الصراع الأيديولوجي كشكل من أشكال الصراع الطبقي


خليل اندراوس
2013 / 10 / 12 - 10:28     

في بداية القرن الواحد والعشرين حيث تمارس الامبريالية العالمية سياسات العدوان والهيمنة والحروب وممارسة دور الشرطي العالمي، واستراتيجيات الإرهاب والقوة (وآخر مثال على ذلك تهديد أمريكا بالعدوان على سوريا)، كل هذا لا يقضي على التناقض الرئيسي في عالمنا المعاصر: الصراع الطبقي


هناك أهمية خاصة لنشر المعارف العلمية عن تطور المجتمع الإنساني وفضح جوهر المجتمع الرأسمالي الاستغلالي، وخاصة في أعلى مراحل تطوره، المرحلة الامبريالية المعاصرة والبرهان على حتمية زوالها، أي زوال الرأسمالية كطبقة سائدة وتبيان الرسالة التاريخية للطبقة العاملة – البروليتاريا، وتوطيد ونشر وتطوير أيديولوجية الطبقة العاملة – البروليتاريا وتوطيد ونشر وتطوير أيديولوجية هذه الطبقة العاملة، وفكرها، وعقيدتها الماركسية اللينينية، بوصفها أسمى وأرقى وأشمل وأعمق منجزات العلوم الاجتماعية والفلسفية والاقتصادية والسياسية. كل هذا يشكل جوهر الصراع الأيديولوجي الطبقي الذي تخوضه قوى التقدم والديمقراطية والحرية وعلى رأسها الطبقة العاملة، حاملة الرسالة التاريخية، الا وهي القضاء على المجتمع الطبقي، من اجل بناء مجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية مجتمع المستقبل، المجتمع الذي يقضي على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، ويبني المجتمع الاشتراكي الشيوعي - مملكة الحرية على الأرض.
وهناك أهمية خاصة لنشر الفكر الماركسي اللينيني من اجل كسب الطبقة العاملة، وتعميق دورها النضالي اليومي التراكمي ومن اجل إحداث القفزة النوعية في المستقبل، أي الثورة الاجتماعية.
وكخطوة مهمة في هذا النضال يجب تعميق عزلة الطبقة الاحتكارية الرأسمالية، وخاصة طبقة الشركات الاحتكارية العابرة للقارات وشركات رأس المال العسكري وفضح دورها العدواني وافتعال الحروب غير العادلة ضد شعوب العالم، وتركيزها في الفترة الأخيرة على منطقة الشرق الأوسط، وتهديد أمريكا الأخير بالعدوان على سوريا وإيران لأكبر دليل على عدوانية هذه الطبقة، التي يجب خوض النضال ضدها، وعزلها فكريًا، الأمر الذي من شأنه ان يساعد في إحداث التحولات الاجتماعية التقدمية في مختلف بلدان العالم، وتسوية احدى أهم القضايا الدولية في المرحلة الامبريالية المعاصرة وفي المقام الأول بينها النضال ضد الحروب العدوانية التي تخوضها الامبريالية العالمية ضد شعوب العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
لذلك علينا من خلال نشر وتعميق الصراع الأيديولوجي ان نوضح الهدف الأساسي لهذا الصراع ألا وهو تبيان مستقبل البشرية الشيوعي للناس كل الناس، للشعوب كل الشعوب ورسم اقصر الطرق واقلها إيلاما من اجل الوصول إلى هذا الهدف الإنساني الثوري الاممي.
ويجب علينا ان نحوّل هذا الصراع الأيديولوجي في عالمنا المعاصر الذي تخوضه الطبقة العاملة ضد طبقة رأس المال، إلى صراع فكري هجومي مثابر ومدروس.





*مفاهيم التدين الزائف ومصلحة طبقة الاستبداد*




أصحاب الفكر الأيديولوجي البرجوازي لديهم أهداف رجعية نقيضة للفكر الثوري الماركسي وتتلخص في البرهان على ثبات وخلود الملكية الخاصة لوسائل وأدوات الإنتاج، وصرف الجماهير عن القضايا الاجتماعية الاقتصادية الحادة ونشر وتعزيز النزعة الفردية، والأفكار الشوفينية كالفكر الصهيوني الشوفيني العنصري ومفاهيم "شعب الله المختار"، والتي لا تختلف كثيرًا عن المفاهيم النازية "للشعب الأرقى"، والعرقية، والتطرف الديني، ونشر ودعم مفاهيم التدين الزائف، وتسييس الدين وتشويهه من منطلقات رجعية تعود بالفائدة ولمصلحة طبقة الاستبداد، والسلطة الرجعية وخاصة في العالم العربي والإسلامي. وأيضًا تشويه أيديولوجية الطبقة العاملة، أي الفلسفة الماركسية اللينينية، وتهميشها وإقصاؤها والتعتيم عليها وتشويه صفحتها وتاريخها، واكبر مثال على ذلك مفاهيم وفلسفة صراع الحضارات لهنتنغتون، ونهاية التاريخ لفوكوياما، الذي سرق هذا التعبير عن الفيلسوف هيغل.
كتب ماركس في مقدمة الطبعة الأولى لرأس المال يقول:
"إن البحث العلمي الحر في مجال الاقتصاد السياسي لا يواجه فقط أولئك الأعداء الذين يواجههم في المجالات الأخرى. فالطابع المتميز للمادة التي يدرسها الاقتصاد السياسي يستدعي إلى حلبة الصراع ضد البحث العلمي الحر أهواء النفس البشرية الأشد ضراوة وخسة وشناعة – أي ضواري المصلحة الخاصة".
وهذا بالفعل ما يواجهه الفكر الماركسي اللينيني من هجوم شرس وخسيس، وغير علمي من قبل أصحاب المصلحة الخاصة طبقة رأس المال.
في بداية القرن الواحد والعشرين حيث تمارس الامبريالية العالمية سياسات العدوان والهيمنة والحروب وممارسة دور الشرطي العالمي، واستراتيجيات الإرهاب والقوة وآخر مثال على ذلك تهديد أمريكا بالعدوان على سوريا، كل هذا لا يقضي على التناقض الرئيسي في عالمنا المعاصر، ألا وهو الصراع الطبقي الأيديولوجي، بل إن هذا الصراع يتفاقم ويشتد ويتعمق ويكتسب مفاهيم عالمية عابرة للحدود والقارات ويكتسب طابعا أمميا عالميا.
إن الماركسية اللينينة، هي سلاح الطبقة العاملة وكل الطبقات وشرائح المجتمع المسحوقة، وسلاح الشيوعي الفكري، ومن لا يتسلح بهذا الفكر، معرفة وممارسة لا يستطيع ان يكون ثوريا حقيقيا، شيوعيا حقيقيا صاحب رسالة تاريخية ثورية إنسانية. ففي عالمنا المعاصر التناقض الرئيسي هو من جهة، بين طبقة رأس المال والطبقة العاملة من الجهة الأخرى. هو بين طبقة الاحتكارات العابرة للقارات من جهة ومصالح ومستقبل شعوب الأرض كافة لا بل ومستقبل الإنسانية جمعاء، وهذا الصراع يتفاقم ويشتد ويأخذ أبعادا عالمية، ويأخذ شكل الصراع الجماهيري الشعبي من اليونان إلى البرتغال ومن فرنسا إلى اسبانيا، ولذلك هناك أهمية بالذات لنشر وتعميق الصراع الأيديولوجي داخل المجتمع الطبقي الرأسمالي، ضد سياسات التخريب والابتزاز والتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى في العالم وضد الحروب العدوانية التي تخوضها الامبريالية العالمية وخاصة أمريكا وإسرائيل وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. فكما قال لينين "ما من قوة في العالم تستطيع ان تكنس من على سطح الأرض النزعة الديمقراطية الباسلة لدى الجماهير الشعبية في البلدان الآسيوية وشبه الآسيوية (لينين – حركة شعوب الشرق التحررية الوطنية).
فالماركسية اللينينية هي السلاح الفكري لكل ثوري في العالم ولكل من يريد ان يناضل ويقاوم عولمة القهر والعدوان الامبريالي ولان قوة الفكر الماركسي اللينيني تكمن في كونها لا تفسر عملية التطور الاقتصادي الاجتماعي لهذا المجتمع أو ذاك وحسب، ولا تكشف الآفاق التاريخية، وتعطي التوجيه والدليل لقضايا العصر المعقدة وتطرح سياسات واستراتيجيات حلها، بل أيضا تعلمنا كيف يجب ان نعمل ونناضل ونجند الطبقات الثورية وخاصة الطبقة العاملة لكي نسهل ونُسرع ونطور عملية التقدم الاجتماعي السياسي والاقتصادي.
من هنا أهمية دراسة الفكر الماركسي اللينيني والعمل على نشره وتطويره بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الامبريالية الراهنة.





*اللب العقلاني لكل قضية وقضية*




كتب ماركس يقول: "طريقتي الديالكتيكية من حيث أساسها لا تختلف عن طريقة هيغل، وحسب، بل تناقضها بصورة مباشرة، بالنسبة إلى هيغل فان عملية التفكير التي يحولها حتى تحت اسم الفكرة إلى ذات مستقلة، هي ديميورغ (خالق، مبدع) الواقع، الذي لا يشكل سوى مجرد مظهر لتجلِّيها الخارجي. اما عندي فعلى العكس، فالمثالي ما هو الا مادي منقول إلى رأس الإنسان ومحول فيه، فالديالكتيك يقف على رأسه عند هيغل، بينما ينبغي إيقافه على قدميه بغية الكشف عن اللب العقلاني تحت القشرة الصوفية".
فعلى كل ماركسي ان يبحث عن اللب العقلاني لكل قضية وقضية في المجتمع الطبقي الرأسمالي، ويعمل على حلها لصالح الطبقة العاملة، وباقي شرائح المجتمع المستغَلة. تعقُّد وتوسُّع الصراع الأيديولوجي المعاصر يتطلب من قيادات الأحزاب الثورية وخاصة الشيوعية إجراء دراسات عميقة ودقيقة لكل الظواهر والسلبيات والتناقضات في المجتمع الطبقي الرأسمالي. وعلى هذه الدراسات ان تكون مصوغة ومعللة بشكل واضح لحشد الجماهير الشعبية الواسعة وعلى رأسها الطبقة العاملة وكذلك دراسة الايديولوجيات الزائفة لطبقة رأس المال ودحضها وانتقادها بشكل علمي ومدروس فطبقة رأس المال استطاعت خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية، رفع مفاهيم الصراع الأيديولوجي إلى مصاف أولوياتها السياسية الطبقية على صعيد الدولة والعالم.
ولذلك تقوم الدول الامبريالية ومن خلال رجالاتها و"فلاسفتها" و"عملائها" بإجراء بحوث محمومة عن "أفكار جديدة" تدعم بقاءها وسيطرتها، وتعمل بشتى الطرق من اجل تشويه وتزوير وتهميش ونقض الفكر الماركسي اللينيني، من خلال تبرير الرأسمالية وتزيين وجهها القبيح وغير الإنساني فلذلك العداء للشيوعية، والعداء للفكر الماركسي اللينيني هو السلاح الفكري للامبريالية وطبقة رأس المال، لذلك نجد في الغرب من يدعي بنهاية الصراع الطبقي ونهاية الصراع الأيديولوجي و الاحتكارات العابرة للقارات، وطبقة رأس المال العالمي تنفق أموالا طائلة على دراسة وبحث وإيجاد أفضل الوسائل للدعاية الجماهيرية، والقيام بذلك داخل بلدانها وفي العالم، وتتميز في ذلك احتكارات الولايات المتحدة الأمريكية، بأوسع نطاق، فالمطبوعات الدورية ومراكز الدراسات المختلفة، والصحف والراديو والتلفزيون والسينما، لا بل كل وسائل الإعلام في الغرب موجودة في أيدي طبقة رأس المال إلى جانب نشاط العديد من الهيئات الحكومية المرتبطة بالمساعدات الأمريكية، وأيضا المنظمات الخاصة، مثل منظمة "ايباك" الصهيونية الداعمة المطلقة لسياسات إسرائيل العدوانية، كلها تعمل وتخدم طبقة رأس المال وتعادي بشكل مطلق الفكر الثوري الماركسي اللينيني.
لذلك على كل قوى اليسار، والأحزاب الشيوعية خاصة ان تحتفظ باليقظة وتتسلح بالفكر الماركسي اللينيني، ضد دسائس وفكر وإعلام وسياسات الامبريالية العالمية وقوى الرجعية.
فكما قال ماركس وانجلز في البيان الشيوعي بان تجربة بناء الاشتراكية قد تفشل مرة أو مرتين أو أكثر ولكنها ستنتصر في النهاية، فالمراحل التاريخية القادمة ستحمل للماركسية انتصاراتها الحتمية.
وقال ماركس أيضًا: "هذا لا يعني بان الأعجوبة ستحدث غدًا، ولكنه يدل على ان الطبقات السائدة نفسها بدأت تشعر بصورة مبهمة بان المجتمع الراهن ليس بلورًا صُلبًا بل عضوية قابلة للتحولات وهو في عملية تحول مستمر" (كتاب رأس المال – المجلد الأول تذييل الطبعة الثانية).
وحتى الآن يحاول العلماء وغير العلماء من ممثلي طبقة رأس المال، القضاء أو تهميش أو تشويه الفكر الماركسي وخاصة كتاب رأس المال لماركس، الا انهم فشلوا في ذلك لان النظرية الماركسية اللينينية نظرية علمية موضوعية جدلية ومن شجرة الحياة.