رسالة من الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي اللينيني) ناكسلباري إلى المؤتمر السابع للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي)


أنور غسان
2013 / 11 / 23 - 19:12     

رسالة من الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي اللينيني) ناكسلباري إلى المؤتمر السابع للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي )


ترجمة : أنور غسان

أيها الرفاق

لال سلام !

نحييكم في هذه المناسبة التاريخية و نعتذر عن عدم تمكننا من المشاركة المباشرة. ونرجو أن تتقبلوا منا هذه الرسالة بدلا من ذلك.

لقد علمنا ماو تسي تونغ أن سلامة الخط الفكري والسياسي يكتسي أهمية بالغة، وتاريخ حزبكم نفسه يقف شاهدا على هذا . فعبر خط سليم استطاع التصدي لتحريفية تنغ سايو بينغ التي استولت على السلطة خلال انقلاب عام 1976 ، فحطمت المنجزات التاريخية للثورة الثقافية البروليتارية العظمى وأعادت الرأسمالية إلى الصين الاشتراكية . وهكذا ، واستمرارا على الطريق التي رسمها ماو تسي تونغ ، لعب حزبكم دورا هاما في الصراع العالمي لإعلاء راية الماركسية اللينينية الماوية في أعقاب هذه النكسة ، هذا النضال الذي أدى إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية ( RIM) . ولاحقا ، من خلال تعميق النضال من أجل التمسك بالماوية وتطبيقها ، قطع حزبكم مع الدوغما- تحريفيون الذين سعوا إلى إجهاض الثورة فعزز بدلك الخط السليم ليدشن بجرأة الحرب الشعبية ، هذه الحرب العظيمة التي حققت مكتسبات كبيرة منها " تكوين جيش التحرير الشعبي ، إنشاء مناطق الارتكاز و الحكومة الشعبية ، والمشاركة الواسعة لجماهير العمال والفلاحين و النساء والقوميات المضطهدة و الداليت في تحقيق هذه المنجزات ، إضافة إلى الوعي الذي تطور خلال هذه العملية برمتها " ، كل هده المكاسب الكبيرة لهذه الحرب المجيدة كانت أساسا نابعة من الخط الصحيح الذي أتبعه حزبكم . أما اليوم فمعظم هذه المنجزات قد ضاعت نتيجة تخريب الخط الماوي وفرض خط تحريفي من قبل زمرة براشاندا - بهاتاراي . إن تاريخ الحركة الشيوعية العالمية ومكوناتها الوطنية في فترات تقدمها أو تراجعها ليؤكد الحقيقة التالية " صحة الخط الفكري والسياسي من عدمه تقرر كل شيء"


لقد انتفضتم ضد خط براشاندا - بهاتاراي التحريفي، وهذا المؤتمر هو وليد هذه الانتفاضة . و من بين مهامه تعميق الصراع ضد تحريفية براشاندا - بهاتاراي وتعزيز المكتسبات وبناء خط سليم لانجاز خطط دقيقة من اجل استعادة الطريق الثوري في خضم الوضع السياسي المعقد في بلدكم . إن إنجاز هذه المهام بنجاح هو رهين بمدى استيعاب الدروس من نضالاتكم الخاصة ، سواء حرب الشعب أو صراع الخطين داخل الحزب . ولكن من الواضح أنه لن يقتصر على ذلك وحده. فكون حزبكم من بين مكونات الحركة الشيوعية العالمية سوف يستفيد أيضا من دروسها وتجاربها الغنية. وهنا نود أن نشارككم أحد الدروس المهمة التي صاغها الزعيم المؤسس لحزبنا ، الرفيق شارو مازومدار، ففي تحليله الدقيق لثورات عديدة ضد القيادة اليمينية ، لاحظ كيف أن العناصر الوسطية تخونهم باستمرار. وحذر من أن " الوسطية هي نقطة انطلاق للتحريفية "، وصنفها كملف أو طابور وجب اجتثاث جذوره.
يمكن للوسطية أن تظهر في أشكال كثيرة. ولكن جوهرها هو نفسه في كل الأحوال – فهي تتراجع عن إيصال الصراعات الأيديولوجية إلى خلاصاتها الثورية ،كما أنها تعيق الشيوعيين من صنع قطيعة كاملة مع الخط الخاطئ والأساليب و الممارسات الخاطئة، وأخيرا فهي تعيد مرة أخرى الأشياء القديمة الفاسدة ملبسة إياها ثوبا جديدا . ولذلك، يجب أن يمتد النضال ضد التحريفية للحسم مع الوسطية وفضح وتعرية مظاهرها الملموسة . هذا هو الدرس الذي تعلمناه من تاريخ الحركة الشيوعية في بلادنا . ونأمل أن يكون ذا فائدة لكم خلال مناقشاتكم أثناء المؤتمر .

لقد كان لحزبكم ثقة تامة في الجماهير الثورية في نيبال و في جميع أنحاء العالم عندما كان يتبع الخط الصحيح ، وكان هذا هو الأساس الذي تقوم عليه قوة الحرب الشعبية. فبالاعتماد الكلي على الجماهير وعلى الصلات الأممية مع الأحزاب الماوية الأخرى ، نجحت هذه الحرب الثورية في ألحاق هزائم قاسية بالرجعية الداخلية و أحبطت مكائد الإمبريالية و التوسعية الهندية. بيد أن زمرة براشاندا - بهاتاراي بدلت قصارى جهدها لتدمير مصادر القوة هاته. فتم تقويض الاعتماد على العلاقات الأممية البروليتارية مع الأحزاب الماوية في جنوب آسيا وأماكن أخرى وحلت محلها -على نحو متزايد- المناورات الدبلوماسية الهادفة إلى معانقة التوسعية الهندية والإمبريالية . لقد كانت زمرة براشندا بهاتاراي تحاول الاستعاضة عن الاعتماد على الإرادة الثورية غير المحدودة والكفاحية للشعب النيبالي بالاعتماد على الدولة الصينية باعتبارها تتعارض مع التوسعية الهندية وتهديدات الامبريالية الأمريكية. لقد كان هذا الانحراف لا مفر منه . فالتحريفية لن تجرؤ أبدا على الاعتماد على الجماهير . ولا يمكنها أبدا أن تستمد القوة من الأممية البروليتارية . وفي المقابل، فالتكتيكات أو السياسات التي تعتمد على العلاقات الدبلوماسية مع الدول الرجعية بدلا من وضع التقة في الجماهير ، التكتيكات التي تعطي أهمية أكبر للتملق للرجعية وأحزابها بدلا من تطوير العلاقات الأممية البروليتارية مع الأحزاب الماوية الشقيقة ، تعكس لا محالة خللا إيديولوجيا فظيعا . إن المسألة ليست في لمعان الكلام المعسول الذي يبرر به ذلك باسم " التحركات التكتيكية " أو شيء من هذا القبيل ، وإنما في جوهرها التصفوي في نهاية المطاف . إنه لدرس مهم تعلمناه من النكسة المريرة التي عانت منها الحركة الماوية النيبالية و العالمية جراء خيانة زمرة براشاندا - بهاتاراي . لقد وضعنا هذه الافكار بين أيديكم على أمل بأن يكون مؤتمركم هذا قادرا على التعامل مع هذه المسألة بشكل صحيح بما أن لديكم معرفة مباشرة بها.
إن مؤتمركم هذا يعقد في وقت لا زال العالم يتذكر فيه كلمات الاجتماع الخاص للأحزاب و المنظمات المشكلة للحركة الأممية الثورية سنة 2012 التي تقول " إن الآثار المدمرة للعولمة الإمبريالية، والحروب اللصوصية والأزمة الاقتصادية المدمرة للنظام الامبريالي و تأثيراتها على البروليتاريا و الجماهير العريضة، قد أشعلت في جميع أنحاء العالم موجة من النضالات والثورات . وفي هذا السياق، موجة جديدة محتملة من الثورة البروليتارية العالمية تنشأ وتتطور مع الحروب الشعبية التي تقودها الأحزاب الماوية باعتبارها استراتيجية أساسية ضمن مرجعياتها "
لقد قذفت الأزمة المالية العالمية بالإقتصادات الإمبريالية إلى الركود، وحتى قوى العالم الثالث، مثل الصين و الهند، التي كانت تبدو في وقت سابق أنها قادرة على الصمود، قد أصابتها العدوى هي الأخرى. وفيما سعى الحكام الرجعيون في جميع أنحاء العالم إلى رمي ثقل الأزمة كله على أظهر الشعوب، خرجت شعوب العالم قاطبة إلى الشوارع لمقاومة و صد هذه الهجمة. لكن هذه النضالات البطولية ، بما في ذلك الانتفاضات العربية التي أطاحت بالديكتاتوريات القديمة التي استمرت لعقود من الزمن ، قد أجهضت وفشلت في تحقيق تغير ثوري جذري. وعلى هذه الإخفاقات استندت التحريفية و الدوغمائية لتبرير خلاصاتها الانهزامية والتشاؤمية . لكن الماويين يرون في هذه الإضطرابات إمكانات هائلة للثورة، إنهم يدركون حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم للعمل على إطلاق العنان لهذه القدرات عن طريق رفع راية الماركسية اللينينية الماوية في الأقوال والأفعال .

إن ما ينطبق على العالم ينطبق أيضا على جنوب آسيا. ففي هذه المنطقة تعتبر التوسعية الهندية ركيزة أساسية للرجعية، وبما أنها الآن مدعومة بشكل مباشر من قبل الإمبريالية الأمريكية، فقد أصبحت أكثر غطرسة وعدوانية. فتدخلاتها المتفاقمة في الشؤون السياسية لنيبال وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها و ترتكبها ضد بلدكم معروفة جيدا . لقد سيطرت التوسعية الهندية على دول وشعوب جنوب آسيا سياسيا واقتصاديا و ثقافيا. وما محاولاتها لتسليح الحكومة المالديفية لحماية المصالح الرأسمالية البيروقراطية الهندية إلا مثال حي على ذلك، وما الإستغلال المكثف والقمع المسلطين من قبل الطبقات الحاكمة داخل الهند إلا وجه آخر لطبيعيتها الرجعية . إضافة إلى ذلك، تعتبر "الحرب على الشعب" الضخمة التي أطلقت لتدمير حرب الشعب بقيادة الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي) نقطة محورية في هذا الشأن، هذا لأن هذه الحرب الثورية تقف كأكبر عقبة أمام خطط الطبقات الحاكمة في الهند الذين يرغبون في انفتاح البلاد على مصراعيها أمام تكثيف تغلغل الإمبرياليين والرأسماليين البيروقراط استجابة لحاجيات العولمة . إن الاستغلال و الاضطهاد المسلطين من طرف الطبقات الحاكمة في الهند على شعوب الهند والبلدان المجاورة كان يلقى دائما مقاومة شرسة ومتصاعدة من الشعب وما يزال كذلك. وجراء هذا الغضب العميق للجماهير الكادحة من الطبقات المسيطرة على بلدانها ، تزداد التناقضات حدة وتهيأ الشروط للثورة أكثر فأكثر.

إن تقييمنا اليوم للوضع في جنوب آسيا يجب أن يأخد بعين الاعتبار عاملا جديدا، يتجلى في النزاعات المتنامية بين التوسعية الهندية (المدعومة من الإمبريالية الأمريكية ) و التوسعية الصينية . و هذا لا يقتصر على جنوب آسيا. بل يمتد إلى جنوب شرق آسيا . لهذا يجب تحليل الأمور في علاقتها بمخططات الإمبريالية الأمريكية الاستراتيجية للحفاظ على سيطرتها في هذه المناطق والمحيط الهادئ و تعزيزها لمواجهة أي تهديد قد يصدر من الصين . وما دام الاهتمام بجنوب آسيا ، فقد خلق هذا النزاع فرصا للحكام الكومبرادوريين في البلدان الصغيرة لمقاومة أي ضغوط للتوسعية الهندية أو إبرام صفقات أفضل، وهذا يسبب عدة مشاكل للدولة الهندية و يزعج بعض من خططها، و يمكن أن تكون إلى حد ما ذات فائدة غير مباشرة لدول وشعوب جنوب آسيا في نضالاتها ضد التوسعية الهندية. ولكن ، وباعتبارنا أتباع ماو تسي تونغ ، يجب علينا ألا ننسى أبدا كلماته : " إحترس من الذئب الداخل من الباب الخلفي وأنت تحاول إخراج النمر من الباب الأمامي ". إن الطبقات الحاكمة في الصين هي رجعية مثل أي دولة كومبرادورية أخرى، و تاريخها دموي كأي مستغل آخر. فبسيرهم على خطى انقلاب عام 1976 ، سجنوا وأعدموا الآف الماويين ، بما فيهم المقاتلان الشجاعان الرفيقان تشيانغ تشينغ تشانغ و تشون تشياو. وأثناء جمعهم للمليارات تقبع الغالبية العظمى من الجماهير الصينية في الفقر المدقع . وتجابه ثوراتها ضد مثل هذه الظروف اللاإنسانية بالقوة المفرطة ، ويجبر العمال الصينيين على العمل كعبيد للشركات المتعددة الجنسية الإمبريالية في علاقات عمل -تفرضها وتحميها الدولة الصينية- هي الأكثر قمعا وقسوة. ومن الواضح أن هذا " الذئب " لا يمكن أبدا أن يكون صديقا حقيقيا لشعب ثوري في أي بلد من البلدان. واليوم ، فإنه من المهم جدا أن يكون هدا واضحا للماويين ومن تم يعلموه للجماهير .
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كان الإمبرياليون الإشتراكيون السوفيات يخترقون و يخربون مختلف الحركات الثورية من خلال تقديم الدعم الدبلوماسي والمادي. تلك التجارب المريرة تعلمنا أن تحذير ماوتسي تونغ يجب أن يؤخد كمبدأ موجه لنا جميعا عندما نضع استراتيجيتنا وتكتيكاتنا اليوم في جنوب آسيا، وذلك ارتباطا بالنزاعات التوسعية النامية في هذه المنطقة .

