في الماركسية-تحليل بنية النظام الرأسمالي 1


أحمد سعيد قاضي
2013 / 7 / 28 - 22:23     

في هذه السلسلة سأقوم بشرح مواضيع ونقاط عديدة في الماركسية تشمل تحليل بنية النظام الرأسمالي وتوضيح طرق عمله، وتأثير النظام الرأسمالي على المجتمع، وموقف الماركسية وتفسيرها لكثير من القضايا والأمور، وكيفية الانتقال للشيوعية ومراحله في مقالات قصيرة مكثفة وواضحة لكي تتوضح كل جوانب الماركسية بسلاسة إلى القارئ وبدون نفور. وهنا أبدأ بتحليل النظام الرأسمالي قبل كل شيء فالخطوة الأولى في النضال ضد هذا النظام الظالم هي فهم كيفية عمله، وبتفسير عمل هذا النظام نستطيع جذب الكثير من المظلومين للجهاد معنا جنباً إلى جنب ضد الظلم في هذا العالم والذي سببه الرئيسي النظام الرأسمالي. والبداية هي السلعة لأنها النقطة التي ينطلق منها النظام الرأسمالي ويبدأ.
يتعامل الناس بشكل يومي مع السلع والبضائع، فيبيعون ويشترون ويتلذذون بالسلع دون أن يعرفوا ما المحددات الرئيسية لأسعار هذه السلع التي يأخذون المنفعة منها، ولا يعرفون الأساس الذي يحدد سعر المشروبات، والكتب، والذهب الخ، خاصة وأن البرجوازيين شوّه وعي البشر فيما يخص الاقتصاد ليخفوا الاستغلال والظلم للطبقة العاملة. وكما قال ماركس فالبنية الفوقية من ثقافة ووعي وفكر، تمثل أفكار ووعي الطبقة المسيطرة، أي اليوم الطبقة البرجوازية. فما الذي يحدد أسعار السلع التي نشتريها كل يوم؟
للبضاعة أو السلعة قيمتان مختلفتان في ظل النظام الرأسمالي؛ القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية. لكل سلعة أو بضاعة خصائص تجعلها ذات منفعة للبشر، فمثلاً السيارة ذات منفعة لأنها تجعل تنقلنا من مكان إلى آخر سهلاً وبسرعة كبيرة أضعاف سرعة المشي على الأقدام وبجهد أقل بكثير من جهد المشي. هنا السيارة لها قيمة استعمالية وبالتالي منفعة في حد ذاتها. لكن عند تبادل السلعة في ظل النظام الرأسمالي ما الذي يحدد سعرها؟ لنفترض مثلاً أن القيمة الاستعمالية هي التي تحدد القيمة المادية الممثلة بالمال الذي يدفعه المشتري لقاء شرائه بضاعة أو سلعة معينة. ولنأخذ الخبز والسيارة مثلنا، أي سلعة من هاتان السلعتان تمتلك قيمة استعمالية أكبر؟ أكاد أجزم بأن الإجابة واحدة وهي أن الخبز حيوي وأهم بكثير من السيارة لأن الخبز لا يمكننا أن نعيش بدونه أو على الأقل أحد مكونات الطعام الرئيسية عند البشر، ومن أهم الطعام أم السيارة؟ الطعام لا نستطيع التخلي عنه وإلا الموت سيكون نصيبنا أم السيارة رغم فوائدها العظيمة لكننا نستطيع العيش بدونها. بالنسبة للسعر في هذا المثال سيكون من الطبيعي القول بأن ثمن الخبز أكبر من ثمن وسعر السيارة بحكم منفعتها وخصائصها، لكن ما نعيشه اليوم عكس ذلك تماماً فبالثمن الذي يستطيع الإنسان فيه شراء سيارة متوسطة الحداثة والسعر يشتري مئات كيلوات الخبز أو حتى آلاف. لماذا هذا التناقض الكبير بين السعر والقيمة الاستعمالية؟ عندما بحث ماركس عن محددات الأسعار اكتشف أن هنالك قيمتان للسلعة؛ القيمة الاستعمالية التي، والقيمة التبادلية، فالقيمة الاستعمالية تمثل القيمة المادية أو المعنوية التي يستهلكها الشخص والتي شرحت في الأعلى. أما القيمة التبادلية فهي التي تحدد السعر عن طريق الكشف عن كمية قوة العمل في البضاعة التي يراد مبادلتها. فإذن مقدار العمل في البضاعة هو الذي يحدد سعرها وليس قيمتها الاستعمالية، فمثلاً س من القطن يساوي ع من الحديد، هذا يعني أن قوة العمل الموضوعة في س من القطن تساوي قوة العمل الموضوعة في ع من الحديد، وقوة العمل في البضاعة تقاس بوقت العمل أي كمية الوقت الذي يحتاج لإنتاج هذه البضاعة، وعلى هذا الأساس تقاس قيمة السلع والتي اتخذت من النقود كمقياس أو معيار للرجوع إليه في حالة التبادل بعد تحديد قيمة ساعة واحدة من العمل. فالقيمة الاستعمالية ليس لها أي دور في تحديد سعر البضاعة أو السلعة. فالخبز يحتاج جهد وقوة عمل أقل بكثير من الوقت المحتاج لإنتاج سيارة، والسيارة تحتاج إلى قوة عمل، أي وقت عمل أكثر لتصنيعها بشكل كامل يشمل الوقت المحتاج جلب المواد الخام والقطع، والتركيب والتجميع الخ. ومن هنا فسعر السيارة أغلى من سعر الخبز.