رد على دعوة الأستاذ سلامة كيلة ورفاقه


جريس الهامس
2005 / 5 / 24 - 11:02     

أعتذر لتأخر جوابي على دعوتكم التي جاءت نتيجة توافق عدد من الماركسيين العرب التي نشرت في الحوار المتمدن بتاريخ 7-3 المنصرم دفاعا عن الماركسية
وتطبيق قوانينها العلمية على واقع الأمة العربية لتبديل هذا الواقع الممزق المخزي
واعذرني أيضا إذا قلت لك بأنني فاقد الثقة بالمثقفين العرب عموما مع استثناءات صغيرة صادقة منهم التزموا بصدق وشرف بقضايا شعبهم عموما وبقضية الطبقة العاملة العربية والفلاحين الفقراء وسائر الشغيلة خصوصا وعانوا العسف والإضطهاد من الأنظمة القمعية الفاشية وتجار الماركسية والإشتراكية عملاء الأمبريالية والتحريفية معا .. أما أكثرية المثقفين أو الأصح ( حملة الشهادات والألقاب ) تحولوا إلى ( وعاظ للسلاطين والطغاة ) حسب تعبير المرحوم علي الوردي _ وتنكروا لطبقة المحرومين في الريف والمدينة التي انحدروا منها
وثانيا لأننا من جيلين مختلفين ودون معرفة شخصية مع الأسف لبناء الثقة بعد التجارب المريرة التي مررنا بها بعدغربةربع قرن خارج الوطن الحبيب مطاردين كالهنود الحمر
ورغم كل ذلك حاولت التعرف عليكم من خلال كتاباتكم وأطروحاتكم الماركسية الجيدة والقومية الديمقراطية في مواجهة المحرفين القدامى والجدد من جهة والقومية الشوفينية البوليسية من جهة أخرى . ولاأكتمك سرا بأنني فتشت كثيرا بين المكاتب العربية للعثور على كتابك ( العرب ومسألة الأمة ) لأننا نحمل الهمين معا هم انتصار الإشتراكية العلمية وبناء دولتها مستفيدة من جميع تجارب الشعوب كلها ومن تطويرها وتطبيقها وفق الواقع الموضوعي للأمة العربية الممزقة والمستعبدة وهذا الهم الثاني وكان كتابا رائعا استندت فيه إلى تعريف ستالين الرائع للأمة التي فسرها بكداش بشكل مغاير لمضمونها لأن الأمم تكونت قبل اّلاف السنين من الرأسمالية وهذا ما ينطبق على الأمة العربية التي تكونت قبل الميلاد باّلاف السنين وهذا موضوع هام يحتاج لدراسة خاصة لامجال لها في هذه العجالةوقد سبق لي بحثه في كتابي الذي صدر باسم مستعار ( الحارث بن يحيى ) وبعنوان ( الوحدة العربية بين الشعار والتطبيق ) عن دار الكاتب في بيروت عام 1981 تتفق خطوطه العامة مع كتابكم الممتاز بهذا الموضوع
لابد لي بعد ذلك من إبداء بعض الملاحظات لأن النقد وحده الذي يحقق الوحدة الفكرية
ا - إن الحفاظ على الماركسية ومبادئها الأساسية وفق قوانين المادية الديالكتيكية . وديالكتيك الطبيعة . والمادية التاريخية ووضعها في التطبيق العملي على الواقع الموضوعي للأمة العربية وفق الموضوعة العلمية : صراع الأضداد - ووحدة الأضداد داخل المادة والمجتمع بعد معرفة الواقع بدقة لتبديله وفق برامج ثورية لايمكن أن تتحول النظرية فيها إلى قوة مادية إلا إذا أخذتها الطبقة العاملة بأيديها وفق الإيمان المطلق بأن الصراع الطبقي محرك التاريخ
وأحجار الزاوية هذه التي وضعها ماركس أنكلز في القرن التاسع عشر تطورت عبر ثورات وتجارب الشعوب وعبر تطر النظام الإستعماري الرأسمالي نفسه من الإستعمار القديم إلى الأمبريالية الحديثة إلى الإمبراطورية الرأسماليةالأمريكية الصهيونية وعولمتها المتوحشة التي تحاول الهيمنة على العالم ونهب واستعباد الشعوب أكثر فأكثر وإذلالها.. وماركس نفسه أبرز دور الفلاحين الفقراء في الثورة إلى جانب العمال بعد فشل ثورة ( كومونة باريس ) عام 1871 التي قال عنها ( إنها الثورة التي كادت بطولاتها تعانق السماء ) ومن ثورات القرن التاسع عشر إلى ثورات ونضالات القرن العشرين من ثورة أوكتوبر بقيادة لينين وستالين إلى الإنتصار على النازية بقيادة ستالين إلى انتصار ثورة الصين بقيادة ماوتسي تونغ وفييتنام بقيادة هوتشي منة وكوبا بقيادة كاسترو وغيفارا وثورة الجزائر التي رفضت التبعية للحزب الشيوعي الفرنسي وللإتحاد السوفياتي بقيادة ماركسيين انحدروا من الحزب الشيوعي الجزائري الذي كان يقوده ( مصالي الحاج ) تحت اسم حزب الشعب . ومنهم معظم قادة الثورة : بن بيلا - محمد بوضياف - بن خدة - محمد خميستي - حسين اّيت أحمد وغيرهم دون أن يعلنوا إنتماءهم الحزبي - يمكن مراجعة مذكرات بن بيلا - إلى ثورات اّسيا وأمريكا اللآتينية التي لايزال بعضها مستعرا حتى الاّن .... كل منها حملت تجربتها الخاصة على أرض واقعها المعاش وطبقت النظرية وفق منظورها وأغنتها بإضافاتها وفق التجربة الحية العلمية والديمقراطية والنقد لتصحيح الأخطاء
