الفهم والعقل


فريدريك انجلز
2013 / 5 / 18 - 13:52     

الفهم والعقل 1. هذا التمييز الهيغلي، الذي يجعل النشاط العقلي حكراً على التفكير الديالكتيكي، هو تمييز ذو معنى محدد . نحن نشارك الحيوانات سائر أشكال الفهم (البصيرة) : الاستقراء ، والاستنباط ، وإذن، التجريد (مفهوم الجنس عند ديدو)2 : الحيوانات رباعية الأرجل (Quadrupeda) وثنائياتها (Bipeds) ، وتحليل الأشياء غير المعروفة ( إن مجرد كسر جوزة هو بداية التحليل ) ، والتركيب ( في حيل الحيوانات ) ، والتجريب كاتحاد لهذين الأخيرين ( عند ظهور عوائق جديدة، أو مصادفة أوضاع صعبة ). هذه الأساليب كلها – وإذن ، كافة وسائل البحث العلمي ، التي يقُّرها المنطق العادي – متماثلة تماماً ، من حيث النمط، لدى البشر والحيوانات العليا : إنها لا تختلف إلاّ بالدرجة ( درجة تطور الطريقة في كل حالة ). إن الملامح الأساسية للطريقة واحدة لدى الإنسان والحيوان ، وهي تؤدي إلى النتائج نفسها ، ما دام كل منهما – الإنسان والحيوان – يتعامل، أو يتدبر أموره ، بهذه الطرق الأولية وحدها . على العكس من ذلك ، نجد أن التفكير وحده ، وفقط عند مرحلة عليا نسبياً من التطور ( البوذيون والأغارقة ) ، ولا يبلغ تطوره الكامل إلاّ بعد ردح طويل من الزمن – في الفلسفة الحديثة . وبرغم ذلك كله ، تبرز النتائج الجبارة ، التي سبقت التقصي بزمن طويل .
======================================
1 الفهم ( البصيرة ) والعقل مقولتان ( درجتان ) في نظرية المعرفة ما قبل الماركسية . يقصد بالفهم، عادة، القدرة على المحاكمة الصحيحة، على الاستدلال الصحيح، على العرض المنسجم للأفكار، ويقصد بالعقل القدرة على كشف ماهية الظواهر، والنظرة الشاملة إلى الأشياء؛ الفهم يدرك الأضداد أحدها إلى جانب اَخر، أما العقل فيقف على وحدتها فيها . - المترجم
2 ديدو، اسم كلب إنجلز، الذي أشار إليه في رسالتهإلى ماركس في 16 نيسان/إبريل 1865 و 10 اَب/اغسطس 1866.

========================================
طبع الكترونيا من قبل جمال احمد من المصدر
فريدريك إنجلز ، ديالكتيك الطبيعة ، الطبعة الثانية 2011، ترجمة د. توفيق سلوم . ص ص 258-259.