في ضرورة الماركسية و المهام العالقة


مجدي الجزولي
2005 / 4 / 29 - 13:55     

عندما مات لينين
كان الأمر كما لو قالت الشجرة للأوراق:
أنا ذاهبة !·
 
هكذا انتهى الحال بالشيوعيين حتى قبل السقوط المدوي للإتحاد السوفييتي و ما تبعه من طلاق بائن و ردة تائبة عن أفكار اليسار الجذري، ردة ربما لها ما يبررها عند الفحص الدارس لما آل إليه حال الممارسة السياسية و الإقتصادية في البلدان "الإشتراكية".
 
الفراغ السياسي الذي خلفه موت نظام "رأسمالية الدولة" على حد وصف توني كليف[1] تبعته هزيمة ذاتية للترسانة الأيديولوجية للمثقفين اليساريين، فما عاد من ناطق يستطيع أن يتحدث ملء فيه عن غربة العمل في ظل الرأسمالية أو عن الطبقة الإجتماعية أو عن الثورة .. لذلك أسباب منها أن مثقفي الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية عادة ما اكتفوا بترديد غير ماركسي على الإطلاق لما كانت تقذف به مطابع موسكو مما اعتبرتة المؤسسة الرسمية السوفييتية نهاية لتاريخ الفكر "الإشتراكي"، و بذلك غاب الجهد الذاتي الذي يجعل من قرآن الكلاسيكيات المختارة فقهاً ثورياً محلياً يناسب حاجيات الجماهير و يخاطب قضاياها المباشرة، ترى في فتاوى مجتهديه أبواباً مفتوحة على مستقبل تبنيه و تمتلك نواصيه، من ثم وجد هولاء أنفسهم ايتامَ حجة بما كسبت ايديهم. إنشغال أحزاب شيوعية عديدة بإنشاء المديح لموسكو و ذم واشنطن دون إعمال الذهن النقدي في مثالب الأولى و خديعة الثانية أعاق النمو الفكري و التنظيمي ليسار جذري يتغذى من التربة المحلية و يتعلم من دروس واقعه الماثل، يتطور به و يدفعه دفعاً ثورياً لتحقيق إرادة شعبه. عليه ما كان للصفوة اليسارية –غالباً ذات الأصل البرجوازي الصغير-  من ولي و لا نصير بروليتاري يدثرها و يشد من أزرها عندما افل نجم الدب الروسي، بل رأى الناس من "الرفاق" العجب، حيث هرب بعضهم إلى حركية التيارات الإسلامية أو إلى راحة الصوفية الجديدة و منهم من اختار دين واشنطن دون مواراة متخذاً شارة "شيوعي سابق" حتى يندرج تسبيحه بحمد الرأسمالية بكرة و عشياً من ضمن ما يعتد به في قائمة "و شهد شاهد من أهلها".  
 
لما سبق علاقة وثيقة بقضية الديمقراطية، الكائن الأسطوري الذي خرج علينا معاصراًً محمولاً على الدبابات الأمريكية مهدر المعنى و المحتوى، دونما منازع فكري ينتصر بالحق الماركسي في هذا الصدد على بساطته: ”ان الجمهورية الديمقراطية تناقض الرأسمالية »منطقيا«، إذ أنها تساوي »رسمياً« بين الغني و الفقير، و ذلك هو التناقض بين النظام الإقتصادي و البناء السياسي.“[2] هذه الرؤية التي تكامل البناء الفوقي للمجتمع مع قاعدته اصبحت من بديهيات القياس في كافة العلوم الإجتماعية، رغم ذلك لا ينفك "النقاد النقديون" يتجاهلونها تماماً حين مناقشة أمر السلطة السياسية و إثبات ديمقراطيتها أو ديكتاتوريتها، حيث يتعمد جل المنادون بالدمقرطة و "الإصلاح" - من الداخل و من الخارج – مداراة جدل توزيع الثروة الإقتصادية و تداول السلطة السياسية بنشيد ساذج عن الدور المركزي للمجتمع المدني في التحول الديمقراطي، دون كثير إهتمام بالواقع الطبقي على الأرض.
 
إن صواب النقد الماركسي الجذري لطبيعة العمل وفق علاقات الإنتاج الرأسمالية و تعريفه كعبودية تقسر العامل على الإغتراب عن الطبيعة و عن ذاته و عن وجوده و عن أخيه الإنسان يزداد سطوعاً حين الإعتبار في التاريخ الحديث للمجتمعات الراسخة في الرأسمالية و تلك التي ما زالت نوعاً ما قيد الإندماج في النمط الكوني الإمبريالي كالمجتمعات العربية، في هذا الصدد كتب ماركس في 1844 : ”في المقام الأول يبدو العمل أي نشاط الحياة – الحياة المنتجة ذات نفسها-، يبدو للإنسان كوسيلة لتحقيق حاجة، حاجة الحفاظ على بقائه الفيزيائي. الحياة المنتجة هي حياة النوع البشري، هي الحياة المنتجة للحياة. ما يميز النوع كنوع هو نمط نشاطه الحياتي، عليه يمثل النشاط الحر الواعي للنوع البشري خاصيته كنوع. الحياة إذن تبدو وسيلة للحياة.“[3] الحرية التي يتحدث عنها ماركس لا تتأتى بشروط عمل أفضل و أجرة أحسن بل بقفزة ثورية متوافقة مع ضرورة أنسنة الحياة البشرية، مهمتها الأولى تصحيح التناقض بين الثروة الإجتماعية صنيعة العمل و بين الملكية الفردية، و هو مبدأ لا بد من الإفصاح عنه و شرحه بوضوح شديد: ” ليس إلغاء الملكية عموماً ما يميز الشيوعية، بل إلغاء الملكية البرجوازية. الملكية الخاصة البرجوازية الحديثة هي التعبير النهائي و الأكمل عن نظام إنتاج و تملك للسلع قائم على التناحر الطبقي، على إستغلال الأقلية للأغلبية. بهذا المعنى فإن نظرية الشيوعيين يمكن إيجازها في جملة واحدة: إلغاء الملكية الفردية.“[4] الجذر الأخلاقي الإنساني للماركسية هو هذه المهمة الجبارة، أي أنسنة الحياة البشرية، بما هي مشروع لتأسيس "مملكة الحرية" تجاوزاً خلاقاً لقدرية "مملكة الحوجة". القفزة الجبارة من إملاءات الميكانيكية الرأسمالية و إله السوق إلى صيغة إنسانية للحياة البشرية، يصنعها الإنسان و يتحكم فيها، يصير فيها "الخليفة" القادر على الطبيعة و الإجتماع، يتعذر تحقيقها دون تحول انطولوجي على مستوى الخيال الإنساني قبل الخيال الايديولوجي أو السياسي. في الممارسة السياسية للحركة الإشتراكية وجدت هذه الفكرة تطبيقها في النقد الحاد الذي وجهه لينين لفكرة تلقائية الثورة بالإعتماد فقط على نضوج العوامل الموضوعية: ”إن التطور التلقائي للطبقة العاملة يؤدي بها إلى الإنقياد للأيديولوجيا البرجوازية، إذ أن حركة الطبقة العاملة التلقائية هي مجرد العمل النقابي، مما يعني إستعباد البرجوازية الأيديولوجي للعمال، عليه فإن مهمتنا، مهمة الإشتراكية الديمقراطية هي محاربة التلقائية.“[5]
 
لا بد من الإقرار بأن السلطان العسكري و السياسي و أهم من ذلك الدعائي للرأسمالية قد تمكن من إزاحة الأطروحات الماركسية من ساحة النقاش المؤثر، أولاً بفضل القطيعة بين الماركسيين و الجماهير و ثانياً بفضل الإنتصار على الكتلة "الإشتراكية" المزعومة، حيث أصبحت المفاهيم الدالة على نهاية التاريخ و حتمية "العولمة" الإمبريالية من بين "الحقائق" التي لا يرقى إليها الشك النقدي، رغم أنها في المقام الأول مقولات ايديولوجية. عليه فأن أي "إحياء لعلوم الماركسية" لا يمكن إحرازه دون إخضاع النتائج الكارثية للإمبريالية المتجددة لنقد جدي يزيل الحجاب الكثيف الذي يلف حقيقة التحولات السياسية و الإقتصادية و الثقافية التي تموج بها المجتمعات البشرية كافة، و من ثم تمييز الخبيث من الطيب و إعمال آلة الشك لإدراك الخيوط المتشابكة التي تجمع ظواهر متباعدة، على المستوى العربي مثلاً: أزمة الإقتصادات الوطنية، غربة العمل وفق النمط الرأسمالي، غلبة التيارات الدينية السياسية، سيادة نمط الحياة "الأمريكي"، الليبرالية الإقتصادية و الإجتماعية السلوكية. لا مناص إذن من تجديد فقه "الثورة" الماركسي بنظر مستبصر في قضايا الجماهير، لا يستنكف الإنكباب على التفاصيل، بينما يحتفظ بشمول الرؤية، كما يستعيد فضيلة التعلم من التاريخ و من الواقع الماثل بصبر و إنضباط فكري يحقق وصية لينين القائلة بضرورة التعاطي مع كل وضع ماثل حسب الإعتبارات العملية الماثلة. إن قضية "النظرية" تأخذ أهميتها اليوم أكثر من أي زمن مضى بسبب التحكم القابض لأدوات السلطة المحلية و الكونية من إعلام و تعليم في الوعي الفردي و الجمعي، وهي ذات سطوة لا يمكن التقليل من شأنها، و تنجح أيما نجاح في إستيعاب الحنق الجماهيري الفطري على "النظام" في تجلياته المحلية و الكونية و إعادة إخراجه في شهوة الإستهلاك، الغريزة التي يصور للجمهور انه بإرضائها تتحقق الحرية التي تؤدلجها و تقولبها نفس الآلة الإعلامية و تبرزها للناس في هيئة "الحلم الأمريكي" و ضلال الخلاص الفردي. البرجوازية كما أورد ماركس و انجلز في المانفستو الشيوعي ”جرّدت كل الفعاليات، التي كان يُنظر إليها بمنظار الهيبة و الخشوع، من هالتها، فحوّلت الطبيب و رجل القانون و الكاهن و الشاعر و العالم، إلى أجراء في خدمتها“[6]. الميكانيزم الإستيعابي الذي تحدث عنه المانفستو لم يتوقف عن العمل، لا بل تعقدت اساليبه و تنوعت، فتكشف خليعاً بالصعود الأخير للعقيدة الرأسمالية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ومن ثم أصبح عقلية مستبطنة، عصفت بالمثال الإشتراكي على مستوى الذهن و التفكير قبل أن تنهزم التجارب الإشتراكية السلطوية ذاتياً، و بالتالي اكتمل نفي كل بديل نظري للنظام الرأسمالي من فضاء الممكن التفكير فيه. إن النواح على فقدان السند الموضوعي الذي وفره المثال السوفييتي المعيب جداً لا يجدي فتيلاً في زمان إستدار كاملاً فاجر السلعية، فالرأسمالية قد دعمت تعريفاتها الوظيفية للأحياء و الأشياء بنجاح فائق و تجاوزت النقد الموجه لها بتنميط قضية تحرير الإنسان في حدود الإخراج البرجوازي للديمقراطية، أي الحقوق المدنية، و تصور كوني للإنسان ككائن مستهلك-  تعريف يحد الفضاء البشري في السوق، الذي هو وفق التعريف الليبرالي الجديد ميدان الوجود الإنساني بإمتياز و محل إنتاج و إعادة إنتاج حياة الجنس البشري و الذي وفقاً لآلياته الجبرية تتحدد مصائر الشعوب و الأفراد و مكتسباتهم و منتجاتهم المادية و الثقافية.
 
في هذا الخضم "السوقي" تولد الإدراك الجماهيري الفطري لتحدي "التحديث"/ "التسليع" في المنطقة العربية و في إطار القبول الموضوعي به كان صراع الجماهير الذاتي ضده تحت رايات الهويات الدينية و العرقية و الثقافية، حيث غلب على التحليل الدارج لقضايا العرب و المسلمين إهمال الجذر الإقتصادي للقضية و الإحتفاء بالطروحات المانوية عن العقل العربي معرفاً بالألف و اللام و هي على صحتها النسبية تغلق الأفق الثوري للجماهير في شروط قروسطية تنشد تجاوزها بنقد العقل و نقد الدين و نقد النقد، بينما الواقع الموضوعي قد تجاوز اللجاج المثقف بمراحل، فالحياة الحقيقية في بيروت أو القاهرة أو الرباط أو حتى الخرطوم يحكمها قبل العقل العربي البدوي أو الديني أو القبلي الشرط الرأسمالي الغليظ الذي يُعمل في القيم و المعتقدات و الهويات آلة السوق و يجعل من قدسيتها و أرضيتها على السواء ماركة تجارية. في هذا الصدد تجدر مقارنة كفاح الطبقات الشعبية الهوياتي ضد عسف الرأسمالية الإمبريالية الديجيتالية بموجة "سياسات الهوية" اليسارية في التسعينات على جانبي الأطلسي، حيث إنشغل الوعي الشاب في الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا الغربية بنضالات مجزأة ضد التهميش و التمثيل المشوه للأقليات العرقية و الدينية و المثليين جنسياً في أجهزة الإعلام و هيئات الصناعة الثقافية. إثر ذلك إنتقلت المعركة من دور السلطة السياسية و الإقتصادية المنيعة إلى باحات المتاحف و صالات الفنون و هيئات صناعة و توجيه الرأي العام، تقودها حركات إحتجاجية  مطلبية التزمت الإصلاح منهجاً لكنها افتقدت الشمول الذي يكامل بين الأنظمة الإجتماعية و الهيكل الإقتصادي- أي افتقدت الإقتصاد السياسي. نجحت الحركات المذكورة في إرهاف الحس العام تجاه قضية "تمثيل" الأقليات و الهويات المختلفة-  قولة الحق التي سرعان ما أحالتها السوق الرأسمالية إلى باطل بالإستثمار غير الهياب في شكلياتها و إفراغها من كل محتوى "تحريري" جذري، جاعلة الهويات المستضعفة بفضل سحر "المؤسسات" مفاتيحاً للترويج التجاري، استعان بها خبراء التسويق و الإعلان و صانعو ثقافة البوب على إمتصاص الرغبات الرمزية للمستهلكين الشباب، فملأوا المحال التجارية بقبعات "مالكولم اكس" و قمصان عليها صورة "تشي جيفارا"، و على شاكلتها إعلانات تلفزيونية نجومها رياضيون سود و اخرى تعرض مشاهد من زواج لمثليين جنسياً[7]. نفس التحليل يجوز إستصوابه جزئياً عند التفكر في حصاد جهاد منظمات مدنية اخرى تسعى لإصلاح البيئة أو لإحترام حقوق الإنسان، تنتصر أحياناً في معارك صغيرة أو كبيرة لكنها ترفض أن ترى الحرب، فيتم إستيعابها و إستغلال نزوعها للعدل و الإحسان مكرهة مرات و راغبة مرات أخرى في نفس النسق الذي تنوي إصلاحه، و ليس ببعيد عن الأسماع شبهات و حقائق تورط منظمات مجتمع مدني ذات طلاء طيب في مشروعات للتمدد الإمبريالي بينة الظلم و الأذى، عبر شرايين تمويلية تغذيها واشنطن أو داوننغ ستريت أو غيرها من قلاع العالم الحر.
 
إن التغيير الجذري لا يتم دون نظر حكيم في الجذر الإقتصادي الإجتماعي للظواهر، بلغة أخرى دون نظرية ثورية تميط اللثام عن كيفيات القهر و الإستغلال و الإستيعاب و المواءمة و المواراة التي تولدها رأسمالية متحكمة أنتجت من وسائل التدجين الثقافية و التقنية و الإدارية ما يضمن حماية ظهرها و يحيل تململ الكادحين  المتعولمين من سطوتها و صولجانها إلى إجماع سكوتي على نجاعة إقتصادها و حلم سخيف بالفوز الفردي في إحدى مسابقاتها أو إلى تفكك "ما بعد- حداثي" يهرب منه الناس مجتمعين أو أشتات إلى خلاص فراديس مثالية منتقاة تحكمها عقيدة دين مختار أو عرق مفرد أو ممارسة جنسية.
 
الثورة إمكان ما زال، رغبة ذاتية في التحرير-جماعية، تنضج تحت نار الضنك الرأسمالي، لكن تتولد شروط إنجازها و نجاحها وفقاً لآليات الوعي أي بقفزة أنطولوجية، لا تتأتى للمظلومين دون إختيار عقلي يحفزهم على العمل من أجل بديل إجتماعي-إقتصادي للرأسمالية، يشاركون فاعلين في تحديد معالمه، و بالتالي يتعلمون صناعته، إدارته و قيادته، و دون ذلك فإن أي قفز طوباوي يقوم به "طليعيون" مزعومون دونما أصل شعبي واعي غير مغيَّب و مريد غير منقاد  ينتهي لا محالة إلى ديكتاتورية قابضة تتناقض مع جوهر التحرير- أي إلى سلطة تماثل في محتواها و طرائق عملها تلك المراد إقتلاعها. إن التحول الإشتراكي لا يتحقق بإستيلاء الجهاز الحكومي على أدوات الإنتاج و إنقضاض الحزب الطليعي على السلطة السياسية، فالمسافة الفاصلة بين ملكية المجتمع لأدوات الإنتاج و حكم الشعب لنفسه- أي ديمقراطية الثروة و السلطة و بين حكم أوليغاركي تحت رايات الإشتراكية لا يمكن تجاوزها دون جهد ثوري يستهدف الخيال أولاً و من ثم العقل و الثقافة و هياكل السلطة السياسية و تراتبيات النظام الإقتصادي، و هي قضية مركزية نالت إهتمام لينين في عدة مراحل و حازت موقعاً مهماً في كتاباته المتأخرة حيث يقول في إطار نقد حصيف لجهاز الدولة الإشتراكية الوليدة: ”كبداية لا بد أن نكتفي بتجذير ثقافة برجوازية حقيقية، لا بد أن نعمل على التخلص من الأنماط الثقافية الفظة – ما قبل البرجوازية، أي ثقافة البيروقراطية و ثقافة الأقنان. إن الإجراءات المتعجلة و العاصفة لذات ضرر بالغ في الشئون الثقافية (السلوكية) وعلى كثير من الكتاب و الشيوعيين الشباب أن ينزعوا من عقولهم تصورات كهذه... لإصلاح جهاز الدولة لا بد أن نشرع أولاً في التعلم و ثانياً في التعلم و ثالثاً في التعلم، مهما بلغت التكلفة، علينا أن نضمن عدم تحول التعلم إلى قضية موات أو عبارة رائجة (من واجبنا الإعتراف أن ذلك كثيراً ما يحدث لنا). علينا تأمين أن يصبح التعلم جزء من وجودنا، أن يصبح حقاً عنصراً مكوناً لحياتنا الإجتماعية“[8]. ترك لينين للتابعين و تابعي التابعين من الثوريين تراثاً مجيداً في توليد النظرية من رحم الممارسة، في تحويل الشعارات إلى عمل يومي، في إنزال الأهداف إلى محرقة الأرض، في التكتيك الثوري، في تسييس الطبقة و في تثوير شكليات الديمقراطية البرجوازية، في التعلم من الجماهير، وقبل كل هذا و ذاك في رجع البصر كرة و كرتين و كرات. للينين عبارة شهيرة تقول >الحرية-نعم، لكن لمن و لفعل ماذا؟في هذا الصدد لم ينطق ماركس أو انجلز بكلمة واحدة<[9]     
 
  
 
ابريل 2005


* ترجمة النصوص غير العربية من الكاتب
· برتولت بريشت (1898-1956)
[1] من مؤسسي حزب العمال الإشتراكيين البريطاني، يعتبر من التروتسكيين غير المدرسيين، (1917 – 2000)
[2] ف.  لينين، بصدد الكاريكاتور عن الماركسية و "الإقتصادية الإمبريالية"، ترجمة الياس شاهين،  المختارات في 10 مجلدات،   مجلد 6 (1915 – 1917)، دار التقدم، موسكو ، 1977، ص 178
[3] Karl Marx, Economic and Philosophical Manuscripts of 1844, Progress Publishers, Moscow, 1959, www.marxists.org      
[4] Marx & Engels, "The Communist Manifesto" (first published 1848),  Selected Works Volume I,  Progress Publishers, Moscow, 1969, p. 101                           
[5] V. Lenin, What is to be Done: Burning Questions of our Movement, written 1901-1902, first          published 1902, Lenin Internet Archive, www.marxists.org 
[6] Marx & Engels, "The Communist Manifesto"
[7] Naomi Klein, No Logo, Flamingo Publishers, 2001(Chapter 5: Patriarchy gets Funky; the Triumph of Identity Marketing) www.marxists.org                                                                                                       
[8] V. Lenin, Better Fewer, but Better, written March 1923, Lenin s Collected Works, 2nd English        Edition, Progress Publishers, Moscow, 1965, Vol. 33, p. 487                                                                        
[9] Slavoj Zizek, Repeating Lenin, republished on www.marxists.org