فكرة خاطئة حول كارل ماركس و فلاديمير لينين


اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
2013 / 9 / 27 - 15:53     

اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني

عندما يبحث الكثير مسألة دور ومكانة لينين في التاريخ, يسعون قبل كل شيء الى تحديد وتقييد ابداعه الفكري عن ابداع كارل ماركس, ويدعي الكثير في حالات كثيرة, انه اذا كان ماركس قد أولى عنايته الأساسية للناحية (النظرية) لمسائل تطور المجتمع, فان فلاديمير لينين كان (ممارسا عمليا) قبل كل شيء على حد زعمهم, ومن ثم يؤكدون انه اذا كان ماركس قد أولى الأهمية الحاسمة للعوامل الموضوعية للنضال من أجل الاشتراكية, فان لينين كان يفضل العامل الذاتي الا وهو دور الطبقات والأحزاب, وهذه الأحكام غير صحيحة.
لا جدال بأن ماركس قد أولى عناية هائلة باقامة الدليل النظري للنضال الثوري من أجل الاشتراكية وتحليل المقومات والعوامل الموضوعية لهذا النضال, وهذا يفسر ليس فقط بميوله وصفاته الشخصية وحدها, ولكن قبل كل شيء بسمات العصر التاريخي الذي عاش فيه.
ان نفس المقومات الموضوعية للنضال من أجل الاشتراكية لم تكن قد نضجت بعد في ذلك الوقت, أو لقد كتب كارل ماركس وفريدريك انجلز عن ذلك مرات عديدة, ولذا لم يكن بوسع الثورة الاشتراكية أن تتحقق, ولكنها كانت تنضج وكان من الضروري تهيئة الطبقة العاملة لها, وكان اهم جانب من ذلك الاعداد من تلك الحقبة-وهو أمر وفهوم تماماً- هو اعداد الجوانب النظرية للمسألة, اقامة الدليل النظري على الاشتراكية واثبات الحتمية التاريخية لرفع المجتمع الى هذه الدرجة من التطور, والوقوف على الشروط العامة لتحقيق هذه العملية, ولقد كان المقصود أعظم الكشوف العلمية لكارل ماركس وفريدريك انجلز وعن الانقلاب الحقيقي الذي حققاه في العلوم الاجتماعية.
ولكن هل بالامكان أن نؤكد أن كارل ماركس كان (نظرياً بحتاً)؟ ان التعرف البسيط بسيره حياته يبين لنا بسهولة عدم قيام هذا الافتراض على أي اساس, اي ان عدم الاطلاع على حياة كارل ماركس هو الذي يقود الى مثل وجهات النظر تلك, لقد شغل النشاط الثوري العملي مكان كبير جداً في حياته, ويكفي أن نذكر بأنه هو بالذات الذي اسس مع انجلز وقاد أول منظمتين ثوريتين للبروليتاريا الدولية, ويمكن القول اول حزبين سياسييين ثوريين: (اتحاد الشيوعيين) و (الرفاقية الدولية للعمال), ويمكن ان نذكر في هذا المقام عن المشاركة المباشرة والنشيطة جداً من جانب مؤسسي الماركسية في ثورات عامي 1848-1849 وفي تنظيم الحملة الدولية للتضامن مع كومونة باريس والكثير.
وهكذا نرى أن الوحدة العضوية للعمل النظري العلمي والثوري العملي ودراسة المقومات الموضوعية للنضال من أجل الاشتراكية والعناية المتناهية الدائبة بالعامل الذاتي لهذا النضال, اي بالطبقة العاملة وحزبها السياسي, هي المضمون الحقيقي لحياة ونشاط كارل ماركس وفريدريك انجلز, ولقد كانت حياة ونشاط فلاديمير لينين على هذا النحو ايضا بالذات.
ومن السذاجة, والابتذال ان نؤكد بأنه لم تكن هناك اية اختلافات بين ابداع ماركس ولينين, لقد كانت هناك اختلافات, ولكنها تحددت قبل كل شيء بأن هذين الثوريين عاشا وعملا في عصرين تاريخيين مختلفين.
كان من نصيب فلاديمير لينين أن يعيش ويعمل في عصر الانتقال من رأسمالية المنافسة الحرة الى الرأسمال الاحتكاري, وأيضاً في الوقت الذي تحولت فيه مسألة الاشتراكية من مسألة نظرية الى مسألة عملية حيوية, وفي الوقت الذي بدت فيه الثورة والتجديد الاشتراكي للمجتمع مهمة ملحة.
اصبح فلاديمير لينين مؤسس وقائد اول حزب ثوري للطبقة العاملة, وقاد الثورة الاشتراكية الى النصر, وعلى هذا الأساس كثيراً ما يصفونه بأنه ممارس عملي وسياسي في أغلب نشاطه وليس منظراً, وبناءاً عليه يضعونه قبالة ماركس.
غير انه يكفي لنا كما هو الحال بالنسبة لماركس ايضاً, ان نطلع على الفكر الذي انتجه والدراسات التي قام بها من جميع الجوانب, اذ ان حل مسألة الثورة الاشتراكية تطلبت (بحثاً) عنه.