الأمانة, كخصلة خلقية


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2014 / 1 / 6 - 15:14     

تعكس احد اهم مبادئ الأخلاق, وهي تشتمل على الصدق والمبدئية والاخلاص للعهود, والقناعة الذاتية بعدالة القضية المنشودة, ونزاهة الدوافع, التي يسترشد بها الانسان, والاعتراف بحقوق الاخرين المشروعة واحترامها. والأمانة تقابل الكذب, والسرقة, والغدر والخيانة والنفاق. ويعود مطلب الأمانة الى ضرورة نشاط الناس المشترك في مجرى الممارسة الاجتماعية وتنسيق جهودهم, والى متطلبات الحياة المشتركة اليومية.
ولكن في ظروف الاستغلال والتناقضات الطبقية والمزاحمة, لم يكن للأمانة ان تغدو قاعدة عامة أو قانوناً للحياة الاجتماعية, وكان يخل بهذا المبدأ على قدم وساق.
في الاسلام, تكون الأمانة بصورتها البدائية (الاحتفاظ بالغرض لصاحبه, اي الوديعة) والصدق (امام عباد الله), ولكن للأمانة في الاسلام غرض لاهوتي صرف, فالاسلام يحث المؤمنين على الالتزام بالأمانة, لأن (العبد) "مراقب من الله", وبهذا, تصبح الأمانة في الاسلام رهينة مراقبة خارجية من الاله.
ان المنورين البرجوازيين, الذين ردوا الأخلاق (التي اسبغ عليها اصل سماوي) الى ارضيتها الدنيوية, قد صوروا الأمانة ضمانة للنجاح الشخصي, ولاكتساب ثقة الاخرين وللحصول على القروض.
ثم جائت الممارسة البرجوازية لتؤول هذا التصور عن الأمانة بالروح (العملية) التجارية, فاعتبرتها شيئاً, أشبه ما يكون باتفاق غير رسمي, يمكن فسخه حالما تغدو مراعاته غير نافعة.
وكان هذا يعني في السياسة, تبرير خداع الناخبين بهدف الحصول على اصواتهم, وفي التجارة- غشر المنافس, وفي العلاقات الدولية- خرق شروط المعاهدة عند تغير ميزان القوى, عندما لا يغدو بوسع الدولة الاخرى الدفاع عن حقوقها.
أما بالنسبة للكادحين فكانت الطبقة السائدة لا تراعي القوانين, ولا توفي بما تعهدت به من التزامات الا بمقدار تخوفها من الانتفاضات الجماهيرية (الاضرابات او الثورات). وقد حدث اكثر من مرة, أن غدرتالبرجوازية بحلفائها (البروليتاريا والفلاحين) في النضال ضد الزعامة الاقطاعية, ووجهت السلاح ضدهم حال وصولها الى السلطة بمساعدتهم (كما حدث في الثورة الفرنسية عام 1848).
أما الأخلاق الشيوعية, فلا ترى في الأمانة حصيلة اتفاق بين الناس, حصيلة (عقد اجتماعي), ولا ضمانة المنفعة المتبادلة للأفراد, وانما تعتبره مطلباً انسانياً مبرماً, ينبع من الضرورة الموضوعية لنشاط الناس المشترك وحياتهم الاجتماعية, وتغدو للأمانة أهمية خاصة في النشاط الثوري والعمل الاجتماعي الخلاق على طريق بناء اكثر المجتمعات البشرية انسانية وعدالة. ونظراً لوحدة هذه المصالح عند كل الناس تصير أمانة الانسان أمام المجتمع وأمام الاخرين مسألة أمانة امام نفسه ذاتها.

المصادر:
1- علم الأخلاق, ايغور كون, فيلسوف سوفييتي
2- النفسية والسلوك الطبقي, فاسيلي ديميتريف... فيلسوف بلغاري
3- اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني