الحزب الشيوعي العراقي والديموقراطية التوافقية


طلال الربيعي
2014 / 3 / 23 - 22:29     

نشر الاستاذ والصديق العزيز فؤاد النمري مقالا بعنوان
"الحزب الشيوعي يخون الثورة مرة واحدة فقط"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=406907
وقد كتبت تعليقا والذي بسبب طوله بعض الشيء انشره هنا كمقال موجز.
----------
اود ان اؤكد هنا ان مقال حميد مجيد موسى المشار اليه هو محاولة لذر الرماد في العيون واعطاء الانطباع بان الحزب الشيوعي العراقي (حشع) لا يزال يتمتع بنكهة ماركسية او شيوعية. انها سياسة خطرة وتلعب على الحبلين. فالحشع قد تخلى بالفعل عن الماركسية ومبدأ الصراع الطبقي ويتبع حاليا, باعتراف احد قادته, رائد فهمي, ما يسمى "الديموقراطية التوافقية" (Consensus democracy) التي وضعها المنظر الهولندي-الاميريكي ارنت ليبهارت Arend Lijphart المولود في 1937 والذي شغل لفترة المنصب المرموق كرئيس جمعية العلوم السياسية الامريكية.

يؤكد رائد فهمي:
"وقد اعتبر العديد من صانعي القرار في العراق والولايات المتحدة ومن المنظرين في مجال العلوم السياسية ان العملية السياسية في العراق تستلهم نموذج الديمقراطية التوافقية الذي وضعه المنظّر الهولندي في العلوم السياسية (ارنت ليبهارت)."
وبضيف:
"يطرح نظام الديمقراطية التوافقية كطريقة لبناء الديمقراطية في مجتمعات منقسمة اثنيا وطائفياً (متعددة)، من خلال مؤسسات سياسية تقر بالاختلاف بين المكونات الإثنية وتدير النزاعات في ما بينها" (1).

في مقال بعنوان "اشكالات الديموقراطية التوافقية وانعكاساتها على التجربة العراقية", يؤكد د. ياسين سعد محمد البكري بان مفهوم الديموقراطية التوافقية قد "جرى تدويله بنشر مؤلفات متعلقة ببعض البلدان الاوربية مثل بلجيكا والنمسا وسويسرا وكذلك في كندا, ثم امتد المفهوم الى بعض بلدان العالم الثالث, وخصوصا الى لبنان وماليزيا وقبرص وكولومبيا والاوروغواي ونيجيريا." (2)

ولكن كما يؤكد قاسم عز الدين في جريدة السفير اللبنانية, فأن هذه "الديموقراطية التوافقية" العجائبية تستهدف، كما تستهدف "الديموقراطية" الدستورية الأميركية، إلغاء البُعد الجيوسياسي للدولة ودورها الناظم للسياسات الدفاعية والخارجية والاقتصادية ــ الاجتماعية، في تركيب سلطة "تتعايش" على فُتات التبعية للنموذج النيوليبرالي الإيديولوجي ــ السياسي ــ الاقتصادي. فهي بحسب منظّرها الهولندي ــ الأميركي "أرنت ليبهارت" (1937 ــ ....)، تقوم على نسبية تمثيل الجماعات الطائفية والعرقية في حكومة محاصصة ائتلافية، وفي الوزارات والمؤسسات والإدارات العامة وفي الانتخابات، وتقوم على حق الفيتو المتبادَل للأكثريات والأقليات وعلى الإدارة الذاتية الخاصة بكل جماعة. (أ. ليبهارت، الديموقراطية التوافقية في مجتمع متعدد، نيو هافن، 1977)"

وبدوره يذهب جون كيري, وزير الخارجية الامريكية, واحد الدعاة المتحمسين للديموقراطية التوافقية, كما يؤكد قاسم عز الدين, أبعد من ذلك في الحديث عن ديموقراطية توافقية قد تصل إلى فيدرالية الكيانات التي نشطت بيوتات إدارة النزاعات بترويجها إثر احتلال العراق، وكان للسويسرين فيها أثر مشهود انتقل بعدها إلى بيروت. (3)

كما تتفق الديموقراطية التوافقية مع اطروحات الاسلام السياسي الذي يدير دفة الحكم الآن في العراق ضمن ما يسمى "العملية السياسية". فهذا ما يقوله د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم لاسلامية بجامعه الخرطوم, في مقاله "الديموقراطيه التوافقية في الفكر السياسى المقارن":
"أما في إطار الفكر السياسي الاسلامى فإننا نجد بعض المفاهيم السياسية التي تقارب مفهوم الديموقراطيه التوافقية، من هذه المفاهيم مفهوم أهل الذمة في دلالته الاصليه، فالذمة لغة العهد والكفالة والضمان والأمان (الفيروز ابادى، القاموس المحيط، 4/115)، أما اصطلاحا فقد عرفها العلماء بأنها ( التزام تقرير الكفار في ديارنا ،وحمايتهم والذب عنهم، ببذل الجزية والاستسلام من جهتهم) ( أبو زهره المجتمع الانسانى، ص 194)، ومن هذا التعريف نخلص إلى أن مفهوم أهل الذمة يتضمن تقرير حقوق المواطنة لغير المسلم في الدولة الاسلاميه ، مع احتفاظه بحريته الدينية على المستوى الدستوري ( في ذمه الله ورسوله)، ضمانا لعدم إهدارها بواسطة الاغلبيه المسلمة مادام قائما بواجباتها." (4)

يؤكد د. ياسين سعد محمد البكري بان الديموقراطيه التوافقية تتعارض مع فكرة المجتمع المدني, التي يزعم حشع بالدعوة لها, حيث يؤكد بانها "تعيد بناء الروابط الاولية وتعظيمها على حساب الروابط الجمعية الوطنية".

المصادر
1-
http://www.iraqicp.com/index.php/party/from-p/2529-2013-07-17-06-30-13
2-
http://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=9309#page=1&zoom=auto,0,849
3-
http://www.assafir.com/Article.aspx?ArticleID=330509&ChannelID=18&ref=AuthorArticle
4-
http://drsabrikhalil.wordpress.com/2013/04/13/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A/
كما يمكن مراجعة المصدر التالي:
الديموقراطية التوافقية
(مفهومها ونماذجها)
اعداد: شاكر الأنباري
عن كتاب (الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد (الارنت ليبهارت)
الطبعة الأولى 2007
بغداد - اربيل - بيروت
معهد الدراسات الإستراتيجية - العراق