الوضع الثوري بتونس ومصر ومهام الماركسيين اللينينيين المغاربة


امال الحسين
2013 / 8 / 11 - 19:39     

تشكل النظرية الثورية لمنظمة "إلى الأمام" أهم الأطروحات الثورية في الحركة الماركسية اللينينية المغربية التي أوضحت طريق الثورة المغربية في علاقتها بالثورة العربية والعالمية، فمنذ وضع نظرية الإستراتيجية الثورية المنبثقة انطلاقا من دراسة التجارب الثورية العالمية والثورات العربية وعلى رأسها الثورة الفلسطينية وفق الديالكتيك الماركسي في علاقتها بالوضع الثوري بالمغرب، أصبح من المؤكد أنه لا يمكن عزل الثورة المغربية عن الثورات العربية والعالمية وأصبح طريق الثورة المغربية واضحا انطلاقا من استراتيجية الثورة في علاقتها باستراتيجية بناء الحزب الثوري.

وكانت التجربة الثورية لمنظمة "إلى الأمام" من بين التجارب العربية والعالمية التي استطاعت شق طريقها نحو تحقيق الثورة المغربية رغم شراسة قمع النظام الكومبرادوري وتواطؤ التحريفية الإنتهازية داخل الحركة الماركسية اللينينية والأحزاب الإصلاحية المغربية، وصمد الفكر الثوري للمنظمة رغم الهزات التي عرفها الفكر الماركسي اللينيني عالميا وما يشقه من خطوط تحريفية انتهازية وهجوم الفكر البورجوازي لتشويه المنظور الماركسي اللينيني للثورة. وكانت الأزمة المالية العالمية التي ضربت الرأسمال الإمبريالي عالميا منذ 2008 وتداعياته على الرأسمال الكومبرادوري دليلا قاطعا على صحة طريق الثورة من منظور الفكر الماركسي اللينينية، ومن نتائج هذه الأزمة اندلاع الإنتفاضات الشعبية في العالمين الإمبريالي والكومبرادوري كليهما وأرقى هذه الإنتفاضات الشعبية الإنتفاضتين التونسية والمصرية اللتين تعرفان استمراريتهما منذ أزيد من سنتين.

والإنتفاضتان التونسية والمصرية نموذجان متناقضان متكاملان في طريق الثورة بشمال أفريقيا والدول العربية، وهما يتطابقان في كونهما نتاج معاناة الشعبين التونسي والمصري تحت ظل ديكتاتورية "الإقطاعيات والبورجوازيات العربية" كما سمتها منظمة "إلى الأمام"، لكون النظامان الكومبرادوريان بتونس ومصر يشتركان في جميع السمات المتعلقة بالتبعية للرأسمال الإمبريالي وخدمة أهدافه الإستعمارية ضد الثورة العربية عامة والثورة بشمال أفريقيا خاصة. فبعد عزل الشعب المصري عن الشعوب المغاربية والعربية بعد اتفاقية كامب ديفيد الرجعية فس 1977 وعزل الثورة الفلسطينية عن الثورة العربية، تحول النظام الكومبرادوري بتونس بشكل مباشر إلى جهاز بوليسي تابع للإمبريالية والصهيونية لعب فيه الديكتاتور "بن على" منذ نونبر 1987 دورا هاما حيث قام بتقديم أول هدية للإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية بمشاركته مع المخابرات الصهيونية بتونس في عملية إغتيال "أبو جهاد" في 16 أبريل 1988 القيادي الفلسطيني الثوري مهندس العمليات الفدائية وقائد المقاومة الفلسطينية بلبنان في 1982 ضد الإجتياح الصهيوني. فبعد اندلاع الإنتفاضة الفلسطينية في 1987 لعب النظام الديكتاتوري بتونس بتحالف مع قيادات فتح الإصلاحية دورا هاما في إفشال هذه الإنتفاضة التي قادها الأطفال والشباب الفلسطينيين الثائرين بفلسطين المحتلة ، بينما النظام الديكتاتوري بمصر بقيادة "مبارك" يعزز علاقاته مع المخابرات الصهيونية والأمريكية لضرب الثورة الفلسطينية بعد طرد المقاومة الفلسطينية الثورية من لبنان وتجريدها من السلاح بدعم من الأنظمة الكومبرادورية بالمغرب والأردن ودول الخليج.

وأصبح النظامان البوليسيان بتونس ومصر أداتين في أيدي الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية للقضاء على الثورة الفلسطينية رمز الثورة العربية. ولم يستطع الحزبان البورجوازيان الصغيران بالعراق وسوريا إلا إصدار البيانات والإختباء وراء شعاراتهما التحريفية الإنتهازية باسم الإشتراكية الشوفينية/القومية العربية بعد عزل الثورة الفلسطينية، وهما في نفس الوقت يعيشان صراعاتهما الهامشية وتناقضاتهما الثانوية حول صحة وعدم صحة خطيهما الخارجين أصلا عن الخط الثوري للحركة الماركسية اللينينية. وتأصلت الرجعية العربية في جميع البلدان العربية والمغاربية بفضل الأنظمة الكومبرادورية عميلة الإمبريالية والصهيونية، بعد بيع القضية الفلسطينية على يد منظمة التحرير الفلسطينية التي تخلت عن حمل السلاح واعترفت بالكيان الصهيوني. وتوالى الهجوم على القوى الثورية وعلى رأسها الحركة الماركسية اللينينية المغربية وأساسا منظمة "إلى الأمام" الخط الثوري، الذي ما زال صامدا أمام القمع الكومبرادوري وتواطؤ التحريفية الإنتهازية والإصلاحية ضده لعرقلة طريق الثورة المغربية.

وشق الشعبين التونسي والمصري طريقهما نحو الثورة العربية رغم عزلهما عن الحركة الماركسية اللينينية بقوة القمع وتواطؤ التحريفية الإنتهازية والإصلاحية، التي تخلت عن الخط الثورية وأصبحت تحاربه باسم الديمقراطية الليبرالية والتحالف مع الظلامية كواقع موضوعي آمنت به وحملته شعارا لتواطئها مع الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية، وتسارعت هذه القوى الرجعية إلى المساومة على حساب أهداف الإنتفاضتين الشعبيتين بتونس ومصر خدمة للمشروع الإمبريالي الكومبرادوري بالمنطقة، مما فتح المجال أمام الظلامية للإنقضاض على الحكم باسم الديمقراطية وصناديق الإقتراع، تنفيذا لمشروع الظلامية العالمية بقيادة النظام التركي الظلامي الرجعي المدعوم من طرف الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية. وسرعان ما قام النظامان الظلاميان بتونس ومصر على إبراز مشروعهما الظلامي ضد كل ما هو تقدمي وحداثي اشتراكي، وكان ذلك بارزا في دعمهما ل"الجهاد" الظلامي في الحرب بسوريا التي أبرزت بشكل واضح التناقضات الثانوية بين الإمبرياليات في دعمهما لمشروعين ظلاميين متناقضين يتمثلان في الشيعة والسنة، وأصبح النظامان الكومبرادوريان بتونس ومصر عدوين للخط الثوري الذي رسمه الجماهير الشعبية بدماء الشهداء في ظل غياب الحزبين الثوريين الكفيلين بقيادة الثورتين التونسية والمصرية.

إن استمرار الإنتفاضتين التونسية والمصرية واستعداد الشعبين التونسي والمصري لحماية الثورة بمزيد من المقاومة في اتجاه طريق الثورة مؤشر كبير لإمكانية نجاح الثورة العربية، ودليلا قاطع على أن الجماهير هي التي تصنع التاريخ والقادرة على صنعه لأكثر من مرة والدفاع عن مشروعها الثوري، ويبقى دور الحركة الماركسيةـاللينينية حاضرا في كل اللحظات الثورية التي تخوضها الجماهير الشعبية البلدان المغاربية والعربية، ذلك أن المشروع الثوري الذي تحمله الحركة الماركسيةـاللينينية خاصة منظمة "إلى الأمام" الخط الثوري منسجم تمام الإنسجام مع تطلعات الشعوب المغاربية والعربية، إلا أن غياب المنظمة الثورية الماركسيةـاللينينية القادرة على قيادة استراتيجية بناء الحزب الثوري في علاقتها بالإستراتيجية الثورية على طريق الثورة العربية يبقى العامل المعرقل أمام الجماهير في انتفاضاتها الشعبية بتونس ومصر. ولذلك فإن من بين المهام المركزية للماركسيين اللينينيين المغاربة الذين راكموا تجاربة مهمة نظريا وممارسة، العمل على ربط صراعاتهما الأيديولوجية والسياسية والتنظيمية بمهمة استراتيجية الثورة العربية خاصة في تونس ومصر، اللتان تعيشان استمرار الوضع الثوري الذي يقوده الشباب الثائر من أجل المساهمة في بناء الحزب الثوري من صلب نضالات الجماهير الشعبية الثائرة.