ما هو السيناريو الاسود ومن هي قواه وما هو دور الشيوعيين فيه؟-الجزء الثاني


توما حميد
2005 / 8 / 4 - 10:44     

ما الذي يمكن القيام به مقابل السيناريو الاسود وما هي وظيفة الشيوعيين

لم يواجه الشيوعيون وضع السيناريو الاسود من قبل، لذا لايوجد في اي مكان من الماركسية اي حديث عن السيناريو الاسود وما يمكن القيام به حياله. لقد شخص منصور حكمت هذا الوضع واليوم يقع على عاتقنا نحن الشيوعيين العماليين اعطاء جواب له من وجهة نظر الطبقة العاملة. يجب ان يكون لنا حلول لكل الاوضاع بما فيها اوضاع السيناريو الاسود.
بالنسبة للشيوعيين العماليين يبقى الهدف بناء الاشتراكية ولكن في السيناريوالاسود لايوجد ثورة لقيادتها وتحقيق الاشتراكية و تغيب اي من خصائص المجتمع الثوري اذ ليست المطالبة بالحرية والمساواة والرفاهية والحقوق المدنية والفردية هي المسائل الاساسية للجماهير في هذه الاوضاع بل ان الوجود الفيزيائي و الاجتماعي والعمل والامان والطمانيية والسلام هي هموم الناس. و تتوقف في السيناريو الاسود اليات النضال ضد الدولة والسلطة البرجوازية المتبعة في الاوضاع العادية عن العمل لانه ليس هناك اي وجود للدولة بالمعنى المعروف كجهة يمكن تحميلها مسؤولية معالجة الوضع والناضل ضدها واسقاطها. كما ان القوى المتصارعة لاتعترف باي من وسائل النضال المدنية ولا تستجيب الى اي ضغط غير ضغط القوى العسكرية.ان تاثير النضال المدني محدود جدا. ان السيناريو الاسود هو اوضاع حرب اهلية او شبه حرب اهلية بين قوى همجية لها امكانية هائلة على التدمير يحوم على الناس.
يقول منصور حكمت "من الناحية السياسية، لا تجد الشيوعية العمالية تناقضا بين تنظيم الثورة ضد النظام الموجود والسعي لفرض إصلاحات أوسع دوماً على ذلك النظام ، بل وترى في الحضور في كلتا جبهتي النضال شرطاً أساسياً للانتصار النهائي للطبقة العاملة. أن الثورة العمالية ليست ثورة ناجمة عن الفقر والعجز واضطرار أوضاع العمال. أنها ثورة مبنية على الوعي والاستعداد المادي والمعنوي للطبقة العاملة. كلما تمتعت جماهير العمال بقسط أوفر من الحريات السياسية، كلما ترسخت شخصية وكرامة الناس بصورة عامة والطبقة العاملة بصورة خاصة في المجتمع بدرجة أكبر، وكلما تمتعت الطبقة العاملة بقسط أوفر من الرفاه والأمن الاقتصادي وبشكل عام، كلما استطاعت النضالات العمالية والتحررية من فرض درجة أكثر تقدماً من الموازين السياسية والرفاهية والمدنية على المجتمع البرجوازي، بنفس الدرجة ستكون الظروف لاندلاع الثورة العمالية بوجه الرأسمالية بمجملها مهيأة أكثر وسيكون انتصار الثورة أكثر حزما وشمولا. أن الحركة الشيوعية العمالية تقف في الصفوف الأمامية لأي نضال يهدف الىاصلاح موازين المجتمع الموجود لصالح الجماهير."
ان الثورة الاشتراكية هو تغير ايجابي للواقع وبعكس المحافظة على الواقع او التقهقر يحتاج الى طاقات وتنظيم واستعدادات هائلة. ان التقهقر المفروض على المجتمع في العراق والتشرذم الذي يسيطر على الطبقة العاملة في السيناريو الاسود ليس الواقع المثالي لامساك الطبقة العاملة بالحكم. ان الاشتراكية لاتنزل من السماء بل يجب النضال من اجلها. يجب تنظيم الجماهير العمالية والكادحة وحشدها في نضال مستمر على مطاليب انية لأجل تحقيق أوسع وأعمق الإصلاحات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، الامر الذي يضع الطبقة العاملة في موقع اقوى و يزيد من قوة تنظيمها ويكسبها الخبرة والزخم الذي سيسهل من اسقاط النظام الرأسمالي وتطبيق البرنامج الاشتراكي.
ان اهم اصلاح واهم خطوة يقوم بها الشيوعيين من اجل تحقيق الثورة الاشتراكية في وضع السيناريو الاسود هو انهاء اوضاع السيناريو الاسود نفسها. الخطوة الاولى لانهاء السيناريو الاسود هي تشخيص هذا الوضع و الاعتراف به. في مجتمع مثل مجتمع العراق شيوعية لا تعترف بهذا الوضع و لاتسعى الى اعطاء جواب لهذه المعضلة في هذا المقطع التاريخي لن تستطيع من تحويل افقها الاجتماعي ونوع المجتمع الذي تسعى الى تحقيقه الى امال واهداف قطاعات واسعة من الجماهير العمالية والكادحة وستبقى في الحوافي.
ان انهاء السيناريو الاسود يتطلب هزيمة كل قوى السيناريو الاسود العالمية والمحلية وتقصير يدها و بناء نظام علماني وغير قومي. ان قوى السيناريو الاسود محليا هي القوى البرجوازية الطائفية والقومية والقبلية التي تستند على الخرافات والتعصب الديني والعنصرية والقومية في المجتمع، و التي يمكن لبدائلها الطائفية والقومية والقبلية ان تسود فقط من خلال نقض النظام المدني. اي كل القوى التي تشارك في مشروع امريكا في العراق وقوى ماتسمى بالمقاومة المسلحة. ان الاسلام السياسي هو اكبر قوى السيناريو الاسود المحلية. كما ان البرجوازية العالمية المتمثلة بالحكومات والتيارات المختلفة وخاصة الحكومة الامريكية وحلفائها هي قوى السيناريو الاسود. فنتيجة لطبيعتها الرجعية تعتمد على القوى الرجعية الطائفية والقومية والقبيلية المحلية وتدعمها وتعززموقعها وبذلك يكون هدفها اقامة نظام طائفي وقومي وقبلي يعادي المدنية والمجتمع المدني. تعتبر امريكا اكبر قوى السيناريو الاسود وهي التي بدأته في العراق وهي السبب الاساسي في استمراره.
ان امريكا تقوم يوميا بتحطيم المزيد من اركان النظام المدني كما انها حولت العراق الى نقطة تجاذب للقوى الاسلامية وتقدم الحجة للمزيد من الهجوم على المجتمع المدني من قبل قوى الاسلام السياسي والقوى القومية. ان الصراع بين امريكا والقوى الاسلامية والبعثية يعمق السيناريو الاسود.كماان سيادة احد اقطاب الصراع الحالي على القطب الاخر سيعمق هذا السيناريو. لذا فيجب الحاق الهزيمة بكلا قطبي السيناريو الاسود.

ليس لدينا اي شك بان كل قوى السيناريو الاسود ليس فقط لايمكنها بناء مجتمع مدني ودولة علمانية بل لايمكنها اقامة نظام مستقر. في وضع العراق ان افضل ما تستطيع القيام به البرجوازية هو بناء السيناريو الاسود على شكل نظام سياسي واجتماعي مبني على اساس المحاصصة الطائفية والقومية والقبلية بحيث تكون كقنبلة موقوتة تنفجر في اي لحظة. ولكن بالامكان الحاق الهزيمة بها و فرض دولة علمانية. وسيتمكن الشيوعيين من تحقيق هذا الهدف من خلال الاعتماد على الجماهير.

في وضع السيناريو الاسود يكون بناء مجتمع مدني وظيفة الشيوعيين العمالييين. فقط الطبقة العاملة وحزبها، اي الحزب الشيوعي العمالي بامكانهم بناء المدنية و مجتمع مدني في العراق، لذا فان النضال من اجل انهاء السيناريو الاسود واقامة مجتمع مدني يجب ان يكون تحت قيادة الطبقة العاملة وحزبها. ولكن كل القوى و الافراد الذين ليس لهم مصلحة في السيناريو الاسود او غير راضين عن ارهاب وعنف قوى السيناريو الاسود وتجاوزاتها على حقوق وحرمة الجماهير وكل الشباب المتطلعين الى مستقبل افضل والنساء المتطلعات الى الحرية والمساواة يمكنهم المشاركة بقوة في انهاء السيناريو الاسود. كما ان القوى التقدمية والاحرار عالميا يجب ان تشارك في انهاء هذا السناريو.

ان القوة وطريقة الحل التي يمكنها ان تكسب الجماهيرو ان تحشد الطبقة العاملة وكل القوى التقدمية والاحرار ضد قوى السيناريو الاسود وقواة تحتاج ان تمسك بالسلطة على اي مستوى كان من اجل انهاء الفوضى وعدم الامان و اعادة الحياة الى نوع من الطبيعية بحيث يتمتع المواطن بادنى حد من الامن والخبزوالطمأنينة. لذايجب ان تكون الغاية هو الامساك بالسلطة وادارة المجتمع حتى في اوضاع السيناريو الاسود.
مؤتمر حرية العراق هو رد الشيوعيين العماليين على السيناريو الاسود
الشيوعية العمالية لم تكتفي بتحليل الوضع بل قامت بتوفير رد بخصوص ما يجب ان نقوم به في وضع العراق. لقد وضعت خطة عمل للتعامل مع هذا الوضع الذي لم يواجه الشيوعيين من قبل. بنظري ان مشروع مؤتمر حرية العراق هو بديل الشيوعية العمالية لوضع السيناريو الاسود. باختصار ان طريقة الخروج من الاوضاع الحالية في العراق يتطلب هزيمة كل قوى السيناريو الاسود وخاصة امريكا والاسلام السياسي وبناء نظام علماني غير قومي ويجب ان يحشد الطبقة العاملة و كل القوى التقدمية المحلية والعالمية وان يعتمد على الجماهير و ينظمها في محل الاقامة والعمل ويعطيها دور مباشر في تقرير مصيرها ويخلصها من اليأس والشعور بالعجز وان يسعى من اجل السلطة في كل المستويات و باي درجة كانت. ان مؤتمر حرية العراق يقدم هذا النوع من الحل . ان البيان التاسيسي لمؤتمر حرية العراق يعرض الحل الذي تقدمه هذه المنظمة والطريقة التي يمكن انجاز هذا الحل بها. يقول البيان التاسيس" المؤتمر منظمة جماهيرية، ديمقراطية، غير دينية وغير قومية ومستقلة. يناضل من اجل ارساء دولة حرة في العراق، غير دينية، غير قومية وتستند الى الارادة المباشرة للجماهير، دولة تؤمن حق جماهير العراق في التحديد الحر والواعي للنظام المقبل في العراق.

ان السبيل الوحيد للخلاص من الهوة السحيقة هو زج الجماهير في الميدان وتخليص المجتمع في العراق، باية حدود كانت، من نطاق سلطة قوات الاحتلال الامريكية والعصابات الاسلامية واحالة السلطة للجماهير. يسعى مؤتمر حرية العراق من اجل تحقيق هذا الهدف.
يسعى مؤتمر حرية العراق، وعبر تنظيم الجماهير بأي حدود كانت، وفي نطاق الفروع المحلية لهذه المنظمة، الى اعادة السلطة الى الجماهير باي بعد او صعيد بمقدوره ذلك. ان سلطة الجماهير تعني تحقيق مطاليب منشور هذا المؤتمر بوصفه القانون الجاري.
لاتقتصر تنظيمات مؤتمر حرية العراق على نطاق العراق. يسعى المؤتمر الى كسب مجمل الافراد والمنظمات والمؤسسات التحررية، على صعيد العالم، والتي تعد نفسها مشاركة في اهداف هذا المؤتمر، كاعضاء في صفوفه ويجر قوى الانسانية المتمدنه الى الميدان بوصفها قوة عالمية.
يناشد مؤتمر حرية العراق كل التحرريين للانظمام في صفوفه."

ان مؤتمر حرية العراق هو ليس بديل عن الحزب الشيوعي العمالي العراقي بل هو رد الحشعع لوضع السيناريو الاسود. هو تكتيك معين لمواجهة وضع معين. انه ليس وسيلة من اجل الثورة الاشتراكية بل من اجل انهاء السيناريو الاسود. هناك الملايين من الناس التي لاتتفق مع الحزب الشيوعي العمالي العراقي في كل شيئ ولكن لها مصلحة في انهاء السيناريو الاسود ومستعدة للمشاركة في النضال من اجل هذا الغرض، يجب الاستفادة من جهودها.
كما ان مؤتمر حرية العراق يوفر الوسيلة المناسبة للملايين من الاحرار في العالم الذين لايتفقون مع حرب امريكا في العراق او مع ارهاب القوى الاسلامية والقومية لكي تتدخل في العراق لصالح جماهيره.
ان السيناريو الاسود سيتكرر في مناطق اخرى في العالم في ظل سيطرة اليمين الرجعي. وبامكان الشيوعيين نقل تجربة مؤتمر حرية العراق الى مناطق اخرى تحل بها اوضاع سيناريو الاسود والاستفادة من اي تنظيم ووسائل وخبرة تتحقق في العراق.