلط الرأسمالي

جواد المرخي
2014 / 8 / 7 - 11:13     



كان و منذ بدايات نشوء الحركات الشعبية التي أراد بها الانسان أن يحرر نفسه من قبضة صنوف التسلط و الاستغلال البشع من قبل الانسان لأخيه الانسان, و ظهور حلم الشعوب الضمطهدة للعلن في طلب الحرية و ان يعيشوا حياة خالية من الاستغلال, و قيام العدالة الاجتماعية و المساواة بين البشر في ظل منظومة الحكم الرشيد القائم على العدل في عملية أن تكون الشعوب لها حق تقرير المصير ومتساوية في العمل والحقوق والواجبات بحيث تشملهم المساواة بدون فوارق طبقية او سياسية او عرقية او مذهبية او اجتماعية.

وعليه قد شهدت قرون عديده متعاقبهة تحركات الإنسان في مجالات عده وتجارب مختلفه خاضت فيها الشعوب بطولات على اصعدة مختلفة في دروب النضال المستمر, وقد قدمت شعوب العالم التضحيات الجسام ذلك من اجل ترجمة الاحلام بالحرية لواقع ملموس وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.

ان تحركات الشعوب في هذا الطريق ابتدت بأشكال عفويه ثم علي شكل من العصيان بمختلف صنوفه واشكاله, تلاه التمرد و الاحتجاجات والعصيان المدني وقيام الثورات والانقلابات, وكان البشر المحركون في بداية الامر هم العبيد والفقراء والمهمشون والجنود وطبقة الحرفيين والفلاحون, و من ثم نشوء طبقة العمال في عصر الثورة الصناعية التي شملت المانيا وفرنسا وانجلترا وامريكا, وكان في ظل تنامي اتساع دور لطبقة العاملة الذي عزز فيها دور العمال في البحث عن افكار جديدة توحدهم وتدعم نضالهم كي يستمر في سبيل التخلص من قيود النظام الرأسمالي الذي فرض عليهم حياة يشوبها الاضطهاد والاستغلال البشع الذي انتج الجوع والبطالة والفقر من قبل ارباب العمل وقوانين النظام الرأسمالي.

حينها قد اخذ نضال الطبقة العاملة اشكال مختلفه و متنوعة ثم دخل في اشواط من التحدي والصراع في وسط المصانع والشوارع يقودها العمال علي شكل من التظاهرات والاضرابات و الاحتجاجات. ومن خلال هذا الحراك قد هيئت الظروف لتحولات جذرية تاريخية بحيث اصبحت تصب في صالح الانشطه للطبقة العاملة وتدفع بها للافضل مع بلوغ نسبة الوعي الثوري في صفوف جماهير العمال وسائر الشغيلة, خصوصاً مع تنامي انتشار الافكار الماركسية في قلب القارة الاوروبية, ثم إن هذه الافكار قد عبدت الطريق للسير المتواصل نحو تحقيق الانتصارات وقد الهمت جماهير العمال والفلاحين وسائر الشغيلة وحفزت فيهم روح النضال الثوري ضد صنوف الاضطهاد السياسي والطبقي, وقد قادتهم لتحسين ظروف العمل الشاقة التي كانت مفروضه عليهم جراء سياسات اقتصادية احتكارية للنظام الراسمالي العالمي.

حينها قد اصبح الشعار الاممي الذي وحد صفوف العمال والفلاحين هو المطرقه والمنجل ثم ان هذا الشعار قد عزز الثقة في صفوف جماهير العمال والفلاحين وسائر الشغيلة لمواصلة النضال المستمر, وقد تحققت في تلك المرحلة العديد من الانتصارات في عملية التجارب وفي سيرورة النضال الطبقي المستمر بين العمال والرأسماليين منها.

بدايات حصول الطبقة العاملة علي الايديولوجية التي تحطم الاغلال

حقيقة ان في مثل هذه الامور لابد وان نشير الي مسألة الوعي الحقيقي في صفوف العمال وعليه لابد وان نرجع قليلا للوراء كي نبني عليه في سياق الحاضر, لقد ذكر في البيان الشيوعي عام 1848 م الذي صدر عن المفكرين العظيمين كارل ماركس و فريد ريك انجلز, هذا البيان الذي حدد فيه مابين ان تكون الطبقة العاملة لا علاقة لها بمسألة النضال السياسي وعليه ان تبقي طبقة تعمل و تنتج لصالح الطبقة الرأسمالية التي تمتلك وسائل الانتاج وتربح الملايين من خلال بيع قوة عمل العمال لأصحاب المصانع, او السير في طريق اخر وهو تحرير انفسهم من خلال نضالهم الثوري المستمر و هذا يحتاج ان تصل جماهير الطبقة العاملة لمستوى الوعي الحقيقي الذى يصقل البروليتاريا وهي طليعة الطبقة العاملة التي تنتج في المصانع وتدير و سائل الانتاج حتى ان تستوعب الطبقة العاملة ضرورة مسالة تحرير نفسها بنفسها من طغيان الراسمالية و نظامها الاستغلالي البشع وان تكون الطبقة العاملة نواة لبناء جيش عارم من الكادحين في ساحة النضال السياسي حتي تصل الطبقة العاملة لمستوى القدرة للاطاحه بالنظام الرأسمالي وبناء المجتمع الخالي من الاستغلال. ثم جاء البيان الشيوعي الذي يعتبر اول رسالة تاريخية وضع فيها برامج الحركة الشيوعية ذلك في بداية انشطتها والذي قد تطور مع تنامي الحركة الشيوعية والعمالية العالمية ذلك مع تطور الفكر الماركسي اللينيني.

اهمية الاممية الاولى في تا سيس الاطر لنضال الطبقة العاملة

كان لتاسيس الاممية الاولى في عام 1864 م الدور الكبير لتحفيز ممثلي العمال من الانجليز و الالمان و البولنديين و الفرنسيين ومعهم الثوريين الديقراطيين في العديد من البلدان الاوروبية بحيث كان في الاجتماع الاول للاممية الاولى قد تعهد فيه بوضع الوثيقتين المنهجيتين: البيان السياسي, والنظام الداخلي الى كارل ماركس الذي انتخب لعضوية المجلس المركزي لكي يكون مسؤولاً طوال سنوات من 1864 و1868.

وهذا ما قد اشار اليه في البيان السياسي للاممية الاولى:

1: أن تحرير الطبقة العاملة لايمكن ان يتم على يد الغير ولا على يد الطبقة العاملة التي لا تستوعب معنى تحرير نفسها بنفسها من صنوف الاستغلال الاجتماعي والسياسي والفكري والطبقي ذلك عن طريق النضال الثوري المستمر.

2: التأكيد على ان السلطة السياسية يجب ان تكون بيد الطبقة العاملة وحلفائها الطبقيين ليكون شرطاً اساسياً لتحرير الطبقة العاملة من خصومها وفي المقدمة البرجوازية الرأسمالية.

3: ان بناء المجتمع الاشتراكي هو الضمانه لتحرير الطبقة العاملة وسائر الشغيلة من براثن الاستغلال البشع من قبل النظام الرأسمالي.

4: في تلك الفترة قد دعم الثوريون الديمقراطيون من العمال الاممية الاولى بكل الوسائل ثم اكدوا وقوفهم مع مطالب الشعوب المناضلة ضد الاستعمار, وفي هذا السياق اقر في البيان السياسي انه لا يمكن ان يكون انسان حراً او شعب حر وهو نفسه يضطهد شعباً آخر, وقد ساندت الاممية الاولى وعلى رأسها ماركس وانجلز نضال الشعوب التي كانت تناضل من اجل الحرية ضد المستعمرين في ايرلندا و بولندا و المجر.

وهكذا ومن خلال نشر الافكار الماركسية في صفوف جماهير العمال وتبني الحركات الثورية العمالية للنظرية الماركسية, تسارعت وتيرة تحقيق الانتصارات العظيمة و الهائلة لصالح العمال في جوانب عديدة منها الحقوقية و الاجتماعية و النقابية والسياسية , ثم قد ساهم الفكر الماركسي في تحسين الاداء الحزبي وقد عبد طريق لنضال الطبقة العاملة ذلك بعد الانتصار المذهل لأول ثورة اشتراكية في العالم وهي الثورة الاشتراكية في روسيا عام 1917 م بقيادة لينين للحزب الشيوعي الروسي, لينين الذي طور في الفكر الماركسي خصوصا عندما فضح الرأسمالية وعرى طورها للنظام الامبريالي عندما قال ان الامبريالية هي اعلي مراحل الراسمالية ثم اسس لقيام الاتحاد السوفياتي و تشكيل المنظومة الاشتراكية ذلك بعد الانتصار الساحق للجيش الاحمر السوفيتي على فلول الانتهازية الهتلرية في معركة الحرب العالمية الثانية.

حينها قد اصبح الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية العضد في دعم نضالات الطبقة العاملة في العالم وجميع سائر الشعوب التي كانت تناضل ضد الهيمنة للرأسمالية والاستعمار, وهكذا قد اصبحت النظرية الماركسية اللينينية مصدر الهام لنضال الشعوب تحت رايات يا عمال العالم ويا ايتها الشعوب المضطهدة التحدوا ولن تخسرو الا القيود.

وفي تلك الفتره من الزمان قد تطور بناء الاحزاب الشيوعية والعمالية والماركسية والاشتراكية في العالم اجمع وانتشرت النقابات العمالية والمهنية وحركات التحرر الوطني, وكان شعار المنجل والمطرقة قد اعتلي العديد من الرايات للاحزاب والبلدان الاشتراكية ومنها شعار لعلم الاتحاد السوفياتي وعلي اثر ذلك تم تاسيس اول حزب شيوعي في الوطن العربي في فلسطين في العشرينات من القرن الماضي.

مسألة الانهيار المفاجئ للاتحاد السوفياتي و تداعياته

نعم كان الانهيار المفاجئ للاتحاد السوفيتي عام 1991 من القرن الماضي والذي لم يكن متوقعا من قبل كل القوى التي تناصر وتدعم المشروع الروسي الاشتراكي وكل القوى المعتمده في نضالها على الدعم السوفييتي و المنظومة الاشتراكية في نضالها وفي المقدمه جماهير الطبقة العاملة في العالم التي تناضل ضد الجشع للنظام الراسمالي والمخطط العدواني للراسمالية و مشروعها الليبرالية المتوحشة التي تعمل على ايجاد مخارج للحروب وخلق فتن في مناطق كثيرة لتمرير مشروعها الفوضى الخلاقة الذي هو الان يطبق في الوطن العربي مثل العراق وسوريا وليبيا لصالح الصهيونية العالمية والرجعية العربية .

ومن تلك اللحظة لانهيار الاتحاد السوفياتي عملت الدول الرأسمالية وعلي راسها امريكا و بريطانيا ان يعملوا في اتجاه القطب الواحد المسيطر على القرارات السياسية الدولية, ثم عملوا على فك كل الارتباط بين الدول المتحالفة مع الاتحاد السوفياتي وضرب الانظمة الوطنية و زيادة التحالف بين القوى الرجعية والانظمة الدكتاتورية والصهيونية للهيمنة علي منابع النفط والغاز و العمل على برمجة تحويل القطاع العام الذي بني في دول عديدة بمساعدة الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية الى القطاع الخاص عن طريق الخصخصة لمشاريع حيوية حتي في روسيا.

ثم راجت تجارت الاسلحة وتوسعت واصبح الامريكان والاوروبيون يتعاملون مع مطالب الشعوب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية بشكل مزدوج ذلك حسب المصالح للنظام الرأسمالي العالمي بعيداً عن مسالة حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية التي كانت اهداف سابقة للغرب.

ثم استغلت الامبريالية العالمية وعلى رأسها امريكا والصهيونية العالمية والرجعية حدث سقوط الاتحاد السوفياتي وشنوا حربا اعلامية ودعايه ضخمه لتشويه الاشتراكية والشيوعية والماركسية. إلا ان الماركسية بقيت بجوهرها الاصلي في المادية الجدلية العلمية, ثم ذلك بنسبه لجماهير الطبقة العاملة وسائر الشغيلة وهو الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة وسائر الشغيلة وطبقة البرجوازية الرأسمالية و الرجعية, ثم ان مسالة استغلال الانسان لاخيه الانسان لا يمكن ان تحل بإصلاحات شكليه مثل الديمقراطية المنقوصة التي لا تحقق العدالة الاجتماعية و المساواة, ايضا من منظور الماركسية ان هناك ما يعيش عليه الرأسمالي هو استغلال قوة عمل الملايين من العمال, هذه هي التي توفر الملايين من الدولارات في خزانات البنوك لارباب العمل على حساب انتشار الفقر والبطالة وتدهور الحياة المعيشية جراء غلاء المعيشة الفاحش, و هو انتاج لسياسة الاقتصاد الراسمالي الذي تتضرر به غالبية الشعوب في العالم بما فيها الشعب الامريكي والشعوب الاوروبية.

الازمة الاقتصادية للنظام الرأسمالي

نعم في ظل الازمة الاقتصادية التي ضربت بعض مكونات الاقتصاد الرأسمالي العالمي وبروز قوى اقتصادية جديدة مثل الصين وتنامي قوى اخرى وتعافي روسيا وبروز قوى جديدة معادية لسياسات الامبريالية خصوصاً في امريكا الجنوبية كل ذلك قد ساهم في تبدد الاوهام التي وعدت بها الليبرالية المتوحشة ان توفر الرفاهية للشعوب الاوروبية والشعب الامريكي.

وهكذا اصبحت ضرورة النهوض من جديد للشعوب المناضلة وفي المقدمة الطبقة العاملة ضد الامبريالية ذلك بعد الكبوه وفقدان الامل الذي حل بالملايين من شعوب العالم الذين كانو قد تشبثوا بأحلام الاشتراكية كبديل عن النظام الرأسمالي, ثم ان هذا الحلم الذي كان يراود الشعوب المضطهدة خصوصاً بين جماهير العمال في بلوغ الاشتراكية قد اصبح ينتعش مع انتعاش الحركة اليسارية في العالم اجمع.

الاجتماع للقوى اليسارية العالمية في المكسيك يبشر بخير

لقد عقد في الفتره من 27 الي 29 من مارس 2014 الاجتماع الموسع للقوى الشيوعية والعمالية والماركسية والاشتراكية في المكسيك تحت ضيافة حزب العمل المكسيكي اليساري, وهذا هو اللقاء الثامن عشر لهذه القوى الذي يعقد سنوياً عباره عن طاولة مستديرة يلتقي حولها اليسار العالمي لبحث العديد من الاوضاع والمستجدات على الساحه السياسية العالمية والاقتصادية والاجتماعية, لقد حضر الاجتماع الموسع 210 من الاحزاب والمنظمات اليسارية الذين مثلو 37 بلداً, منها القوى اليسارية الاوروبية وقوى اليسار في امريكا الجنوبية واحزاب شيوعية كبيرة مثل الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية والحزب الشيوعي الفرنسي و الالماني واليوناني و اكيل القبرصي, وكان هناك تمثيل للدول الاشتراكية مثل الصين وكوريا الشمالية وفيتنام.

وقد تناول في الاجتماع العديد من القضايا الاجتماعية والتنمية والاقتصاد وملفات التكامل الاجتماعي والقضايا السياسية بشكل عام ومنها الساخنة على الساحه الدولية مثل قضية فنزويلا و اوكرانيا. حقيقة ان هذا الاجتماع قد اعطى الامل لجماهير العالم المناهضة ا لسياسات الامبريالية والصهيونية العالمية و انعش احلام جماهير الطبقة العاملة وسائر الكادحين وفي المقدمة الشيوعيين الذين اصبحوا من جديد تذب في اوساطهم الثقة بأنهم جزء اساسي من حركة التغيير العالمي في العديد من الدول بكونهم مناضلون, و في المقدمة في ساحات النضال علي مبداء التزاوج بين النظرية والتطبيق واثبات الوجود في الصراع المستمر ضد الرأسمالية عدوة الشعوب. وهذا حتماً سوف ينعكس علي اليسار في العالم و الوطن العربي.



جواد المرخي / عضو لجنة القطاع ا لنقابي / المنبر الديمقراطي التقدمي