مراجعات مختصره لمعنى المشروع الاشتراكي ....ج5


ليث الجادر
2013 / 5 / 24 - 10:47     


• الثوره هي التغيير الشامل الجذري للنظام الاجتماعي العام ,وهذا التغيير العظيم لم يتحقق الى الان , الا بشكل نسبي في المراحل التاريخيه للمجتمع الانساني, حيث تحول من عهد المشاعه الى عهد الرق ومن عهد الرق الى عهد الاقطاع واخيرا من عهد الاقطاع الى عهد البرجوازي الراسماليه ,وفي كل هذه التغييرات العظيمه حدث ان انقلبت كل انظمة المجتمع بين مرحله واخرى لكن بقى اسلوب الحيازه والملكيه الخاصه يتشكل ويتوائم مع نمط الانتاج ( الطبيعي , والصناعي ), لقد حل الاقطاعي محل السيد في ثورة الانتقال من العبوديه الى الاقطاع وحل البرجوازي الراسمالي محل الاقطاعي في ثورة الانتقال من الاقطاعيه الى الراسماليه , كما ان كل الانظمه السابقه بقت تمارس دورا معين ومحدد داخل النظام الذي تلاها بحكم ان مفهوم المجتمع الانساني كوحده تضم جميع المجتمعات البشريه لم تكن الا وحده مفهوم عقلي وفي حال سيرورتها الموضوعيه ,, ان الثوره الاجتماعيه بهذا المعنى الدقيق النهائي لا تعني الا سيرورة تلك التغييرات في جميع مناحي الحياة وترابطها مع بعضها البعض وكلما نضج هذا الترابط حان وقت تجسد الحركه التي تعبر عنها , أي الفعل الذي يصدر عن نضوج الامكانيات وهذا الفعل درج على تسميته بالثوره تعبيرا عن مرحلة نضوجها النهائي

