الاقتصاد والماركسية .. 10


فواز فرحان
2013 / 11 / 17 - 22:02     

الصراع الطبقي في مجتمع عهد الرق ..

كان الصراع الطبقي بين الرقيق وأسيادهم هو الذي دفع اسلوب انتاج عهد الرق الى الموت , وهو الشكل الأساسي الساطع للتعبير عن تناقضات هذا الاسلوب , لقد اتسم استغلال الرقيق بطابع الوحشية , وكانت طريقة القمع هي السائدة بصورة عامة لإجبار الرقيق على العمل الإكراهي باستمرار , وكانت هذهِ الطريقة دائماً تنتهي بمأساة بالنسبة الى الكثيرين من الرقيق , كانون يموتون في بعض الأحيان بصورة شبه جماعية , ويهرب قسماً آخراً من الاستغلال والوحشية وكذلك خطر الموت ..
كان الرقيق بالنسبة لأسيادهم ملكية غير مضمونة , ليست دائمة , خاصةً عندما كانت هذه الاضطرابات تندلع وتترك آثارها في الواقع , فهم قادرون على الانتفاض ضدهم , ويستطيعون لا مغادرة أسيادهم وتركهم فحسب , بل وحتى قتلهم في بعض الأحيان ..
بهذه الوسيلة تمكن الرقيق من البرهنة على انهم ليسوا اطلاقاً ماشية عاملة , وليسوا مجرد أدوات للإنتاج , كما حاول اعتبارهم ذلك أسياد الرقيق , لقد عرف تاريخ مجتمع الرق كثيراً من انتفاضات الرقيق , أهمها تمرّد جزيرة صقلية تحت قيادة ايلين , وكليبون , وآخي , وكذلك التمرد الذي حدث بقيادة سالفي و أفينيون , وفي تركيا التي كانت تسمى سابقاً آسيا الصغرى بقيادة أريستونيك , وتمرد أصحاب الحواجب الحمراء في الصين القديمة , كانت ثورة الرقيق الحقيقية في ايطاليا سبارتاكوس , والتي زعزعت أسس الدولة الرومانية , ورغم أن الهدف الأعلى للرقيق كان العودة الى الاستثمار الفردي للأرض , إلاّ أنهُ كانت لحركتهم تلك أهمية تقدمية تاريخية , باعتبار أن الاستثمار الصغير في ذلك الزمن أصبح أكثر فائدة من الناحية الاقتصادية من الاستثمارات الضخمة , بالإضافة الى أن ميل الرقيق الى الحرية كان تعبيراً عن ميل العمال الى المبادرة الشخصية والاستقلال في الإنتاج وفي الحياة الاجتماعية أيضاً ..
كانت الأهمية التاريخية لحركة الرقيق تنحصر في أنها عبّرت تعبيراً واضحاً عن النقمة من علاقات الإنتاج في عهد الرق والتي امتدت لآلاف السنين ..
كما أن ثورات الرقيق عبّدت الطريق أمام النظام الجديد الذي تقوم عليه علاقات الانتاج , وأمام علاقات إنتاجية جديدة , قادرة على تأمين النهوض بالقوى المنتجة , هذه الصدامات المسلحة الاولى التي قام بها العمال المضطهدين كانت مثالاً واضحاً على عدم الانسجام بين مصالح العمال ومصالح أسيادهم من الذين كانوا يمارسون الاستغلال بحقهم , ومنذ ذلك الزمن وحتى تاريخنا الحاضر يتواصل هذا النضال في تاريخ الانسانية , نضال العمال ضد من يستغلهم , النضال الخفي أحياناً , والعلني أحياناً اخرى ..

لماذا انهار اسلوب انتاج عهد الرق ؟

لقد تطورت أزمة نظام الانتاج في عهد الرق في أنحاء مختلفة من العالم القديم , وفي أوقات متباينة , ففي فترة أكثر من أربعة آلاف سنة من وجوده حدثت عملية قيام مختلف دول عهد الرق , وتطورها وانهيارها , كانت الدول التي يحل بها الانهيار تستولي عليها دول رقية اخرى بلغت هذه الأخيرة مرحلة الازدهار , ومع هذا عرف التاريخ كثيراً من الحالات التي استفادت قبائل الرعاة المتأخرة من تفاقم التناقضات الطبقية في هذه الدولة الرقية أو تلك , وغزتها , كما حدث مثلاً للهكسوس الذين غزوا الامبراطورية الوسطى في مصر , ان استيلاء القبائل المتأخرة على دول عهد الرق المتمّدنة أسرع في عملية تكوين الطبقات , والدول عند الغزاة أنفسهم , وكانت الدول التي تتكون مجدداً بعد الغزو , تكرر على الأغلب طريق الأسلاف التاريخي , طريق تطور نظام الرق وازدهاره , وانهياره ..
لقد بلغ اسلوب انتاج عهد الرق ذروة تطوره في دولة روما القديمة , التي كانت تمثل في عقودها الأخيرة قبل انهيارها , أروع لوحة لعملية انهيار عهد الرق وموتهِ , وإذا قدّر للعلاقات الانتاجية الرقية أن تبقى الى زمن متأخر , فإن هذه العلاقات لم تعد السائدة في المجتمع , ولا النموذج الأمثل لهُ ..
كانت دولة روما الرقية تعيش على استغلال الرقيق , وعلى نظام الضرائب المفروضة على السكان الفقراء أصلاً , في حين كان شكل الادارة فيها يتسم بتبذير الطبقة السائدة , وبيروقراطية الدولة والإدارة , وزيادة مستمرة في الانفاق على أجهزة الاكراه والقمع ( الجيش والشرطة ) , لهذا لحق الفقر بمستعمرات روما الواسعة , وحدث تقلص عام وخراب اقتصادي في المقاطعات المحيطة والواسعة , وأدى كل هذا الى تأخر القوى المنتجة , والى تقلص تقسيم العمل الاجتماعي , وبرز ذلك بكل وضوح في تقلص العلاقات النقدية السلعية وتضاؤلها , وفي تراجع الاقتصاد الى شكله الطبيعي , هذا التراجع كان يعني تحول الاستثمارات الصغيرة التي كانت تختص بسد الحاجات الخاصة من استثمارات تابعة الى استثمارات سائدة , لكن عملية التحول هذه فرضتها ظروف ذلك الزمن الاقتصادية ..
وهنا يبرز السؤال ..

ما هي الأسباب التي أدت الى هذا التحول ؟
الجواب يكون ..
ــ الفقر الذي لحق بالفلاحين الأحرار ..
ــ تحول حروب الغزو الى حروب دفاعية ..
ــ انهيار الانتاج الحرفي الواضح ..
ــ نمو أهمية الاقتصاد الزراعي ..

وقد برز جمود تطور القوى المنتجة العام في تزايد انطواء ما تبقى من الاستثمارات الرقية الضخمة على نفسها , وفي الانتشار المتزايد اتساعاً لطريقة عمل المعمرين الذين يُجبَرون على العمل للآخرين , ويعملون بعض الشيء لأنفسهم , وهذه الطريقة تشهد على انتاجية عمل أرقى وأرفع من انتاجية عمل الرقيق الاكراهي ..
لم يمت اسلوب انتاج عهد الرق قبل أن يستنفذ جميع إمكانياتهِ , وقبل أن تتفاقم جميع تناقضاتهِ , وقد عنى هذا الموت اختفاء الطبقتين المتصارعتين , الرقيق , وأسيادهم , إلاّ أن موت اسلوب انتاج عهد الرق لم يؤدي الى موت استغلال الإنسان للإنسان , لقد بقيت في المجتمع استغلال ثمرة عمل الآخرين من قِبَلْ أقلية , استغلالاً مجانياً , ولكن ..... في أشكال أخرى أكثر مرونة وتحضراً ..!
لقد أبقى نظام الرق بعد موتهِ كثيراً من الآثار التي بقيت في بعض البلدان الرأسمالية حتى يومنا هذا , ففي المرحلة الرأسمالية بعث هذا الشكل الرقي للاستغلال في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر , وأبرز مثال على ذلك هو استخدام هذا النظام على شواطئ الخليج المكسيكي بحجة انتاج ضخم في الزراعة , قائم على استخدام عمل الرقيق بشكل مباشر ..
ان الافراط في استغلال عمل الرقيق الزنوج بلغ حد أصبحت معهُ حياتهم تتلاشى تدريجياً بعد بضع سنوات من تطبيقهِ وأدى الى موت الكثيرون منهم , وبقيت تجارة الرقيق سائدة ومستفحلة في العديد من البلدان وكانت موضع مناقشة الهيئة العامة للأمم المتحدة بشكل واضح عام 1951 ..
ان احتلال البرابرة الشهير لروما عام 476 م أمكن حدوثه لأن اسلوب انتاج عهد الرق كان قد أصيب من قبل بانهيار داخلي , ولم يكن الاحتلال باعتباره حدثاً خارجياً أكثر من تسريع للقضاء النهائي على اسلوب انتاج الرق المتفسّخ داخلياً ..
ولو عدنا للمخلفات التي تركها عهد الرق بشكل عام سنتمكن من تلخيصها على الشكل التالي ..
ــ التناقض بين العمل الفكري والجسدي .
ــ التناقض بين المدينة والقرية .
ــ السياسة الاستعمارية التي تنتهجها الطبقة الرأسمالية المعاصرة ..
ــ مختلف أشكال اضطهاد العمال والفلاحين من قبل الدولة وأجهزتها , هذه الأشكال التي تحافظ على صورتها السابقة وكذلك تزداد قوة الى حد لم تعشه البشرية من قبل .
ــ احتقار العمل اليدوي الذي دعمهُ أسياد الرقيق ..
لقد برر الكثيرون من معاصري عصر الرق , الرق كشكل للعمل الاكراهي ..
ولو توقفنا عند افلاطون واريسطو وسقراط , نجد انهم يعتقدون أن استخدام الناس كرقيق وسيطرة البعض الآخر عليهم كان أمراً لا بد من حدوثهِ , وهو حسب وصفهم الشكل الطبيعي الوحيد للمجتمع , وليس في هذه التصورات ما هو عفوي وغريب ..
لهذا قال ماركس عنهم ..
(( إن الأفكار السائدة في أي وقت , هي دائماً أفكار الطبقة السائدة . ))
ماركس وانجلز .. المختارات .. الجزء الرابع .. ص 445
ومن خلال نظرات اريسطو وافلاطون يمكن التعرف على التحليل الخاص لأسلوب انتاج عهد الرق في اليونان القديمة , فرغم اشارة افلاطون في كتابهِ (( الجمهورية )) الى عدم عدالة عهد الرق , إلاّ أنهُ لم يُطالب بإلغائهِ , ببساطة لأن عمل الرقيق كان يتيح لمن يقوم بالأعمال الفكرية أن يتفرّغ لهذه الأعمال , والسيد افلاطون كان من هذهِ النخبة ..
وفي كتابهِ الآخر (( القانون )) نصح افلاطون بالإبقاء على الرق كنظام انتاج , موصياً بتحسين معاملتهم حتى يُقدموا لأسيادهم نفعاً أكبر , ويتقي هؤلاء ( أسياد الرقيق ) شرهم ( الرقيق ) ..
ونظر اريسطو الى الرقيق , كثمرة من ثمار قانون الطبيعة , ويقول في كتابهِ الشهير (( السياسة )) أن الدولة تتطلع الى السعادة , أي توفير أعظم ما يمكن من الخيرات المادية , والروحية , وينبغي أن يُحرّر المواطنون الذين لديهم إمكانيات فكرية , من الانشغال الوضيع بإنتاج الخيرات المادية الفجة , من الاهتمام بوسائل المعيشة , ان انتاج وسائل المعيشة ينبغي أن يقتصر على الفئات المنحطة في المجتمع , أي على الرقيق الذين هم ليسوا أكثر من أدوات انتاج ..!!
ويستمر اريسطو في تعليقهِ على شرح مجتمع الرق ..
فكما توجد في الطبيعة ذات القوانين القاسية , كائنات رفيعة وأخرى منحطة , والضعيف يخضع للقوي , وكذلك يعتبر تقسيم الناس في الحياة الاجتماعية , الى رقيق وأسياد عملاً طبيعياً وقانونياً ..!! ويؤكد اريسطو فيما بعد .. أنهُ ليس كل انسان حر مواطناً .. فكلمة مواطن لا تطلق على كل الناس الأحرار لمجرد أنهم أحرار , أو لمجرد انهم أحرار في انتاج حاجاتهم المادية , بل تطلق على اولئك الذين تحرروا من جميع الأعمال الضرورية لإنتاج حاجاتهم المادية ..

سؤال للقارئ .. هل وجدت انحطاطاً فكرياً وأخلاقياً أكثر من هذا الذي عبر عنه كل من افلاطون واريسطو ؟

وانتشرت انتشاراً واسعاً بين علماء البرجوازية فكرة أن الرق لا يلازمهُ الإكراه فقط , بل وأن في الإكراه ذاتهُ ينحصر جوهرهُ , وقد عبر عن هذه الفكرة تعبيراً واضحاً السيد دوهرينغ , الذي فضحهُ انجلز في كتابهِ الشهير (( ضد دوهرينغ )) وفي رأي دوهرينغ أن العنف هو عامل ملازم لتاريخ الإنسانية , وهو أمر حاول إثباتهِ مراراً لكنهُ فشل ..
وكرر الكثير من علماء البرجوازية بألوان مختلفة توضيح جوهر الرق على اساس اعتباره قسراً , فقسماً منهم يرجع السبب الى انفصال صيادي المجتمع البدائي عن مزارعيه , هذا الانفصال جعل الصيادون محاربون متفوّقون على الآخرين المسالمين , وهنا لا نرى أية محاولة لتوضيح أسباب ظهور الرق , وهي تبقى افتراضات ساذجة دفعت الطبقة السائدة بها الى المقدمة لاعتبارها أفكاراً ينبغي تداولها كما فعلت مع افلاطون واريسطو وسقراط ..
ولو عدنا للتاريخ لوجدنا كلاماً يدحض هذه الأقوال على أساس أن رقيق المرحلة الأبوية موجودون في القبائل الزراعية , كما في قبائل الرعاة ..
كما يحاول البعض الآخر اعادة اسباب ظهور الرق الى سوء استخدام السلطة الأبوية المفرطة , مشيرين الى بيع الآباء لأبنائهم , وكذلك بيع الناس الأحرار أبنائهم , وهو أمر حدث في المجتمعين الهندي والصيني بكثرة , وكذلك في بعض بلدان الرق القديمة , لكنهُ لم يحدث في الحقيقة إلاّ لأسباب اقتصادية بحته ..
وفي النظرات البرجوازية المتعلقة بالرق الذي ينحصر جوهره كما يزعمون في الإكراه , يظهر لنا بشكل واضح أن جوهر القضية ذاتهُ خاطئ , صحيح أن الرق , والعمل الرقي يقومان على أساس الإكراه الصريح , لكن ... هل يعني هذا أن الإكراه هو سبب شكل العمل الرقي ؟
الجواب .. كلا
وعلى هذا السؤال بالتحديد أجاب انجلز أيضاً .. ان الإكراه ذاتهُ , كوسيلة اجبار على العمل , كان نتيجة مستوى معين لتطور القوى المنتجة , وبالتالي نتيجة أسباب اقتصادية بحتة , ان الإنتاج القائم على استخدام عمل الرقيق يظهر في مرحلة تاريخية من تطور القوى المنتجة , انهُ يتحدد بحال هذه القوى البدائي الكافي لإنتاج فائض , ويحافظ على هذا الفائض بوسائل الإكراه المكشوف , ان العلماء البرجوازيون عندما يحاولون بحث شكل العمل الرقي يخلطون بين سؤالين متباينين هما ..
1 ــ ما هو جوهر الرق , وما هي أسبابه ؟
2 ــ ما هي الوسائل التي يمكن تأمينه بها , والمحافظة عليها ؟
ان العلماء البرجوازيون عندما يجيبون على السؤال الأول يبدو لهم الأمر على أنهم يجيبون على السؤال الثاني وبالعكس , وهذا ليس أمراً واحداً على الإطلاق ..
الإكراه ذاتهُ يستخدم فقط كوسيلة لبلوغ الهدف ( جني فوائد اقتصادية , فائض انتاج ) , ان جوهر الرق ينحصر في واقع استغلال الرقيق والحصول على ثمار عملهم بطريقة غير مشروعة , وهو الشكل الذي يتحدد مسبقاً بشكل القوى المنتجة ودرجة تطورها ..
عندما حلل كل من ماركس وانجلز هذه الامور بدقة , ظهر لعلماء البرجوازية خوائهم الفكري والاقتصادي في التحليل , فشكلوا لجان أطلقوا عليها لجان دراسة ( إعادة تحديث السير التاريخي لمراحل تطور المجتمع ) ..
لكنهم فشلوا بسبب اعتبارهم أن الرق ليس أكثر من اسلوب رأسمالي يتلائم وشكل تطور العالم القديم ..
ويرى هؤلاء أنهُ طالما وجِدَ النقد كوسيلة للتبادل , وجد الشكل الرأسمالي للانتاج , على الرغم من أنهُ كان يفقد أحياناً سمات هامة من سماتهِ الرأسمالية , لهذا يخطأ من يظن أن علم الاقتصاد السياسي هو واحد ولا يوجد علم اقتصاد سياسي ماركسي وآخر برجوازي ..
ولو أردت تلخيص جوهر التناقض بين الاقتصاد السياسي عند ماركس , والآخر عند البرجوازيين سنرى ..
ــ الاقتصاد البرجوازي لا يعترف اطلاقاً بالمراحل التاريخية لتطور المجتمع , ويعتبر أن الملكية ظهرت مع ظهور أول انسان في الوجود , كما أكدت الكتب الدينية ..
ــ الاقتصاد الماركسي .. حلل مراحل تطور المجتمع على اسس اقتصادية مقترنة بتطور الفكر البشري وحالة القوى المنتجة من مجتمع لآخر ..
لهذا لا يمكن لقارئ يمتلك أدنى قدر من الثقافة القول أن الاقتصاد هو الاقتصاد عند البرجوازيين والماركسيين وان نظرتهما واحدة للتطور , ببساطة لأن في ذلك غباء فكري ..
طبعاً طالما وِجِدَ وعي ثوري , طالما تمكنا ببساطة من الكشف عن المعنى الطبقي لهذه النظريات , فهم يدعون .. أنهُ طالما يُعتبر نظام الانتاج الرأسمالي خالداً منذ فجر التاريخ , فلا معنى لأي نضال من أجل تغيير النظام الاجتماعي ..
وكلما تقدم الزمن كلما لائموا نظريتهم مع التطور , كما ذكرت سابقاً انهم في سبعينات القرن العشرين ادعوا ان الرأسمالية أصلاً لم تعد موجودة بسبب سيطرة الخدمات على المجتمع في محاولة منهم لتوجيه ضربة قاضية لفكر ماركس وانجلز , وهنا أيضاً يقولوا طالما لم تعد الرأسمالية تحكم فلا معنى للنضال من أجل تغيير المجتمع ..
لهذا لخص لنا ماركس شكل الاقتصاد كما يراه البرجوازيون في الامور التالية ..
ــ لا يعترفون بمراحل التطور التي مر بها المجتمع ..
ــ يعتبرون الاكراه هو الشكل الأساسي لأسلوب انتاج عهد الرق , وليس السبب اقتصادي بحت ..
ــ لا يعترفون بالتقسيم الاجتماعي للعمل ..
ــ يعتبرون ان التبادل حدث صدفة , ولم يكن لهُ أي أثر على الإنتاج عبر التاريخ ..
ــ يعتبرون المرابين والتجار هم ظاهرة ولدتها الهجرة , وأغلب التجار والمرابين كانوا غرباء في دول الرق ..
ــ أن ظهور الملكية جاء الى الوجود مع ولادة الانسان الأول , استناداً للكتب الدينية ..
هذه الامور كلها فندتها الماركسية ووضعت علم الاقتصاد على طريقهِ الصحيح , ومن لا يستطيع التمييز بين هاتين النظرتين لا يمكنه فهم المبادئ الأولية لعلم الاقتصاد السياسي ..
هذه النظريات البرجوازية وما شابهها , لم تكن أكثر من محاولة لتشويه التاريخ , ساعد على انتشارها الطبقة السائدة , وهكذا كان اسلوب انتاج عهد الرق أول تشكيلة اقتصادية ــ اجتماعية في تاريخ البشرية قائمة على استغلال الانسان لأخيه الانسان , ومتضمنة في ذاتها سيطرة طبقة على اخرى , كانت سيطرة أسياد الرقيق على الرقيق تتجسد بوجود ملكيتهم للأرض , ولأدوات الانتاج وللرقيق أنفسهم , والإنسان الرقيق لم يكن يتمتع بأدنى قدر من الحقوق وكان يُنظر اليه على انه أداة للإنتاج فقط ..
أما الدولة التي نشأت لأول مرة في عهد الرق , كدولة خاصة بأسياد الرقيق الذين كانوا الطبقة السائدة المشرعة للقوانين والأفكار فقد تلخصت مهمتها الأساسية في ..
1 ــ الحصول على الرقيق عن طريق الحروب العدوانية على أقوام اخرى ..
2 ــ تأمين عملية استغلال الرقيق الى أبعد حد , وتطوير طرق سحق مقاومتهم وتمردهم ..

لقد وقع انهيار وموت اسلوب انتاج عهد الرق ومجتمعهِ , لأن عمل الرقيق أصبح في مرحلة معينة من مراحل تطور القوى المنتجة غير نافع , وتحولت العلاقات الانتاجية الى عائق للتطور الى الأمام ..
لذلك حكم التاريخ على اسلوب الانتاج هذا بالزوال وأن يترك محلهُ لأسلوب انتاج جديد قادر على تأمين التطور التالي للقوى المنتجة على الرغم من أنه أبقى حالة الاستغلال بشكل جديد أكثر مرونة ..

أسئلة حول الموضوع ..

ــ ما الذي مثلهُ ظهور طبقة التجار والنقد المعدني في عصر الرق ؟
ــ ما هي أسباب نشوء التناقض بين انتاج السلعة وتصريفها في عصر الرق ؟
ــ ما هي الأسباب الاقتصادية التي وقفت خلف ظهور طبقة التجار في عصر الرق ؟
ــ ما هي أوجه الاختلاف بين مرحلتي التطور التي شهدها مجتمع الرق ؟
ــ كيف كان تأثير رأس المال التجاري والربوي على مجتمع الرق ؟
ــ ما هي أسباب حدوث التمردات العمالية والفلاحية في عصر الرق ؟
ــ أزمة اقتصاد عصر الرق عبرت عن نفسها بأشكال اقتصادية مختلفة . ما هي ؟
ــ هل أدى موت اسلوب انتاج عصر الرق الى انهاء استغلال الانسان لأخيه الانسان ؟
ــ هل يمارَس الرق في مجتمعاتنا الحديثة اليوم وفي أي مكان من العالم ؟
ــ ما هي المخلفات المباشرة لعصر الرق ؟
ــ هل تتفق مع الرأي القائل أن الرق اسلوب انتاج لا بد منه , وانهُ جاء الى الوجود بفعل قوانين طبيعية لا اقتصادية ؟
ــ بماذا يختلف الاقتصاد السياسي الماركسي عن الاقتصاد السياسي البرجوازي ؟
ــ بماذا كانت تتلخص مهمات دولة أسياد الرقيق ؟