كارل ماركس و بيرتراند رَسْل / 2


حسين علوان حسين
2014 / 1 / 25 - 14:19     

ذَلّ مَنْ يَغْبِطُ الذّليل بعَيشٍ **** رُبّ عَيشٍ أخَفُّ منْهُ الحِمامُ
كُلُّ حِلْمٍ أتَى بغَيرِ اقْتِدارٍ **** حُجّةٌ لاجىءٌ إلَيها اللّئَامُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ **** ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ

ستراتيجيات رَسْل في النيل من كارل ماركس
أي قراءة سريعة للنص الثاني لرَسْل المذكور في الحلقة الأولى من هذه السلسلة ستقيم الدليل حالاً على أنه يشهد على ما يلي :
1. أن ماركس كان طائش العقل ؛ أن جُلَّ تفكيره تقريباُ كان بوحي من الكراهية.
التعليق :
الصحيح هو أن رَسْل هو أشر طائش عقل عرفه القرن العشرين عندما نادى عام 1946بضرب الإتحاد السوفيتي بالقنابل الذرية وفق ستراتيجية تهديده بـ "التدمير الشامل" قبل أن يتسنى للسوفييت صنع القنبلة المذكورة بغية فرض "حكومة عالمية بقيادة أنجلوسكسونية على الكون" ؛ و هي الخطة التي تطورت ليعرفها العالم بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي بـ "النظام العالمي الجديد" و التي نجم عن تطبيق حملاتها الصليبية المتتالية التدمير الشامل للعراق و أفغانستان و ليبيا و سوريا و اليمن و السودان ؛ و التي يخطط لها كي تمتد إلى بلدان أخرى : إيران ، فلسطين ، مصر ، لبنان ، دول الخليج ، الباكستان ، بورما ، بنغلادش ، بلدان أوربا الشرقية غير العضو في حلف الناتو للعدوان ، و كل بلدان تركستان ، كل دول أفريقيا ، إلخ .
المصادر
http://wlym.com/archive/oakland/brutish/EIRKissinger.pdf
http://www.ishtarsgate.com/forum/showthread.php?3824-Bertrand-Russell-and-the-New-World-Order

2. أن مبدأ فائض القيمة لكارل ماركس قد توصل إليه الأخير : أ. بالقبول الخفي لمذهب مالثوس في السكان ، و الذي يشجبه ماركس مع كل مؤيديه علانية ، و : ب. بتطبيق نظرية ريكاردو للقيمة على الأجور ، و لكن ليس على أسعار الأشياء المُنتجة . و هو راضٍ تماماً عن هذه النتيجة ، ليس لأنها مطابقة للحقائق و لا بسبب تماسكها المنطقي ، و إنما لكونها محسوبة لإثارة غضب الأجَراء . إن مبدأ ماركس بأن كل الحوادث التاريخية تحرّكها الصراعات الطبقية هو توسيع طائش و غير صحيح على تاريخ العالم لمميزات معينة برزت في إنجلترا و فرنسا قبل مائة عام .
التعليق :
الصحيح هو أن التاريخ يحفظ لماركس كونه أول من أثبت علمياً بطلان نظرية مالثوس الرجعية في السكان ( سأعود للتفصيل في هذا الموضوع لاحقاً ) ؛ و أن من أعادها للواجهة في خمسينات القرن الماضي هو رَسْل نفسه في كتابه : أثر العلم على المجتمع (1952) ، و الذي بزّ فيه الأشر الأطيش رَسْل الإرهاب النازي بأشواط متقدمة عندما قال (ص 103-4) :
I do not pretend that birth control is the only way in which population can be kept from increasing. There are others, which, one must suppose, opponents of birth control would prefer. War, as I remarked a moment ago, has hitherto been disappointing in this respect, but perhaps bacteriological war may prove more effective. If a Black Death could be spread throughout the world once in every generation survivors could procreate freely without making the world too full. There would be nothing in this to offend the consciences of the devout´-or-to restrain the ambitions of nationalists. The state of affairs might be somewhat unpleasant, but what of that? Really high-minded people are indifferent to happiness, especially other people’s.
الترجمة لنص رَسْل :
لا أزعم أن تحديد النسل هو الطريقة الوحيدة لمنع زيادة السكان . هناك طرق أخرى ، و التي ، يجب أن يفترض المرء أن مناهضي تحديد النسل سيفضلونها . الحرب ، مثلما بينت قبل لحظات ، أثبتت أنها مخيبة للآمال في هذا المضمار ، و لكن لعل الحرب البكتريولوجية ستثبت أنها أبلغ تأثيراً . فإذا ما أمكن نشر الموت الأسود (الطاعون) عبر كل العالم لمرة واحدة في كل جيل ، فأن بإمكان البشر المتبقين الإنجاب بحرية ، دون أن يجعلوا العالم مكتظاً جداً . و لن يكون في هذا أي شيء يهين ضمائر المتقين أو يقمع طموحات القوميين . يُمْكن للوضع أن يكون مزعجاً إلى حد ما ، و لكن : ثم ماذا ؟ في الواقع أن الناس من ذوي العقول الراقية لا يهتمون بالسعادة ، خصوصاً سعادة الآخرين .
يواصل المجنون رَسْل هذيانه المالثوسي الذي يتهم به ماركس زوراً في كتابه أعلاه بالقول (ص 111) :
Second, as regards population ... To deal with this problem it will be necessary to find ways of preventing an increase in world population. If this is to be done otherwise than by wars, pestilences, and famines, it will demand a powerful international authority. This authority should deal out the world’s food to the various nations in proportion to their population at the time of the establishment of the authority. If any nation subsequently increased its population it should not on that account receive any more food. The motive for not increasing population would therefore be very compelling.
الترجمة :
" ثانياً ، بخصوص السكان ... لمعالجة هذه المشكلة سيكون من الضروري إيجاد سبل لمنع زيادة السكان في العالم . و إذا كان يتعين عمل ذلك بطرق أخرى غير الحروب و الأوبئة و المجاعات ، فالأمر يتطلب قيام سلطة عالمية قوية . و على هذه السلطة أن توزع معاملات الغذاء العالمي للأمم المختلفة حسب نسب سكانها وقت تأسيس هذه السلطة . فإذا ما قامت أي أمة بعدئذٍ برفع عدد سكانها ، فيجب عدم إتخاذ تلك الزيادة ذريعة لتجهيزها بأي مزيد من الطعام . و عليه ، فأن الدافع لعدم زيادة السكان سيكون قهرياً جداً . "
أنتهت ترجمة نص رَسْل .

التعليق :
من هو صاحب العقل الطائش : ماركس فيلسوف التحقيق العلمي لسعادة كل البشر و بواسطة كل البشر بإتاحة نظام إجتماعي بدون سلطة يؤمن من كل حسب قدراته و لكل حسب حاجاته ، أم رَسْل المنادي بحكومة عالمية أنجلوسكسونية تتكفل بقتل البشر جوعاً كي تمنع زيادة عددهم ؟
ليس هذا فحسب ، بل إن رَسْل يسجل إعجابه بسياسة التطهير العرقي للنازيين ، و ينادي بقيام حكومة عالمية شمولية تسيطر على عقول كل أفراد المجتمعات بتحويلهم إلى خرفان مخصيين يمضون أعمارهم بالإشتغال عبيداً تحت إمرة حاكميهم أفراد النخبة الإرستقراطية ، و التي ستتحول وحدها إلى نوع بشري أنجلوسكسوني ذي مواصفات أرقى من كل بقية البشر من الأُجَراء (يسميهم رَسْل : العامّة ) .
يقول فيلسوف "الخرفان الآدمية" رَسْل - صاحب خطة الحرب الذرية الإستباقية على الإتحاد السوفييتي بدون اية كراهية - ما يلي في نفس الكتاب (ص 49-50) :
Scientific societies are as yet in their infancy ... It is to be expected that advances in physiology and psychology will give governments much more control over individual mentality than they now have even in totalitarian countries. Fitche laid it down that education should aim at destroying free will, so that, after pupils have left school, they shall be incapable, throughout the rest of their lives, of thinking´-or-acting otherwise than as their schoolmasters would have wished ... Diet, injections, and injunctions will combine, from a very early age, to produce the sort of character and the sort of beliefs that the authorities consider desirable, and any serious criticism of the powers that be will become psychologically impossible ...
The Nazis were more scientific than the present rulers of Russia ... If they had survived, they would probably have soon taken to scientific breeding. Any nation which adopts this practice will, within a generation, secure great military advantages. The system, one may surmise, will be something like this: except possibly in the governing aristocracy, all but 5 per cent of males and 30 per cent of females will be sterilised. The 30 per cent of females will be expected to spend the years from eighteen to forty in reproduction, in order to secure adequate cannon fodder…
Gradually, by selective breeding, the congenital differences between rulers and ruled will increase until they become almost different species. A revolt of the plebs would become as unthinkable as an organised insurrection of sheep against the practice of eating mutton.

الترجمة :
"ما تزال المجتمعات العلمية للآن في مرحلتها الطفولية ... و من المتوقع أن التطورات في علم وظائف أعضاء البشر و علم النفس ستتيح للحكومات سيطرة أكبر على عقل الفرد مما قد تم في البلدان الشمولية . لقد وضع فيخته مبدأ أن التعليم يجب أن يستهدف تدمير الإرادة الحرة ، بحيث ، بعد أن يغادر التلاميذ المدرسة ، سوف لن يكون بمقدورهم ، طوال كل حياتهم الباقية ، التفكير أو التصرف على نحو يخالف رغبات معلميهم في المدرسة ... الحمية الغذائية و زرق الإبر و الإنذارات القضائية ستتضافر معاً ، و ستنتج ، منذ عمر مبكر ، ذلك النوع من الشخصية و النوع من المعتقدات التي تعتبرها السلطات مرغوبة ، و سيصبح أي نقد جدي للسلطات أمراً غير ممكن نفسياً ..
كان النازيون أكثر علمية من الحكام الحاليين (1952) لروسيا ... و لو كان النازيون قد بقوا في الحكم ، فمن المحتمل أنهم كانوا سيتوجهون نحو التربية العلمية . إن أي أمة تتبنى هذا التطبيق ستستطيع ، خلال جيل واحد ، أن تؤمن أفضليات عسكرية عظيمة . و بوسع المرء أن يتكهن بأن هذا النظام سيكون شبيهاً بما يلي : بالإستثناء الممكن للأرستقراطية الحاكمة ، فسوف يتم إخصاء كل الذكور عدا نسبة 5% منهم ، و كل الإناث عدا نسبة 30% منهم . النسبة الأخيرة من الإناث سيوقع لها أن تمضي أعمارها من 18-40 سنة في الإنجاب ، لكي تؤمن وقوداً للمدافع .
و بالتدريج ، بواسطة التربية الإنتقائية ، ستزداد الفروقات الوراثية بين الحاكمين و المحكومين إلى أن يصبحوا نوعين مختلفين إلى حد بعيد . و ستصبح ثورة العامة أمراً غير ممكن التصور مثل عدم إمكانية تصور ثورة الخرفان ضد عادة أكل لحومها ."
إنتهت ترجمة نص رَسْل .
التعليق :
نعم ، هذا هو التنين الأنجلوسكسوني يقذف إشعاعاته العلمية على شعوب العالم طراً : سلطة أرستقراطية شمولية من البشر الخارقين تقود بقية البشر من الخرفان المتخلفين !
ما هذا الهذيان المجنون ؟ مَنْ يكره مَنْ هنا ؟ ماركس فيلسوف الإنسانية المنادي بترقية كل البشر بلا إستثناء ، و تطوير كل مواهبهم دون أي عسف سلطوي ؛ أم حكومة رَسْل الأرستقراطية العالمية التي تحول البشر إلى جنسين : جنس راق يحتكر السلطة ، و جنس الخرفان المخصيين المتخلفين ممن لا حق لهم سوى أن يكونوا عبيداً محكومين ؟
من الذي يحول الصراع الطبقي إلى محرك سلطوي ينتج حكومة شمولية فوقأمبريالية من الأرستقراطية الحاكمة المحتكرة للمواصفات الراقية و لكل الإمتيازات و التي تتحكم بمصائر كل البشر المحولين إلى مجرد خرفان لا إرادة لهم ؟ أين هو إذن كل تباكي رَسْل و شركاه على الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان في الإتحاد السوفييتي و المعسكر الإشتراكي السابق ؟ و الله لئن جملة واحدة من ماركس لهي أرفع من أن تشرف عدو البشر المجنون رَسل .
النصوص أعلاه – و غيرها كثير لا تستغرقه كله حتى الإنسكلوبيديات – تؤكد أن كل جمل رَسل الآنفة الذكر و التي يتهم فيها ماركس زوراً و بهتاناً ( سأعود لاحقاً لموقف ماركس بصدد مالثوس و ريكاردو و المادية التاريخية ) تنطبق بقضها و قضيضها على رَسْل نفسه ؛ و أن ماركس أرفع من تخرصاته الرخيصة هذه .
و الآن إلى السؤال : لماذا لجأ رَسل لمثل هذا الأسلوب الرخيص في لصق اليافطات الكاذبة بماركس ؟ الجواب : بأمر من المخابرات البريطانية و الأمريكية التي جندت رَسل و شركاه ( جورج أورويل ، آرثر كوئيستلر ، فلاديمير نابوكوف ، ستيفن سبندر ، أرنولد توينبي ، جايابراكاش نارايان ، كارل بوبر ، آرثر شلسنجر ، إيان فلمنغ ، سومرست موم ، غريهم غرين ، كرومتن مكنزي ، جون بوكان ، إيغور سترافنسكي ، أ. أ. ملن ، دونالد داهل ، بنجامين برتن ، و مئات العملاء غيرهم ممن لفظتهم أحزابهم الشيوعية و المخابرات السوفيتية و المعسكر الإشتراكي ) ليشعلوا أولى شرارات الحرب الباردة عام 1946 ، و التي أستهدفت تحييد و إضعاف كل قوى اليسار في العالم – حتى و لو كلف ذلك إثارة أشد الحروب و الإنقلابات العسكرية دموية ( و منها إنقلاب 8 شباط 1963 في العراق على سبيل المثال لا الحصر ) ؛ و ليديمها شركاؤهم حتى الآن ، مثلما سيتضح من الحلقات القادمة . في هذه الحرب القذرة ، إخترع رَسْل و شركاه أسلوبهم الأثير في ربط ماركس و إنجلز بجرائم المتمسحين بهم ( ستالين و من بعده كيم أيل سونغ و ماو و بول بوت .. الخ ) في كل فقرة يكتبون ؛ مشفوعة بضرب ماركس بإنجلز و هيغل . و أتباعهم بهذه الوشم المقزز مدموغون ، و لآياته مرتلون ، و كل ذلك بتقوى دينية متبتلة .
المصدر :
http://www.darkpolitricks.com/2013/11/the-people-who-work-for-the-spies/
يتبع ، لطفاً .