الفيلانتروبيا: (الخيرية) philanthropy


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2013 / 10 / 12 - 00:10     

الإحسان والأعمال الخيرية كتجلي محدود تاريخياً لانسانوية الطبقات الاستغلالية, وهي جملة من التصورات والأفعال الأخلاقية, الى تقديم المساعدة الى الفقراء وذوي العاهات والضعفاء وغيرهم من الأشخاص, الذين إصابتهم مصيبة في الحياة, ويعيشون في وضع بائس. ان المجتمع البدائي والعصور القديمة لم تعرف الفيلانتروبيا, أما ما كان يتم في اليونان القديمة من ولائم عامة, وتوزيع للأموال, وبناء المعابد والحمامات وغيرها, فكانت من طبيعة أخرى, لأن المساعدة كانت تشمل كل المواطنين الأحرار, ولم تكن تصدر عن (السماحة والكرم), وانما كانت فرضاً على الدولة والأغنياء. وقد ظهرت الفيلانتروبيا في روما الإمبراطورية, حيث أن ضرورة تهدئة الأعداد المتزايدة من الأحرار الفقراء, الميالين الى التمرد والفتن, قد دفعت أثرياء المدينة والدولة للقيام بأعمال خيرية طوعية, وقد استخدمت الكنيسة المسيحية الناشئة الفيلانتروبيا لاجتذاب جمهور الفقراء الى طرفها في الصراع من أجل السيطرة, وفي العصر الوسيط ربطت المسيحية الفيلانتروبيا بالدوافع الدينية (التكفير عن الذنوب, ضمان مكان في الجنة, الخ) فحولتها الى مصدر إضافي لإعادة إنتاج التسول, أما البرجوازية الفتية فأدانت الفيلانتروبيا إدانة حازمة, اذ رأت فيها عنصر من الاضطهاد الإقطاعي, وسبباً في الطفيلية والخمول, من ذلك مثلاً, أن الثورة البرجوازية الفرنسية الكبرى, قد أصدرت مرسوم خاص عام 1793, يعتبر الصدقة جنحة. ولكن البرجوازية, بعد توطيد سيطرتها, غيرت موقفها من الفيلانتروبيا, وصارت تمارسها على نطاق واسع, سواءاً في صيغ حكومية أو خاصة, وتشغل الجمعيات الخيرية والنشاط الخيري مكانة هامة في الالية الاجتماعية بالبلدان البرجوازية.
أما في الاسلام, فقد تجلت الفيلانتروبيا على شكل صدقة وزكاة, قام عليها الدين, كونها احد أعمدته الرئيسية, وتتجلى الزكاة والصدقة في الإسلام بشكل ديماغوجي, حيث يعلن بأن (الإسلام كفل حقوق جميع الفقراء), وتتجلى الأعمال الخيرية في الإسلام كأداة في يد رجال الدين السياسيين لجمع اكبر عدد من الفقراء الى جانبهم, ويتم تعويض (افتقار هؤلاء الى أي برنامج اقتصادي اجتماعي, وعدم قدرتهم على فرض حلول حقيقية لمجتمعاتهم) ب ( استخدام المال والأعمال الخيرية), يقوم الإسلام بنقل الفيلانتروبيا الى أذهان الناس, بوصفها (آلية اقتصادية) الهية, قادرة على حل جميع مشاكلهم.
إن الفيلانتروبيا, إذ تندرج في منطق العلاقات الطبقية, التناحرية, تكف عن كونها شكلاً إنسانيا بسيطاً من العلاقات بين الناس, لتغدو وسيلة للتستر على الاستغلال, وتعبيراً عن الرياء والنفاق الأخلاقي, فمن خلالها يسعى المستغلون لإظهار رفقهم بهؤلاء, الذين وقعوا ضحية نهبهم, لكنهم في الحقيقة لا يردون (الى المضطهدين الا واحد بالمائة من حقهم), كما قال ماركس وانجلز.
إن الفيلانتروبيا تشكل عند الناس الذين يتلقون الصدقات, مشاعر التفاهة والحقارة, وعند من يعطيها مشاعر التفوق الكاذب.يقول كارل ماركس وفريدريك انجلز:(حتى البؤس البشري, والنبذ اللامحدود, المضطر لأخذ الصدقة, يجب ان يشكل لون من اللهو بالنسبة للأرستقراطية الثقافية).
في المجتمع الاشتراكي, لا يكون تقديم العون للآخرين في المصائب, عطية سخية من قبل جهة ما, وانما حالة خاصة من الصيغ المألوفة للعلاقات بين الناس, وبين الفرد والمجتمع, وتصبح الإنسانية الحقيقية محبة للبشر, تكف عن كونها استعراض في الحالات الاستثنائية, ويؤسس المجتمع الاشتراكي الظروف للقضاء على المصائب والفقر والبطالة.

المصادر:
1- كتاب علم الأخلاق, ل ايغور كون, اصدار الاتحاد السوفييتي
2- النفسية والسلوك الطبقي, فاسيلي ديميتريف
3- اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني