بعض المسائل المتعلقة بوحدة الحركة الشيوعية الأممية


الحزب الشيوعي اليوناني
2014 / 7 / 19 - 12:34     


تكاثر النقاش حول وضع الحركة الشيوعية الأممية ومسألة وحدتها، بعد عجز اللقاء الأممي اﻠ-;-15 للأحزاب الشيوعية والعمالية الذي عقد في لشبونة عام 2013، عن التوصل لبيان مشترك.

حيث نشهد ضمن هذا النقاش تمظهر مواقف مطبقة السذاجة في شكلها لا تقوم حتى بجهد الإنشغال بمعايير نظريتنا الكونية ذاتها، والخبرة التاريخية والتطور الحديث للرأسمالية و ضرورة حل التناقض الأساسي الذي يتخللها (رأس المال –العمل)، لأن ذلك يتطلب القيام بدراسة مع نقد ذاتي لتوجهات ذات أهمية استراتيجية مع التحقق ما إذا كانت هذه التوجهات متجاوبة مع الحاجات الحالية للصراع الطبقي و للنضال من أجل الاشتراكية الشيوعية.

إن كل من يلجأ إلى محاولات التشهير بالأحزاب الشيوعية المكافحة ضد الرأسمالية و المبرزة لضرورة و راهنية الاشتراكية يُظهر عنصراً من ضعفه الكبير. وخاصة عند استخدامه للقاء الأحزاب الشيوعية و العمالية اﻠ-;-15 بشكل انتقائي، حيث كشفت خلاله العديد من الأحزاب الشيوعية عن إفلاس استراتيجية "الحكومات اليسارية" و أبرزت ضرورة النضال من أجل التغيير الثوري وعارضت محاولة فرض بيان مشترك متواجد خارج مبادئ نظريتنا الكونية، و معادٍ للاستقلالية السياسية و الأيديولوجية للعديد من الأحزاب الشيوعية.

و مع ذلك فإن الأمور، كانت دائما و لا تزال كثيرة التعقيد مقارنة بالتقييم الشامل القائل ﺑ-;-وجود "الانتهازية اليمينية و اليسارية" على غرار ما سعى لتصوير السجال القائم خلال اللقاء الأممي اﻠ-;-15 بعض رفاقنا في البلدان الأخرى، ممن يرفضون استخلاص الاستنتاجات من مسار الحركة الشيوعية. و ذلك لأن من اللازم كشف الانتهازية على وجه التحديد، لا عبر إقصائات "وسطية" مع الأخذ في الاعتبار أيضاً لأمثلة من تاريخ الحركة الشيوعية الأممية، من الفترة التي كان لينين كان يحاول إنشاء حزبه في وقت كان هناك "مستنقع" يتوسط بين التيار الثوري والانتهازي. و من الفترة اللاحقة (1921-1923) حيث وجدت الأممية اﻠ-;-2.5 التي كانت قد انفصلت شكلياً فقط عن الأممية الثانية الإنتهازية، لتنضم لها لاحقا حيث تشكل ما عرف ﺑ-;-" الأممية العمالية الاشتراكية". حيث كان لينين قد كتب :"على الرغم من رغبة سادة الأممية اﻠ-;-2.5 أن يُسموا ثوراً، إلا أن الواقع يكشف أنهم معادون للثورة، و ذلك لكونهم يخشون التدمير العنيف لجهاز الدولة القديم ولا يؤمنون بقوى الطبقة العاملة" .

خطوات الحزب الشيوعي اليوناني في معالجة استراتيجيته

كما هو معروف، واجهت الحركة الشيوعية قبل إسقاط الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية الأخرى عدة انحرافات ايديولوجية، على غرار التيارات التروتسكية والماوية و "الشيوعية الأوروبية". حيث خاض الحزب الشيوعي السوفييتي مع غيره من الأحزاب الشيوعية بهذا الشكل أو غيره المعركة ضد التيارات الأيديولوجية والسياسية المذكورة. و مع ذلك فإن هذا، لا يعني أن هذه الأحزاب، بما فيها الحزب الشيوعي اليوناني كانت خالية من نقاط الضعف، ولم ترتكب أخطاءاً، أو لم يكن لها فراغات أيديولوجية.

كان الحزب الشيوعي اليوناني أحد الأحزاب الشيوعية التي اهتمت بدراسة أسباب الهزيمة بعد إسقاط الاشتراكية. و عمل على فحصها بعناية، عبر دراسة العديد من الوثائق الحزبية لتلك الحقبة، مع القيام بعمل جماعي مجهد.

حيث قام الحزب بتوصيف أسباب إسقاط الإشتراكية، من خلال عملية حزبية داخلية غنية، عبر قرار للمؤتمر اﻠ-;-18 ذي صلة، و هو الذي يحدد وجود الأسباب في القاعدة الاقتصادية للمجتمع الاشتراكي، و في أخطاء ارتكبت ضمن هذا المستوى (انظر إعادة إدراج أدوات"السوق" في الاقتصاد الاشتراكي)، وكذلك ضمن البنية الفوقية السياسية، و في ودور الحزب والسوفييتات (انظر مقرارات مؤتمري الحزب الشيوعي السوفييتي اﻠ-;-20 و اﻠ-;-22).

ولم تكن خارج انتباه حزبنا المشاكل الخطيرة التي كانت موجودة في استراتيجية الحركة الشيوعية الأممية، كالمنطق المخطئ بصدد المراحل من أجل الاشتراكية، و هو الذي لم تؤكد صوابيته في أي مكان، كما و على حد سواء الرؤية المخطئة بصدد "الانتقال السلمي" الذي زرع الكثير من الأوهام البرلمانية في ترابط مع التقسيم الخاطئ للإشتراكية الديمقراطية ﻜ-;-"يسارية" و "يمينية" و التقسيم الشكلي الخاطئ للطبقة البرجوازية ﻜ-;-"وطنية" و "كومبرادورية"، وغيرها. ..

ضرورية هي النقاشات الجوهرية.

إننا نود فتح بعض المسائل الجادة، اعتباراً منا بأن ذلك هو إسهام في نقاش جوهري ضمن الحركة الشيوعية.



أولا، يقول حزبنا أن طابع الثورة في بلدنا وفي كل بلد حيث تطورت الرأسمالية إلى مرحلتها الاحتكارية الإمبريالية (الإمبريالية هي أعلى مراحل الرأسمالية) هو اشتراكي وهو ما ينبثق من سمة عصرنا، و من تفاقم التناقض الأساسي بين رأس المال والعمل و ضرورة حله، ونضوج الظروف المادية للاشتراكية اليوم و هو ما يتعذر إنكاره.

و من البديهي هنا غياب أي أساس علمي يسمح بتوصيف هذا التحليل، كانعزالي لتدعيم تحليل معين يعود بالحركة الشيوعية سنوات نحو الماضي باعتباره ثورياً، و يحط من مرتبة معايير أساسية لنظريتنا الكونية مع دعم الرؤية الخاطئة بصدد"المراحل" معتبراً أن استراتيجية حزب شيوعي ما لا تتحدد من حل التناقض الأساسي في عصرنا، بل من ميزان القوى القائم.

إن المشكلة كبيرة. فمنطق المراحل يوصي موضوعياً (بمعزل عن النوايا) بالبحث عن حلول في صالح الشعب فوق أرضية الرأسمالية بحجة أن "المرحلة الوسيطة" ستسهم في إنضاج العامل الذاتي، وستكون بمثابة جسر إلى الاشتراكية التي تُعتبر في كثير من الحالات نتيجة لإجراءات برلمانية. إن المقاربة المذكورة لم تتأكد في أي مكان و زمان و هي في تناقض مع تعاليم ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى1917. ومع ذلك، إن الأسوأ هو أن منطق المراحل يقود للبحث عن حلول إدارة، مثل: "حكومات يسارية، أو وطنية أو تقدمية "التي ستدير (موضوعياً) مصالح الاحتكارات التي ستستمر في امتلاك وسائل الإنتاج و السلطة السياسية.

إن هذا المنطق يغذي الأوهام و لا يسهم في إعداد الحركة العمالية لمواجهات طبقية قاسية، ويحكم عليها بالتأخر وبجعلها ضعيفة تجاه الأيديولوجيا والسياسة البورجوازيتين ، وتورطها في شباك الأوهام البرلمانية.

ثانياً، عبر إسناد حزبنا بأن طابع الثورة في اليونان سوف يكون اشتراكياً، فهو يرسم خطاً للصراع و حشداً للقوى مع إعطاء الثقل لاعادة صياغة الحركة العمالية وتعزيز توجهها الطبقي،و تعزيز الوحدة الطبقية للطبقة العاملة.

و هو يعمل في التوازي مع ذلك على بناء تحالف شعبي، هو تحالف الطبقة العاملة و فقراء المزارعين و صغار الكسبة و نساء و شباب الأسر الشعبية،و هو يتجسد اليوم في ظل الظروف الحاضرة من خلال تنسيق كفاح التجمعات النضالية كما هي "بامِه" في صفوف الطبقة العاملة و "باسي" في صفوف المزارعين و "باسيفي" بين صغار الكسبة في المدن و "ماس" الطلابية و "أوغ" النسائية.

و يمتلك التحالف الشعبي الإجتماعي توجها مناهضاً للرأسمالية و الإحتكارات ، من شأنه أن يتعزز خلال النضال اليومي لحل كل مشكلة شعبية، حيث سيتأقلم التحالف و سيستعد ليغدو قادراً على لعب دور مركزي خلال ظروف الحالة الثورية (التي هي ذات سمة موضوعية و ينبغي على كل حزب الإستعداد لها) خلال الانتفاضة الشعبية من أجل إسقاط البربرية الرأسمالية.

حيث يتصدر الحزب الشيوعي اليوناني والحركة ذات التوجه الطبقي والتحالف الشعبي الصراع في اليونان ضمن السياق المذكور، مع تحريك مئات الآلاف من العمال والعاملات والقوى الشعبية في صدام مع قوى رأس المال و أحزابه و حكوماته و مع الاتحاد الأوروبي الإمبريالي. و لا تحصى الأمثلة المستمدة من هذا الكفاح، حيث مسببة للضرر للحركة الشيوعية هي تلك المواقف الساعية لتجريم النضال الثوري عبر افتراء و تشهير يقول ﺑ-;- "انعزالية" الحزب الشيوعي اليوناني و "بامِه" مع التقليل من قيمة نشاطهما الطليعي و غيرهما من التجمعات الكفاحية المناضلة في سبيل أهداف كفاحية لحل كل مشكلة شعبية في صدام مع الاحتكارات والرأسمالية.

فمن الواضح أن النضال من أجل الاشتراكية لا يتعلق بمستقبل أجل غير مسمى، كما أنه ليس بقضية إعلان.

و على سبيل المثال، تشكل البطالة آفة تعذب الملايين من العمال. ما الذي يقوله الشيوعيون تجاهها؟ أبستطاعتهم القول بإمكانية حل هذه المشكلة في إطار الرأسمالية عبر "حكومة يسارية" ؟ إن ذلك لكان عديم الأساس، لأن أسباب المشكلة باقية. إن حل مشكلة البطالة و إرضاء الحاجات المعاصرة الأشمل للطبقة العاملة والشرائح الشعبية يتطلب حل مشكلة السلطة الأساسية، مع تطبيق التملك الاجتماعي لوسائل الإنتاج، والتخطيط المركزي.

وبالتالي، فإن التطورات بعينها، تطرح ضرورة الاشتراكية و راهنيتها.

لقد أدى تطور الرأسمالية إلى نضوج الظروف المادية لبناء مجتمع جديد، اشتراكي. و هذا أمر لا يمكن إنكاره. و يقول الواقع أيضاً بعدم تشكل الحالة الثورية و تأخر تشكل الوعي السياسي الطبقي، في صفوف الطبقة العاملة، حيث سلبية هي تبعات الثورة المضادة. و بالتالي، فإن نضوج العامل الذاتي هو مسألة جادة للغاية.

عبر أي خط و أي مادة بالإمكان تحقيق إنضاج العامل الذاتي؟ أذلك ممكن على أساس موضوعات بصدد حلول حكومات اليسار،التي ستقوم موضوعياً بإدارة النظام، حيث إما أن تندمج ضمنه أو تفلس. أمن الممكن تحقيقه عبر عناوين غامضة بصدد"تحولات عميقة مناهضة للاحتكارات" فوق أرضية الرأسمالية؟

ما هي هذه التحولات؟ أهي تأميم الشركات، و زيادة الضرائب المفروضة على أرباح رأس المال؟ أم الحد من "تعسفيته"، كما تزعم بعض الأحزاب؟

لقد جُرِّبت كافة هذه الأمور و هي تشكل إحدى جوانب إدارة النظام.

