وجهة نظر في الحزب الثوري


رشيد العيساوي
2013 / 12 / 6 - 07:20     

بعد الحراك اللذي عرفته المنطقة و اللذي استبدلت على إثره رؤوس الانظمة عرف المغرب مدا احتجاجيا عفويا جمع فئات و طبقات متناقضة متأثرا بعوامل خارجية أكثر منه بتناقضات داخلية، تلك التناقضات الوحيدة الكفيلة بتحديد التطور. فكانت حتمية الجزر و التراجع دون تحقيق الحد الادنى من الشعارات و خصوصا منها شعارات القوى الاصلاحية.
و ككل جزر فلا بد أن يترك بعض بقايا المد على شكل صخور و طمي، و من بين ما خلف، أولائك الماركسيون اللذين أبهرهم و فاجأهم الواقع فاختلفت تقييماتهم له فرادى و مجموعات.
وكان استنتاجهم و تبريرهم لهذا التراجع و عدم تحقيق الاهداف هو غياب الاداة الثورية، فكثرت المبادرات و المقترحات.
إن هذا النقاش ليس وليد اليوم، فقد أثير بشكل أكثر جدية في تجربة إلى الامام عبر مساهمة الرفاق آنذاك في التفصيل النظري عبر أوراق تبقى فخرا لتجربة الحملم .
إن لينين في تأسيسه للحزب أسس على عمل بليخانوف الماركسي اللذي كان قد تقدم في نضاله الى جانب العمال عبر تأسيس إتحاد العمال و لجانهم المسلحة بالفكر الماركسي و في مقال بما نبدأ خلص إلى ضوررة إصدر جريدة لعموم روسيا تنشر تعاليم الماركسية و تساهم في التحريض و التنظيم بين صفوف الطبقة العاملة، فكان الحزب من داخل معمعان الصراع.
و في وثيقة "لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو" لمنظمة إلى الامام، نجد هذا الاستنتاج:
"ونستنتج أيضا أن تكوين منظمة ماركسية لينينية في قلب نضال الجماهير وفي قلب ممارستها الثورية هو وحده الذي يسمح، حتى من خلال هجمات العدو، بإعداد خط سياسي صحيح يدفع بدوره إلى بروز مقاتلين جدد وكوادر ثورية جديدة من وسط هذه الجماهير. ولهذا فإن أوائل المناضلين الذين مهدوا لهذه العملية ومهما بلغت جدارتهم، ليسوا ذوي تفوق نوعي بالنسبة لهذه الكوادر الجديدة المنبثقة عن نضال الجماهير".
إن حزب الطبقة العاملة الحزب الثوري، و نسميه ثوريا لانه باللينينية ماركسية مرحلة الامبريالية، أصبحت الطبقة العاملة هي الوحيدة القادرة على قيادة الثورة البورجوازية ذات المهام الديموقراطية، أما البورجوازية الكبيرة فأصبحت رجعية تماما و الصغيرة متذبذبة و انتهازية. متذبذبة بين قطبي الصراع و انتهازية لانه لا مصلحة لها هي كذلك في ثورة عمالية حقيقية ستقود للاشتراكية و بالتالي ديكتاتورية البروليتاريا بقدر ما تحتاج الطبقة العاملة كذيل لها لانتزاع إصلاحات لها كبورجوازية و بعض الفتات للطبقة العاملة حسب درجة الصراع.
وبقوانين الدياليكتيك فالصراع الاساسي التناحري هو أساس التطور، أي الصراع بين الطبقة المستغِلة و المستغَلة. فقطبي الصراع هم الطبقة العاملة و حلفائهم من الفلاحين عبر التعبير السياسي للبروليتاريا و التحالف الطبقي المسيطر المكون من البورجوازية الكومبرادورية و كبار ملاك الاراضي و العقار، أما الصراع الثانوي بين الطبقة العاملة و الفلاحين الصغار مثلا فليس محددا في عملية التطور لان تناقضاته تحل تدريجيا في مرحلة الاشتراكية مرحلة إضمحلال الدولة.
إذن هناك قطبين للصراع يمارسان الجذب للبورجوازية الصغيرة الموجودة في الوسط و اللتي تميل حسب قوة الجذب لكل طرف، و من هنا يتوضح أنها تجذب رغما عنها و ليس لرغبة أخلاقية أو تلبية لنداء ما.
إن الحزب الثوري يؤسس أو بمعنى آخر يفرض كتتويج لصراع مرير لطبقة عاملة واعية سياسيا و طبقيا، يؤسس لتحالفاته مع البورجوازية الصغيرة حسب قوته في عملية الصراع بحيث يستدرجها لمعارك تكون حتما في مصلحة القطب اللذي يمثله. كما أن مشاركته في العمل السياسي الشرعي لا يمكن أن يكون إلا حسب قوته و ليس حسب إرادة ذاتية، و لنتذكر أن البلاشفة دخلوا للدوما الثالثة بشعار معناه "الشعب يريد إسقاط القيصر".
نعم إن مهمة الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية لا يمكن أن يقودها الا حزب البروليتاريا، و يبقى التأسيس لبنائه مهمة كل الماركسيين اللنينين.
إن هذا العمل يجب أن يخرج عن منطق ردة الفعل و شخصنة الصراع و كأن التاريخ سينتهي بانتهاء هذا المناضل أو ذلك، فالاف ميل تبدأ بخطوة و أول خطوة تجد ملحاحيتها الانية هي نكران الذات و الانخراط إلى جانب العمال من أجل عمل قاعدي و ميداني لتنظيمهم في الحدود البدائية من أجل الدفع بعجلة الصراع و تكويين كوادر من داخلهم هم أنفسهم.
و أما هذا التسابق الحالي على إحراز السبق للاجابة و اللذي يظهر حينا بمحاولة التنظيم الفوقي و حينا آخر بعمل شرعي عبر ما يسمى المجتمع المدني هو أقرب من نظرية الهيمنة الثقافية لغرامشي و أبعد ما يكون عن العمل في الشرعية عند البلاشفة.
إن هاته الاجابات اللتي تأتي من موقف ضعف لا يمكن أن تكون إلا بصيغ توافقية مع القوى الانتهازية، و لن تؤطر الا بالاختيارية و فهم مغلوط لاصحابها للفكر العمالي. و النتيجة هي ممارسات بورجوازية صغيرة انتقائية للفكر الماركسي تكون الطبقة العاملة غطاء و ذيلا لها لا أقل و لا أكثر.