الإعلام المصري:العود و ظله


شوكت جميل
2014 / 2 / 19 - 08:13     

إلى بروليتاريّ غزل المحلة، بروليتاري مصر الحقيقيين،و ملح الأرض،و الذين يطحنون طحن الرحى ، تحت السحق المادي و الإعلامي في آن،فيهيل إعلام القطط السمان في وجوههم التراب،و يرميهم بالعاطل والباطل،لا لشيءٍ سوى صرختهم من أجل أقواتهم و أقوات أولادهم..لا لشيءٍ سوى حاجتهم لنذرٍ يسير من عرقهم و دمائهم يسد رمقهم،و يحفظ لهم حياتهم؛ دمائهم التي تترفهون بها في مقاعدكم الوثيرة خلف الشاشات،و تلغون فيها بكؤوسكم المذهبة،و تكاد تقطر من أوداجكم المنتفخة المترهلة؛عمالٌ إفتقروا فصبروا،و جاعوا فشدوا أحزمتهم،تعروا فعفُّوا..و الآن لم تتبقَ غير أنفاسهم التي عليهم تعدون..شر الناس أنتم و قد أهلكتم الضرع،ألا تستحون؟ألا تنتهون يا خدمة مصاصي الدم و مساعدوهم،أو ليس مما يضحك الثكلى تسميتكم لأنفسكم"بإعلام الشعب"؟...أي شعبٍ يعنون؟..إنما هم "إعلام سَرَقًة الشعب"!

و أقول لبوليتاري مصر:لا تأملن رحمة من عصا بكف ضاربكم،و لا ترجونّ خيراً في" إعلام سرقتكم و ناهبيكم"،و آية ذلك أن الإعلام طبقي بطبيعته،و إنما ولاؤه لقلة القلة التي تمتلكه،و تمتلك معه أكثر من ثمانية أعشار ما بالوطن من خيراتٍ،لذا فمنطق الإمور_بعيداً عن الدعاوى و التمحلات_ أن يحمي الإعلام هذه الطبقة الطفيلية و يزود عنها، و ينبغي علينا إذن ،و الحال كذلك،أن نعي ،اننا لن نبلغ غايةً أو شيئاً ذا بال،ما لم يكن لنا إعلامٌ" بروليتاري محضٌ"أصيل يعبر عن مصالح طبقته،أعلامٌ لا مدجناً و لا مهجناَ و لا نغلاً.

و في تقديري المتواضع أن بناء منبر إعلامي قوي_و متحيز بالضرورة_يتبنى قضايا و مشاكل البروليتاريا في مصر و يدافع عنها في غاية الأهمية،و علة ذلك أن هذا من وظائف اليسار" الأصيلة" التي زهد فيها،فنفض أكثرية بوليتاري مصر أيديهم من يسارهم،و علة ذلك ايضاً،أن مثل هذا المنبر سيكسب اليسار المصري قاعدة شعبية طالما اشتكى و بكى من عوزه إليها،و علة ذلك أيضاً،أن تبنِّى قضايا على أرض الواقع_لا خلاف فيها_ سيوحد من قوى اليسار ذاته و يجمع بينهم خلفها بعيداً عن الخلافات التنظيرية و الفارغة أحياناً والتي لا تعني قلامة ظفر في نظر بروليتاري حقيقي لا يجد قوت يومه،هذا كان عن إعلام اليسار كما أتمناه،أما إعلام أكياس الدم الوَرِمة هذا .. فله حديث.

قال العرب قديماً في أمثالهم:( هيهات أن يستقيم الظل والعود أعوج)...إلا أننا نقول: إنما كان ذاك عهداً ومضى وزماناً و انقضى ..أ فلا تعلمون؟...أ فلا تعلمون ما انتجته قريحة الإنسان و عبقريته في فنون الإضاءة والخداع والظلال و التضليل؟...و الذي نفسكم بيده و أرزاقكم...إنهم ليجعلون الأعوج أقوم من حد السيف..و أشهد انهم أعتى سحراً من هاروت و ماروت،و فرعون وكهنته...و إنهم ليجعلون البطل نذلاً و النذل بطلاً، و الحق باطلاً و الباطل حقاً... و لسان حال أكثرهم يقول :دعك من العود و ظله و اعطني العود و كيس الدنانير واحتزم..إنه عصر الإحتزام..هو الإعلام فاخشع.. هو الإعلام فاخضع...إنه زمن القرود.