اليسار الجديد واشكالية الخطاب


وليد يوسف عطو
2014 / 1 / 16 - 16:39     

من مظاهر اليسار الجديد هو القطيعة المعرفية مع اليسار القديم , اي قطيعته مع المدرسة السوفييتية الماركسية اللينينية , وليس مطلوب منه احداث قطيعة ثقافية لانه لايمكنه التخلي عن هويته اليسارية وجذوره. ولكن القطيعة المعرفية تتضمن استبدال العقل اليساري الماركسي القديم بعقل يساري جديد ,حداثوي , نقدي ,يستبدل مدرسة الترجمة والتلقين وتاويل النصوص الماركسية وتقديسها الى منهج نقدي , تحليلي , واعي .
تحتاج الحركة الشيوعية في البلاد العربية الى الخروج من قولبة الوعي وتعليب المواطن ,الى خلق وعي نقدي ومنهجي بالماركسية .ان الحديث عن الديمقراطية والتعددية والتجديد في الحركة الشيوعية لامعنى له في بقاء التراث الماركسي –الشيوعي التقليدي وفق المدرسة السوفيتية والتي اثبتت فشلها والذي يشكل هذا التراث مرجعية الاحزاب الشيوعية في العراق وفي البلادالعربية لاي مشروع نهضوي يساري .هذه المرجعية تشكل كابحا ومعطلا امام الحركة الثورية والتقدمية لليسار ولاحزابه .وكيف يمكننا الحديث عن نظرية علمية اذا كانت مستمدة من هذا التراث البائس ؟
من هنا تبدو اهمية المنهج والعقل النقديين وضرورة احداث قطيعة معرفية مع هذا التراث الكلاسيكي الارثوذكسي في الماركسية والشيوعية .هذه القطيعة لاتلغي فكر ماركس ولكنها تطور افكاره وتنتقد الافكار التي عفا عليها الزمن .
اليسار الجديد والجريدة الالكترونية
بين الخطاب اليساري الشفاهي والنص الورقي والالكتروني
في مجتمع تبلغ نسبة الامية فيه 40 بالمئة او اكثر لامجال للحديث عن جريدة الكترونية او يسار الكتروني ودور ه في التغيير .
تتميز مجتمعاتنا بارتفاع نسبة الامية وتقلص اعداد ودور الطبقة الوسطى بعد ان تم تدميرها وتجريفها من قبل الانظمة القومية العروبية الشمولية ومن قبل الاحتلال الامريكي وبرامج الخصخصة والمديونية .
ينقسم خطاب اليسار الجديد الى ثلاثة اقسام :
1 – الخطاب الشفاهي :
وهو الخطاب الموجه الى عامة الشعب والاميين منهم على وجه الخصوص.
سمات الخطاب الشفاهي :
- يستند الى الصوت المحكي والى الكلمة الناطقة والفاعلة والصادرة عن الخطيب المتكلم وبايماءات ومضامين نفسانية وصوتية وصورية قادرة على التاثير في المستمعين والمشاهدين .
- سعة المخيال وكثرة التكرارات واعادتها حتى يترسخ المعنى ويتم حفظ الجملة شفاهيا .
- يتميز الخطاب الشفاهي بالبساطة والاتصال المباشر مع المتلقي ويتسم بسعة المجازات وكثرة الاستعارات المؤثرة في المتلقي .
هذا الخطاب موجه لعامة الناس وللفقراء والمهمشين والكادحين وللمراة ولهوامش المدن والريف .
انه خطاب يخاطب عاطفتهم قبل عقولهم .بهذاالخطاب الشفاهي وجه الانبياء خطابهم الى اتباعهم , وهو نفس اسلوب خطباء المنابر في المساجد والحسينيات .هذا الخطاب الشفاهي تفتقر اليه احزاب اليسار التقليدية وهو سبب رئيس من اسباب فشلها .
2 – الخطاب الموجه الى انصاف المتعلمين واشباه المثقفين :
وهو خطاب يتسم بالبساطة ويخاطبهم شفاهيا او عن طريق المقال المطبوع او الصحيفة الالكترونية ولكن وفق مستوياتهم الفكرية .
3 – الخطاب الموجه الى النخبة الثقافية :
وهو خطاب اليسار التقليدي والذي يتسم بدرجة كبيرة من النرجسية وحب (الانا ) وحب الظهور في وسائل الاعلام وفي الصحف وفي المهرجانات .يتميز خطاب النخبة المثقفة بتبعيتها الى السلطة وللاحزاب من اقصى اليمين الى اقصى اليسار . وبالتالي يكون خطابها غير فاعل وغيرمؤثر , وانما يدور في اوساط المثقفين ومنتدياتهم في شارع المتنبي على سبيل المثال .
على اليسار الكلاسيكي واليسار الجديد توجيه خطابيهما بالاساس الى الطلبة والشبيبة لانهم عمادالمستقبل . والتوجه اليهم بخطابات متنوعة بحسب فئاتهم العمرية ومستوياتهم الدراسية وانتمائهم الطبقي .اي انه ليس هناك نسخة واحدة ومكررة من الخطاب الشفاهي او المطبوع الورقي او الالكتروني .
سمات مجتمعاتنا المتخلفة :
-مجتمع يقوم على ابوة الدولة ورجل الدين وزعيم وشيخ القبيلة وسكرتير الحزب .
-مجتمع يقوم على مدرسة النقل والاسطورة والخرافة لا على العقل والعلم .
- مجتمع اتكالي يريد ان تفكر الدولة او رجل الدين او زعيم الحزب بدلا عنه .
-مجتمع مشبع بالسياسة والايديولوجيا والدوغما .
هل يمكن لليسار الجديد القيام بالتغيير ؟
نعم يمكنه ذلك بتحديث خطابه المختلف عن اليسار التقليدي , الكلاسيكي ,الارثوذكسي واستخدام ادوات معرفية جديدة وبالنقد الممنهج للتجربة السوفييتية .
يسار جديد يحترم عقلية المواطن البسيط ويعتبر الانسان هو القيمة العليا وليس الحزب او سكرتير الحزب .
يحتاج اليسار الجديد الى تحقيق ثورة ثقافية في المجتمع مع تغيير جذري في انظمة التربية والتعليم ابتداء من رياض الاطفال وحتى الجامعات ومراكز البحوث .
يحتاج اليسار الجديد الى تحديث الاقتصاد وتحويله من اقتصاد اقطاعي او رعوي او ريعي الى اقتصاد صناعي متطور ومتعدد الجوانب في السياحة والسياحة الدينية وغيرها من الجوانب .
هذا التحديث سيجعل المواطن متمسكا بعمله لانه يوفر له مستوى مقبولا من الرفاهية والضمان الاجتماعي والتقاعد ويفسح له مزيدا من الوقت للقراءة والمطالعة واستخدام الشبكة العنكبوتية .