إن احتمالات الثورة تبدو مشرقة. لكن ضعف الماويين يحول دون دلك، فقد أصبحت منظماتهم الأممية ، المنظمة الأممية الثورية ( RIM) ولجنة التعاون بين الأحزاب والمنظمات الماوية في جنوب آسيا (CCOMPOSA)، في عداد الموتى بانضمام تحريفية بوب أفاكيان إلى تحريفية زمرة براشاندا - بهاتاراي في تدمير RIM ، هذه الأخيرة تفجرت كليا بسبب استسلامها الكامل للرجعية. لقد تم تضليل الكثير من قبل تحريفية أفاكيان "ما بعد الماوية" لأنها جد مموهة بإسهاب كثير من الكلام الماركسي . ولذلك، فإن هذا الواقع لا يقل خطورة لأنها أصبحت تصر على فرض "الافاكيانية" كإيديولوجية مرشدة للحركة الشيوعية العالمية وبالتالي تصفية أساسها الماركسي اللينيني الماوي . إذن فالماويون الحقيقيون تواجههم مهمة الصراع ضد هذين الصنفين من التحريفية الجديدة، وإعادة تنظيم منظماتهم الأممية.

في الماضي ، أسهم حزبكم إلى حد كبير في تعزيز العلاقات الأممية و تشكيل RIM و CCOMPOSA فأصبحت هذه المنظمات الماوية الأممية واقعا من خلال " وحدة الفكر" وتوحيد الرؤى ،واستطاعت بذلك تعزيز الماركسية اللينينية الماوية بشكل هادف ومساندة الثورة ، بدلا من أن تصبح مجرد دكاكين القرارات الفارغة ، كان هذا نتيجة الأسس الأيديولوجية المتينة والمشتركة، ونحن لا يمكن أبدا أن ننسى هذا الدرس القيم.
واليوم ، يشهد العالم كثيرا من التقدم، فهناك قوى و اتجاهات ديمقراطية تعارض العولمة الإمبريالية و خاصة الإمبريالية الأمريكية، وهذا يتيح إمكانيات هائلة لمستويات أو أشكال مختلفة لوحدة واسعة . ولكنها لا يمكن أن تحل محل المنظمة العالمية الماوية . وفي الواقع ، مثل هذه الوحدة الواسعة للقوى المناهضة للإمبريالية تستدعي الدور الطليعي لمنظمة دولية ماوية . وسنغتنم هذه الفرصة لنضع مرة أخرى بين أيديكم النداء الصادر عن الاجتماع الخاص لأحزاب و منظمات الحركة الأممية الثورية لسنة 2012: " واليوم ، ونحن نواجه أزمة و انهيار RIM ، يجب علينا إعادة بناء المنظمة الدولية للأحزاب والمنظمات الماوية على أساس التجارب الإيجابية والسلبية ل RIM . إن الوضع الراهن يفرض علينا الحاجة إلى توحيد كافة الأحزاب والمنظمات الماوية داخل وخارج RIM في هذه المنظمة الجديدة ، من أجل تحقيق قفزة سياسية وتنظيمية . وهذا أمر ضروري لوضع الحركة الشيوعية في ذروة الصراع الطبقي في القرن الجديد " وبخصوص الحاجة إلى وحدة وطنية أوسع أشار البيان أيضا إلى أن: " المنظمة الدولية للشيوعيين الماويين هي و ينبغي أن تكون جوهر جبهة ، تحالف عالمي مناهض للإمبريالية من البروليتاريا و الشعوب المضطهدة "

رفاقنا الأعزاء ،

نأمل أن لا نكون قد أخدنا من وقتكم الكثير، إن الشيوعيين و الجماهير الثورية في نيبال وجميع أنحاء العالم ينظرون إليكم بآمال كبيرة إحرصوا على أن تكون هذه لحظة حاسمة في تاريخ حزبكم وتاريخ الحركة الماوية العالمية . ونختم هذه الرسالة بمتمنياتنا لكم كل النجاح والتوفيق في إنجاز المهام التي أخذتم على عاتقكم .


مع تحيات شيوعية ،


اللجنة المنظمة المركزية ،
الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي اللينيني) ناكسلباري
9 يناير 2013
ترجمة : أنور غسان