ما معنى القول بثنائية القطب عالميا ؟


امال الحسين
2013 / 9 / 8 - 17:35     

يتحدث الكثير من المحللين البورجوازيين والبورجوازيين الصغار عن انقسام العالم إلى قطبين متناقضين شرقي وغربي كأننا نعيش صراعا بين أيديولوجيتين متناقضتين، بينما الصحيح هو صراع سياسي بين عالميا بين الإمبرياليات فيما بينها ككل صراع داخل أية حركة معينة حسب قوانين الحركة كما وضعها ماركس.

إن الحديث عن انقسام العالم إلى قطبين ما هو إلا جهل لقوانين النضال الطبقي الذي يعتمد أساسا على الصراع بين البروليتاريا والبورجوازية، بين الإشتراكية والرأسمالية، بين الديمقراطية البروليتارية والديمقراطية البورجوازية، بين الثورة والثورة المضادة، بين الفهم المادي للحياة والفهم المثالي،... وما يجري اليوم سياسيا عالميا ما هو إلا إعادة اقتسام العمل عالميا بين الإمبرياليات بعد سقوط التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي وبروز إمبرياليات جديدة تسعى للحصول لمواقع في السياسة العالمية داخل المنظومة الإمبريالية. أما كون دولة الرجعية العربية والخليجية أو ما يسمى إسلامية ى تملك موقعا داخل القرارات السياسية الدولية الإمبريالية، فالقول بذلك جهل بتاريخ الصراع الطبقي عالميا، جهل بكون هذه الدول أدوات تنفيذية لتمرير سياسات الإمبريالية الصهيونية الإستعمارية بالشرق العربي، وأساسا السيطرة على البترول والغاز وترويج الأسلحة في السوق التجارية العالمية.

إن العامل الأساسي في امتلاك الموقع في الصراع داخل السياسة الدولية الإمبريالية هو الإقتصاد والقدرة على السيطرة على السوق التجارية العالمية، هذا العامل الذي تتحكم فيه عوامل عدة أساسها التطور التكنولوجي أي تطور وسائل الإنتاج المادية والثقافية لدولة إمبريالية معينة، كما رأينا بالنسبة لروسيا والصين اللتان لهما اليوم دور أساسي في السياسة الدولية دون الخروج عن الأهداف والقواعد العامة للسياسة الإمبريالية الصهيونية، وهي استغلال ثروات الشعوب عالميا وتسخيرها لقهر هذه الشعوب. أما الحديث عن موقع الدول الرجعية بالشرق العربي والخليج وما يسمى بالدول الإسلامية، كلها على السواء كالسعودية وقطر وإيران وسوريا وتركيا ومصر... ما جهل بقواعد الصراع الطبقي، لكون هذه الدول في موقع خدمة مصالح السياسة الإمبريالية الصيونية ضد الشعوب العربية حفاظا على أمن الدولة الصهيونية على أرض فلسطين. وأما أذناب هذه الدول الرجعية من قاعة وسلفية جهادية وإخوانجية وحماس ... فما هي إلا أدوات لتطبيق السياسات الإستعمارية الإمبريالية الصهيونية عالميا في أرض الواقع في الوقت الذي يتماهى فيه ما يسمى اليسار العربي حول هذ السياسات.

إن كل من يدعم هذا الطرف أو ذاك في الحرب الدائرة اليوم في سوريا ما هو إلا عدو الشعوب بالمنطقة العربية، وخادم الإمبريالية عن وعي أو غير وعي للسياسات الدولية الإمبريالية الصهيونية ضد السلام العالمي وضد تقدم الشعوب العربية وخروجها من ظلمات الفكر الظلامي، فليس هناك في الشرق العربي نظام قومي تقدمي يمكن دعمه، كلما هنالك هو صراع في ظل تناقضات ثانوية بين الطوائف الرجعية الموالية هذا التكتل الرجعي أو ذاك، فلا النظام السوري المتعلق بالرجعية الإيرانية الظلامية نظام تقدمي ولا النظام المصري الغائب عن هذا الصراع نظام وطني تقدمي.

ديماغوجية الظلامية الإيرانية

إذا كان حقا بإمكان النظام الإيراني العميل للإمبريالية والصهيونية القدرة على ضرب العدو الصهيوني فلماذا لا يفعل ذلك أو يترك الإمبريالية الأمريكية تتورط في ذلك ؟

إنها الديماغوجية الظلامية التي تهدف إلى إبقاء الصراع على ما هو عليه والوضع السياسي على ما هو عليه، فإيران هي المستفيد الأول من الحرب على العراق وهي التي تستفيد من الحرب السوية اليوم. وهي تقود مساومات مع الإمبريالية الأمريكية بواسطة الإمبريالية الروسية لفرض التوازنات السياسية المبنية على الطائفية الدينية الشيعية والسنية بالمنطقة، وكلاهما وجهات لعملة فاسدة تسمى الظلامية الرجعية التبعية للإمبريالية الغربية والشرقية على السواء.

إن انجرار ما يسمى باليسار العربي وراء التوازنات الساسية الطائفية ما هو إلا عهر سياسي وتحريف لمسار طريق الثورة ضد الإمبريالية، أما الأنظمة الديكتاتورية الإنقلابية العسكرية فما هي إلا أوجه مزيفة للرجعية العربية وتعبيرات متعددة لفشل المشروع "القومي العربي" المنبطح أمام المشروع الصهيوني بالمنطقة العربية.

أما حرب الإمبريالية الأمريكية على سوريا فلن تتجاوز حد التوازنات السياسية الطائفية بين المد الشيعي والسني، كلاهما منبثق من جذور طائفية غارقة في الرجعية تمتد إلى تاريخ صراع الخلافة بين الأمويين والعباسيين، وصراعهما ما هو إلا صراع في خدمة السيطرة الإمبريالية الصهيونية على خيرات شعوب البلدان العربية.

على الشعوب العربية أن تعي جيدا خطر السياسة الطائفية على مصالحها وتثور على الأنظمة الرجعية العربية ودون ذلك فلا معنى لليسار العربي في الصراع يخدم مصالح الإمبريالية الصهيونية.

الضربة العسكرية الإمبريالية العدوانية على الشعب السوري

إن الإمبريالية الأمريكية لن تتنازل عن الضرب العسكرية العدوانية ضد الشعب السوري إنما ، كما هي دائما تريد أمريكا ربط الأحداث والتأثير على الشعب الأمريكي وشعوب الدول الإمبريالية، تريد أن تكون الضرب العسكرية الإمبريالية العدوانية موازاة مع ما يسمى الحرب على الإرهاب بمناسبة ذكرى 11 شتنبر، التي سيخلدها الشعب الأمريكي هذه السنة على إيقاع سفك دماء أبرياء سوريا لتستمر الحرب الإمبريالية.

واللوبي الصهيوني المتحكم في السياسة الإمبريالية بالبانتكون سيعمل جاهدا من أجل الضغط على الكونكريس لدعم قرار أوباما الجاهز لضرب سوريا، والأنظمة العربية الرجعية عبر جامعتها تشهر دعمها للموقف الصهيوني الإمبريالي ولم يبق أمام الشعب السوري إلا الصمود والمواجهة.

وحتى لا نكون مغرورين فإن النظام الكومبرادوري بسوريا لن يستطيع إيقاف زحف الحرب الإمبريالية على الشعب السوري البطل، إنما هو يكرس تقتيل هذا الشعب بفتحه المجال أمام القوى الرجعية للتكالب على أرص سوريا، وهو عاجز عن صد جحافل المليشيات السلفية الرجعية التي تمتص دماء هذا الشعب، وهو يرى في تلك الحرب القذرة سببا لاستمراره في الحكم، وهو يعرف أنه سيزول حتما يوما عندما تنفتح زهور ربيع الثورية السورية الحقيقية، وهي آتية لا ريب فيها.

إن الحرب على سوريا وقبلها العراق وليبيا وبعدها تأتي إيران ... ما هي إلا حلقة من حلقات تناقضات الأنظمة الديكتاتورية العسكرية الداخلية التي تغذيها الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية، وهذه الحروب لا يمكن أن تنتج إلا ديكتاتوريات جديدة بتسميات جديدة أغلبها طائفية ودينية وقومية في أحسن الأحوال. وكل القيادات الديكتاتورية العسكرية التي نشاهدها اليوم ما هي إلا مساحيق الديكتاتوريات البورجوازية الكومبرادورية التي تسعى في أحسن الأحوال إلى الظهور بمظهر التناقض الرئيسي للإمبريالية بمساحيق قومية زائفة.

الحرب الإمبريالية على سوريا وسؤال الهوية

من العبث الفكري التهويل من القدرات العسكرية للنظام الكومبرادوري البعثي بسوريا وتصوره قادرا على مواجهة القوة العسكرية الإمبريالية الغربية، فلا وجود للمقارنة مع وجود الفارق المهول الذي لا يقاس بكمية العتاد الذي تمتلكه دول المنطقة مجتمعة، فهذه الدول ليست بدول صناعية قادرة على امتلاك أحدث التقنيات العسكرية التي تمتلكها الدول الإمبريالية، وتزويدها بهذه الإسلحة يدخل فقط في إطار تغذية الحرب الإمبريالية الثالثة التي انطلقت منذ الحرب الأولى على العراق في 1991.

إنه من العبث الفكري التعويل على الدعم الإمبريالي الروسي الذي يبحث عن موقع في الصراع لتحسين وضعه الإقتصادي أثناء تقسيم العمل عالميا، فلا معنى للفيتو الروسي مع وجود قرار الدول الإمبريالية الغربية حول شن الحرب على سوريا، فرفع الفيتو الروسي ما هو إلا من أجل ضمان مصالحه الإقتصادية على حساب مصالح شعوب المنطقة ومساومة سياسية من أجل ضمان حقها في تقسيم العمل عالميا بين الإمبرياليات.

إن الموقف من الحرب الإمبريالية التي بدأت منذ الحرب على العراق في 1991 مع سقوط الإتحاد السوفييتي واضح وهو رفضها باعتبارها تخدمة استمرار السيطرة الإمبريالية الصهيونية، فلا داعي لتكرار نفس الهزائم في ظل هزيمة أنظمة البورجوازية الكومبرادورية خادمة الإمبريالية الصهيونية وقاهرة شعوب البلدان العربية والشعوب المضطهدة عامة، فهذه الحرب مستمرة من أجل ضمان أمن الدولة الصهيونية على أرض فلسطين وضمان تدفق خيرات المنطقة على البنوك المركزية الإمبريالية الغربية وضمان سوق تجارية مربحة بالمنظقة.

فالإمبريالية لا جنسية لها ولا لون ولا أخلاق ولا هم يحزنون، كل همها هو ضمان استمرار الرأسمال في ابتلاع قوة عمل الطبقة العاملة وتدمير ثروات شعوب المنطقة بدون توقف، ولو على حساب جثث كل شعوب المنطقة العربية ضمانا لوجود دولة العدو الصهيوني على أرض فلسطين.

فعن أي انتصار يتحدث المتحدثون في حرب خاسرة أصلا في تكتيكاتها واستراتيجياتها إن كانت هناك تكتيكات واستراتيجيات أصلا ؟

إن الطرح الصحيح لقصية الصراع السياسي عالميا يجب أن يتخذ مصالح الشعوب المضطهدة من طرف هذه الدولة الرجعية بعين الإعتبار، أن يكون طرحا تقدميا نابعا من الحرب الشعبية ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية.