وجهة نظرنا, في بعض سمات الفرويدية والفرويدية الجديدة


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2013 / 10 / 16 - 15:25     

الفرويدية هو مذهب مثالي ذاتي في طبيعة الانسان, واسع الانتشار في البلدان البرجوازية, تشربت بأفكاره كثيراً علم الاجتماع والفلسفة والانثروبولوجيا والأخلاق وعلم التربية البرجوازي المعاصر, ظهر مبدأ التحليلي النفسي هذا في اواخر القرن الماضي على يد طبيب النفس النمساوي سيغموند فرويد 1856-1939.
لقد عمل فرويد في بداية الأمر على صياغة التحليلي النفسي كطريقة في علاج الأمراض النفسية, ومن ثم عممه على العلاقات الاجتماعية.
يقول فرويد (بفطرية) و (أزلية) العقد النفسية عن الانسان, ويستخلص فرويد بنية سلوك الانسان ودوافعه من (الميول اللاشعورية), ولا سيما الجنسية.
حسب فرويد, ان العنصر الأولي لعالم الانسان الداخلي هو (اللاشعور), الذي يفعل كقوة بدون وجهة, كنزوع يتخذ اتجاهه في مبدأ (الشهوة), ويتجلى عند الرجل بعقد متناقضة من الميول الجنسية نحو الأم, وفي بواعث عدوانية تجاه الأب, وهذه البواعت مماثلة بالنسبة للمرأة.
يزعم فرويد بأن تطلعات الانسان الحيوية موروثة من العهود البدائية, وبأن تطور المجتمعات, وبالتالي القوانين والأخلاق خلقت حاجزاً أمام الميول الاشعورية, ولذا فانه من المراحل الاولى لتطور المجتمع ينمو في وعي الانسان, وينتقل بالوراثة مرجع أعلى خاص (الأنا-المثال), الذي هو حصيلة استيعاب الفرد للقواعد العامة في المجتمع.
وينطلق فرويد من طابع العلاقة بين الفرد والمجتمع في العالم الرأسمالي ليسبغ عليع لوناً من الاطلاق, وليصل الى استنتاج خاطيء, مفاده أن الحضارة, كل حضارة معادية للإنسان, ذلك أنها تؤدي لكبت ميوله, وتشكل حصيلة لتحول الطاقة النفسية الى مختلف اشكال النشاط الثقافي.
يعتبر فرويد اغتراب الإنسان حصيلة لا مفر منها للحضارة. والحضارة عنده هي الحضارة الغربية دوماً.
اختلف فرويد مع الماركسية في إمكانية إلغاء أو تخفيف الاغتراب، لأن الدوافع العدوانية لدى البشر، التي تهدف الماركسية إلى تقليلها أو إلغائها كلياً، يعتبرها فرويد ذات (طبيعة بيولوجية مطلقة)!!

في مخطوطات 1844 عالج ماركس, أسباب اغتراب الإنسان في المجتمع الرأسمالي. فالقابليات الإبداعية، التي تجد لها تعبيرا في العمل، يصيبها التشوه وتتحول إلى قوى مناهضة للوجود الإنساني. وبذلك يصبح الناس عبيداً لمجتمع هو من نتاجهم. في المجتمع الرأسمالي يتحول العمل، باعتباره أكبر مصدر للإبداع والخلق، إلى مهمة روتينية بغيضة وصـراع يومي يحـاول الشخص تجنبه كما يتجنب الطاعـون, وهو العمل المأجور جوهر النظام الرأسمالي, اذاً فهناك اسس لهذا الاغتراب, اسس موجودة في المجتمع, وليس كما ادعى فرويد.

أما الميل المكبوت, بفعل تعارض الانسان مع الحضارة) الذي لم يتحول, فينعكس في صورة امراض نفسية وتصرفات لاأخلاقية عن الناس, وهكذا يصل فرويد الى النتيجة الخاطئة, التي تقول, بأن كل الرذائل- والأمراض النفسية, والجرائم الخ- التي يولدها المجتمع البرجوازي, لهي حصيلة طبيعة الانسان اللااجتماعية.
وقد استخدمت وجهة نظر فرويد السيكولوجية من قبل الأيديولوجيين الرجعيين لتبرير مثالب المجتمع البرجوازي استناداً الى (علة أزلية) في نفسية الانسان, وكانت لا علمية الموضوعات الأساسية في الفرويدية وتأثير الفلسفة الماركسية, وراء واقعة أنه - الى جانب المدرسة التقليدية المحافظة في التحليلي النفسي الفرويدي-ظهر منذ ثلاثينيات القرن العشرين في الوليات المتحدة الأمريكية, تيار من الفرويدية الجديدة في الطب والسيكولوجيا وعلم النفس.
والفرويدية الجديدة هي تيار واتجاه في الفلسفة والسيكولوجيا البرجوازية المعاصرة, يعالج المشكلات السيكولوجية والفلسفية انطلاقاً من مباديء وطروحات (التحليل النفسي الكلاسيكي), مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل الثقافية والاجتماعية في نشاط الناس.
وكما ذُكر, كان من ابرز اسباب ظهور هذا التيار الجديد, هو اضفاء الفرويدية الكلاسيكية صفة الاطلاق على الطابع البيولوجي (للمزاج والدوافع والمصالح), والمبالغة في التناقضات بين الفرد والحضارة الانسانية.
من ابرز ممثلي هذا التيار هو ايريك فروم, الذي بذل محاولات بائسة للجمع بين الفرويدية والماركسية, وقد بائت بالفشل.
يؤكد الفرويديين الجدد , على ان النظام الرأسمالي يؤدي الى انحطاط الشخصية الأخلاقي وتناقضات بين المصالح العامة والفردية, ليطرحوا برنامج لتحويل المجتمع البرجوازي الى مجتمع انساني حقاً, وذلك من خلال (صحوة وعي الذات النقدي) عند الشخصية, ونشر اشكال جديدة من (التوجيهات النفسية), وهم يعلقون الامال على (التحليل النفسي للانسان), الذي يتيح في رأيهم وضع قواعد للسلوك, تتطابق مع ماهية الانسان.
وعلى هذا النحو, يتبين ان البرنامج الفرويدي الجديد لتحويل المجتمع البرجوازي باتجاه اكثر انسانية لا يهدف الا الى تغيير التوجهات النفسية للشخصية, دون مساس بالركائز الاجتماعية القائمة, وبالطبع فانهم لا يعالجون الظروف الاقتصادية الاجتماعية في النظام الرأسمالي, التي تولد المشاكل النفسية لدى الناس وتولد الاغتراب.
صحيح ان بوسع طرق التحليل النفسي ان تخفف بعض الشيء من توتر الشخصية الداخلي, الا أن هناك بنية اقتصادية اجتماعية تولد ماسي وكوارث في النفسية الجماهيرية (على صعيد جمعي), وأمراض اجتماعية (على صعيد الفرد).
ان الفرويدية الجديدة تتحول في نهاية المطاف, الى مذهب طوباوي, خيالي, يؤكد على الانفصال بين الواقع البرجوازي اللاانساني وبين المثل الانسانية العامة, ولكنه عاجز عن تقديم حل واقعي وفعال للمشكلات الحيوية الهامة, مشكلات تطور الانسان تطوراً حراً خلاقاً.

المصادر:

1- اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2- السيكولوجيا الاجتماعية... غالينا انرييفيا, عالمة سوفييتية, في مجال علم النفس الجماهيري
3- الشخصية والمجتمع...الفيلسوف والكاتب الاجتماعي البلغاري, ايغور نيمروفيتش.