إن المشكلة الأساسية تبقى دون حل. فالمشكلة الأساسية تكمن في ماهية تلك الطبقة الاجتماعية التي تملك في أيديها السلطة السياسية ووسائل الإنتاج.

إن تجربة"الحكومات اليسارية" عينها تعترف بعجز الإدارة (اليسارية) للرأسمالية حتى و مع استخدام "شعارات ثورية"، ليس فقط عن الإسهام في تمهيد الطريق للاشتراكية، بل أكثر من ذلك بكثير، فهي تعمل كوسيلة لدمج الوعي في البرلمانية وزراعة آمال كاذبة وتؤخر تنظيم الطبقة العاملة و صراعها في اتجاه التشكيك بالنظام الاستغلالي و الإستعداد لإسقاط الرأسمالية.

و لا يشكل حتى تحقيق حزب شيوعي ما، لنتيجة إيجابية في الانتخابات، ضمانة لتغيير جوهري في ميزان القوى، فعلى سبيل المثال عندما تلتف القوى الشعبية حول موضوعات و شعارات تعبر في جوهرها عن سياسة متبنية لإدارة "إنسانية" للرأسمالية على المستوى الوطني من دون طرح مسألة إسقاط النظام و فك الإرتباط عن الإتحادات الإمبريالية (كالاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي).

و نموذجي على ما ذكر هو مثال البرازيل المتواجدة هذه الأيام في الأخبار نظراً لمباريات تصفيات كأس العالم. حيث تُدار السلطة الرأسمالية في البرازيل عبر" حكومة يسارية". حيث يبدو من معطيات الإحصائيات أن أغنى 10٪-;- من سكان البلاد يستحوذ على 42.5٪-;- من الدخل القومي، و على أكثر من أربعين ضعفاً من ما يملكه اﻠ-;-10٪-;- الأكثر فقراً، في حين يستحوذ أغنى اﻠ-;- 5٪-;- على دخل أكبر مما يستحوذ عليه 50٪-;- من فقراء السكان.

و على الرغم من وجود "حكومة يسارية" تهيمن الاحتكارات أيضاً في البرازيل. فقد تمكنت المجموعات الرئيسية اﻠ-;-10 في البلاد من تحقيق دورة مبيعات إجمالية تعادل حوالي 25٪-;- من الناتج المحلي الإجمالي. إن هذه المجموعات هي قيادية في مجال الصناعة والتعدين والتجارة الزراعية وقطاعات التجارة والخدمات بشكل عام، وهو ما يعني أن أي قطاع من قطاعات الاقتصاد البرازيلي ليس بمعزل عن العملية الاحتكارية.

و في الوقت نفسه تتواجد الأجور المنخفضة المدفوعة للعمال في تناقض مفتوح مع درجة تطور الاقتصاد البرازيلي، حيث يسجل رجال الأعمال أعلى الأرباح في العالم. و تتواجد المشاكل الاجتماعية في مسار تفاقم مزمن.

ما الذي يقوم به الحزب الشيوعي اليوناني في بلده؟

يحاول الحزب الشيوعي اليوناني الإسهام في إعداد العامل الذاتي (الحزب و الطبقة العاملة والتحالفات) من أجل الظروف الثورية لتحقيق مهامه الاستراتيجية.

و لهذا السبب يشدد على ضرورة و راهنية الاشتراكية، و ليس من خلال نبرة "جوفاء من محتوى" ولكن عبر تفصيل القضايا المتعلقة بالسلطة العمالية والتملك الاجتماعي، والتخطيط المركزي مع أمثلة على القطاعات المهمة للاقتصاد. ويُصرُّ على موقفه في إعادة بناء الحركة العمالية و تعزيز توجهها الطبقي، لكي لا تكتفي بمجرد التفاوض على شروط بيع قوة العمل بل لتغدو قوة تكافح من أجل إسقاط البربرية الرأسمالية.

و هو يعمل من أجل التحالف الإجتماعي، أي لتحالف الطبقة العاملة وفقراء المزارعين و صغار الكسبة في المدينة، لتعزيز الكفاح ضمن توجه مناهض للرأسمالية و الاحتكارات، مع التطلع نحو الأمام ضمن مسار تنمية متبنٍ لمعيار الحاجات الشعبية لا الأرباح.

