الصراع الطبقي يُفسر التاريخ


ادم عربي
2013 / 6 / 21 - 21:26     

الصراع الطبقي يُفسر التاريخ
الحقيقيه ما دفعني الى كتابة هذه السطور هو مناقشتي لصديقتي الفيسبوكيه الدكتورة ندا الغاد التي اكن لها كل الاحترام وان اختلفنا في وجهات النظر فالدكتورة لا ترى مطلقا حدوث اي صراع طبقي في التاريخ قبل ظهور طبقة البرجوازية في اوروبا .

في كل مجتمع عبر العصور تتعارض وتتصادم مطامح البعض مع البعض الاخر ، وليست الحياةالاجتماعية سوى تناقضات وتناحرات بين افراد او مجموعات اساسها اقتصادي ، وليس التاريخ الا رصد لتلك التناحرات سواء كانت بين الشعوب او بين افراد المجتمع نفسة ، ونظرية الصراع الطبقي نجحت في تحليل مجمل الطموحات لدى جميع افراد اي مجتمع او عدد من المجتمعات تحليلا علميا ، حيث يقول ماركس في البيان الشيوعي " إن تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا (ثم يضيف انجلس فيما بعد: ما عدى المشاعية البدائية) لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات. فالحر والعبد، والنبيل والعامي، والسيد الاقطاعي والقن، والمعلم والصانع، أي باختصار، المضطهدون والمضطهدين، كانوا في تعارض دائم وكانت بينهم حرب مستمرة، تارة ظاهرة، وتارة مستترة، حرب كانت تنتهي دائما إما بانقلاب ثوري يشمل المجتمع بأسره وإما بانهيار الطبقتين معا (...) أما المجتمع البرجوازي الحديث الذي خرج من أحشاء المجتمع الاقطاعي الهالك فإنه لم يقض على التناقضات بين الطبقات بل أقام طبقات جديدة محل القديمة وأوجد ظروفا جديدة للاضطهاد وأشكالا جديدة للنضال بدلا من القديمة. إلا أن ما يميز عصرنا الحاضر، عصر البرجوازية، هو أنه جعل التناحر الطبقي أكثر بساطة. فإن المجتمع أخذ بالانقسام، أكثر فأكثر، إلى معسكرين فسيحين متعارضين، إلى طبقتين كبيرتين العداء بينهما مباشر: هما البرجوازية والبروليتاريا " .
ويُضيف ماركس في في موضع اخر اهمية البروليتاريا وكيف انها هي الطبقة الثورية الوحيدة القادرة على التغيير حيث يقول " وليس بين جميع الطبقات التي تقف الآن أمام البرجوازية وجها لوجه إلا طبقة واحدة ثورية حقا هي البروليتاريا. إن جميع الطبقات الأخرى تنحط وتنقرض في النهاية مع نمو الصناعة الكبرى أما البروليتاريا فهي – خلافا لذلك – أخص وأساس منتجات هذه الصناعة. إن الشريحة السفلى من الطبقة المتوسطة وصغار الصناعيين والباعة والحرفيين والفلاحين تحارب البرجوازية من أجل الحفاظ على وجودها بوصفها فئات متوسطة. فهي ليست إذن ثورية بل محافظة وأكثر من محافظة أيضا إنها رجعية. إذ أنها تريد أن تدور عجلة التاريخ إلى الوراء. وإن حدث وأن كانت ثورية فذلك لأنها في حالة انتقال إلى صفوف البروليتاريا وبذلك لا تدافع عن مصالحها الآنية بل عن مصالحها المستقبلية وهي تتخلى عن وجهة نظرها الخاصة لتتخذ لنفسها وجهة نظر البروليتاريا" .
ان النظرية الماركسية في الصراع الطبقي تعمل في اشكال المجتمعات الثلاث : العبودية والاقطاعية والراسمالية ، واساس هذا الصراع هو العامل المادي ، ففي جميع التشكيلات الاجتماعية الثلاث هناك طبقة مسيطرة تمتلك وسائل الانتاج وطبقة لا تمتلك الا جهدها وهو مصدر عيشها وبقائها على قيد الحياة ، ان ملكية وسائل الانتاج لطبقة معينه تمنح تلك الطبقة النفوذ والسلطة والمعنوية العالية والاحترام الاجتماعي ، وفي الطرف الاخر ، حرمان الطبقة المضطهدة من الملكية يجعلها مكسورة نفسيا وغير محترمة اجتماعيا ، ان هذا التناقض يولد حالة من الوعي الطبقي للطبقة المحكومه ، وان هذا الوعي الطبقي يدفع بافراد تلك الطبقة الى التنظيم الثوري ، مما يدفع افراد هذة الطبقة بالثورة على مستغليها ، هذه الثورة تؤدي الى تحطيم المجتمع القديم وظهور مجتمع جديد اكثر تقدميه ، واكثر تنمويه من المجتمع السابق ، وهو تحول جدلي
دايلكتيكي لانه صراع بين الفكرة والفكرة المضادة فمثلا في حالة الاقطاع ، الطبقة الاقطاعية هي الفكرة وطبقة الفلاحين هي الفكرة المضادة وعن الصراع بين تلك الطبقتين نتجت الفكرة الثالثة وهي طبقة الراسمالية او طبقة ارباب العمل ...
اتخذ الصراع الطبقي عبر التاريخ اشكال واحداث مختلفة فمن ثورة العبيد الى تحطيم قلعة الباستيل الى نشوء الراسمالية ، الا ان ما يميز الصراع في ظل الراسمالية ويجعلة اكثر سهولة هو العلاقة المباشرة بين العمال وارباب العمل ، وفي الحديث عن الصراع الطبقي تاريخيا لا بد من الحديث عن نشوء الاديان وان نشوءها ما هو الا ثورات تغيير اتخذت طابعا الهايا جوهرة الثورة على الظلم والعبودية ، فهاهي اليهودية جائت كثورة على اضطهاد القبائل التي هاجرت من اليمن الى مصر من قبل امصريين واضطهادهم ، والمسيحية ثورة على ظلم كهنة اليهود ، والاسلام ثورة على العبيد ونظام الاسياد في مكة .
وفي عصر الاسلام وجدت المذاهب الاسلامية المختلفه وحدث صراع بين هذه المذاهب ، وان هذا الصراع لا يخرج عن جوهرة الطبقي ، رغم تسمية البعض له صراع مذهبي ، حيث تمت قراءة هذا الصراع كصراع مذهبي ، لكون الطوائف الكبرى وهي اهل السنه قادت الفتوحات وسيطرت على على الثورة والحكم وشكلت وعي ايدولوجي وفق سيطرتها، فيشكل مجموعة مذاهب عُرفت باهل السنة ، والتي أخذت تتبلور فكريا وفقهيا وسياسي على مر العصور ، ولكن هذا التمظهر شكلته الدولُ المسيطرةُ وأجهزتها، فهي تقوم بإزاحة العناصر المعارضة والنقدية في فقه المذاهب الأربعة، وتشكلنها، أي تجعلها شكلية ومُسيسّة لسيطرتها، والأمر لم يجر في المذاهب الفقهية فقط بل في المذاهب الفلسفية والتيارات الاجتماعية، كتيار الاعتزال الذي قُمع وأُفرغ من نضاله الديمقراطي ! والأمر لا ينطبق على مذاهب السنة بل أيضاً ينطبق على المذاهب الإمامية المتعددة، بدءاً بالزيدية التي تحولت من حركة معارضة إلى جماعة إقطاعية عبر بني بويه وفي اليمن، وكانت منفتحة في المغرب، والإسماعيلية التي كانت حركة اغتيالات وتمرد فصارت عبر الحكم والهيمنة على الجمهور جماعة قصور ونحلة سرية وهيمن عليها الإقطاع كذلك، وأصبح آغا خان زعيمها الروحي يوزن بالذهب في الزمن المعاصر! ولا تشذ الإثناعشرية من هذا التاريخ حيث كانت معارضة أسرية منذ البداية، أي تريد الحكم لآل البيت العلوي ثم انتقلت إلى هيمنة رجال الدين الكبار الذين تداخلوا مع السلطات في إيران وبعض المناطق، أما الجمهور الشعبي المستقل فعجز عن تشكيل صوته الخاص ! وهكذا فإن المعارضات المذهبية اكتسبت طابعاً تقليدياً غير قادر أن يصوغ وعي الحداثة والديمقراطية، بعد أن تشبعت بالهيمنة الطبقية العليا. ومن هنا قامت هذه الهيمنة الطبقية المذهبية العليا، وفي مختلف المذاهب، بمعارضة كافة أشكال الوحدة بين المسلمين وهذه الوحدة تفترض مبدأ الصراع الطبقي بداهةً وضرورةً، حيث لا توجد وحدة قوية دون صراع ! ولم تعارض أي سياسة استعمارية أو وطنية إلا حين تتعرض لسيطرتها الخاصة، وحين تقوم بالتحديث الذي تعتبرهُ قضاءً على تلك السيطرة المطلقة على الطوائف . لكن المجتمع الإسلامي الحديث لا يمكن أن يتقدم إلا على ضوء الحداثة، وعلى تفكيك الطوائف وتحويلها إلى شعب موحد منصهر في بوتقة وطنية، وبوتقة الوطنية تفترض انقسامه الحديث إلى طبقات لا إلى طوائف، حيث تتصارع الطبقات على توزيع الثروة وتطوير البنية الاجتماعية المتخلفة، وصراع الطبقات إذا تم بشكل حضاري سلمي يقوي الأوطان أما الصراع الطائفي فهو يقوضها، ولا بديل عن أحدهما، فإما تطوير وإما هلاك
مصادر:
كارل ماركس وانجلز، البيان الشيوعي
صراع المذاهب الاسلامية ، د . عبد الله خليفه