لاوجود للفرقة الناجية في الماركسية والشيوعية


وليد يوسف عطو
2014 / 1 / 18 - 16:27     

(1):
اخذ بعض المفكرين والباحثين والمترجمين يستخدمون في السنوات الاخيرة مصطلحات جديدة للتمييز بينها وبين المصطلحات المشابهة لها كقولهم :
اسلاموي – مقابل اسلامي
وذلك للتمييز بين الجانب السياسي والايديولوجي والتاريخي بين( الاسلاموي ) و ( الاسلامي ).,لذا احبذ استخدام مصطلح ( ماركسوي )مقابل ( ماركسي )لاتباع الماركسية الارثوذكسية .ذلك ان مدرسة الماركسيين العرب تعاني حاليا من ازمة بنيوية عميقة نتيجة عدم قراءة تاريخية النصوص الماركسية من حيث زمن كتابتها , ولمن كتبت اصلا؟والى اية شعوب واحزاب توجه الخطاب الماركسي اليها ؟. وما هي دلالات النص المار كسي السيميائية والنفسانية والسيسيولوجية ,اي المطلوب تفكيك النص الماركسي من حيث جوانبه الانثروبولوجية كافة .
ظهرت كثير من الاحزاب تدعي تمثيلها للطبقة العاملة ونظريتها , حيث تم تزمين الماركسية على زمن لينين او ستالين او غيرهما من الرموز .وبالتالي يتناسى هؤلاء الماركسويون الاسباب التي ادت الى انتاج خطابات ومؤلفات مار كس ,لينين,ستالين وغيرهم.وبالتالي تم رفض المدارس والقراءات المار كسية التي تتعارض مع مايؤمنون به من ماركسية وينعتون المخالفين له ب(اليمينيون الانتهازيزن ) و (اليساريون المتطرفون ) وغيرهما من النعوت .ويتناسى هؤلاء الباحثين والكتاب من الاساتذة اختلاف مجتمعاتنا العربية عن المجتمعات الغربية وتاثير فلسفة الانوار على الغرب , والاختلاف الطبقي والديني والاجتماعي والسياسي الذي يحكم مجتمعاتنا .ويتناسى هؤلاء تاثير العولمة المتوحشة على مجتمعاتنا , وقيام نظام المال المالي الذي لم يكن موجودا ايام ماركس كما لم ياخذوا بالحسبان تفكك المنظومة الاشتراكية . حيث اصبحت الحدود بين الدول مفتوحة والاعلام اصبح عابرا للقارات , وبالتالي حدثت قطيعة معرفية بين زمن لينين وستالين والزمن الحالي في المجتمعات الاشتراكية السابقة .
هناك فرق شاسع بين الباحث والكاتب الذي يتمسك بحرفية النص وترجمته وبين الباحث والكاتب الذي ياخذ في الحسبان الاعراف والتقاليد والجوانب السيسيولوجية والنفسانية للشعوب , والفرق بين (القانون ) و (فلسفة القانون ) .وهذا يبين الفارق بين الباحث (الماركسي )والباحث (الماركسوي ) .ان الباحث الماركسي يكون متحررا من سلطة الايديولوجيا والنص وهو ماندعوه ب ( القطيعة المعرفية ).( محمد آركون – من فيصل التفرقة الى فصل المقال :اين هو الفكر الاسلامي المعاصر ؟ )- ترجمة وتعليق هاشم صالح – ط 4 –2010 – دار الساقي – بيروت – لبنان .
هذه القطيعة المعرفية لاتعني الانفصال النهائي عن التراث الماركسي او عن الماضي , بل هي نتيجة حتمية للتطورالتاريخي العام في مجتمع ما , او بيئة معينة , اما لان البنيات الاجتماعية واطر الانتاج والسلطة والمعرفة تفككت , واما لانها تضخمت وازدهرت .وبالتالي يستنتج د. محمد آركون اهمية دراسة سوسيولوجية الفشل وسوسيولوجية النجاح لاي تيار فكري او مذهب ديني .وبالتالي لم يكتب هؤلاء الماركسويون عن هذه الجوانب المخفية في مجتمعاتنا بل تبنوا الماركسية كنص مقدس لايمكن تغيير ه ,اي قر اءة تقليدية ارثوذكسية للماركسية .
فضلا عن هذه القطيعة المعرفية هناك قطيعة معرفية اخرى تحدث عندما تتغير نظرة العقل نفسه الى المعرفة وطرق ادراكه للواقع وتعبيره عن تاويلاته لهذا الواقع .هذا النوع الثاني من القطيعة كما يؤكد آركون في كتابه السابق قد حدث في اوربا فقط منذ القرن السادس عشر والى اليوم .فاين الماركسيون عندنا من هذه المناهج التفكيكية والنقدية الحديثة ؟.وبالتالي يؤكد آركون ان غياب الفلسفة في معظم الجامعات ,او تدريسها الناقص قد ساهم في تحويل الفسحة العقلية الى فسحة مخيالية محضة .. لذا اصبح من الضروري التمييز بين ( الشعبية ) و (الشعبوية ). فالشعبوية هونتيجة التدهور الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي الذي فرضته الدول والا نظمة القومية على شعوبها في العقود الاخيرة ( العراق انموذجا على ذلك)وبالتالي ظهر في مجتمعاتنا في المخيال الشعبوي ( ماركسوية شعبوية )لاصلة لها بالماركسية سوى الاسم .هذه الماركسوية الشعبوية نجدها منتشرة في اوساط الشيوعيين التقليديين.وبالتالي الماركسوية الشعبوية هي صيغة مغالية من الماركسية في نظر تها وتطرفها ومخيالها الشعبوي , وفي تزمينها الاحداث على زمن ثابت , وليس على راهنية وآنية اللحظة الحاضرة .
( 2 ) :
العقل الماركسوي الشعبوي كخادم للنصوص الماركسية التقليدية
بين المفكر آركون في كتابه السابق ان الفرق بين المعتزلة وبين اهل السنة والجماعة هو اعتماد المعتزلة على العقل اساسا للتفكير والتحليل والاستنباط ,بينما اهل السنة والجماعى اعتبروا العقل بمثابة ( خادم )للوحي وللنص القراني .يؤكد اركون ان العقل في الحقيقة هو المصدر والعامل في كل مايعبر عنه الانسان ويبلغه بلغة من اللغات , وهو المسؤول عن عملية تركيب المعاني وانتاج جميع المنظومات , او الانساق السيميائية . وهذا هو نفس الفرق بين الماركسيين والماركسويين الشعبويين ,اذ جعلوا عقولهم في خدمة النص الماركسي وبذلك اصبحوا يمثلون الارثوذكسية التقليدية في الماركسية ,وهي المدرسة النصية والتي لاتحفل بتغير المجتمعات والافكار والانظمة وسقوط الدول , بل تعني بتزميين الا حداث على زمن متخيل ماضوي وقف عند عتبة لينين وستالين .