احتجاجات تركيا من منظور ماركسي


فهد المضحكي
2013 / 6 / 22 - 12:58     


في مقابلة اجرتها صحيفة «سول» الناطقة باسم الحزب الشيوعي التركي - نشرتها طريق الشعب في الرابع من هذا الشهر - مع رئيس تحريرها كمال اوكيان وعضو اللجنة المركزية تناول فيها رؤية وموقف الحزب من الحركة الاحتجاجية التي تفجرت مؤخراً في اسطنبول واتسع نطاقها ليشمل العديد من المدن التركية.
وحول سؤال هل كانت حركة اجتماعية بهذا المستوى متوقعة؟ يقول اوكيان: ان الحركات الاجتماعية الكبيرة هي في العموم تاريخياً حركات لا يمكن توقعها. فإذا كان يمن توقع حدوث شيء ما فإن الاطراف المعنية بالقضية ستتهيأ تبعاً لذلك، وستحاول عبر مساهمات سلبية او ايجابية التحكم بالنتائج (...) لم يكن بوسع احد يقدر ابعاد ما نواجهه في اللحظة الراهنة، الحكومة لم يكن بوسعها ذلك. القوى الرئيسية للمعارضة لم يكن بوسعها ذلك، وينطبق هذا ايضا على اليسار.
كانت هناك بعض التقديرات واستطاع البعض ان يدرك ان الاحدث ستبلغ نقطة حرجة لكن لم يتكمن احد من التنبؤ بما يحدث الان. هذا شيء مهم. ان المناخ السياسي والفكري يحدث في تركيا هو الان مختلف عما كان عليه قبل اربعة أو خمسة ايام. انه ليس مختلفاً كلياً، لكنه مختلف بمستوى لا يمكن التقليل من شأنه.
اما فيما يتعلق بالسؤال ماذا يقف وراء واتساع وعمق الحركة يقول: انها تتويج لرد فعل بل وحتى للكراهية تجاه حكومة حزب العدالة والتنمية وخصوصا تجاه اردوغان الى مستوى لا يصدق فهذا الشعور بالكراهية قد تعزز وتراكم بالوتيرة ذاتها التي تزايدت بها غطرسة اردوغان وإفلاته من العقاب من جهة اخرى ظن الجميع ان هذه الكراهية هي امر مفروغ منه.
فهي اذا وجدت منفذا لها فإنها ستنطلق وقد اصبح اردوغان في موقع لا يحسد عليه وبؤرة استقطاب لا يوجد الكثير من امثالها في التاريخ.
وعن سؤال هل يمكن اختزال المسألة كلها الى غضب شديد ضد اردوغان؟ يتحدث قائلا: كلا بالطبع لكن ينبغي اعطاء اهمية لهذا الامر. على سبيل المثال لو لم تكن هناك شخصية مهيمنة مثله. لنقل مثلا لو ان عبدالله غول (الرئيس التركي) كان زعيماً لحزب العدالة والتنمية فإن مستوى ردود الفعل كانت ستنخفض الى مستوى طبيعي لا ينبغي للمرء ان يفهم ذلك كما لو انه لا يوجد اساس فكري ان اردوغان هو عامل محفز يفاقم التأثير، لكن الحركة تهدف الى تصفية الحساب مع العقلية التي تبلورت في حزب العدالة والتنمية.
وعلى صعيد السؤال هل يصح هنا اطلاق توصيف «الربيع التركي..؟ يجيب ان الاشارة الى «الربيع التركي» في وسائل الاعلام الإمبريالية هي رسالة الى اردوغان.. فهم في التحليل النهائي راضون عنه ولا يخططون لاستبداله، لكنهم يذكرونه ايضا بحدوده.
وبعد الاحداث الاخيرة تحتاج سياسة.
اردوغان بشأن سوريا والعراق الى التغيير واعتقد ان مغامراته للحصول على الرئاسة قد انتهت ايضا. هناك احتمال ان تبدأ العلاقة بين اردوغان وطائفة غولن بالتحسن وبتعزيز المواقف الايديولوجية والسياسية في مواجهة ردود الفعل الاجتماعية سيتحرّكان معاً.. وعن مغزى هذه الاحداث يقول: ان ما يحدث هو انتفاضة الشعب.. ان الشعب غاضب وعلى اولئك الذين يقللون من شأن المعارضة ضد اردوغان وحزب العدالة والتنمية ان يراجعوا تقديراتهم كما يجب ان يفعل الشيء نفسه اولئك الذين يعتقدون بأنه سيتحقق السلام والدمقرطة بوجود اردوغان.. فقد فشلت كل خططهم.. ان ما يحدث هو حركة اجتماعية وتحاول بعض القوى السياسية ان تستخدم هذه الحركة ليس من اجل مستقبل جديد بل فقط لتخويف الحكومة.. لكن الامر لن يتوقف هنا.. لقد ساهمت الاحداث الاخيرة في الحركة المنظمة للناس وقد تركت تلك القوى اردوغان من دون دعم لأنها بخلاف وذلك ستجلب الغضب على نفسها فعليها ان تكون حذرة جداً.. وقد تلجأ الى بعض الحيل. أما بالنسبة لسؤال هل كان اليسار التركي مستعداً؟ يقول: ان ما تعنيه باليسار في تركيا هو دائماً مثير للجدل.
بعض القوى اليسارية ليس لديها اية اهتمامات سياسية.. هناك بعض الجماعات التي لا تبدي اهتماماً او تزدري التطورات. لا اريد ان اتكلم كثيراً عنها.
إن القوى السياسية ذات الاهتمامات السياسية الجدية لم تكن مستعده لقيادة الاحداث. لكن هذه الحركة الاحتجاجية ليست غريبة على اليسار.
وكما قلت فإنه في كثير من الاماكن تولى اليسار المنظم قيادة الناس.. هناك البعض ممن لا يبدون ارتياحاً لمساهمة اليسار. انهم لا يشعرون بالارتياح ازاء الهويات السياسية والاعلام واللافتات الحزبية.. ليس هذا مفاجئاً اذا اخذت بالاعتبار عفوية الحركة من جهة اخرى يطالب الناس في معظم الاماكن بالتنسيق الذي يمتلكه تنظيم.
واذا اخذت بالاعتبار حجم الاحداث فإن المساهمة المباشرة لليسار المنظم محدودة، لكن تصميم الناس يعتمد على القوى اليسارية كما ان هناك أنا فردية لبعض المثقفين الذين يبدون حساسية ازاء فكرة اليسار المنظم.
انهم يريدون ان يحتكروا المسرح ونحن لا نأخذ موقفهم على محمل الجد لدينا مثقفون صادقون يتصدون لهذه الحكومة وينبغي لليسار ان يدعمهم لا أن يدعم اولئك الذين يتخذون موقفاً معادياً من السياسة اليسارية ومن فكرة اي نوع من التنظيم السياسي.
وأخيراً وعند سؤال كيف يمكن تعريف هذه الاحداث؟ وهل هي ازمة ثورية؟ يقول: كلا انها بالطبع تفجّر لطاقات اجتماعية ضخمة انها ذات قوة كبيرة في مداها وتأثيرها. لكن هناك بعض المعايير الماركسية لتعريف وضع ما بأنه ازمة ثورية.
ونحن بعيدون عن ذلك.. على الاقل حتى الان.