خطان مختلفان .. ونتيجتان مختلفتان


مريم نجمه
2005 / 6 / 7 - 10:10     

إن التاريخ أعظم شاهد ...
إن خبرة غنية قد أحرزت في الحركة الشيوعية العالمية , وفي النضالات الثورية التي خاضتها الشعوب منذ الحرب العالمية الثانية , وحتى اليوم .
وكانت هذه الخبرة نوعين - نوعا ناجحا , والاّخر فاشلا .
ويلزم الشيوعيين والشعوب الثورية في كل الأقطار إستخلاص النتائج الصحيحة من هذه الخبرة التاريخية .

إن الأقطار التي نجحت في القيام بثورات إشتراكية .. في أوربا الشرقية سابقا , واّسيا , وأميركا اللاتينية , منذ الحرب , يعزى سبب نجاحها في تلك الثورات إلى أنها أتبعت الخط الماركسي اللينيني الثوري وطريق ثورة أكتوبر . وبالإضافة إلى خبرة ثورات الصين , والدول الإشتراكية في أوربا الشرقية , وكوريا , والفيتنام , وكوبا .
لقد أغنت الثورات الظافرة في هذه البلدان .. الماركسية اللينينية وطوّرتها , كما أغنت خبرة ثورة أكتوبر وطورتها أيضا .
إن جميع هذه الثورات .. بلا إستثناء , من الصين إلى كوبا قد كسبت عن طريق النضال المسلّح وبالكفاح ضد العدوان والتدخّل الإستعماريين المسلحين .

لقد انتصر الشعب الصيني في ثورته بعد أن شن الحروب الثورية لمدة إثنتين وعشرين سنة بما فيها ثلاثة أعوام من حرب التحرّر الشعبية , حيث ألحق فيها هزيمة تامة شاملة بطغمة تشيان كاي شيك - الرجعية التي ساندها الإستعمار الأمريكي بكل ثقله .

ولقد خاض الشعب الكوري النضال الثوري المسلّح ضد الإستعمار الياباني لمدة خمسة عشر عاما , منذ ثلاثينات القرن العشرين - الماضي .
وأسس خلال هذا النضال قواته الثورية المسلّحة ووسعها , وأحرز النصر أخيرا بمساعدة الجيش السوفياتي البطل . ولم يتوطد إنتصار الثورة في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بعد تأسيسها إلا بعد ثلاثة أعوام من الحرب ضد الإستعمار الأمريكي المسلّح .

لقد استولى الشعب الفيتنامي البطل على سلطة الدولة عن طريق " إنتفاضة اّب المسلّحة في عام 1945 "" .., ولم يكد يستولي على سلطة الدولة حتى خاض حربا للتحرر الوطني ضد الإستعمار الفرنسي .. استمرت ثمانية أعوام , ومن ثم سحق التدخل العسكري الذي قام به الإستعمار الأمريكي , , وبعد ذلك فقط إنتصر في شمال الفيتنام .

وبدأ الشعب الكوبي إنتفاضته المسلّحة في عام 1953 - وخاض حربا ثورية شعبية رائعة لأكثر من عامين . وتمكن بعد ذلك من الإطاحة بحكم الإستعمار الأمريكي في كوبا وحكم باتستا - عميله الكوبي . وحطم الشعب الكوبي البطل بعد انتصار ثورته , الغزوات المسلحة التي قام بها المرتزقة للمستعمرين الأمريكيين , وصان بذلك ثمار نضاله ... وثورته .

هذا .. وقد تم تأسيس الأقطار الإشتراكية الأخرى أيضا عن طريق النضال المسلّح .

فما هي الخبرة الرئيسية التي يجب علينا أن نستخلصها من نجاح كل هذه الثورات البروليتارية في هذه البلدان والأقطار التي تمتد من الصين .. إلى كوبا بعد الحرب العالمية الثانية تحديدا ....؟
أولا : إن الثورة الطبقية هي قاعدة عامة للثورة البروليتارية . وعلى الطبقة العاملة أن تخوض النضال المسلّح وتحطم جهاز الدولة القديم , وتؤسسدولة العمال والفلاحين حتى تحقق الإنتقال إلى الإشتراكية .
ثانيا : إن الفلاحين هم الحلفاء الذين تعتمد عليهم الطبقة العاملة بشكل أساسي . وعلى الطبقة العاملة أن تتكل عليهم كل الإتكال , وأن تؤسس جبهة موحّدة واسعة قائمة على أساس التحالف بين العمال والفلاحين , وأن تصّر على قيادة الطبقة العاملة في الثورة .
ثالثا : إن الإستعمار الأمريكي وعملائه من الرجعية والأنظمة الإستبدادية في العالم .., هو العدو الرئيسي لثورة الشعوب في التحرر والديمقراطية , وبناء .
الإشتراكية الصحيحة .
رابعا : إن ثورة الأمم والشعوب المضطهدة ونضالاتها .. , هي حليف لابد منه ولا غنى عنه للثورة البروليتارية . وعلى عمال البلدان االرأسمالية وعمالالشعوب المضطهدة أن يتحدوا وجميع القوى المعارضة للإستعمار وأذنابه ليشكلوا جبهة موحّدة عالمية واسعة . ليكون لها تأثير ووزن دولي وأممي للضغط في كل المستويات والمواقع .
خامسا : لا بد من وجود حزب ثوري للقيام بالثورة . وانتصار الثورة البروليتارية وانتصار ديكتاتورية البروليتارية مستحيلان بدون حزب ثوري بروليتاري يءسس وفقا للنظرية والأسلوب الثوريين الماركسيين اللينينيين , وهذا الحزب لا يقبل المصالحة مع التحريفية .. والإنتهازية , كما يتخذ الموقف الثوري تجاه الطبقات الرجعية الحاكمة وسلطة دولتها .

والإصرار على النضال الثوري المسلّح في الدرجة الأولى من الأهمية , .. لا للثورة البروليتارية وحسب , بل للثورة الوطنية الديمقراطية التي تقوم بها الشعوب والأمم المضطهدة أيضا .
ولقد ضرب إنتصار حرب التحرير الوطنية التي خاضها الشعب الجزائري ضد الإستعمار الفرنسي مثلا جيدا وبليغا في هذا الصدد .

لقد دلّ تاريخ الأحزاب البروليتارية والشيوعية - بعد الحرب الكونية الثانية - التي أتبعت الخط الثوري واتخذت الإستراتيجيةالصحيحة , والتكتيكات الصحيحة وقادت الجماهير بحيوية ونشاط لخوض النضالات الثورية , لا بد أن تتمكن من دفع القضية الثورية إلى الأمام خطوة فخطوة نحو النصر , ولا بد من أن تنمو قوتها بحيوية كبيرة .
كما دلّ هذا التاريخ .. , على أن كل الأحزاب التي أتبعت خطا إنتهازيا غير ثوري , وقبلت خطا تحريفيا أي خط ( الإنتقال السلمي ) , خط خروشوف - , لا بد أن تلحق ضررا بالغا وخطيرا بالقضية الثورية , وتحوّل نفسها إلى أحزاب إصلاحية عديمة الحيوية , أو سوف تتحلل تماما وتنحط حتى تصبح أدوات تستخدمها البرجوازية ضد الطبقة العاملة ... , والأدلة على ذلك ليست قليلة .

لقد كان رفاق - الحزب الشيوعي العراقي - في الماضي مليئين بالحماس الثوري , الكوادر والقيادة والقاعدة , وقد كان مبنيا على أساس طبقي ثوري . إلا أنه فرض عليهم قبول خط خروشوف التحريفي خطه, بواسطة الضغط الخارجي ,بعدم إستلامهم السلطة في تلك المرحلة , الثورية الناهضة , الوقت غير مناسب ...! وقد فقدوا يقظتهم تجاه الثورة المضادة مع الأسف , . وضحى أثناء الإنقلاب المسلّح المعادي للثورة رفاق قياديون بأرواحهم ببطولة .وقتل اّلاف من الشيوعيين والثوريين والمناضلين العراقيين بصورة وحشية لا مثيل لها , وتشتت شمل الحزب الشيوعي العراقي البطل الذي كان حزبا منيعا وقويا .., وبعدها أصيبت القضية الثورية العراقية بنكسة خطيرة مازالت اّثارها السلبية الحزينة ماثلة حتى الاّن .
إن هذا لدرس مفجع .. في تاريخ الثورة البروليتارية العالمية , أنه لدرس كتب بالدماء ...! ؟؟؟

أما قادة الحزب الشيوعي الجزائري, فقد استجابوا كل الإستجابة لعصا إرشاد خروشوف , وقادة الحزب الشيوعي الفرنسي, وقبلوا الخط التحريفي المعارض للنضال المسلّح قبولا تاما . إلا أن الشعب الجزائري رفض الإصغاء إلى هذا الخط وكافح بشجاعة ضد الإستعمار من أجل الإستقلال الوطني وشن حربا تحررية وطنية لأكثر من سبعة أعوام وأجبر الحكومة الفرنسية أخيرا على الإعتراف باستقلال الجزائر .
إلا أن الحزب الشيوعي الجزائري الذي تبع الخط التحريفي قد فقد مركزه في الحياة السياسية الجزائرية .

وخلال الثورة الكوبية , رفض قادة الحزب الشعبي الإشتراكي - أتباع الخط الماركسي اللينيني الثوري , خط النضال المسلح الثوري الصحيح , وأتبعوا على النقيض من ذلك خط خروشوف التحريفي - فدعوا إلى ( الإنتقال السلمي ) وعارضوا الثورة العنيفة .
وفي هذه الظروف , يحق للماركسيين اللينينيين في خارج الحزب الكوبي وفي داخله , الذين يمثلهم - كاسترو - , أن يتجاهلوا أولئك القادة الذين عارضوا الثورة , فاتحدوا مع الشعب الكوبي الثوري وقاموا بالثورة .. وكسبوا أخيرا إنتصارا ذا مغزى تاريخي عظيم .

إن قادة معينين من قادة الحزب الشيوعي الفرنسي يمثلهم - موريس توريز - ., قد ظلوا يسيرون على خط تحريفي فترة طويلة .. وروّجوا .. (( للطريق البرلماني )) مستجيبين لفكر خروتشوف - , وقد أنزلوا الحزب الشيوعي الفرنسي العظيم والكبير والعريق أيضا في النضال إلى مستوى حزب إشتراكي ديمقراطي .
إنهم امتنعوا عن تأييد المطامح الثورية لدى الجماهير الشعبية تأييدا نشطا , وطووا الراية الوطنية لمعارضة الإستعمار والرأسمال العالمي. وكانت النتيجة لهذا الخط هي أن الحزب الشيوعي الذي كان في يوم من الأيام يتمتع بنفوذ عظيم بين الشعب , أصبح معزولا بصورة متزايدة عن الجماهير ويتدهور أكثر فأكثر .

وأخيرا .... وليس اّخرا إن قادة من الحزب الشيوعي الهندي , قد ساروا منذ وقت بعيد على خط تحريفي كذلك .. , ونكسوا راية الثورة وامتنعوا عن قيادة الجماهير في نضالاتها الوطنية الديمقراطية الثورية . وانزلقت هذه الفئة أكثر فأكثر في طريق التحريفية المنحدر وأصبحت مجموعة من المتعصبين القوميين .., وأداة يستخدمها كبار ملاّك الأراضي والبرجوازيين الهنود لتنفيذ سياستهم الرجعية , وأصبحت مرتدة عن البروليتارية الفقيرة المعدمة . ........--------- ه , و.. رسم خارطة الأحزاب
الثورية ونضالاتها في العالم .. على أن الخطين المختلفين إختلافا أساسيا , يقودان إلى .. نتيجتين .., تختلفان إختلافا أساسيا . .., في الطرح والممارسة العملية

أن هذا السجل .. وهذا التقييم .. في رسم الخارطة الثورية ونضالاتها الطبقية في العالم يبرهن على أن الخطين المختلفين .. إختلافا أساسيا في الطرح والممارسة
العملية , يقودان إلى نتيجتين تختلفان إختلافا جذريا وأساسيا .

أليست هذه الدروس جديرة بالفحص .. والمراجعة .. والتدقيق ...... ؟ ؟ ؟

أليست هذه الدروس كافية للحكم على أدعياء الماركسية .. والإشتراكية وتجارها في الوطن العربي ....... ؟ ؟