عناصر مستويات المعرفة.. التفكير التجريدي التعميمي والتفكير الحسي


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2013 / 9 / 29 - 02:27     

اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

الفكر التجريدي والتعميمي, كخاصية نوعية لانعكاس الواقع في الوعي, تولد مع ظهور العمل بوصفه ظاهرة اجتماعية, ذلك انه يستحيل تماماً وجود اي نشاط جهدي واعي لو أن الواقع لا ينعكس الا استناداً الى الكيفية الحسية وحدها, اذ ان الاحساسات التي تنجم عن الادراك الحسي لا تعكس مطلقاً الا ما هو فردي وملموس, والانعكاس الحسي للواقع لا يتيح في حد ذاته أي مجال للتجريد والتعميم, ولا يسمح بمعرفة الصلات والعلاقات فيما بين بين اشياء الواقع الموضوعي وأحداثه, وهو بالتالي لا يسمح بادراك الخصائص المميزة لهذه الأشياء والأحداث.
على أن ذلك لا يعني بالتأكيد ان كيفية انعكاس الواقع الحسي- المتجسد في الاحساسات والصور- انها لا تحتل مكاناً كبيراً في عملية ادراك الانسان البدائي.
ثم ان المعرفة المتولدة عن الادراك الحسي ما تزال تشكل محطة اساسية لمسار المعرفة الانسانية على مدار التاريخ, كما أن الماركسية اللينينية تتحدث عن أن المعرفة قائمة على الاحساسات والصور الناتجة عن الادراك الحسي, الذي نتج بدوره بتأثير الواقع الموضوعي على اعضاء حواسنا.
في المراحل الاولى لتطور الانسان, لم يكن هناك وجود الا لعناصر متفرقة للغاية من الكيفية التجريدية والتعميمية لانعكاس الواقع, مع طغيان الشكل الحسي للادراك زمناً طويلاً, وعلى الأرجح لم تكن العناصر المتفرقة من الكيفية التجريدية التعميمية مترابطة.
وحسب المعطيات, فانه يمكننا أن نستنتج أن العلاقات بين المدركات بحسب درجتها من التعميم والتجريد لم تظهر الى الوجود الا في مرحلة متطورة نسبياً في تطور الفكر البشري, وظل الانسان البدائي يفتقر الى نوعية (مرتفعة) من هذه الكيفية, بالرغم من وجود ابسط اشكال الفكر التجريدي التعميمي الى هذا الحد أو ذاك.
ان الاحساسات و الصور التي يوفرها لنا الادراك الحسي تنجم عن الأثر المباشر الذي تعطينا اياه حواسنا بعكسها للظروف المحيطة, وعلى عكس هذا, فمع أن الكيفية التجريدية التعميمية تستخدم معطيات تقدمها الحواس, الا أن نتائج هذه الكيفية (أحكام, صياغات, الخ..) ليست مباشرة بالنسبة الى الواقع الموضوعي الذي تعكسه, ففي المسار التجريدي التعميمي يتم الابتعاد عن بعض عناصر التأمل المباشر للواقع, وعن صور الأشياء والظواهر المفردة (الخاص), فالكيفية التجريدية التعميمية تحمل خصائص عامة تجريدية لظواهر واشياء وأحداث فردية موجودة داخل نطاق مجموعة معينة, بمعنى ان كل تجريدي تعميمي يحمل في داخله تعبيراً عن العام في الأحداث الحسية الملموسة.
ان كيفية الادراك التجريدية التعميمية تستطيع ان تبتعد عن التأمل المباشر لأشياء الواقع وظاهراته, لأن هذا الفكر يسير على اساس شكل تفكير ذاتي وصور بصرية وارتباطات تجريدية تأخذ طابع نفسي وفسيولوجي داخل وعي الانسان.