تقرير حول تطور الوضع العالمي (يونيو 2013)


فرانسوا سابادو
2013 / 8 / 8 - 19:08     

كانت الأسابيع الأخيرة مطبوعة بانتفاضات رائعة للشباب التركي والبرازيلي. كما يجب إضافة الحركة في البوسنة، التي انطلقت بصدد الدفاع عن حق الرضع في هوية. تندرج التعبئات الاجتماعية و السياسية في حركة مقاومات اجتماعية وسياسية للهجمات وضد التقشف والتفاوت والنيل من الحريات الديمقراطية. كما أن هذه التعبئات تتميز، سواء كانت دفاعا عن حديقة أو ردا على زيادة في أسعار النقل أو ذودا عن الحقوق الديمقراطية، بطابعها الفريد. إنها حركات تنبجس، بالنسبة لتركيا والبرازيل على كل حال، في بلدان صاعدة لم تكن حتئذ متضررة بالأزمة. ما يضفي على تلك الحركات مظاهر "مايو 68" مع تعبئات شباب قوية تستتبع تعبئة قطاعات من الحركة النقابية.

في البرازيل، ربما تنم إجراءات التقشف عن مقدمات استنفاذ "النموذج البرازيلي". لكن الدافع الأساسي لهذه الحركات هو بوجه الدقة التناقض بين نمو معين- مع انه متباطئ في البرازيل- وأشكال تفاوت صارخة. وهو في البرازيل التوتر بين المبالغ المنفقة في دوري كأس العالم المقبل وتقليصات ميزانية الصحة والتعليم والسكن...وهو في تركيا التعارض بين نمو اقتصادي-اجتماعي والغطاء الرصاصي التي تسعى حكومة أردوغان إلى فرضه. إنه من السابق للأوان استنتاج كل الدروس من هذه الأحداث، لكن أجيالا سياسية جديدة تتحرك وهذا بالغ الأهمية في الوضع بهاذين البلدين.

سنؤكد على خمس مسائل: الظرف الاقتصادي، وتوترات جديدة في أوربا، ومستجدات الحركات الاجتماعية، ومستجدات إمكانات إعادة التجميع السياسي.

I- الظرف الاقتصادي

1- الانحسار الاقتصادي، أو شبه الانحسار، مؤكد في أوربا: نسبة نمو متوسطها -0,2% ، و بلغت +0,1% في ألمانيا، و-0,2 في فرنسا.

2- نحن في سادس نصف سنة من تقلص النشاط الاقتصادي في أوربا، أي أننا إزاء أطول فترة انحسار في تاريخ الوحدة الاقتصادية والنقدية في أوربا. وبلغت قدرات الإنتاج الفائضة في الصناعة، بخاصة في قطاعات مثل إنتاج السيارات، مستويات مقلقة، مؤدية إلى خطط جديدة لتصفية مصانع وفرص عمل.

3- لا يعني تراجع التوترات في الأسواق المالية أن الاقتصاديات الأوربية في منأى عن أزمات بنكية جديدة. لا بل عادت بعض البنوك الدولية الكبرى من جديد إلى التركيبات التي أنتجت المنتجات المالية "السامة"، و ُتبرز أزمة قبرص أن ارتدادات تلك الأزمات البنكية والمالية ممكنة دوما.

4- ومن ثمة، يؤدي الضغط المزدوج للميول إلى فيض الإنتاج في قطاعات صناعية أساسية وللأسواق المالية بالطبقات السائدة والحكومات إلى تشديد سياسات التقشف: بطالة جماهيرية، وتجميد الأجور أو خفضها،ومواصلة خفض الميزانيات الاجتماعية، والهجمات على الضمان الاجتماعي وعلى تشريع العمل (مثل اتفاق منظمة رأسماليي الصناعة مع نقابة CGIL ضد الاتفاقات الجماعية في ايطاليا)، ورفع سن التقاعد أو تطويل مدد الاشتراكات. وبالتدريج تتشكل خطط تصفية أنظمة التقاعد. وقد شهدت السنوات والأشهر الأخيرة تشكل الخطوط العريضة لإعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية في أوربا، أي أن "النموذج الاجتماعي" سائر فعلا إلى التصفية. انه التقشف بلا نهاية.

II- توترات جديدة بأوربا

أدت عواقب الأزمة الاقتصادية المترافقة مع نموذج البناء الأوربي إلى تغيير العلاقات داخل مكونات أوربا في السنوات الخمس الأخيرة. فقد تزايد أكثر تبلور مختلف مناطق أوربا، ألمانيا وبلدان الشمال الدائرة في فلكها، وأوربا الجنوبية (اليونان، اسبانيا، البرتغال)، وفي موقع وسط فرنسا وايطاليا. أما أوربا الشرقية والبلقان، فإن بعض بلدانها العضو بالاتحاد الأوربي – بولونيا، دول البلطيق، الجمهورية التشيكية، سلوفاكيا، سلوفينيا- تمثل قسما من "دائرة ثانية" من الدول الدائرة في فلك ألمانيا (بمعنى خضوع/اندماج، لا مجرد اندماج كما حال السويد أو الدنمرك)، لكن بلا شك ليست تلك حالة بلغاريا ورومانيا وكرواتيا التي تدور اقتصادياتها في فلك فرنسا وايطاليا، وهي من ثمة أقرب إلى "الجنوب" أو "دائرة ثانية" في الجنوب. وأبعد من مواقف عمومية حول الحاجة إلى الاتحاد والتعاون وإلى حكومة اقتصادية أوربية، قامت علاقات قوى جديدة حيث تهيمن البرجوازية الألمانية. وقد تعززت مكانة ألمانيا في هذا التنافس بفعل مقدرات قوية في الإنتاجية، وفي الابتكار التكنولوجي، وفي البحث، وفي التطوير، وكثافة شبكة المقاولات الصغيرة والمتوسطة ذات الأداء العالي على الصعيد الدولي.

لكن إعادة الهيكلة النيوليبرالية لسوق العمل لديها، وتنظيمه المنتج، هما ما منحها ميزة أكيدة. إذ أدت إصلاحات Hartz-Schroder إلى إفقار نسبة 20% إلى 25% من السكان النشيطين، ووسعت حركات ترحيل الصناعة إلى الشرق مع سياسة إغراق اجتماعي الفوارق بين ألمانيا والبلدان الأخرى. هذا ما قاد أوسكار لافونتين، الرئيس السابق للاشتراكية الديمقراطية الألمانية و مؤسس دي لانكه (حزب يساري ألماني)، ونصير أوربا رأسمالية، إلى التصريح يوم 30 أبريل 2013 أن " الألمان لم يدركوا بعد أن أوربيي الجنوب قد يضطرون آجلا أو عاجلا، مدفوعين بالأزمة الاقتصادية، إلى الانتفاض ضد الهيمنة الألمانية"، و إلى الدعوة إلى "الخروج من اليورو".

سياسات "التقشف بلا نهاية" هذه لا تدافع عنها الرأسمالية الألمانية- مدعومة من الديمقراطية المسيحية بقيادة انجيلا ميركل والاشتراكية الديمقراطية- وحسب، بل تستجيب أساسا لمتطلبات مردودية وربحية الرأسمال تحت سيطرة تمييل financiarisation الاقتصاد العالمي. لا يمكن لمختلف الرأسماليات الأوربية، ولمختلف الطبقات السائدة الأوربية، ولمختلف الحكومات الأوربية الخادمة للنظام المعولم، إلا أن تستجيب للمنطق الداخلي للنظام، منطق تحقيق أقصى معدل ربح.

ويندرج فرانسوا أولاند،"رب عمل الجمهورية"، في هذا المنطق كليا، فالابتعاد عنه سيستتبع مواجهة مع الرأسمال غريبة كليا عن جينات الاشتراكية الليبرالية.

يكمن المشكل في الكلفة الاجتماعية والسياسية لهكذا تقهقر تاريخي وانكسارات داخلية بالاتحاد الأوربي، لكن الطبقات السائدة تواصل نفس النهج طالما تراكم أرباحا وتتحكم بميزان القوى الاجتماعي. و السؤال هو:إلى متى؟

تقودنا تغيرات العلاقات الداخلية للاتحاد الأوربي هذه إلى تدقيق توجهنا إزاء أوربا الرأسمالية، بتحقيق تركيب بين خطط استعجالية مناهضة للتقشف على الصعيد الوطني ومنظور أوربي اجتماعي وديمقراطي، في قطيعة مع الاتحاد الأوربي، يشرع في بناء علاقات جديدة في أوربا تكون في خدمة العمال والشعوب. لكن فور شروع حكومة في تطبيق جدي لهكذا مشروع، ستصطدم بالطبقات السائدة، وستتواجه مع متطلبات الأسواق المالية ومع إملاءات الاتحاد الأوربي. ثمة ترابط وثيق، لكن الوتيرات متفاوتة والأزمات والترجحات غير متزامنة، كما أن لتاريخ البلدان ومساراتها خصوصيات.

في هذه الحالة، يتعين على كل شعب، وعلى كل حكومة تنخرط في قطيعة مع المنطق الرأسمالي الأوربي أن "تحمي تجربتها" وعلى كل سيرورة ثورية أن تصون مكاسبها.

بهذا المنهج، يتعين علينا أن نعالج مسألة الخروج من اليورو المطروحة من طرف قسم من اليسار الجذري. فبتفاقم الأزمة، ومماثلة التقهقر الاجتماعي مع الاتحاد الأوربي، يمكن فهم الشعور الشعبي الذي يدفع إلى رفض اليورو وأوربا. لكن هذا طرح مقلوب للمشكل، لا سيما إذا جرى الخروج من اليورو في إطار اقتصاد رأسمالي، ما يعني خفضا كثيفا للعملة سيكون شكلا أخر للتقشف ضد الشعوب. وليس صدفة أن حزب الجبهة الوطنية (اليمين الفاشي في فرنسا)، وقوى أخرى يمينية في فرنسا، يعارض اليورو.

بعيدا عن اختيار الانطواء الوطني، يجب على القوى المعادية للرأسمالية أن تحافظ على خط سيرها، أي هدف أوربا في خدمة العمال والشعوب. لكن دون قناع، فثمة تناقض غير قابل للتجاوز بين نمط بناء أوربا واليورو وتطبيق برنامج ضد التقشف. هذا ما جعلنا لم نشاطر قط تصورات "الإصلاح" و"إعادة التوجيه" الخاصة بالاتحاد الأوربي. عندما توجه الترويكا (الثالوث: الاتحاد الأوربي، البنك المركزي الأوربي، صندوق النقد الدولي) الإنذار التالي إلى الشعب اليوناني: إما أن تقبلوا سياسات التقشف وتبقوا داخل منطقة اليورو، أو ترفضوا التقشف وتخرجوا من اليورو"، يجب الخروج من هذا الفخ، ونفهم كليا الشعار الذي أطلقه تحالف سيريزا في اليونان:" لا تضحيات من أجل اليورو"! و بالتالي يجب الاستعداد للصراع وللمواجهة.

ليس على حكومة مناهضة للتقشف أن تختار الخروج من اليورو، وما يدخل في نطاق مسؤوليتها هو أن تذهب حتى النهاية في رفض التقشف، وبالتالي أن تهيئ السكان للقطع مع المنطق الرأسمالي. الاتحاد الأوربي هو من يتعين عليه أن يقرر طرد هذا البلد أو ذاك بسبب عدم تطبيق خططه، وهو طرد لن يكون يسيرا من الناحية القانونية. وإذا بلغ الأمر بالاتحاد الأوربي هذا الحد، يكون من مسؤولية حكومة عمالية أن تتحمل الأزمة، وتستنتج كل مستتبعات القطيعة ( وأن تكون طبعا تهيأت لها).

III- عناصر أزمة سياسية

1- اللحظة الراهنة تضافرٌ لكل الأزمات، اقتصادية واجتماعية وسياسية. وتجنح الرأسمالية النيوليبرالية المأزومة إلى استهداف الديمقراطية، وتطوير إجراءات سلطوية على الصعيد المؤسسي. ويمثل إغلاق قناة التلفزة العمومية اليونانية مثالا جديا عن تلك الهجمات على الديمقراطية: جرى الحديث حتى عن "انقلاب". وقد كان إخضاع حكومات جنوب أوربا لنظام الثالوث (الاتحاد الأوربي، البنك المركزي الأوربي، صندوق النقد الدولي)، ولسلطة الأسواق المالية وكبريات البنوك، دليلا على التغير الحاصل. تظهر الطبقات السائدة أنها على استعداد لاستهداف الحقوق والحريات الديمقراطية من أجل فرض "إملاءاتها التقشفية".

2- تفاقم الأزمة أيضا أزمة التمثيل السياسي. فالقواعد الاجتماعية والسياسية والانتخابية للأحزاب التقليدية قد تخلخلت وتتآكل. فايطاليا مضطرة إلى تأليف تحالف عريض يجمع بيرساني و بيتا و برلسكوني لمعالجة اللاستقرار الكبير الناتج عن ثمانية مليون صوت التي حصل عليها بيبي غريللو، وملايين الأصوات التي فقدها اليمين ويمين الوسط ويسار الوسط. وتبرز جيدا رخاوة حركة بيبي غريللو، بعد أشهر قليلة من الحضور بالبرلمان، عمق الأزمة. وفي ألمانيا ترتقب استطلاعات الرأي في اللحظة الراهنة نتائج انتخابية ستفضي إلى تحالف كبير بين الديمقراطية المسيحية والاشتراكية الديمقراطية.

3- في وضع الأزمة هذا، يجري بانتظام استبعاد الأحزاب الحاكمة لكن على نحو يعزز اليمين وأحزاب أقصى اليمين. هكذا، شهدنا في فرنسا مظاهرات مئات آلاف الأشخاص ضد زواج المثليين. أيقظت هذه المسألة فرنسا كاثوليكية قديمة، ورجعية، ومناهضة لـُمثل الحركة الدرايفوسية [+]، موجودة منذ عقود، لكنها انبعثت حول هذا الموضوع، وقد شجعها مناخ عام حيث اليسار مفكك التعبئة ومحبط بفعل السياسة الاشتراكية. وتجدر الإشارة أيضا، في سياق التعبئات الجماهيرية ليمين جذري، مفلت جزئيا من أحزاب اليمين التقليدي، إلى نشاطية مجموعات يمين متطرف تعتدي على مناضلي اليسار وعلى المناضلين المناوئين للفاشية.

4- الأزمة السياسية والأخلاقية كبيرة في فرنسا. سياسة الحزب الاشتراكي مرفوضة على نطاق جماهيري. كنا نعتقد أن مصير حزب البازوك باليونان – انهيار تام- كان حالة خاصة باليونان، وأن الاشتراكية الديمقراطية قد تتراجع لكنها لن تنهار إلى هذا الحد. عندما نحلل نتائج الانتخابات الجزئية الأخيرة في فرنسا، لم يعد ممكنا استبعاد هكذا انهيار للحزب الاشتراكي. فقد الحزب الاشتراكي في تلك الانتخابات آلاف الناخبين. لا بل أستبعد للدور الثاني لتلك الانتخابات. وإذا تأكدت الميول الراهنة، قد يكون الوضع كارثيا للحزب الاشتراكي في الانتخابات البلدية والأوربية المقبلة في العام 2014. لكن الأشد مدعاة للقلق على صعيد ميزان القوى السياسي والانتخابي هو أن يستفيد اليمين من انهيار الحزب الاشتراكي، لكن المستفيد بوجه خاص هو حزب الجبهة الوطنية الذي بات اليوم مركز ثقل الحياة السياسية الفرنسية. و إن لم يكن في هذه المرحلة قسم هام من الطبقات السائدة يسير خلف حزب الجبهة الوطنية – إنه مع الرأسمالية المعولمة- فلا يمكن استبعاد إعادة تركيب سياسي على اليمين مع يمين مكسور: قطاعات تتواطؤ مع حزب الجبهة الوطنية، فيما تتجه أخرى صوب إعادة تركيب كبيرة لليسار مع الوسط. وقد يقود الاستقلال النسبي لعوامل الأزمة البلد إلى وضع حرج.

IV- حركات جديدة في البلدان الصاعدة وحدود التعبئات الاجتماعية في بلدان الأزمة

يجب تمييز التعبئات الجديدة التي ظهرت بالبلدان المسماة صاعدة عن تلك الخاصة ببلدان الأزمة. يجب تتبع دينامية التعبئات وأشكالها ومضمونها في تركيا والبرازيل. إنها تعبئات تستثيرها هجمات اجتماعية وديمقراطية تضفي على تلك الحركات مظاهر مايو 68. لقد مست الأزمة البلدان الصاعدة بكيفية خاصة بها، لكن مع وضع مادي (قياسا بحالة تلك المجتمعات) أقل ترديا مما في بلدان الأزمة. في أوربا تجدر الإشارة إلى الأيام النضالية والمظاهرات في اسبانيا والبرتغال. ويوم 27 يونيو، ستشهد البرتغال إضرابا عاما جديدا. كما تجدر الإشارة إلى وثبة التعبئات الاجتماعية والديمقراطية في اليونان بعد إغلاق القناة التلفزية العمومية. ورغم صعوبة وضع التعبئة الاجتماعية في اليونان، بعد 29 يوم إضراب وطني، لا تزال الحركة الشعبية في اليونان قادرة على مقاومة هجمة جديدة. يمكن على صعيد المقاومة الديمقراطية تحقيق انتصارات جزئية، لكن على الصعيد الاجتماعي-الاقتصادي لا تفلح التعبئات في وقف التسريحات أو صد تجميد الأجور أو خفضها وإلغاء آلاف فرص العمل في القطاع العام وتقليص الميزانيات الاجتماعية (1). باختصار، التقشف مستمر ومشتد. وقد طبعت أيام التعبئة المنسقة على صعيد أوربي الوضع على نطاقها، لكنها لا تمثل مرجعية لعمال وشباب كل بلد. ويجري تحضير هجمات جديدة، لا سيما إصلاحا جديدا تعده حكومة الاشتراكية يستعيد سياسات اليمين ويفاقمها، وكذا مشروع مذكرة توجيهية أوربية تفرض التنافس في قطاع الخدمات، ومنها الصحة والضمان الاجتماعي والتقاعد والحماية الاجتماعية... تجب المتابعة والتدخل بأشد ما يمكن من همة في تلك الحركات الاجتماعية في انتظار تغير جزئي في الظرفية.

V- مستجدات اليسار الجذري و الثوري

يظل ميزان القوى السياسي في غير صالح اليسار الثوري.

ويظل تحالف سيريزا في اليونان مرجعية قسم مهم من اليسار الجذري في أوربا. وسيكون مؤتمره في يوليو امتحانا لقياس مقدرته على إطلاق برنامج مضاد للتقشف ومقاوم للضغوط القوية للطبقات السائدة و الاتحاد الأوربي.

في الدولة الاسبانية، يحافظ حزب اليسار الموحد، حيث الغلبة للحزب الشيوعي، على صدى تؤكده استطلاعات الرأي بجمعه ردودا مضادة للتقشف وواقعية مؤسسية كما الحال في إقليم الأندلس حيث أكد مشاركته في الحكومة مع الحزب الاشتراكي. وفي كاتالونيا، وبلاد الباسك وغاليسيا، توجد النزعة القومية الراديكالية في مركز بناء بديل سياسي على يسار اليسار. وقد شارك رفاقنا في حزب اليسار المناهض للرأسمالية Izquierda Anticapitalista مؤخرا في عدة لقاءات بمدن عديدة من أجل بناء "بديل مناهض للرأسمالية من القاعدة"، وهي لقاءات جمعت مناضلين من قطاعات جذرية في حزب اليسار الموحد ومسؤولين نقابيين ومناضلي جمعيات ومناضلين من اليسار الثوري. وتفتح تلك اللقاءات مساحات نقاش جديدة بين المناضلين. ويعيق تطورها نحو إطار من أجل بديل مناهض للرأسمالية مستديم سياسةُ حزب اليسار الموحد التي تظل محكومة برهانات مؤسسية.

في فرنسا، لم تكن الانتخابات الجزئية الأخيرة في صالح تحالف جبهة اليسار. فحزب الجبهة الوطنية هو المستفيد من انهيار الحزب الاشتراكي. دعا تحالف جبهة اليسار إلى مظاهرة لعشرات آلاف الأشخاص ضد سياسات التقشف، والتي شارك في الدعوة إليها حزب مناهضة الرأسمالية الجديد NPA، لكن التعبئة من جانب اليسار الجذري ليست اليوم بما يكفي من القوة لتغيير ميزان القوى. يجب انتظار الانتخابات البلدية والأوربية المقبلة لرؤية ما إن كان بوسع اليسار الجذري أن يطبع أيضا الوضع بوجه صعود حزب الجبهة الوطنية.

أخيرا، تجب الإشارة إلى مبادرات هامة لتجميع الثوريين في بريطانيا تجمع مناضلين من منظمات SR (مقاومة اشتراكية) و ACI (المبادرة المناهضة للرأسمالية) وأولئك المتحدرين من أزمة SWP (حزب العمال الاشتراكي). كما أن هؤلاء المناضلين منخرطون في مبادرات حول نداء المخرج السينمائي كين لوتش من أجل حزب جديد مناهض للرأسمالية.

و في ألمانيا جرى تنظيم اجتماع حول التجميع المناهض للرأسمالية بمبادرة من جملة تيارات، منهم أعضاء الأممية الرابعة بهذا البلد، مع أوليفييه بوزانسنو و شارل اندريه أودري.

كما جرت مبادرات في بلجيكا، وبالضبط في والونيا، لمناقشة إمكانات تجميع نقابيين مناهضين للتقشف لبحث سبل بناء حزب جديد قائم على تلك الفرق النقابية.

==============

تعريب المناضل-ة

[+] الدرايفوسية: نسبة إلى القبطان اليهودي درايفوس المتهم بالخيانة، والذي قسمت قضيته المجتمع الفرنسي في نهاية القرن 19(المعرب)

1)- لا حقا لكتابة هذا التقرير، انتصر إضراب في EPSM (مؤسسة عامة للعلاج النفسي)، مع أداء أجور أيام الإضراب. كنست التعبئة خطة عنيفة جرى تبليغها للمستخدمين عبر الصحافة والبريد الالكتروني، قائمة على للتقشف وإعادة هيكلة المؤسسة الاستشفائية (إغلاق عدد من المصالح أو إعادة هيكلتها، إلغاء أيام خفض مدة العمل وكذا نصف ساعة الأكل، و نيل من تأهيل المناصب،...). وقد شملت التعبئة غير المسبوقة كافة فئات المستخدمين الذين سدوا طيلة أيام عديدة الولوج إلى المستشفى، وعبروا عن غضبهم وعن رفضهم أداء عجز المستشفى المالي، ملخصا بشعار:"بالنسبة لنا، لا. لا لن يتحمل المستخدمون العجز المالي."




فرانسوا سابادو:

قيادي بحزب مناهضة الرأسمالية الجديد بفرنسا، وعضو المكتب التنفيذي للأممية الرابعة.

هذا النص تقرير تمهيدي للنقاش حول الوضع العالمي، مقدم لاجتماع المكتب التنفيذي للأممية الرابعة يوم 15 يونيو 2013