من يوميات النضال الثوري لمنظمة -إلى الأمام- 1970-1979 الجزء 4


الأماميون الثوريون
2013 / 8 / 14 - 22:53     

فهرس

الفصل الرابع
-المعركة الثالثة: يناير 1975-أبريل1976
تقديم
منطمة " إلى الأمام"و مسلسل الاعتقالات: الفترة الثالثة : يناير 75-أبريل 76

-اعتقالات يناير 75
الدار البيضاء : 28 يناير 75: اعتقال الرفيق عبد الله زعزاع عضو اللجنة الوطنية
الدار البيضاء 29 يناير 75 اعتقال الرفيق مصطفى التمسماني
مراكش : فبراير 75
-حول تقييم اعتقالات نونبر 74-يناير 75 و ما بعدها

اعتقالات دجنبر 1975-يناير1976:
فاس : دجنبر 75: اعتقال الرفيق أحمد الفصاص
إقران: 10 دجنبر 75/ اعتقال الرفيق سعيد أسغن
طنجة: 21 دجنبر 75: اعتقال المناضل أحمد بوغابة
تطوان: 21-22 دجنبر 1975
تطوان: مساءا يوم 2 يناير 1976
الرباط 11 يناير 1976يوم الأحد على الساعة الثانية و الربع : اعتقال الرفيق تيتي لحبيب
يوم الاثنين 12 يناير 76: اعتقال الرفيقين عزوز العريش و مصطفى فزوان
يوم الثلاثاء 13 يناير 76: اعتقال الرفيق عبد القادر أمصري
الرباط 16 يناير: اعتقال الشهيدة سعيدة لمنبهي بمقرالمنظمة
16 يناير 1976 : الطريق إلى درب مولاي الشريف
-سعيدة لمنبهي: 48 ساعة قبل اعتقالها
-يوم 16 يناير 76: سعيدة لمنبهي تتوجه إلى بيتها
الدار البيضاء: 20 يناير 1976
-اعتقال الرفيق عبد الفتاح الفاكهاني عضو الكتابة الوطنية
فاس: 25 يناير 1976:
-اعتقال الرفيق عبد الله المنصوري
الدار البيضاء: 1 مارس 1976
-اعتقال الرفيق حمادي الصافي
الدار البيضاء 2 مارس:
-اعتقال الرفيق عباس المشتري عضو الكتابة الوطنية
الرباط: 12 أبريل 1976مساءا:
-اعتقال الرفيق محمد الرحوي

اعتقالات سنة 1977
3-حول الأسلحة القمعية لتدمير المناضل و الإنسان
4-التعذيب, الانضباط و البنية التنظيمية


الفصل الرابع

المعركة الثالثة : يناير 1975- أبريل 1976


تقديم:

يحاول الكاتب في هذا الجزء تقديم صورة عن أكبر ضربة تعرضت لها منظمة "إلى الأمام" في تاريخها وقد مست ما تبقى من قيادتها بالكامل وجل أطرها بالداخل بينما نجا رفاقها بالخارج ولم تفلح الأجهزة القمعية في ضرب شبكة التنظيمات الثورية الشبه الجماهيرية- التي كانت بنتها من نونبر 1972 إلى حدود اعتقالات 76- إلا جزئيا فظل العشرات خارج دائرة الإعتقال.ولخص الكاتب تقييم المنظمة لإعتقالات نونبر74 يناير 75 وخطة عملها لهاته الفترة دعما لفهم ما جرى, كما تناول بعض الجوانب النظرية في قضية التعذيب والصمود وأساليب تحطيم المناضل التي تنهجها الأجهزة القمعية.

ومن باب التصويب يشير الكاتب إلى كون الحلقة الرابعة ستضم 7 أجزاء بدل ستة المعلن عنها في الجزء الأول ويعود ذلك إلى طول الجزء السادس. كما أن الأجزاء المتبقية ( الجزء 5,الجزء6,الجزء7)سيتم نشرها على هذا الموقع تباعا بوتيرة جزء في كل 24 ساعة.

-منظمة" إلى الأمام"و مسلسل الاعتقالات : الفترة الثالثة : يناير 75- أبريل 76

-اعتقالات يناير 75

الدار البيضاء: 28 يناير 75: اعتقال الرفيق عبد الله زعزاع عضو اللجنة الوطنية

بعد شهرين تقريبا من بداية اعتقالات نونبر سيتم اعتقال الرفيق عبد الله زعزاع ( عضو اللجنة الوطنية للمنظمة منذ الندوة الوطنية الأولى و مسؤول عن العمل وسط الطبقة العاملة بالدار البيضاء و المسؤول الأول عن الجوانب اللوجستيكية كتوفير المنازل السرية و نقل الأجهزة و الوثائق و نقل الرفاق, و كان يعرف بالرفيق الجيلالي ) وعلى إثرموعد مع أحد الرفاق المنسحبين ( عبد العالي حاجي ) و ذلك يوم الاثنين28 يناير 1975.

بحكم مهامه داخل المنظمة المركزية و بشكل روتيني قام عبد الله زعزاع بنقل مصطفى التمسماني إلى المنزل الذي يقطنان فيه معا على متن دراجة نارية. بعد ذلك توجه إلى وسط المدينة ( الدار البيضاء ) حيث سيترك دراجته النارية لدى أحد الحرا س و بالضبط قرب سينما ريتز و ريالطو و من تم توجه إلى ساحة محمد الخامس مرورا من أمام مقهى لاشوب متوجها إلى موعد له مع عبد العالي حاجي الذي سبق للمنظمة أن اتخذت في حقه قرار التجميد بعدما رفض الانضباط لقرارات أمنية تتعلق بالحفاظ عليه من الاعتقال.

( كان الرفيق زعزاع يملك دراجتنان ناريتان واحدة من نوع سوزوكي و الأخرى من نوع ياماها , تستعمل استعمالات مختلفة لأسباب أمنية) .

و بقرار من الكتابة الوطنية حافظ عبد الله زعزاع على علاقة بحاجي رغم تناقض ذلك مع المبادئ التنظيمية و الأمنية خاصة أن عبد الله زعزاع كان المسؤول الأول عن القاعدة اللوجستيكية للمنظمة و عن أمن الرفاق. و في نقطة محددة وصل عبد الله زعزاع إلى شارع الحسن الثاني ليتوجه نحو سينما فوكس و بعد مروره الأول من أمامها عاد مرة أخرى ليلقي نظرة إلى داخلها فلفت نظره وقوف أحدهم مصوبا نظراته نحوه , كما أن آخرين كانا يتصرفان بشكل مثير للريبة داخل مدخل السينما , ( مسمرين) يراقبان الوضع عن كثب, وقد غادر الرفيق المكان مسرعا نحو ساحة المارشال( ساحة غير بعيدة عن باب مراكش) حيث توجد محطة الحافلات , و قرب الخط رقم 6 جذبه أحدهم من أسفل السترة و ظل بعيدا عنه و في أقل من عشر ثواني ارتمى عليه مجموعة من العناصر المجهولة, و بعد إسقاطه أرضا تم تقييد يديه إلى الوراء و نقله إلى "إسطافيت" و تفتيشه و تهديده ثم بعد ذلك إلى سيارة من نوع أمريكي حيث تم نقله إلى درب مولاي الشريف .

بعد تعذيب شديد لمدة 48 ساعة, زاد من حدته اكتشاف البوليس لديه مجموعة من المفاتيح لمقرات سرية( ثلاث مقرات) للمنظمة حيث سيتعرف البوليس على عنوان المقرات الثلاث للمنظمة .

الدار البيضاء 29 يناير 75 اعتقال الرفيق مصطفى التمسماني:

هكذا تم اعتقال مصطفى التمسماني يوم الثلاثاء29 يناير1975 بعدما توجه البوليس نحو أحد المقرات الكائن بحي إفريقيا وتمت محاصرته و اقتحامه واعتقال الرفيق. مصطفى التمسماني( المعروف ب" تشيكو الدب "و"متى"....) هوأحد أطر المنظمة , تحمل مسؤوليات تنظيمية في العديد من المدن , مسؤول خلية "جياب" ( تقاسم عضويتها مع كل من فؤاد الهيلالي , عبد المجيد يسري , مصطفى خلال),كما كان مشرفا على مدينة طنجة ( يعتبر مصطفى التمسماني المؤسس الحقيقي للتنظيم الأمامي بمدينة طنجة حيث كان يتمتع بشعبية واسعة.كان اليوسفي قدور جلاد درب مولاي الشريف يعتبره دينامو الحركة الطلابية واعتقاله كان صيدا ثمينا بالنسبة للأجهزة القمعية . ويعرف الرفاق الذين كانوا يشكلون النواة الأساسية للمحترفين أنه هو صانع بطائق التعريف التي كان بارعا في تحويلها وتمويهها وجعلها صالحة للإستعمال. لقد كان مبدعا.

- الدارالبيضاء: 30 يناير 75:اقتحام مقر المنظمة بحي إفريقيا و اعتقال الرفاق الثلاثة: فؤاد الهيلالي , إدريس بن زكري و عبد الله الحريف

تم اختطاف الرفاق إدريس بن زكري(عضو اللجنة الوطنية و مسؤول جهة الغرب و تيفلت و الخميسات و كان الرفيق يعاني من مرض حاد عند اعتقاله حيث كان يخضع للعلاج في سرية تامة و كان يعرف بالرفيق (بومنجل) و فؤاد الهيلالي( مسؤول خلية 23 مارس بالدار البيضاء و كانت تضم كلا من عبد الله زعزاع و عبد الله الحريف, و مسؤول خلية بمراكش(حي الداوديات) و عضو خلية ابراهيم الروداني بالدار البيضاء إلى جانب كل من عباس المشتري و محمد السريفي, إضافة إلى خلية ضمت كلا من عبد الفتاح الفاكهاني و أحمد آيت بناصرو مسؤوليات عن العمل في مدينة خريبكة و اليوسفية و في جهة الغرب و منطقة المعازيزوعضوية الجهاز التقني المركزي و كان الرفيق يعرف باسم العربي( بفتح الراء) الذي حوكم به غيابيا بالمؤبد في محاكمة غشت 73 ثم أصبح محمد الزرقطوني و أسماءا أخرى كمصطفى و عبد الرحيم و الروخو الطويل), و عبد الله الحريف( عضو خلية 23 مارس التي التحق بها شهرا قبل الاعتقال ) وذلك يوم الأربعاء حوالي الساعة الثامنة و النصف مساءا ليتم اقتيادهم من طرف مجموعة تابعة ل" الفرقة الوطنية للشرطة القضائية" ( ما بين 10 و 15 شخصا) مجهزين بالمسدسات و بنادق رشاشة نحو المعتقل السري السيئ الذكر " درب مولاي الشريف".

-مراكش فبراير1975

سيتم خلال شهر فبراير اعتقال مجموعة من الرفاق و هم التوكي الحسين وعبد الجبار حسون ( و هما عضوان في خلية الداوديات بمراكش) و ادريس ولد القابلة ( أحد قادة الحركة التلاميذية في بداية السبعينات , تحمل مسؤوليات تنظيمية وطنية و محلية , و قد تم اعتقاله من مدينة الخميسات و نقل بعد ذلك إلى مركزالشرطة بالقنيطرة قبل نقله إلى درب مولاي الشريف) و محمد الزكريتي (نقابي بمدينة القنيطرة وعضو سابق بمنظمة إلى الأمام).

-إعطاء تلخيص مركزو سرد أسماء الرفاق الذين تعرضوا للتعذيب : عبد اللطيف زروال , أبراهام السرفاتي , عبد الله زعزاع , فؤاد الهيلالي , محمد السريفي , عبد الرحمان نوضة.

خلال هاته الحقبة بلورت القيادة ( أي الأعضاء الذين أفلتوا من اعتقالات نونبر 74- يناير 75) خطة دعائية مستمدة من تحليلها السياسي للوضع القائم, و أهم ما جاء في هذا التحليل السياسي تأكيده على أزمة النظام , نمو الحركة الجماهيرية و تحديده لطبيعة النضال المرحلي كنضال ديموقراطي.

- حول تقييم اعتقالات نونبر74- يناير 75 و ما بعدها:

أصدرت قيادة المنظمة بعد هذه الاعتقالات تقييما لها صدر بالنشرةالداخلية " الشيوعي" و هو التقييم المعروف ب " تقييم غشت 75". و قد حاول هذا التقييم الجواب على الوضع الذاتي للمنظمة الناجم عن الاعتقالات السابقة الذكر. و قد استعاد هذا التقييم مفهوم المقدمة التكتيكية و أكد على ضرورة التجدر داخل الجماهير من خلال تأكيده على تصعيد العمل الدعائي لفك العزلة و التقدم في الارتباط بالجماهير و أكد على الجوانب التقنية في تحليله لتلك الاعتقالات ( استعمال المفاتيح , المقرات...). و غاب الجانب التنظيمي في مقابل ذلك. و سياسيا أصبح تركيز كل القوى حول قضية الصحراء في عملية سياسية دعائية هجومية.

في هذا السياق تمت بلورة برنامج ديموقراطي يراعي شروط التحالف مع الأحزاب الإصلاحية و قد تم طرح هذا البرنامج في جريدة " إلى الأمام" العدد 21. لمصلحة هذا البرنامج تم السكوت عن الأحزاب الإصلاحية إلى حدود غشت 75, في وقت كان الوضع يتميز بتصاعد القمع و الإرهاب و الشوفينية و محاصرة المنظمة و تطويقها من طرف تحالف النظام و الأحزاب الإصلاحية( استمرار هجوم جريدة المحررالذي انطلق منذ افتتاحية غشت 74 المعنونة ب " حكاية البؤرة الثورية في الغرب العربي" و استمر الهجوم خلال 75 و 76 في وقت عارضت هذه القوى النضالات الجماهيرية و قامت بطرح السلم الاجتماعي في وقت كان فيه السخط الجماهيري يتصاعد.

وطرحت الخطة الدعائية محوران للعمل:

أ- الارتباط و الاهتمام بمشاكل الجماهير

ب- طرح قضية الصحراء بالدفاع عن موقف تقرير المصير و إعادة البناء على أسس وطنية ديموقراطية.

حملت الخطة في طياتها عدة تناقضات لم تستطع الجواب عنها , و من هذه التناقضات:

- تأكيدها على دور الشبيبة المدرسية كمقدمة تكتيكية في وقت كان الوضع يتميز بجزر نسبي داخل هذه الفئة عكس ما كانت تعرفه الفئات الشعبية الأخرى التي كانت تتميز بتصاعد في نضالاتها.

كان هناك بحث عن صيغ تكتيكية للتحالف مع القوى الإصلاحية في وقت كانت فيه هذه الأخيرة تعارض النضالات الجماهيرية و تدعو إلى السلم الاجتماعي.

- سقوطها في ازدواجية من جهة التعامل مع الأحزاب الإصلاحية.

كان تكتيك المهادنة هذا يؤدي إلى تغليب التكتيك على حساب الاستراتيجية مما كان يسقط في الإصلاحية, و قد دام هذا الحال عمليا من دجنبر 74 إلى دجنبر 75 حيث حصل سكوت شبه كلي عن الإصلاحية رغم هجوماتها و حملاتها المسعورة, و قامت جريدة " إلى الأمام" في عدد 25 بإصدار مقال حول الأحزاب الملكية قام بمهاجمة هذه الأحزاب الإصلاحية و في نفس الوقت بتطوير البرنامج الديموقراطي لمغازلتها, و ظل الموقف من الصحراء ( كموقف تكتيكي) مطبوعا بنبرة شوفينية.

في هاته الفترة كان الوضع العام للمنظمة يتطلب استقلالية سياسية أكثر في مواجهة قوى الإصلاح, و كذا طرح البديل الثوري, لقد كان مطلوب سياسيا من المنظمة أن تحل إشكالين هما : خطر السقوط في الانعزالية و فقدان الاستقلالية السياسية.

اعتقالات دجنبر1975- يناير1976َ:

ابتدأت حملة الاعتقالات منذ دجنبر 1975 لتستمر إلى حدود مارس 1976, و هكذا سيتم اعتقال الرفيقين عضوي الكتابة الوطنية بلعباس المشتري والراحل عبد الفتاح الفاكهاني أحد الذين حوكموا في غشت 73 في محاكمة الدار البيضاء ( مجموعة 44) ,و بعد خروجه من السجن التحق بالعمل السري كعضو في الكتابة الوطنية, وبالإضافة إلى الرفيقين تم اعتقال عضوي اللجنة الوطنية للمنظمة الصافي حمادي و عبد الله المنصوري و مجموعة من الأطر و المناضلين من بينهم إدريس الزايدي و عبد الرحيم لبيض و لعريش عزوز وأحمد الفصاص و سعيدة لمنبهي و فاطمة عكاشة و ربيعة لفتوح والعشرات من المناضلين الآخرين.

فاس : دجنبر 75: اعتقال الرفيق أحمد الفصاص

تم اعتقال أحمد الفصاص في دجنبر 1975 و هو أحد مسؤولي

القطاع الطلابي التابع للمنظمة, كما كان يتحمل مسؤوليات تنظيمية متعددة كإشرافه على العمل في الأحياء الشعبية بالرباط و عضويته في خلية الصمود بنفس المدينة إلى جانب فؤاد الهيلالي و بوجمعة الزنزوني, إضافة إلى مسؤوليته على مدينة طنجة في فترة مارس – أبريل 1975ومسؤوليات أخرى بمدينة فاس.

إفران: 10 دجنبر75:اعتقال الرفيق سعيد أسغن

اعتقلالرفيق سعيد أسغن وهو عضو خلية مرشحة تابعة للمنظمة بمدينة إفران يوم 10 دجنبر75 وذلك بنفس المدينة حيث كان يشتغل كمدرس لمادة التاريخ.

طنجة: 21دجنبر75:اعتقال المناضل أحمد بوغابة

أحمد بوغابة مناضل من مدينة طنجة( الناقد والمخرج السينيمائي الحالي) كان عضوا بإحدى اللجان الأساسية التابعة للمنظمة بمدينة طنجة . و قد تم اعتقال أحمد بوغابة على إثر معارك نضالية خاضها تلاميذ ثانوية ابن الخطيب و عن طريق أحد المتراجعين الذي قام بإرشاد البوليس إلى بيته . بعد ذلك توالت الاعتقالات لتهم العديد من المناضلين و المناضلات منهم : بوقرطاس مصطفى ,فريد الحداد, وليلى و نعيمة بنسعيد.

تطوان :21-22دجنبر1975:

دخلت ثانوية التقنية الجديدة في إضراب تم خلاله توزيع مجموعة

من المناشير موقعة باسم منظمة " إلى الأمام", كما تم توزيع

مجموعة من المقالات للنقابة الوطنية للتلاميذ , و قد تم اعتقال مجموعة من التلاميذ من نفس الثانوية و طالبان يدرسان بمدينة فاس ,ثم ما لبث أن أطلق سراحهم .

لم تتوقف الحملة بمدينة تطوان بل ستتسع لتطال العديد من المناضلين منهم أحمد بوراس وأحمد الوهابي وفاطمة الوهابي وليلى وجمال بن عمر(الممثل الشخصي السابق لكوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة ولأمينها الحالي بان كيمون)ويونس مجاهد( هو الكاتب العام الحالي للنقابة الوطنية للصحافة) . وفي سياق هاته الحملة تم تعذيب أخ أحمد بوراس وتعرضت أمه وأبوه للضرب وذلك في إطارعملية ضغط من أجل أن يسلم نفسه للبوليس. وتوالت الإعتقالات وشملت العديد من المناضلين منهم محمد مغاغة,مصطفى الخطابي وآخرون...

وانتقلت الإعتقالات إلى مدينة فاس حيث اعتقل الرفاق عبد العالي اليزمي,البوحسن,عبد الباري الطيار....

تطوان: مساء يوم الجمعة 2 يناير1976

في هذااليوم تم اعتقال الرفيق إدريس الزايدي و هو أحد مسؤولي المنظمة بمدينة فاس إضافة إلى إشرافه على نشاط المنظمة بمدينة تطوان , كما تحمل مسؤوليات في مدينة طنجة , و قد تمت عملية اعتقاله و هو في طريقه إلى مدينة تطوان لحضورموعد مع أحد المناضلين, وسينقض عليه البوليس السري قبل وصوله إلى مكان الموعد على بعد من 150 متر من المكان و الرفيق إدريس الزايدي من الرفاق الذين تعرضوا لتعذيب شديد خلال حملة اعتقالات سنة 1976.

الرباط 11يناير 1976 يوم الأحد على الساعة الثالثة و الربع:اعتقال الرفيق تيتي لحبيب

تم إعتقال تيتي لحبيب على إثر لقاء مع يونس مجاهد الذي كان سيلتقي به لأول مرة , و قد تم اعتقاله على الساعة الثالثة و الربع قرب محطة القطار (الرباط المدينة) حيث ذهب إلى موعد مع يونس وما أن خطا الخطوات الأولى نحو هذا الأخيرالذي كان واقفا بالمكان المحدد حتى انقضت عليه عناصر من البوليس السري, وقد جاء سقوط الرفيق التيتي في فخ نصب له على يد عصابة شوخمان(أحد أشرش العناصر البوليسية بمدينة الرباط) نتيجة عدم معرفته باعتقال يونس مجاهد لكون هذا الأخير كان قد سلم نفسه للبوليس. و بتدخل من عمته المغنية عليا مجاهد ومقابل وعد بإطلاق سراحه أرشد البوليس إلى موعدين من بينهما موعده مع التيتي لحبيب.

يوم الاثنين 12 يناير76: اعتقال الرفيقين عزوز العريش و مصطفى فزوان

في نفس المكان سيتم اعتقال كل من لعريش عزوز( أصبح هذا الأخير عضوا في اللجنة الوطنية بعد اعتقالات نونبر 74 و يناير 75 ) و مصطفى فزوان و هما مسؤولان تنظيميان في مدينة الرباط و ذلك بعد نسيان لموعد سابق من طرف لعريش عزوز مع يونس مجاهد الذي كان مصاحبا بالبوليس بحيث سيتم اعتقال كل من لعريش و فزوان .وخلافا للرفيق التيتي لحبيب كان الرفيقان على علم باعتقال يونس لكنهما نسيا تغيير مكان موعدهما . هكذا جاء البوليس لإعتقال عزوز لعريش الذي كان له موعد سابق مع يونس في نفس المكان وإذا به يلقى القبض على رفيقين (لعريش عزوز ومصطفى فزوان )وبذلك تكبدت المنظمة ضربة قوية على مستوى مدينة الرباط فالإثنان المعتقلان مسؤولان رئيسيان بمدينة الرباط .وستتوالى حملات الإعتقال لتصل إلى مدينة تيفلت و نواحيها حيث همت هذه الاعتقالات مجموعة من الفلاحين .

يوم الثلاثاء13 يناير 76: اعتقال الرفيق عبد القادر أمصري

اعتقل الرفيق عبد القادر أمصري بنفس الطريقة التي اعتقل بها من قبله الرفاق محمد البكراوي والشهيد عبد اللطيف زروال وعبد الله زعزاع والزيدي ادريس والتيتي لحبيب وعزوزلعريش وآخرون من مناضلي المنظمة والحركة الماركسية اللينينية المغربية . وجاء اعتقال الرفيق أمصري على إثر موعد له مع مصطفى فزوان الذي انتظره هناك قبل الإنقضاض عليه.و عبد القادر أمصري من المناضلين الذين كانوا يعملون في سرية تامة و تحمل مسؤولية العمل التلاميذي بمدينة الرباط إلى جانب الرفاق محمد الرحوي وبوجمعة الزنزوني وحميد بن زكري ويوسف وآخرون, كما اشتغل في الأحياء الشعبية ضمن لجنة شعبية كانت تعمل بحي العكاري وكان يشرف عليها الرفيق فؤاد الهيلالي.وعندما تم نقل الجهاز التقني للمنظمة إلى مدينة فاس تحمل الرفيق إلى جانب الراحل البوحسن وفي سرية تامة مسؤولية نقل الوثائق بين فاس و الدار البيضاء(كان مسؤولا عن نقلها من الرباط إلى الدار البيضاء بينما كان ينقلها البوحسن من فاس إلى الرباط وأحيانا مباشرة إلى الدارالبيضاء)

وقد تعرض الرفيقان لتعذيب شديد وعانى الرفيق البوحسن من جراء ذلك حتى بعد خروجه من السجن إلى أن فقدناه مبكرا.

الرباط 16 يناير 1976:اعتقال الشهيدة سعيدة لمنبهي بمقر المنظمة

16 يناير 1976: الطريق إلى درب "مولاي الشريف

- سعيدة لمنبهي: 48 ساعة قبل اعتقالها

في إحدى أيام يناير الباردة من سنة 1976 ساور الرفيقة سعيدة لمنبهي شك بإمكانية اعتقالها انطلاقامن فرضية اعتقال الرفيق الذي تشاطره مقرسكناها والذي غاب عن الأنظارمنذ 48 ساعة.

لم تضيع سعيدة الوقت كثيرا قبل أن تتوجه إلى مقر سكناها لإفراغه من كل ما يمكن أن يهدد أمن الرفاق وأمن المنظمة من مناشير ووثائق، ومعلومات قد تفيد أجهزة القمع في حملاتها على المنظمة.

-يوم 16 يناير 76 سعيدة لمنبهي تتوجه إلى بيتها:

كان الوقت مساء وكانت الشمس قد أكملت دورة غروبها وغابت وراء الآفاق منذ مدة وخيم الظلام على المدينة في مساء بارد. سعيدة تقف أمام الأستوديو( عبارة عن شقة صغيرة) الذي تسكنه والواقع بحي مدغشقر بالرباط قرب المحكمة الابتدائية حاليا. كانت الساعة السادسة مساء حين وصلت لمنزلها بعد زيارة لأختها خديجة لمنبهي( خديجة لمنبهي هي زوجة الرفيق عبد العزيزلودييي عضو منظمة إلى الأمام واللجنة الإدارية المنبثقة عن المؤتمرالخامس عشر للإتحاد الوطني لطلبة المغرب, اعتقل سنة1972 وحوكم سنة 1973 بعشر سنوات سجنا قضى مدتها بالكاملة وخديجة لمنبهي أستاذة وكاتبة ومناضلة حقوقية لعبت دورا بارزا في حركة عائلات المعتقلين السياسيين.)

وما أن فتحت الباب وحملقت بعينيها في جوانب غرفتها حتى وجدت كل شيء قد انقلب رأسا على عقب: ملابسها، كتبها وحاجياتها المختلفة وكأن عاصفة قد أصابت الأستوديو.

لقد أدركت بحسها أن اللحظة التي حدست وقوعها قد أصبحت حقيقة. وقبل أن يتشكل رد فعلها كان أربعة من الكلاب المدربة من رجال المجرم اليوسفي قدور قاتل الشهيد عبد اللطيف زروال قد انقضوا عليها انقضاض ذئب على فريسته واضعين القيد بمعصميها والعصابة السوداء على عينيها لتنقل, تحت وابل من السباب والنعوت المحقرة للمرأة وللمناضلة, إلى المعتقل السيء الذكر "درب مولاي الشريف" لتبدأ رحلة أخرى من حياتها النضالية في مواجهة جلاديها كلاب حراسة النظام الفاشي.

قضت سعيدة ثلاثة أشهر بالدرب إلى جانب رفاقها ورفيقاتها الذين حصدتهم الحملة الثانية الكبيرة ضد منظمة "إلى الأمام" ابتداء من سنة يناير 76. كان نصيب سعيدة كبيرا من التعذيب النفسي والجسدي كمناضلة وكامرأة مناضلة داخل المعتقل السري السئ الذكر حيث كل الوسائل تستعمل بلا حدود من طرف زبانية النظام وكلابه المسعورة لتحطيم المعنويات وتكسير الإرادة الثورية لدى المناضلين. وباعتبارها امرأة عانت سعيدة من العقلية الذكورية الوحشية للجلادين الحاطة من كرامة المرأة وإنسانيتها الشئ الذي لم تنساه وهي تقف أمام القضاة الوجه المقنع للجلاد في دولة اللاقانون والإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. أمام قضاتها في المحكمة انتصبت سعيدة بدورها لتحاكم جلاديها في مداخلة دخلت تاريخ النضال السياسي بالبلاد عموما والنضال النسائي خصوصا.

وخلال معركة بطولية (إضراب عن الطعام دام 45 يوما) استشهدت الرفيقة سعيدة لمنبهي بعدما تم نقلهاإلى مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء وذلك وسط إهمال طبي ولامبالاة أجهزة النظام. لقد اقترف النظام الكمبرادوري جريمته النكراء فاستشهدت سعيدة لمنبهي لتنضاف إلى قافلة شهداء الشعب المغربي وأصبحت رمزا لنضال المرأة المغربية.( سنخصص المزيد عن سعيدة في جزء من هذه الحلقة :الجزء السابع ويخصص بالكامل للشهداء).

الدار البيضاء 20 يناير 1976:

- اعتقال الرفيق عبد الفتاح الفاكهاني عضو الكتابة الوطنية

يوم 20 ينايرمن سنة 1976اقتحم رجال المخابرات أحد المقرات السرية لمنظمة "إلى الأمام " بالدار البيضاءواعتقلواعبد الفتاح الفاكهاني عضو الكتابة الوطنية للمنظمة و رفيق آخر. (التحق عبد الفتاح الفاكهاني بالكتابة الوطنية لفترة قصيرة من خروجه من السجن بعد محاكمة غشت 73 . و تحمل مسؤوليات تنظيمية في مدينة الدار البيضاء على رأس خلايا للمنظمة .) و قد اعتقل الفاكهاني لأول مرة في 8 مارس 1972 بمدينة خريبكة و من هناك تم نقله إلى درب مولاي الشريف لينضم لمجموعة المعتقلين الماركسيين – اللينينيين الذين تم تقديمهم إلى محاكمة الدارالبيضاء في غشت1973 حيث سيتم إطلاق سراحه.

عند الاعتقال الأخيرللفاكهاني يوم 20 يناير 1976 تم العثور لديه على مفتاحين لمنزلين يقطنهما ثلاث رفاق سيتم اعتقالهم و هم ( أمناي إبراهيم , أحمد بن سعيد و عبد العزيز طريبق).( انظر المزيد :كتاب" لوكولوار"لعبد الفتاح الفاكهاني منشورات طارق .2005)

فاس 25 يناير 1976:

- اعتقال الرفيق عبد الله المنصوري

تم اعتقال عبد الله المنصوري ,عضو اللجنة الوطنية و عضو سابق في لجنة التنسيق الوطنية ( التحق باللجنة الوطنية بعد اعتقالات نونبر 74- يناير 75) لمنظمة "إلى الأمام ", في مدينة فاس و كان مسؤولا عن مدينة القنيطرة, فاس و طنجة وتم نقله بعد ذلك إلى درب" مولاي الشريف".

الدار البيضاء 1 مارس 1976:

- اعتقال الرفيق حمادي الصافي

تمت عملية اعتقال حمادي الصافي عضو اللجنة الوطنية للمنظمة و مسؤول الجهة الشرقية يوم فاتح مارس 76 و ذلك على يد عناصر من جهاز المخابرات و بمساعدة سمسار في العقاروصاحب المنزل الذي كان ينوي اكتراءه و أخيه الذين أقنعهم البوليس بأن الشخص من عتاة اللصوص, و ذلك حينما كان متأهبا لكراء أحد المقرات الجديدة بعد انكشاف المقر الذي كان يسكنه عبد الفتاح الفاكهاني.

الدار البيضاء 2 مارس:

اعتقال الرفيق عباس المشتري عضو الكتابة الوطنية

اعتقل آخر عضو في قيادة منظمة " إلى الأمام" المنبثقة عن الندوة الوطنية الأولى للمنظمة سنة 72 و يتعلق الأمر ببلعباس المشتري(كان عضوا في الكتابة الوطنية للمنظمة و مسؤولا عن مجموعة من الخلايا بمدينة الدار البيضاءو كان يعرف باسم الرفيق يوسف الذي حوكم به غيابيا في محاكمة غشت 73 ورشيد و بالأخص إسم الروداني) . و قد تم اعتقاله على إثر موعد محدد بشارع أنفا مع أحد الرفاق,وكان رجال المخابرات يحتلون إحدى الفيلات القريبة من مكان الموعد بهدف تسهيل مراقبة المكان, و ما أن وصل إلى المكان آتيا من جهة شارع الزيراوي عبر أحد الأزقة حتى تم الانقضاض عليه و قد كان المكان مطوقا من كل جهة .وهكذا سقط آخر عضو من قيادة المنظمة المنبثقة عن الندوة الوطنية الأولى في مكان قرب مدرسة توجد بجوار أوطيل إيدو أنفا حاليا على بعد 300 متر من مكان اختطاف الشهيد عبد اللطيف زروال.

شكلت حملة مارس 76 ضربة قوية للمنظمة بمدينة الدار البيضاء بعدما توصل البوليس إلى اعتقال المحترف الثوري أحمد آيت بناصرالمسؤول الرئيسي عن الحركة التلاميذية بالمدينة ومجموعة من المناضلين الأساسيين الذين كانوا يشكلون محور العمل بثانويات الدار البيضاء ومن هؤلاء عبد اللطيف صابر ولحسن صبير...بعد هذه الحملة ستفقد الحركة التلاميذية المغربية نقابتها المناضلة: النقابة الوطنية للتلاميذ.
م
الرباط 12 أبريل 1976مساءا:اعتقال الرفيق محمدالرحوي

اعتقل محمد الرحوي المعروف ب الصحراوي والفيلالي و الملقب ب" زعيتر"( اقتباس الإسم من وائل زعيتر المناضل الفلسطيني الذي اغتالته المخابرات الإسرائيلية في سنة 1972) ( محمد الرحوي من المناضلين الأوائل داخل منظمة "إلى الأمام" ذو أخلاق عالية تتسم بالإخلاص والتواضع والإنضباط للقرارات مهما كانت خطورتها , خبر النضال التلاميذي والطلابي وفي الأحياء الشعبية حيث ساهم على امتداد سنوات في توزيع المناشير السرية للمنظمة داخلها, وحين تعرضت المنظمة في الرباط للضربات المتتالية سنة 74 تحمل عبئ النهوض بها من جديد إلى جانب رفاق اخرين من أمثال عبد القادر أمصري وآخرين واحترف العمل السري تحت اسم زعيتر)على إثر موعد بحي البريد بالرباط بعد لقائه مع أحد العناصر المشبوهة, وقد وجد عناصر من المخابرات في انتظاره فلاذ بالفرار, و بعد مطاردة هوليودية استقل خلالها تباعا ثلاث سيارات أجرة, و بعدما ابتلع أوراق مذكرة تضم مجموعة من المواعيد, توجه إلى دوار الحاج قاسم ( حي الأمل حاليا ) حيث توجد إحدى المقرات السرية للمنظمة, و ما أن دلف إلى الداخل حتى توالت طرقات قوية على الباب تبعتها مداهمة للمنزل من طرف عناصر مسلحة من المخابرات, وقد كان يوجد هناك في المنزل كل من عبد الرحمان القنصي المعروف ب " الحبيب" و محمد النضراني المعروف ب"مصطفى" اللذان كان يقطن معهما محمد الرحوي .( هذان الأخيرين كانا عضوي لجنة أساسية بثانوية ابن عبدون بخريبكة خلال سنة 74 و كان يشرف على هذه اللجنة فؤاد الهيلالي ثم مصطفى التمسماني , و انتقل الرفيقان إلى الرباط بعدما أصبحا طالبين).

كان المنزل يحتوي على آلة فيتنامية للطبع ,و مؤلفات ماركس لينين و ماو تسي تونغ و غيفارا و هوشي منه و مجموعة من منشورات المنظمة كنشرة "24 يناير"" مغرب النضال" "المناضل" "النشرة" و "إلى الأمام"و"الشرارة"التي كان يتم توزيعها في الأحياء الشعبية ونسخ من "الشيوعي"( النشرة الداخلية للمنظمة), إضافة إلى مجلة الهدف و الحرية الفلسطينيتين.

عرفت هذه الحملة اعتقال العديد من المناضلين , منهم : عبد الناصر بنو هاشم المعروف ب" ميمون" و عبد الله الحرايري و ادريس الحريزي و آخرون.

هكذا بدأت إحدى أحلك فترات القمع الذي تسلط على مناضلي منظمة "إلى الأمام"حيث تنقل أعضاء المجموعة بين أسوء المعتقلات السرية في مغرب السبعينيات, فمن " الكمبليكس" بالرباط إلى أكدز( تم نقل المجموعة التي كانت تضم خمسة رفاق و هم : محمد الرحوي و محمد النضراني و ادريس الحريزي و عبد الرحمان القنصي و عبد الناصر بنو هاشم من الكومبليكس إلى أكدز قي 5 غشت 1977 ) ثم قلعة مكونة و سكورة بإقليم ورزازات , تسع سنوات من التعذيب و المعاناة في سرية تامة و في ظل صمت مطبق فرضه النظام الكمبرادوري على كل السجون و المعتقلات السرية .وقد أخفى النظام جريمة اعتقالهم دون تقديمهم لأية محاكمة ليصبحوا مفقودين و قد دامت محنة اختفائهم من 12 أبريل 1976 إلى 30 دجنبر 1984.( للمزيد من المعلومات انظر كتاب "موغواغ" لمحمد الرحوي بالفرنسية منشورات سعد الورزازي2008-).

اعتقالات سنة 1977:

ستعرف هذه السنة اعتقالات مجموعة من المناضلين المرتبطين

بالمنظمة الذين حاولوا إعادة بنائها من جديد و ذلك إلى جانب مناضلين آخرين ينتمون إلى منظمة"23 مارس "وتعرف هاته المجموعة بمجموعة مكناس) , و ينتمي هؤلاء المناضلين في أغلبيتهم إلى التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية التي نجت من الاعتقالات و إلى مجموعة من المناضلين الصحراويين. من بين المعتقلين عبد السلام رضوان وعبد السلام أومالك(إلى الأمام) عبد الهادي بن الصغيروعبد الواحد بلكبير(منظمة 23 مارس) وعمر الزايدي(لنخدم الشعب) وموثيق لحسن ( مجموعة الصحراويين).

3) حول الأسلحة القمعية لتدمير المناضل و الإنسان

من الضروري تقديم تحليل نظري لظاهرة التحول الذي يعرفه المناضلون خلال فترة الاعتقال و بعدها ( انظر كتاب فكتور سيرج"كل ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع"( الكتاب تلخيص للتجربة البلشفية في مجال مقاومة القمع وتأتي أهميته من كون الكاتب كان من القلائل الذين اطلعوا على ملفات الأوخرانا(البوليس السري في ظل حكم القيصرالروسي) وذلك بعد نجاح الثورة البلشفية و كذلك كتابي رجيس دوبري : " سلاح النظرية ""والنقد بالسلاح" وهما جزءان لكتاب واحد حول تجربة أمريكا اللاتينية.
عموما تظل المبادئ هي نفسها مع تغير مستمر في التقنيات بحكم التطور الهائل الذي تعرفه تقنيات التواصل وتخزين المعلومات ومعالجتها إلى جانب الإستفادة من دروس الثورات التي يتم تعليمها لرجال المخابرات (انظر في هذا السياق فيلم "معركة الجزائر" الشهيرالذي قامت المخابرات الفرنسية والأمريكية بتدريسه في معاهدها البوليسية).

وفي كل الأحوال ,عند الاعتقال, تقوم الأجهزة القمعية المختلفة بتعصيب عيني المعتقل ووضع القيد في معصميه , ثم تمنعه من التواصل مع باقي المعتقلين وتضرب طوق من العزلة عن الخارج, كما يمدد المعتقل
على ظهره و يمنع من النوم خاصة في الأيام الأولى و لا يسمح له بالتحرك إلا صوب المرحاض أو قاعة التعذيب و التي تسمى " قاعة العمليات".

يتعرض المعتقل لكل أشكال التعذيب الجسدي و النفسي بعدما تم تهييئ شرط الانفراد به ليسهل النيل من معنوياته و الحط من إرادته.

و يكون الهدف من ذلك تحطيمه جسديا والسيطرة عليه بسيكولوجيا ((عملية غسل الدماغ) وصولا إلى تأليبه ضد نفسه وضد رفاقه,الأمر الذي ينجح فيه الجلاد مع البعض لكنه يفشل مع البعض الآخر.

تحاول الآلة القمعية تحطيم الإنسان بقتل أو نزع كل روح نقدية لدى المناضل , فهناك إيمان راسخ لدى الجلاد بأن التقنية قادرة على التفوق على القدرات الإبداعية للإنسان , و بطبيعة الحال تستهدف الهجوم على هاته النواة الصلبة, هاته الأسطوانة الصلبة المشكلة من نواة الفكر الثوري التي تسلح به النظرية الثورية المناضل الثوري و خاصة في نقطتين أساسيتين :

- الإيمان بالجماهير و بقدرتها على صنع التاريخ مقابل هجوم الجلاد على الجماهيرو تبخيسها.
- الإيمان بالإنسان و تفوقه على الآلة و التقنية لأنه هو من يبدعها مقابل النفخ في قدرة آلة التعذيب على تكسير إرادة المناضل لدى الجلاد.

هناك إذن صراع بين إرادتين و تصورين و مفهومين متناقضين هما : المفهوم البرولتاري للعالم كمفهوم مادي جدلي و المفهوم البرجوازي للعالم كمفهوم مثالي ميتافيزيقي.

يعمل الجلاد منذ البداية كما لوأن عليه مهمة إنجاز بحث دراسي حينما يحاول تحويل المعتقل إلى مجرد موضوع بدون ذات ليقدمه أمام لجنة هي هنا المحكمة التي تستأمر بالقوانين الطبقية للنظام و يكون عليها إجازة صاحب البحث بأعلى الدرجات ( ميزة مشرف جدا ) لأنه (أي الجلاد) خدم" المصلحة العليا للوطن"أي مصالح الكمبرادور و الملاكين العقاريين الكبار و سماسرة الاستعمار, و ينتشي النظام بهذا الانتصار عندما يوحي لإعلامه و أبواقه و الأحزاب الدائرة في فلكه بالخوض في حملات تعتيمية تستهدف فكرالمواطنين و عواطفهم من خلال تشويه صورة المعتقلين فتتم شيطنتهم و تقديمهم على أنهم أعداء الوطن أي" وطن الكمبرادور" مؤلبين بذلك الجماهير ضدهم و استعدائها تجاههم.

حينما لا يتم إدراك جوهر هذا الأمريسقط العديد من المناضلين في أخطاء قاتلة يتم تقديم شتى التبريرات للقبول بها باسم الواقعية و ضرورة إنقاد الذات في انتظارظروف أخرى أحسن, و يتجلى هذا سواء أمام الجلاد مباشرة أو أمام هيئة المحكمة.بمثل هكذا نهج يكون المناضل قد وقع على صك موته السياسي, و تعمل السنوات اللاحقة على تعميق مسلسل انهياره و سقوطه النهائي, ذلك أن دودة الانهيار تظل تنخر ذاته حتى تأتي عليه .

أمام الجلاد لا يملك المناضل المعتقل سوى فكره و صموده, فإما أن يتحول ذلك الفكر و نواته الصلبة إلى قوة مادية, و إما أن تظهر هشاشته و ضعف قناعته, فلا طريق ثالث بينهما.و طبعا لا قيمة لهذا الكلام إذا لم يفهم في سياقه السليم( منظمة ثورية حقيقة ذات خط سياسي ثوري و نظرية ثورية)ذلك أن العكس يكشف عيوب التربية الإديولوجية و السياسية التي عاشها المناضل من داخل المنظمة التي ينتمي إليها كتجربة شخصية و جماعية ملموسة, ومن تم قد يسقط في فخ الجلاد الفاقد لأي إنسانية ليملي عليه رغبته السادية التي يلخصها الشاعر الفلسطيني الكبير معين بسيسوفي إحدى قصائده كما يلي:

اكتب
و اركع للورقة
و اغرس قلمك في عيني طفلك
و اكتب ما شاء لك السجان أن تكتبه
.............................................
4)التعذيب , الانضباط و البنية التنظيمية

ليس الانضباط سببا بل نتيجة, أو تكفير عن ذنب ما أو إكراها, إنه نمط عمل لجسم ( أوركانيزم).
يعتقد المناضل أنه مضحوك عليه و تم الكذب عليه و أنه مخدوع و تم تضليله فيحس بإحباط فظيع.

عندما يغيرالمناضل معسكره, في مثل هاته الحالة يقع ما يلي :

في واقع الأمر يكون هذا المناضل قد استعاد حقيقته الإديولوجية و السياسية أي اكتشف حقيقته الأصلية.

بالمعنى العام, أن نتنظم يعني كلا متميزا و أعلى من أجزائه المكونة له’ بما يعني أن الجزء مرتبط بالكل و الكل بالجزء و هنا خطأ من يربطون مصير انتمائهم بمصير الزعماء خاصة لما ينهار هؤلاء الأخيرين,
وتنتشر هذه الحالة لدى المناضلين البرجوازيين الصغارالذين بعيشون حالة تناقض بين كائنهم الاجتماعي ( طابعه التشتت) و كائنهم الإديولوجي ( الانتقائية ).( انظر سلاح النقد ل: ريجيس دوبري)
ذلك أن من يعيشون مثلا و يعملون في الجامعات و المكاتب يكون من الصعب عليهم أن يلعبوا دور العامل الجماعي و دور المثقف الجماعي بالاكتفاء بذواتهم.

أن ننضبط تساوي أن نتنظم التي تساوي بدورها أن نتبلتر, إننا أمام جدلية النظرية و التنظيم كما صاغها فلادمير إيليتش لينين(انظر كتاب " ما العمل : لينين).

فؤاد الهيلالي