• .. الثوره سيروره خالده واقعيا ,وليس لارادة احد دخل فيها ولكن الشكل الذي تتجسد فيه هو الذي يرتبط بارادتنا ووعينا لها ,, ان نسبية تحقق الثورات الاجتماعيه الماضيه كانت ترتبط بصوره اساسيه بسبيين متداخليين هما ضعف وحدة مفهوم المجتمع الانساني وانقساماته الموضوعيه وطبيعة وقدره العمل الانساني بكونه طبيعي صرف , اما الثوره التاليه الثوره التي نعيش تفاصيل كينونتها فانها تتجاوز هذين السبيين, حيث اصبحت وحدة المجتمع الانساني اقوى موضوعيا وطبيعة وقدرة العمل الانساني فاقت حدود حاجته ولهذا فان الفعل الذي سياتي ليؤكد الثوره سيستهدف تاكيد القانون الطبيعي في توزيع او استخدام مردودات هذا العمل المقتدر وضمن موضوعية وحدة المجتمع الانساني . ولان هذا الفعل هو اصلا مرتبط بطبيعتنا الانسانيه وبوعينا واراداتنا بمعنى اننا هنا امام محاوله اعادة عكس الانعكاس الحقيقي ,, فان حركة الثوره ستاخذ اشكال متعدده ومختلفه حتى تصل اخيرا الى مرحلة التطابق الاكيد بين شكل الفعل الذي نقوم به وبين امكانياته الحقيقيه ,, ستكون هناك انتفاضات كثيره اكثر من تلك التي شهدتها الثوارات الاجتماعيه السابقه وستكون هناك مشاريع منظمه وارادويه اكثر بكثير من سابقاتها , وستبدوا كل محاوله على انها متطابقه مع الحقيقه لكن المعيار الاكيد الذي سيحددها بكونها هي كذلك او لا انما هو مقدار استهدافها للملكيه الخاصه استهدافا مباشرا وجوهري
* ,, ان الملكيه الخاصه كانت نابعه من جوهر قدرة انتاجية عملنا الطبيعي في واقع المجتمعات المتفارقه والقادره على الاستمرار في استقلاليه نسبيه ولكنها كانت كبيره وكانت بهذا تعبيرا عن قدراتنا التنظيميه لما ننتجه , لم تكن الملكيه الخاصه مع كل انويتها وقذارتتها وسواسا شيطانيا تم الهمس به في رؤوس اصحابها الاولين, بل كانت ايضا قذاره لابد منها لكي ينظم المجتمع اموره ولتبقى بذلك تعبيرا من نوع ما عن مقدار عجز الانسان ومحاولته الدؤبه للتخلص منه في صراعه مع الموضوع , اما الان وقد نضجت امكانية العمل الانساني وفاقت قدرته قوة مقاومة الموضوع فان الملكيه الخاصه انتفت تماما من أي مبرر لمبررات صلاحيتها
*..ان الماديه الجدليه هي اساس الانطلاق نحو الماديه التاريخيه .فبينما الاولى تمثل اسس المعرفه المجرده فان الثانيه تمثل تشكيل المعرفه تلك ..لكن هذا التشكيل كوعي فكري ايضا ليس نهائي لانه موؤسس على تطابق مع الواقع المتفاوت بالكيف للمجتمع الانساني حيث تتجزء حركته عيانيا بين جزء متطور مندفع وجزء ملتحق ومتخلف ..مجتمعات يتكثف فيها التطور ويشترط التقدم الاجتماعي ومجتمعات اقل منها وبتباينات ..مجتمعات تتجلى فيها الانظمه الرأسماليه باوضح صورها ومجتمعات فقط تمثل انعكاس ذلك التجلي ..انها مجتمعات تعيش واقع ماقبل الراسماليه بحظور الرأسماليه وبعضها يبلغ من درجة التخلف الى الحد الذي من الممكن اعتبارها ظاهره انثبروبلوجيه حديثه ..لكن من المهم للغايه ادراك حقيقة ان هذا التفاوت لا يتم بصوره واحده وقطعيه والا فان هذا يعني انقطاع حركة وحدة المجتمع الانساني وبالتالي تلاشي المعرفه المرتبط به اي تلاشي التعاليم والاستنتاجات الماركسيه وبالتحديد الماديه الجدليه التاريخيه ..لهذا فان حقيقة هذا التفاوت تتشكل فقط سياسيا بمستوى الانقطاع بينما يكون محتواها تفاوت طبقي متداخل يشمل حركة المجتمع الانساني ..وهذا هو المستوى الذي نعبر عنه بالتناقضات الثانويه حيث تعتري تركيبة الطبقه الاجيره تنافرات كشرط في تطور تناقضها الى تناحر مع الطبقه المالكه .. ان الصراع الطبقي في المستوى الخاص اي على صعيد مجتمع معين لهو وثيق الصله بمجرياته ونتائجه بنتائج ومجريات الصراع الطبقي في مستوى مجتمع خاص اخر ..فهو بالاساس يزعزع وحدة الطبقه المالكه على المستوى العام التي تتاسس عليه.. وهنا تتحدد القيمه العظمى للفكر الماركسي الذي يجعل مهمته منصبه اولا على الحيلوله دون استمرار حالة التنافر وتطورها الى تناقضات وتناحرات في تركيبة الطبقه الاجيره ( ومنها الانتماءات القوميه والوطنيه ) من خلال تاكيده لحقيقتها المرتبطه ارتباطا وثيقا بالنشاط الانتاجي المادي وبكونها انعكاسا حتميا للنظام الاقتصادي القائم على اساس الملكيه الخاصه ..ففرضت بذلك التوعيه الطبقيه شرطا جوهريا لميزان القوى الاجتماعيه ..وهذا يعني ان الماركسيه باعتبارها ماديه جدليه تاريخيه قد وعت وحدة حركة تطور المجتمع الانساني من خلال اكتشافها وتاكيدها على ارتباط تطور وتغير شكل وحداته التنظيميه الاساسيه بتطور نشاطاتها الانتاجيه هذا ما قلبته رأسا على عقب التفسيرات الماركسيه المتأخره وتحديدا في العرض الستاليني , فاكدت على ان المجتمع الانساني شهد ظهور جماعات (العشيره ,والقبيله ,والقوم ) قبل ظهور الطبقات ,وانتهجت بهذا التفسير صوره بائسه وبعيده عن المنطق الجدلي الناقد حيث اعتمدت الوثائقيه التاريخيه دون ان تبحث في جوهرها ..والذي حدث هنا انه تم خلط واضح بين مفهوم العائله الكبيره التي شهدتها المراحل الاخيره من عهد المشاعه الاولى وبين العشيره التي ظهرت مع بدايات عهد الرق وهو العهد الطبقي ..وفي الاجمال فأن هذا الموقف له تداعيات مهمه تمس تشكيل الفكر التطبيقي للماركسيه ..وتفسح المجال رحبا للعصبيه القوميه ,لان هذا يعني من الناحيه التطبيقيه الواقعيه توفير مبررات الاتجاه الذي يقدم النضال القومي على النضال الطبقي ..فما دامت القوميه والعشائريه والقبليه هي مكونات ليست طبقيه او انها ليست مشروطه بأن تكون كذلك فانها وبحسب هذا العرض ستتحول الى تراتبيه طبقيه ضمن اطار المجتمع الانساني ,وهكذا تتجزء وحدة الطبقه العامله على المستوى العام ,وفي مجرى تطبيق هذا الاتجاه لا تكتفي القوميه بفصل نضال الطبقه العامله (الروسيه ) او (العربيه ) او (الفارسيه) عن نضال بعضها البعض بل تندفع بها الى حالات التناقض المتناحر ..بينما مهمة الماركسيه هي التدرج بتنافرات الطبقه العامله الموضوعيه وتحويلها الى تناقض واقعي مع الطبقه المالكه في مستواها العام ..وهذا يمثل جدلية التطبيق الماركسي وانتقاله من مستوى النظري الى المستوى العملي وهي جدلية ربط حركة الخاص وعلى الدوام بحركة العام ..كما ان هذا يعيد تفسير وحدة الطبقه العامله العالميه تفسيرا ماديا جدليا عيانيا ويتجاوز بذلك نهائيا ميتافيزيقية النشاط الفكري