إن كفاح الحزب الشيوعي اليوناني ضد الاتحاد الأوروبي لا يجري من زاوية حلول طوباوية قائلة بإمكانية تحول إتحاد الاحتكارات ليغدو اتحاد شعوب. و لا يقتصر على مناهضة "عمليات تكامل" الاتحاد الامبريالي، بل يطرح مسألة فك الإرتباط عنه و عن حلف شمال الأطلسي عبر سلطة عمالية شعبية و تملك اجتماعي لوسائل الإنتاج الممركزة.

وهذا يشمل قضايا السيادة والاستقلال. إن حزبنا يقارب هذه القضايا من زاوية طبقية، من زاوية تغيير الطبقة المتواجدة في السلطة والاستفادة من الطاقات الإنتاجية للبلد و هو ما يرتبط بهدف فك الإرتباط لأن تأمين السيادة الشعبية يتعذر خلافاً لذلك، نظراً لبقاء سيطرة الطبقة البرجوازية مع بقاء عشرات خيوط التبعيات.

إن حقيقة تخلي الحزب الشيوعي اليوناني عن تقسيم الإشتراكية الديمقراطية ﻠ-;-("خيرة" – "سيئة") كما و عن التقسيم "المماثل للطبقة البرجوازية ﻠ-;-("وطنية" و "خاضعة للأجانب") لا يعني بالضرورة أن الحزب الشيوعي اليوناني يتجاهل الإختلافات بين الأحزاب السياسية في اليونان و لا يدرسها بجدية، فضلا عن التناقضات الحقيقية داخل الطبقة البرجوازية، كما و بين البلدان الرأسمالية القوية والاتحادات الإمبريالية. بل على العكس! إن ما تخلينا عنه بشكل نهائي هو إدارة الرأسمالية عبر هذه الصيغة أو غيرها، المرتبطة بمنطق "الحكومات اليسارية – أو الوطنية و التقدمية". و نحن نكافح علناً لكي لا تناضل الطبقة العاملة في بلادنا و أممياً "تحت راية أجنبية".

من المحتمل أن يقول أحد ما: حسناً، هذه هي مواقف الحزب الشيوعي اليوناني، ولكن الظروف هي مختلفة في بلادنا.
ما هي المسألة الرئيسية؟

نحن نعيش في عصر الرأسمالية الاحتكارية والامبريالية، حيث من سمات القاعدة الاقتصادية للدول الرأسمالية ه يسيطرة الاحتكارات بشكل أكثر أو أقل على جميع أو أكثر الصناعات والقطاعات الاقتصادية، مع امتلاكها لوسائل الإنتاج.

حيث الدولة البرجوازية هو "الرأسمالي الجماعي" هي دولة الاحتكارات وسلطتها.

حيث الطبقة العاملة.هي الطبقة المُستغَلَّة.

و لذا فإن أية "خصوصيات وطنية" لا تغير هذا الوضع و لا تغير القاعدة الأساسية، وضرورة الثورة الاشتراكية وبناء الاشتراكية، وإلغاء استغلال الإنسان للإنسان، لتهيئة الظروف لإقامة مجتمع لا طبقي.

و لا يتكلم الحزب الشيوعي اليوناني عن "نماذج" للثورة ولا عن نقل ميكانيكي للتجربة الثورية. بل على العكس فهو يقدر الصعوبات و الطبيعة المعقدة للعملية الثورية، ولكن المسألة تتمثل في أمر آخر.

هل هي سارية المفعول حتميات الثورة والبناء الاشتراكيين؟

أستستحوذ الطبقة العاملة على السلطة السياسية أم لا؟

أستكافح جنبا إلى جنب مع حلفائها، وبالتأكيد ضمن ظروف معقدة و صدام مع الثورة المضادة، من أجل فرض التملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج؟

أستحاول السلطة العمالية تطبيق التخطيط المركزي؟

هذه هي المشاكل التي نحن بصددها و نضطلع بالتزام مناقشتها ونستطيع أن نقول أن الإقصاء القائل بوجود انعزالية، يعيق قيام النقاش المذكور، فهو يخفي وجود الإلتزامات و المآزق الاستراتيجية.

حول أزمة الحركة الشيوعية

لقد درس الحزب الشيوعي اليوناني تاريخه، و مسائل الاشتراكية واستراتيجية اللحركة الشيوعية الأممية. و خَلُص لاستنتاجات مفيدة عن الماضي والحاضر والمستقبل و هو يقود نضال الطبقة العاملة في اليونان. و تعترف العديد من الأحزاب الشيوعية بمواقفه و خبرته التي تنعكس في وثائقه الحزبية و تموضعاته العلنية خلال المحافل الأممية.

و هناك أحزاب شيوعية أخرى تسلك مسارات أخرى. حيث أقدمت بعضها على قطع "حبلها السري" عن ثورة أكتوبر وتخلت عن نظريتنا الكونية،(كمثال الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة) و عن رموزنا (كمثال الحزب الشيوعي الفرنسي مؤخراً). و هناك بعضها الذي يشارك قوى الإشتراكية الديمقراطية في حكمها ضمن أطر الرأسمالية أو يسعى لذلك. و يُشيد بالاتحاد الأوروبي الامبريالي و يكافح من أجل"تحسينه". و هي الأحزاب التي ساندت التدخلات الإمبريالية في ليبيا مثلاً و في جمهورية أفريقيا الوسطى (كما فعلت أحزاب من حزب اليسار الأوروبي و من كتلة اليسار الأوروبي الموحد واليسار الأخضر الشمالي) لقد قامت هذه الأحزاب ﺑ-;-"حرق مراكبها" بمعنى تحولها لأحزاب برجوازية.

هذا و لم تُعنى أحزاب شيوعية أخرى بالإقدام على دراسة التطورات خلال السنوات اﻠ-;-25 الماضية. و عليه، فلذلك نرى بعضها يعيد تكرار مواقف غورباتشوف عام 1985على سبيل المثال، بصدد أسباب إسقاط الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي ﻜ-;-"الشفافية" و"الديمقراطية".

ومع ذلك، لا تزال هذه الأحزاب الشيوعية تعتمد "عقائدياً" الاستراتيجية التي امتلكتها أغلب الأحزاب الشيوعية خلال عقد الستينات و السبعينات، بسبب عدم استخلاص الاستنتاجات و عدم إجراء تغييرات متوافقة معها على أساس المادية الجدلية في مجال الاستراتيجية والتكتيك، و هي الأحزاب التي دمجت كافة الرؤى الخاطئة المذكورة أعلاه. وهو ما يقودها على الرغم من "خطابها الثوري" و إظهار إيمانها بالماركسية اللينينية، إلى النضال من أجل تحسين الرأسمالية، من خلال منطق"تحوُّلها" عبر نسخ مختلفة ﻠ-;-"حكومات يسارية -تقدمية أو وطنية" فوق أرضية الرأسمالية.

حيث يتجلى تعزيز الانتهازية في الأزمة الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية التي تعيشها الحركة الشيوعية الأممية.

و بالتأكيد، هناك أحزاب شيوعية تقوم في ظل ظروف صعبة للغاية بدراسة التطورات و متابعة النقاش الجاري ضمن الحركة الشيوعية الأممية، وتقوم بخطى في معالجة تكتيكها واستراتيجيتها ضمن الصراع من أجل تعزيز الحركة العمالية و الشيوعية في بلدانها وعلى الصعيد الأممي.

و على هذا الأساس، يتعذر بناء وحدة الحركة الشيوعية عبر مواد إشكالية، و مع أحزاب قد تخلت عن الماركسية - اللينينية على الرغم من احتفاظها بلقب الحزب الشيوعي، و هي التي تستخدم حججاً برجوازية حول تاريخ الحركة الشيوعية.

فبغير إمكان وحدة الحركة الشيوعية الأممية الإستناد سوى على الدفاع عن الماركسية - اللينينية، و الكفاح من أجل الإسقاط الثوري للرأسمالية و من أجل الثورة الاشتراكية.

و على الرغم من الخلافات في الفترة التاريخية، إن لخبرة الأممية الثانية ضد الانتهازية، أهميتها اليوم، حيث من المطلوب و باضطراد حشد القوى والانضباط في النضال ضد الانتهازية التي يجري تعزيزها بأشكال مختلفة من قبل القوى الامبريالية، كما في الإتحاد الأوروبي مع مثال قوي لما يسمى ﺑ-;-"حزب اليسار الأوروبي" الذي يتم تمويله من قبل الاتحاد الأوروبي. فأية وحدة هي الممكن بنائها مع أحزاب تتصدر قيادة حزب اليسار الأوروبي و حسمت خياراتها؟ و على أي أساس. و عبر أية أهداف؟

و على سبيل المثال: إلامَ يهدف إصدار إعلان مشترك حول الإنتخابات الأوروبية من قبل "النواة الضيقة" لحزب اليسار االأوروبي، أي ﻠ-;-"أداة الاتحاد الأوروبي هذه التي تم إنشائها ضمن إطار الإتحاد الأوروبي و "أحزاب الإتحاد الأوروبي"و هي التي تعمل لخصي الحركة الشيوعية الثورية.

