النضال على الهامش


مجدى عبد الهادى
2013 / 5 / 2 - 06:32     

يتصور الكثيرون أن عملية التغيير الإجتماعي هى عملية سياسية سلطوية بالأساس ، فما عليك سوى العمل لأجل إستلام السلطة سواء عبر الصناديق بإقناع الجمهور الواسع ، أو عبر الإنقلابات والمؤامرات المسلحة !! وبعدها ستصبح الدنيا جميلة بتطبيق مشروعك الوردي الحالم !!

وتتمثل مشكلة هذا التصور في نقطتين أساسيتين :

الأولى : أنها يفصل عملياً ما بين الغاية والوسيلة ، إذا يصبح مضمون المشروع نافلاً بالنسبة للهدف المرحلي الأساسي ، وهو السلطة ، فعندما تتحول السلطة لهدف حاكم ، تصبح أي وسيلة مشروعة بما فيها خيانة المشروع نفسه أحياناً ؛ أو في أحسن الأحوال يصبح المشروع قضية مُؤجلة ، لا تمثل سوى مضموناً مأمولاً للسلطة القادمة ، بما يخرجه من الفاعلية الواقعية إلى مجرد تصور ذهني ، لن يتحقق على الأرض في الغالب ما دام المُوجه الواقعي المُباشر هو هدف السلطة !!

الثانية : وهى الأخطر ، أنه يحصر عملية التغيير الإجتماعي في هامش ضئيل وضيق ، لا يتوائم وشمولية عمليات الصراع الإجتماعي التي تشمل كل جوانب الحياة تقريباً ؛ ما يجعل النضال الإجتماعي عملية محصورة بالإطار السياسوي الضيق ، والذي هو ملعب البرجوازية الأصيل ، حيث يسود رأس المال في كافة جنبات الملعب ، فهو الخصم والحكم !!

إن الفصل ما بين المشروع وملعب الصراع الإجتماعي في مُجمله - بحصره بالملعب السياسوي الهامشي - هو أمر جائز وبديهي بالنسبة للأفكار المثالية وللمشروعات الإيديولوجية / الهوياتية ، سواءاً أكانت قومية أم دينية ، ولكنه يتناقض جذرياً مع مشروع تقدم إجتماعي وتطور تاريخي مثل المشروع الإشتراكي ، الذي هو مشروع تاريخي شامل ، يتضمن إمكانات تطورية لا تشترط السلطة ، مثلما يتطلب تحولات ثورية تشترطها !! إنه تغيير إجتماعي تحتي بالأساس وليس مجرد تغيير سياسي يجري حصرياً ما بين جنبات البنية الفوقية !!