ولايضير الماركسيةإذا أضيف لها اسم اللينينية لأن لينين طوّر ها على واقع الثورة الروسية وانتصارها في بلد واحد وكذلك على الصعيد النظري حيث وضع قانون وحدة الأضدادفي المرتبة الأولى( إن الديالكتيك بالمعنى الخاص للكلمة هو درس التناقضات في ماهية الأشياء ذاتها - الدفاتر الفلسفية ص 263 ) و ( التطور هو نضال المتضادات م. ك - المجلد 13 ص301 ) وجاء ماوتسي تونغ ليطبق الماركسية اللينينية على واقع الثورة الصينية في بلد يشكل الفلاحون الفقراء فيه تسعين بالمئة وليكمل النظرية بقوله ( ليس للديالكتيك سوى قانون واحد هو وحدة الأضداد - والوحدة بين الضدين في التناقض الكائن في واقع أو شيْ محدد هي ظاهرة مقيدة وانتقالية وهي لذلك نسبية . أما الصراع بينهما فإنه يبقى مطلقا دون تقييد - من مقال : الحل الصحيح للتناقضات بين صفوف الشعب - كما رفض التبعية للإتحاد السوفياتي .. إن اعتبار عبارة الماركسية اللينينية أو إضافة اسماء أخرى أسهموا في تطويرها وإغنائها لايقلل من قيمتها الأممية أو يعزلها لتعبر عن التجربة السوفياتية أو الصينية وحدها كما زعم المرحوم الياس مرقص وأخذت حضرتك بذلك في ردك على المناضل العراقي ( حسقيل قوجمان ) بقولكم : ما كان يسمى ماركسية لينينيةوالسعي لكي نجتثهامن أدمغتنا تأسيسالروْية ماركسية تنطلق من الماركسية الأصلية ومن منهجيتها بالاْساس التي هي الجدل المادي ) وفي نفس الوقت جاء في ندائكم ( إذا أخذنا مجمل منتوج هوْْْْْْْْْْلاء الفكري فسنلحظ أخطاء لدى ماركس أنكلزوأيضا لينين وكل الاّخرين) ومع هذا قررتم اخذ الإضافات على الماركسية من بليخانوف وكاوتسكي زعيم الأممية الثانية وتروتسكي زعيم الرابعة الذي تعاون مع النازية وغيرهم الكثير ووضعتم الجميع في سلة واحدة
--2
صحيح إن القضية ليست قضية أفراد لكنها قضية تجارب ثورية حملها قادة أحزاب وثورات كانو أمناء على النظرية وطوروها على الواقع الذي عاشوا فيه وبدّلوهنحو الأفضل بين الخطأ والصواب والنقد والممارسة ثم النقد وليس من حقنا اجتثاث واستئصال أحد منهم بل من حقنا نقد أي من اّرائهم ومنجزاتهم مع اعتبار رئيسي للزمان والمكان في تقييم أي عمل ثوري أو نظرية ثورية
3-
الحديث طويل حول هذا الموضوع أعدك وأعد السادة القراء الكتابة في هذا الموضوع الهام والمفصلي في تاريخ نضالنا القومي الديمقراطي الذي هو في التحليل النهائي ( وفق لينين وماوتسي تونغ ) مسألة صراع طبقي بين شعبنا والأمبريالية الأمريكية والصيونية ووكلائها بالعمولة في الأنظمة العربية التابعة وفي طليعتها النظام الأسدي الطائفي والمافياوي نظام القتل واللصوص الذي ابتلي به شعبنا في سورية
وخصوصا بعد سقوط قيادات الأحزاب التحريفية الإصلاحية العربية في مستنقع أنظمة القمع والإرهاب مقابل فتات موائدها بعد متاجرتها براية الشيوعية عقودا طويلة مع استثناءات صغيرة ناشئة هنا وهناك في العراق وتونس والسودان ... لقد ألقى الكثيرون راية الشيوعية في الوحل وتحولوا مئة وثمانين درجة نحو الليبراليةمع الأسف ووضعوا سقف نضالهم إصلاح النظام الديكتاتوري المجرم وترقيعه مع بقائه على رقاب الناس اربعين عاما ونيف مقابل حصة من الصفقة العامة التي سبقتهم اليها الزمر البكداشية وسائر المرتزقة في جبهة شهود الزور التابعة للحزب القائد العتيد ...؟
إن الحوار بين جميع الماركسيين اللينينين الحقيقيين واجب وضرورة تاريخية في هذه المرحلة الخطيرة دون أن تكون بديلا للحوار الوطني الديمقراطي العام مع جميع القوى الوطنية الديمقراطية الموْمنة بالضرورة التاريخية لتحرير شعبنا نهائيا من هذا النظام العميل وتوحيد النضال مع إخوتنا الأكراد المناضلين ولنا من مظاهرة القامشلي اليوم وسائر النضالات القادمة خير مثال
النصر في النهاية للشعوب المناضلة وإلى لقاء وحوار أخوي اّخر .... مع الإحترام والتقدير لمبادرتكم الرائدة بين الماركسيين العرب ....؟؟؟