روزا لوكسمبورغ/الاشكالية القومية وحق تقرير المصير..2-4


ماجد الشمري
2014 / 5 / 29 - 16:51     

كان جزءا كبيرا من نقد لينين لروزا لوكسمبورغ هو مايخص:حق تقرير المصير.وتحديدا مقالتها التي كتبتها في عام1908وطرحت فيها مفاهيمها الاشكالية في"المسألة القومية والادارة الذاتية".وهذه المقالة نشرت في صحيفة الحزب الاشتراكي- الديمقراطي لمملكة بولونيا وليتوانيا،وبينت فيها روزا لوكسمبورغ رؤيتها القومية كالتالي:ان حق تقرير المصير،هو حق ميتافيزيقي اجوف"كالحق المزعوم بالعمل"في القرن التاسع عشر،او الحق السخيف:"لكل انسان ان يأكل في صحون ذهبية"والذي طالب به الكاتب الروسي تشيرنيفسكي،وان مساندة حق الانفصال،هو في الحقيقة:دعم واسناد للبرجوازيين الوطنيين.واعتبرت الامة:ككل موحد ومتناسق لاتوجد،:كل طبقة في الامة لها مصالحهاو"حقوقها"المتناقضة مع الطبقات الاخرى.وان استقلال الامم الصغيرة بشكل عام،وبولونيا بشكل خاص،هو: من وجهة نظر اقتصادية،هو يوتوبيا مدانة بقوانين التاريخ،وبالنسبة لروزا لوكسمبورغ:ليس هناك من استثناء لهذا القانون"الجامد"سوى الشعوب البلقانية المضطهدة من قبل الامبراطورية التركية(العثمانية):يونان،صرب،بلغار،ارمن.هذه الشعوب كانت قد حققت نموا اقتصاديا،واجتماعيا،وثقافيا،متقدما علىتركيا،تلك الامبراطورية المتخلفة،والتي كانت تسحق بهيمنتها تلك الشعوب.وضمن هذه الوقائع،ومنذعام1896-بعد الانتفاضة اليونانية الوطنية في جزيرة كريت-،كانت روزا لوكسمبورغ تعتبر-وخلافا للاطروحة التي كان ماركس يدافع عنها خلال حرب القرم-بأن الامبراطورية العثمانية غير قابلة للبقاء،وان تفككها الى دول قومية،كان شرطا حتميا من شروط التطور التاريخي-وهذ ماجرى فعلا-.في عام1914كانت روزا لوكسمبورغ،هي واحدة من زعماء الاممية الثانية القلائل،الذين لم ينجرفوا مع الموجة العارمة،من التعصب الشوفيني القومي،والنزعة الاشتراكية الوطنية الزائفة،ولكن المتصاعدةوالعامة،والتي طغت كل اوربا قبل وخلال الحرب الاولى،والتي انحرفت كثيرا عن التضامن الاممي البروليتاري.في ذلك العام كانت روزا لوكسمبورغ معتقلة من قبل السلطات الالمانية،بسبب دعايتها وكفاحها االثوري الاممي المناهض للحرب والعسكرية،وقد كتبت في عام1915 كراسها الشهير"جونيوس"وكان هذا النص،بمثابة تمهيد لخطوتها الهامة والجديدة،نحو القبول بمبدأ(حق تقرير المصير)فهي تقول:"الاشتراكية تعترف لكل شعب بحقه في الاستقلال والحرية وتقرير مصيره بشكل حر".الا ان هذا الحق في تقرير المصير-بالنسبة اليها-لايمكن ان يتحقق في اطار الدول الرأسمالية،وخاصة الامبريالية المسيطرة والسائدة،اذ كيف يمكن ان نتحدث-روزا-عن:"وضع حر"بالنسبة لدول استعمارية:كبريطانيااو فرنسا او تركيا او روسيا القيصرية؟!تتسائل روزا لوكسمبورغ،وتضيف قائلة:"لايمكن ان يكون ثمة امة حرة عندما يتركز وجود هذه الامة على استعباد الشعوب الاخرى"!!وما ينبني على ذلك:ان الاشتراكية الاممية هي الوحيدة الجادة والقادرة على تحويل حق الشعوب بتقرير مصيرها الى حقيقة واقعة برسم التنفيذ.ففي:"الاطروحات حول مهام الاشتراكية-الديمقراطية الاممية"والتي نشرتها روزا لوكسمبورغ،كملحق لكراس"جونيوس"اكدت بشكل جازم،بأن:"في عصر الامبريالية الهائجة لايمكن ان يكون ثمة حروب قومية المصالح،والقومية ليست الا خداع يهدف الى وضع الجماهير الكادحة في خدمة عدوها الفتاك"-الامبريالية-.وكانت هذه القاعدة بالنسبة لروزا لوكسمبورغ،صالحة على الدوام،ليس بالنسبة للدول الاستعمارية الكبرى فقط،بل وايضا تشمل الامم الصغيرة،والتي هي مجرد"بيادق في لعبة القوى الامبريالية الكبرى".وقد هاجم لينين هذه الاطروحة،ناقدا بشدة،ومشيرا الى ان الحروب القومية(الوطنية)في المستعمرات واشباه المستعمرات(ذكر الصين مثالا)ليست فقط محتملة وواردة،بل هي ضرورية،ولابد منها في عصر الامبريالية.وكان تشخيص لينين في منهى الدقة والصواب،وبرهن عليه تاريخ القرن العشرين بسطوع كامل.ولكن لينين اظاف في معرض نقده:"سيكون من الظلم اتهام "جونيوس"باللامبالاة بالنسبة للحركات الوطنية".لان كراس جونيوس،يعترف بالحقوق القومية(الوطنية) للمستعمرات،وبشكل اكثر عمومية ب"حق الشعوب في تقرير مصيرها".ويبدو ان لينين كان يجهل هوية جونيوس(روزا لوكسمبورغ)لانه اشار منوها،بمؤلف الكتيب المجهول،والذي ينتمي برأيه:"بوضوح الى الجناح الراديكالي-اليساري من الحزب الاشتراكي-الديمقراطي الالماني"،وضد بعض:"الاشتراكيين الديمقراطيين الهولنديين والبولونيين الذين ينكرون حق الامم في تقرير مصيرها في النظام الاشتراكي"-وهي اشارة واضحة-الى روزا لوكسمبورغ نفسها......
..........................................................................................
يتبع..
وعلى الاخاء نلتقي..