إننا نضع جانباً تلك الأحزاب التي شاركت بنشاط في حملة حزب سيريزا للانتخابات الأوروبية، ضد الحزب الشيوعي اليوناني، و هو ما ليس ذو قيمة صغيرة، ولكننا نتطرق نحو جوهر الأمر أي للخيارات التي تترك المجال لنمو المواقف الانتهازية، و لتعزيز الالتباسات بين العمال و لا تساعد على الإطلاق في وحدة الحركة الشيوعية الأممية.

فلكي تكون وحدة الحركة الشيوعية الأممية قوية ومستقرة، فبغير إمكانها الاستناد ببساطة على الحد الأدنى من المسائل، حيث قد يكون هناك توافق في الآراء. إن المطلوب هو وحدة أيديولوجية و سياسية أعمق للأحزاب الشيوعية فوق مبادئ الماركسية - اللينينية، والأممية البروليتارية، و الاستراتيجية الثورية المعاصرة.

و بالتأكيد، واجه الحزب الشيوعي اليوناني عبر مسؤولية كبيرة الصيغ التي بمقدورها الإسهام في تبادل وجهات النظر، وتطوير العمل المشترك، كاللقاءات الأممية للأحزاب الشيوعية، و لهذا السبب قام بمحاولات كبيرة منذ السنوات الأولى للثورة المضادة حتى الآن، و هي المحاولات التي كانت موضع تقدير من قبل العديد من الأحزاب الشيوعية.

يسعى الحزب الشيوعي اليوناني لإقامة نشاطات مشتركة بصدد هذه المسألة أو سواها مع أحزاب شيوعية له خلافات معها. إلى جانب ذلك، فهذا ليس شيئا جديداً. فهو يسعى لمزيد من دراسة المسائل الهامة لتطوير استراتيجية الحركة الشيوعية،و يسعى للتطوير المستمر للنضال المشترك ضد الاتحاد الأوروبي وقوى رأس المال في أوروبا، ويشارك ويدعم جهود "مبادرة" اﻠ-;-29 حزباً عمالياً و شيوعياً.

ومع ذلك، فإن وحدة الحركة الشيوعية هي فوق كل ما ذكر و لها متطلبات كبيرة. و أكثر من ذلك بكثير، ينبغي أن يكون واضحا أن الوحدة لا تعني فرض مواقف من خلال البيانات المشتركة، في حين وجود اختلافات حادة واضحة تجاه مواقف ذات أهمية استراتيجية، على غرار ما جرى من محاولة خلال اللقاء الأممي الأخير.

حيث لاقت هذه المحاولة معارضة الحزب الشيوعي اليوناني و غيره من الأحزاب الشيوعية، ليس لأن الحزب الشيوعي اليوناني يسعى لدور حزب "قائد" أو"مركز توجيه" فليست هذه بأمور جادة، و لا تمت بصلة للواقع.

إن معارضة الحزب الشيوعي اليوناني و باقي الأحزاب لمشروع البيان المشترك، يرجع إلى حقيقة احتواء المشروع لمواقف مناقضة لمواقف الحزب الشيوعي اليوناني و غيره من عشرات الأحزاب الشيوعية، كما و مع نظريتنا. حيث من منطق الإحترام لسياسة هذه الأحزاب الشيوعية حصراً، كان ينبغي الذهاب نحو خيارات تفاهم، كما كان قد فعل الحزب الشيوعي اليوناني في الماضي خلال اللقاءات المنعقدة في أثينا، أي عبر عدم الإصرار على إصدار بيان مشترك.

و أمام اللقاء الأممي اﻠ-;-16 للأحزاب الشيوعية في غواياكيل في الاكوادور، من الضروري استخلاص الاستنتاجات الصحيحة، لكي لا توجد مثل هذه الحالات الغير سارة للجميع، لأنه الوحدة تتحقق عبر بنائها لا عبر فرضها!



قسم العلاقات الأممية في اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني