من تاريخ الفكر الاقتصادي - التحليل الاشتراكي للأزمات الاقتصادية الدورية في المجتمعات الرأسمالية - الحلقة الثانية: نظرية توكان بارانوفسكي


عدنان عباس علي
2014 / 3 / 31 - 16:01     

من تاريخ الفكر الاقتصادي
التحليل الاشتراكي للأزمات الاقتصادية الدورية
في المجتمعات الرأسمالية

الحلقة الثانية: نظرية توكان بارانوفسكي


امتدت جذور التناقض الذي استعرضناه في سياق حديثنا عن رأي ماركس في الأزمة إلى أتباع ماركس أيضاً. فهناك اتجاهات مختلفة تحاول تبيان أسباب الأزمة. وإذا تجاهلنا نظريات الماركسيين المرتدين، فإن بإمكاننا القول إن جميع هذه الاتجاهات تزعم بأنها الوريث الشرعي لنظرية ماركس في الأزمة أو أنها النظرية الأكثر انسجاماً مع مفاهيم وأساليب التحليل الماركسي.

وبما أن الكثير من الاختلافات القائمة بين هذه الاتجاهات، لا يكمن في المبادئ الأساسية، إنما في الأمور التفصيلية، أي في المناحي الجزئية، لذا سنحاول تنسيق هذه الاتجاهات في خطوط عريضة، بحيث نستطيع من خلالها بيان الاختلافات التفصيلية.

وكما هو بين من عنوان المقالة، فإننا سنتناول هاهنا، نظرية الاقتصادي والمؤرخ الروسي توكان بارانوفسكي (Michail Iwanowitsch Tugan-Baranowsky)، نظرية هذا المفكر، الذي عاش بين العامين 1865 و1919، في مدينة خاركوف (Charkow) - القريبة من مدينة أوديسا - والذي كان، من الناحية التاريخية، أول المفكرين الذين عزوا أسباب الأزمة إلى النمو غير المتوازن وغير المتناسب بين فروع الإنتاج المختلفة. ومهد الطريق، بوجهة النظر هذه، للاتجاهات الأخرى، التي تولت الرد عليه بشكل أو آخر. وعموماً يمكن اعتبار توكان بارانوفسكي قطب الماركسيين المرتدين، إذ أن تأثيره على الاتجاه الفكري للكثير من الماركسيين واضح للعيان. وفي الحقيقة، لم يكن توكان بارانوفسكي ماركسياً ولم يدع هو نفسه بأنه ماركسي، إلا أن انتماءه الفكري للجماعة المرتدة عن الماركسية هو الذي حدا بالكثيرين إلى اعتباره ماركسياً مرتداً.

وكيفما اتفق، يرفض توكان بارانوفسكي رفضاً قاطعاً إيعاز سبب الأزمة إلى ميل معدل الربحية للانخفاض، وذلك لأن افتراض ارتفاع التكوين العضوي لرأس المال، لن يقود إلى انخفاض معدل الربحية، كما تصور ذلك كارل ماركس، بل هو يؤدي إلى ارتفاع معدل الربحية. كما يرفض توكان بارانوفسكي نظرية نقص الاستهلاك، رفضاً قاطعاً، تأسيساً على اعتقاده التام بأنه لن يكون هناك نقص في الطلب أو فائض في الإنتاج، مهما كان حجم الاستهلاك، ما دام الإنتاج يوزع على فروع الإنتاج المختلفة بصورة متناسبة.

ومن أجل توضيح نظريته في الإنتاج المتناسب، ورغبة منه في تفنيد آراء ماركس في الأزمة، يستعين توكان بما ورد في الجزء الثاني من رأس المال بشأن عملية الإنتاج في المجتمعات الرأسمالية، للدلالة على استحالة نمو قطاع السلع الإنتاجية وقطاع السلع الاستهلاكية بصورة متوازية، وذلك لأن تحقيق فرضيات هذا النمو لن تكون – في ظل فوضى الإنتاج الرأسمالي – إلا حالة استثنائية، من محض الصدفة.

وينطلق ماركس في نموذجه من الفرضيات الأساسية التالية:
• لا تمارس الدولة نشاطات اقتصادية ذات بال،
• لا توجد علاقات تجارية مع العالم الخارجي (اقتصاد مغلق)
• الطبقة العاملة تحصل على دخلها من خلال قوة عملها فقط،
• الرأسماليون، يمتلكون، بمفردهم، كافة عناصر الإنتاج الأخرى،
• يجري استهلاك مجمل الدخول، أي لا يوجد ادخار في المجتمع
• القطاع I ينتج وسائل إنتاج فقط،
• القطاع II ينتج سلعاً استهلاكية فقط،
• حقاً تتآكل، مع مرور الأيام، بعض مكونات الموجودات الرأسمالية، أي أن هذه الموجودات تخسر شيئاً من قيمتها، ويتقادم عهدها في المنظور التكنولوجي، وتتآكل بعض مكوناتها في سياق العملية الإنتاجية، إلا أن القطاع I يتكفل، سنوياً، بتجديد الأجزاء المستهلكة،

نموذج إعادة الإنتاج البسيط:
انطلاقاً من القطاع المنتج للسلع الإنتاجية، قطاع I، والقطاع المنتج للسلع الاستهلاكية، قطاع II:

c v m c+v+m
قطاع I: 4.000 + 1.000 + 1.000 = 6.000
قطاع II: 2.000 + 500 + 500 = 3.000
الإنتاج الكلي: 6.000 + 1.500 + 1.500 = 9.000

وليس ثمة شك، أن من السهولة بمكان الوقوف على أن ماركس يفترض، في مثاله هذا، أن معدل فائض يبلغ 100%. بيد أن الأمر الأهم، هو أن مجمل إنتاج القطاع I (6.000) يساوي بالضبط مجموع الرأسمال الثابت c المستخدم في القطاعين (4.000 + 2.000)، وأن مجمل إنتاج القطاع II (3.000) يساوي مجموع الرأسمال المتغير v (1.000 + 500) زائداً مجموع فائض القيمة m (1.000 + 500).

ولكن، ما معنى هذا كله؟
إن معناه هو أن إنتاج القطاع I (قطاع السلع الإنتاجية)، خلال فترة زمنية معينة، يساوي مجموع الرأسمال الثابت المستهلك في القطاعين I وII. كما أنه يعني، أن إنتاج القطاع II (قطاع السلع الاستهلاكية) يغطي بالكامل الرأسمال المتغير (أجر قوة العمل) زائداً فائض القيمة. وكما هو واضح، فإن الموضوع يدور هاهنا حول نموذج مبسط للكميات التي يتكون منها إنتاج سلعي في مجتمع رأسمالي. وبالتالي، فإن إنتاج بضائع بكميات تختلف عن الكميات الواردة في المعدلات المذكورة أعلاه، يتسبب في إحداث خلل في عملية إعادة إنتاج مجمل ما لدى المجتمع من رأس مال، وربما يتسبب في تعطيل مجمل عملية إعادة الإنتاج.

فنظرة سريعة على شرط التوازن، تبين لنا بيسر، كما يقول توكان، التعقيدات التي تحول دون تحقق هذا النمو.

فبما أن الاقتصاد المعني اقتصاد ساكن، أي لا يوجد فيه استثمار صاف، لذا فإن شرط توازن القطاعين الإنتاجيين الرئيسيين، يتحقق فقط، عندما يكون طلب القطاع (II) (القطاع المنتج للسلع الاستهلاكية) على السلع الإنتاجية لغرض تعويض ما اندثر من رأس مال ثابت في هذا القطاع خلال فترة زمنية معينة مساوٍ لطلب القطاع (I) (قطاع السلع الإنتاجية) على السلع الاستهلاكية الضرورية لإشباع ما تستهلكه الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية من بضائع، أي، وانطلاقاً من فرضية ترى أن الأجور ستنفق على السلع الاستهلاكية بالكامل، فإن شرط استمرار عملية إعادة الإنتاج يفترض أساساً إنفاق الرأسماليين مجمل ما بحوزتهم من فائض قيمة على شراء السلع الاستهلاكية. فلو جرى إنفاق جزء فقط من هذا الفائض على المتطلبات الاستهلاكية، وتمت رسملة - أي استثمار - المتبقي منه، سينشأ عندئذ فائض في العرض السلعي، لا يمكن تدويره أو تصريفه في نظام الإنتاج الرأسمالي، المغلق.

ويعلق ماركس على هذا الشرط، في الجزء الثاني من رأس المال، ، فيقول بشأن هذه المشكلة، بعد شرح مسهب:
"نعم، إنه لأمر متناقض فعلاً بحسب ما يبدو للوهلة الأولى، إن الطبقة الرأسمالية، هي التي تزود عملية التبادل بالنقد الضروري لتحقيق فائض القيمة المتبلور في البضائع. وعلى فكرة: إنها لا تطرح هذا النقد كرأسمال مخصص للاستثمار. إنها تنفقه على البضائع التي تستهلكها شخصياً."

ولكن، كيف هو الأمر في حالة إعادة الإنتاج الموسع؟ إن نموذج ماركس يشهد على أن تحقق التوازن، أكثر استحالة، كما يرى توكان بارانوفسكي. وللوقوف على هذه الحقيقة، لا مندوحة لنا من عرض نموذج ماركس الخاص بإعادة الإنتاج الموسع. علماً أن ماركس ينطلق هاهنا من الفرضيات الأساسية، التي سقناها، في سياق حديثنا عن نموذج إعادة الإنتاج البسيط، لكنه يضيف عليها فرضيات أخرى، فحواها أن:
• الرأسماليين يدخرون جزءاً من دخلهم المتأتي من فائض القيمة،
• وأن المبالغ المدخرة، يستثمرها الرأسماليون بالكامل، في إنتاج السلع الإنتاجية، أي السلع الاستثمارية،
• وأن الموجودات الرأسمالية تزداد اتساعاً بفعل التراكم الرأسمالي.

عناصر نموذج إعادة الإنتاج الموسع، في فترة سابقة على الشروع بتراكم رأس المال:
c v m c + v + m
قطاع I: 4.000 + 1.000 + 1.000 = 6.000
قطاع II: 1.500 + 750 + 750 = 3.000
I II
الإنتاج الكلي: 6.000 + 3.000 = 9.000

وانطلاقاً من تصور يفترض أن 50% من فائض القيمة المتحقق في القطاع I يدخره الرأسماليون، وأن التكوين العضوي لرأس المال ومعدل فائض القيمة، أي درجة الاستغلال، يظلان على ما كانا عليه في المنظور النسبي، يشتق ماركس المعادلة المعبرة عن التوازن الاقتصادي الكلي:

c v m c + v + v
قطاع I: 4.400 + 1.100+ 1.100 = 6.600
قطاع II: 1.600 + 800 + 800 = 3.200
I II I + II
الإنتاج الكلي: 6.600 + 3.200 = 9.800

وبما أن الرأس المال الثابت، يتم إنتاجه في قطاع I، لكنه يُطلب من قبل القطاعين I و II، وبما أن الاقتصاد سيسجل نمواً، في هذه الحالة، وذلك بفعل الاستثمار الصافي، لذا سيكون الوضع غير متناسب، أي سكون:
الناتج الكلي أكبر من c + c ، أي أكبر من الرأسمال الثابت في القطاعين:
6.600 أكبر من 4.400 + 1.600

وبما أن الطبقة العاملة تنفق كامل دخلها على شراء السلع الاستهلاكية، وأن الرأسماليين يدخرون جزءاً من دخلهم، لذا تسري في هذا الاقتصاد الرأسمالي المعادلة التالية، المعبرة عن وضع غير متناسب، بالنسبة للقطاعين:

حاصل جمع رأس المال المتغير وفائض القيمة المتحققان في القطاع I زائداً حاصل جمع رأس المال المتغير وفائض القيمة المتحققان في القطاع II يجب أن يكون أكبر من إنتاج القطاع II: أي

1.100 + 1.100 + 800 + 800 أكبر من 3.200

وبناءً على هذا الوضع غير المتناسب، نحصل على "معادلة" غير متكافئة فحواها هو أن:
حاصل جمع فائض القيمة (الربح) ورأس المال المتغير (أجر قوة العمل) المتحققين في القطاع I، يجب أن يكون أكبر من رأس المال الثابت (أي الاستثمارات) المتحققة في القطاع II.
أي أن حاصل جمع الدخل المتحقق في القطاع I ( 1.100 + 1.100) يجب أن يكون أكبر من قيمة ما يقتنيه القطاع II (1.600) من القطاع I، وذلك لأن الفرق بين المبلغين، هو المصدر، الذي يمول الاستثمار المتحقق في القطاع I.

من هذين النموذجين الماركسيين، يستنتج توكان بارانوفسكي، أن الأزمة ستكون حالة مؤكدة، طالما لا يتوزع ذلك الجزء من فائض القيمة المخصص للاستثمار بالنسب الصحيحة، التي يحتمها شرط التوازن.

وهكذا، فقد أصبح رأي توكان واضحاً: فسبب الانتكاسة، لا يكمن في نقص الاستهلاك، أو في انخفاض معدل الربحية، بل في اختلال التوازن بين القطاعات الإنتاجية. إذ لو أمكن تخطيط الإنتاج، ولو كان المخططون على معرفة تامة بشروط الطلب السلعي، ولو كانت لديهم القدرة على توجيه العمل ورأس المال وتحويلهما من قطاع إنتاجي إلى قطاع إنتاجي آخر، بصورة حرة وبدون أي عائق، وحسب متطلبات النمو المتوازن لفروع الإنتاج المختلفة، لما فاض العرض على الطلب، ولما كان طلب المجتمع دون مقدار السلع المنتجة. أما وأن الأمر السائد هو أن يتخذ كل منتج قراراته بخصوص نوع الإنتاج وكميته، بصورة ذاتية، ودون معرفة لما سيقوم به المنتجون الآخرون، عندئذ، وكما يتضح من شرط التوازن، سيكون احتمال تحقق التوازن، وإمكانية سير عملية تكرار الإنتاج الموسع بصورة منتظمة، وبعيداً عن الانتكاسة، أمراً من محض الصدفة ليس إلا. وهذا يعني أن المجتمعات الرأسمالية، ستبقى تعاني من الأزمات، ما دامت فوضى الإنتاج سائدة، أي أن الأزمات ستبقى أمراً ملازماً للنظام الرأسمالي، ولا يمكن تفاديها، إلا من خلال تحول الرأسمالية من رأسمالية تنافسية إلى رأسمالية موجهة أو مخططة.

لقد اتسم رد فعل الكتاب الماركسيين على نظرية توكان، بالرفض الشديد، وماندل واحد من أشد الداعين إلى رفض آراء توكان، فهو يعيب على هذه الآراء اعتقادها الضمني "... أن إنتاج السلع الرأسمالية يمكن أن ينفصل كلياً عن الاستهلاك النهائي للسلع الاستهلاكية، وأن من الممكن بسهولة، تصور نظام يقوم فيه النشاط الاقتصادي، بأكمله، على بناء الآلات التي تبني الآلات من غير أن يتدخل استهلاك السلع الاستهلاكية... إن هذا التصور باطل بالطبع. فما من صاحب معمل لصنع الآلات... سيضاعف إنتاجه، إذا ما أكد له تحليل السوق، أنه لا ينتظر أي توسع في مبيعات منتجات... تغص بها المستودعات أصلاً... إن الهدف النهائي لتراكم رأس المال هو، بالطبع، زيادة إنتاج السلع الاستهلاكية ... ومن الممكن أن يبتعد إنتاج السلع الإنتاجية، مدة طويلة، عن هذا الأساس الأولي، وأن يتوسع توسعاً عظيماً، من غير أن يهتم، مؤقتاً، بتزايد الاستهلاك النهائي. لكن الأزمة ستكون بالتأكيد ثمن هذا البون المؤقت". ومن هذا العرض يستخلص ماندل رأياً مفاده، أنه... "لا يمكن اعتبار فوضى الإنتاج الرأسمالي، علة في ذاتها، مستقلة عن سائر خصائص هذا النمط من الإنتاج، مستقلة بوجه خاص عن التناقض بين الإنتاج والاستهلاك، ذلك التناقض، الذي هو علامة مميزة للرأسمالية".

إن النقد اللاذع والرفض القاطع، الذين واجهتهما نظرية توكان لا يعودان إلى المنطلق الزائف، لهذه النظرية، ولا لكونها سطحية في تفسير أسباب الأزمة، أو لأنها لا تمعن النظر في جوهر العوامل المؤدية للانتكاسة، إنما يعودان إلى النتائج، التي ستترتب عليها بالنسبة لتقييم مستقبل النظام الرأسمالي وتطوره، وموقف الحركات العمالية من هذا التطور، في صراعها مع الطبقة الرأسمالية. فرفض توكان لنظريتي الإفراط في الإنتاج والنقص في الاستهلاك، يعني، بالضرورة، نفيه القاطع لحتمية تطور المجتمعات الرأسمالية - بحكم القوانين الاقتصادية السائدة فيها – نحو العلاقات الإنتاجية الرأسمالية، حيث أن تفسيره للأزمة على أساس أنها النتيجة الحتمية للنمو غير المتوازن لفروع الإنتاج المختلفة، يعني نسفه للمادية الجدلية، التي اعتمدها المفكرون الماركسيون، في تفسيرهم لمسيرة التاريخ، وتفنيده لدعواهم بأن تطور المجتمعات البشرية، من مرحلة إلى مرحلة أخرى، يتم من خلال التناقضات الجدلية، السائدة في العلاقات الإنتاجية. فاستناداً إلى نظريته، لن يؤدي النمو غير المتوازن وغير المتناسب لفروع الإنتاج المختلفة، إلى ما في علاقات الإنتاج الرأسمالية من تناقضات، تتعمق من حقبة إلى أخرى، وتتسبب بالإطاحة بالنظام الاقتصادي الاجتماعي عند بلوغها مرحلة معينة، إنما على العكس، سيمكن تفادي هذا كله من خلال تخفيف شدة المنافسة بين المنتجين، وذلك عن طريق تركز رؤوس الأموال في مشاريع احتكارية أو شبه احتكارية (كارتل وترست)، وتوجيه الدولة المباشر، للعملية الإنتاجية، بالنحو، الذي يضمن أن تتم عملية الإنتاج الموسع وتستمر بصورة مخططة ومن دون حدوث انتكاسة.

لقد اعتمد الماركسيون المرتدون على هذه النظرية وحاولوا من خلالها تفنيد بعض آراء كارل ماركس المتعلقة بمستقبل الرأسمالية. واكتسبت هذه النظرية تأييداً واسعاً في السنين التي سبقت الحرب العالمية الأولى، وخاصة بين المثقفين الألمان المناصرين للماركسيين المرتدين في صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني (SPD). إلا أن هذه النظرية لم تحظ بذلك القدر من التقييم الايجابي، الذي حظيت به بعدما نالت تأييد الماركسي النمساوي المعروف رودولف هلفردنغ (Rudolf Hilferding) (1877-1941)، والذي كان يتمتع باحترام المفكرين الماركسيين. فمؤلفه الموسوم "الرأسمال المالي" (Das Finanzkapital) المنشور عام 1910، كان المرجع الثاني بالنسبة لهم، بعد كتاب "رأس المال" لكارل ماركس. وتأييد هلفردنغ لنظرية توكان بارانوفسكي وانطلاقه منها في تحليله للقوانين المتحكمة في مسيرة النظام الرأسمالي، منحا هذه النظرية الصبغة الماركسية، كما سبق أن قلنا. وهكذا، أخذ الكثير من الكتاب اللاحقين، يعتبرها أحد التفسيرات الماركسية في تحليل الأزمة.
د. عدنان عباس علي
أستاذ جامعي من العراق