وجهة نظرنا في (الغاية تبرر الوسيلة), أخلاقياً (الأهداف والوسائل), وسياسياً (الماكيافيلية)


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2014 / 1 / 4 - 10:20     

هل الحكم على التجربة ب(نتيجتها, ومحصلتها) يتفق معه الشيوعيين؟
وما هي الأسباب التاريخية التي جعلت الكثير يتوهمون بأن هناك تعارضاً بين المثل الأخلاقية الانسانية, وبين السياسة؟

الأهداف والوسائل: تأتي مشكلة الأهداف والوسائل في الأطيقا انعكاساً لتناقض المجتمع الطبقي, ففيه كما يقول انجلز: (تتصادم وتتناقض الأهداف, التي وضعها الناس نصب اعينهم, ويتبين انها متعذرة المنال, وذلك من جراء طبيعتها نفسها, حيناً, وعدم كفاية السبل اللازمة لتحقيقها, حيناً اخر).
وقد كان انسانويو الماضي, والمنورون خاصة (روسو, شيلر والخرون) قد نوهوا مراراً, بأن كل تقدم الحضارة المادية والروحية ينقلب في نهاية المطاف على الانسان.
اما الوعي الأخلاقي في المجتمع فقد نظر الى هذه الواقعة من زاويته الخاصة, فأشار الى ان الأهداف الخيرة, والمثل السامية, كثيراً ما تؤدي, عند محاولة تحقيقها, الى نتائج هي لون من (الشر الأخلاقي). وقد كان الوعي الأخلاقي يرى, عادةً, حل لغز هذه المفارقة في التناقض بين الأهداف والوسائل, في سلوك سبل لا أخلاقية للوصول الى المثل الخيرة. ومن تلك الزاوية, تبين انه من المتعذر الجمع بين الأخلاق, كعلم عن الغايات, وبين السياسة أو الاسلوب العملي لتحقيق تلك الغايات, وكثيراً ما كان منظروا الأخلاق يخلصون من هذا الى القول انه في سبيل تحقيق (الأهداف النبيلة) يجب ان تكتمل بالوسائل الأخلاقية, وأن الأخلاق لا تعنى الا بسبل وطرق ووسائل الوصول الى الأهداف المطلوبة, أما هذه الأهداف نفسها فتتحدد خارج ميدان الأخلاق. والأطيقا الماركسية ترفض مثل هذا الفهم للمشكلة.
فهي تنطلق من القول أن التاريخ يطرح أمام الناس الأهداف, التي بوسعهم تحقيقها فعلياً. واذا ما جائت نتائج الحركات التاريخية في الماضي معادية للانسان, فان السبب في ذلك ليس عدم صلاحية الوسائل. ان المثل البرجوازية, مثل الحرية والمساواة, قد انقلبت على ارضية الواقع, صيغة جديدة للتفاوت والاستغلال. فتلك هي الغاية الموضوعية التاريخية للمجتمع الرأسمالي.
أما الماكيافيلية, فهي مفهوم يستخدم للدلالة على نمط من تصرفات انسان (تنظيم) يقوم سلوكه في السياسة على مبدأ استخدام كافة الوسائل, بما فيها اللاأخلاقية (كالكذب والافتراء والقسوة, وغيرها) من أجل بلوغ الأغراض التي يتوخاها. أما المصطلح نفسه فيتحدر من اسم رجل الدولة والأديب الايطالي ماكيافيلي, الذي قال بأنه يسمح في السياسة بتجاوز القوانين الأخلاقية باسم الأهداف الجليلة (مثل تخليص البلاد من المحتلين), وفي عداد الوسائل التي يمكن استخدامها في هذا الطريق, تندرج عنده , القسوة, والتصنع والنفاق, والقوة والخداع, وقدرة الحاكم على ان يزرع في نفوس الرعية (الحب والخوف) وعلى ان يرغم الشعب, بالقوة, على الايمان بما لات يتفق وقناعاته, الخ. وقد انعكست في هذا المذهب مبادئ سياسة البرجوازية الايطالية الفتية في القرن السادس عشر, التي كانت تسعى الى توطيد استقلال ايطاليا, التي مزقها الأعداء الى دويلات منفصلة. ولكن بما أن هذه البرجوازية لم تكن تعي بعد, مهماتها التاريخية على نحو مطلوب, ولم تكن لديها الوسائل الكافية لحلخا, راحت تعول على قوة الملكية المطلقة, على سلطة الأمير, وكانت مستعدة للاعتراف بمشروعية كل الوسائل, التي تستخدمها هذه السلطة من اجل اقامة دولة مركزية قوية.
وفيما بعد, قام مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) في صلب النظرية, التي تسمح بهدف الوصول الى الغايات المنشودة, باستخدام كافة الوسائل, وحتى اللاأخلاقية منها, وعليه فان الماكيافيلية, كمبدأ سياسي للبرجوازية التي وصلت الى مواقع السيطرة, تعني تبرير الأساليب اللاانسانية واللاأخلاقية في السياسة بأسم اغراض طبقة الرأسماليين الأنانية والرجعية. ويتجلى مبدأ الماكيافيلية على اشده في سياسة الامبريالية المعاصرة.

لقد كان مؤسسو الماركسية اللينينية يطالبون المساهمين في الحركة الشيوعية, بانتهاج سياسة تكون فعالة على طريق الوصول الى الهدف المنشود, وتتفق مع مبادئ ومثل الأخلاق الشيوعية, مع مغزاها وروحها الانسانيين.
اما في عصرنا فتأتي كافة محاولات المعارضة بين الأهداف والوسائل لتتستر عادةً, على المصالح الوضيعة لأفراد, يسعون الى السلطة الشخصية. ان الشيوعيون ينطلقون في نشاطهم من أن هدفهم الأخير- بناء المجتمع الانساني الحق- يجب ان يتحقق بالوسائل اللائقة به, ومن ان الوسائط المستخدمة في النضال من اجل انتصار الشيوعية, وثيقة الصلة بنبل الأهداف الأخيرة نفسها, بنبل المثل الشيوعية.
ان الشيوعيين يرفضون (الحكم على التجربة) ب"مجرد" نتائجها, بل يرى الشيوعيين بأن نتائج التجربة تبنى بمدى توافقها مع الهدف التاريخي, والوسائل التي ينبغي ان تتحقق بها.

المصادر:
1- علم الأخلاق, ايغور كون, فيلسوف سوفييتي
2- النفسية والسلوك الطبقي, فاسيلي ديميتريف... فيلسوف بلغاري
3- اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني ©