الابتذال والبلدية


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2013 / 10 / 29 - 15:47     

الابتذال هو مفهوم أخلاقي وجمالي وفلسفي, يدل على نمط في الحياة والتفكير, وفي التعامل مع القضايا المطروحة, يحط من القيم الروحية الانسانية, وينزل بها الى المستوى المحدود, السوقي والضيق, حتى ويحط من مفهوم الكرامة الشخصية.
وبين تجليات الابتذال, تأتي: محدودية المصالح ووضاعة الدوافع. وتفاهة الأفعال المتسترة بالعبارات الطنانة المنمقة والمشاعر العاطفية الحالمة, كما يقول كارل ماركس وفريدريك انجلز (تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام). وتحويل "حكمة الحياة" - المفهومة على نحو سوقي مبتذل, والتعقل الأناني, الى مبدأ اخلاقي وحياتي. و (الوسطية والتفهم) المغرورتين, التي تؤكد ذاتها في الاندفاع في نفي وتحقير كل ما هو سامي وبطولي وعظيم حقاً. والأخذ الدوغمائي وغير النقدي ب (الحقائق الأولية) ومحاولة استخدامها لحل المشكلات الحياتية المعقدة. وضيق الأفق, وسطحية فهم الواقع مما يطرحه من متطلبات. والابتذال في الأذواق, والانقياد العبودي للموضة ونماذج في الملبس, بعيدةً أن تكون الأجمل من نوعها.
ويتجلى الابتذال في العلم والمعرفة ايضاً, وهنا يعني, ان يتم نقل التصورات اليومية العادية الى النظرية العلمية. وابتذال الأفكار التي طرحت في الماضي.
لقد انتقد ماركس وانجلز مراراً ابتذال البرجوازية, نمط حياتها وأفكارها, وضمناً العلمية البرجوازية الكاذبة, وبينا ارتباطه بروح المتاجرة السائدة في المجتمع الرأسمالي, وقد سخرا أيما سخرية من (الابتذال الوضيع) المميز للبرجوازية الصغيرة, وقد أعطى ماركس هذا الوصف الدقيق للابتذال المتمادي : ((سطحية, وثرثرة لا رادع لها, وتصلف وتبجح... فظاظة متصنعة في التهجم, وحساسية هستيرية تجاه فظاظة الاخرين... دعوة دائمة للأعراف الخيرة وhخلال دائب لها... جمع كوميدي بين الحماس والابتذال, التكبر سواءاً في معارضة الحكمة الشعبية بشبه البلدية ومعارف الكتب, أو في معارضة العلم ب(العقل البشري السليم), التقيد بمفاهيم دوغمائية ضيقة, والتعويل في الوقت نفسه على الممارسة التافهة في مجابهة كل نظرية, الاستياء من الرجعية والوقوف ضد التقدم)).

اما البلدية (السوقية), كمفهوم فلسفي, هي تعريب لكلمة "ميشانستفو" الروسية, وهي خصلة, مرتبطة بالابتذال في نواحي كثيرة, تدل في صيغة عامة على نمط في الحياة والتفكير, تتميز بضيق ومحدودية المثل الحياتية واقتصارها على المصالح الشخصية, وبالجبن والتكيف اللامبدئي في السياسة, وبالرياء في الأخلاق.
وقد كان لمصطلح البلدية في أول عهده, معنى اقتصادي اجتماعي صرف, فكان يدل في روسيا القيصرية, على البرجوازية الصغيرة المدينية.
لقد غدت البلدية تعني ضيق المصالح الحياتية, واقتصارها على السعي الى السعادة الشخصية, والازدراء الوقح بالناس الأدنى مكانة اجتماعية, والخنوع الذليل أمام الفئات الاجتماعية الأعلى.
وفي قاموس الماركسية اللينينية, يدل مصطلح البلدية على السعي الى (تدبير الامور) بكافة الوسائل, والتكيف اللامبدئي مع الظروف (ان يغير الانسان اسلوب تعامله مع الاخرين ومع الأوضاع حسب ما تتطلبه مصلحته, اي بدون مبدأ), وايجاد السبل للترقي في المنصب, ومحاولة التميز الظاهري بين جملة من الناس.
ان الابتذال والبلدية, تمتد جذورها في سيكولوجيا الملكية الخاصة, ويتطلب ازالتها كنوع من انواع الوعي الجمعي البالي, ازالة الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وتطوير الثقافة الروحية, ومشاركة الناس مشاركة واسعة في الحياة السياسية-الاجتماعية في المجتمع الاشتراكي.

المصادر:
1- كتاب علم الأخلاق, ل ايغور كون, اصدار الاتحاد السوفييتي
2- النفسية والسلوك الطبقي, فاسيلي ديميتريف
3- اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني