أراء لينين في الثقافة

لوناتشارسكي
2013 / 2 / 1 - 09:42     

من ذا الذي لايعرف ان لينين علق اهمية كبيرة على الثورة الثقافية ؟ وقد تكلم عن ذلك احيانا كثيرة جدا بعد ثورة اكتوبر تكلم علنا في المؤتمرات عن مختلف فروع التعليم العام وفي خطابة الشهير امام الكومسومول وكتب عن ذلك في مقالاتة عائدا المرة تلو المرة الى موضوع المهام الثقافية التي تواجة الثورة واعار هذا الموضوع قدرا كبيرا من الانتباة في الصفحات الاخيرة التي كتبها بيده . هذا مع العلم ان لينين لم يهتم فقط بمسالة اشكال الثقافة الاشتراكية في الاعوام التي سيتم فيها احراز النصر على الجبهات السياسية والاقتصادية ويتجلى فيها بكل عظمتة وجلالة نمط المعيشة الجديد الذي وصفة ماركس بانة " حياة جديرة بالانسان " والذي اعتبر كل تاريخ البشرية بالنسبة لة مجرد مرحلة تحضيرية . ان لينين لم ينكر البتة "الاحلام" ولكنة كان لايحب ان يسمح لها بالتحليق بعيدا اكثر من اللزوم الى امام وكان يردد احيانا بابتسامة عندما كان احد يطرح علية مسالة من المستقبل البعيد "او تعرف ان الناس سيكونون انذاك اذكياء جدا وسيحلون جميع هذة المسالة بروعة اما نحن فدعنا نعود االى المسائل التي لايستطيع احد غيرنا ان يحلها " .

كان لينين يهتم بالثقافة في المقام الاول ليس باعتبارها تتويجا للانتصارات السياسية والاقتصادية مع انة كان يدرك واضح الادراك ان الثقافة الاشتراكية بالذات ونمط المعيشة الاشتراكي هما اللذان يوضحان اخلاقيا في عيني كل مناضل وبناء تلك الجهود والتضحيات التي يتطلبها التاريخ بمقادير كبيرة جدا قبل ان يترسخ المجتمع اللاطبقي على الارض .

كان لينين يهتم في المقام الاول بتلك الثقافة التي هي مقدمة ضرورية لاغنى عنها لاجل الظفر بالاشتراكية المكتملة ةلاجل توطيد الانتصارات السياسية ولااجل بناء الاقتصاد الاشتراكي بنجاح في بلادنا . ولقد اشار لينين بكامل البلاغة والقوة الى انة كان من الاسهل بكثير علينا ان نناضل ونبني لو اننا ورثنا بعد الاطاحة بالنظام الملكي والطبقات السائدة ثقافة برجوازية اكثر تطورا . ومرارا عديدة كرر لينين ان هذة الثقافة البرجوازية تسهل على بروليتاريا البلدان الغربية امكانية التعجيل بعد انتصارها ببناء الاشتراكية بصورة فعلية وكاملة . ان الظلام الاسيوي الذي خيم فوق بلادنا حتى انتصار البروليتاريا في اكتوبر والذي لم نقض علية بعد حتى في ايامنا هذة كان دائما يبدوا للينين عقبة جوهرية تعتر سيرنا بنجاح في طرق بناء الاشتراكية .ذلك ان التصنيع عندنا ويعني حتى الان بناء الاقتصاد الاشتراكي في وقت واحد مع توفير مستوى من التطور العام والتكنيكي تبقى الاشتراكية بدون الوصول الية مجرد اضغاث احلام . ويتبدى ذلك بمزيد من الدقة امام الانظار في ميدان سياستنا الريفية وسياستنا الاقتصادية الزراعية على العموم .فاي قفزات هائلة في المجال الاقتصادي ينبغي القيام بها في الريف لكي يغدوا بامكاننا ان نستنبت ونربي تربية اشكالا اشتراكية صرفا من الاقتصاد والحياة ...

ولقد اكتسبت الثقافة وابسط التعليم في عيني فلاديمير اليتش لينين بعد اكيتوبر معنى جديدا تماما واخذ يتصورها باشكال جديدة تماما . ويقينا انة سخر من اولئك الاخياليين والمتسرعين الذين كانوا يعتبرون انة يمكن اطلاق الثقافة البروليتارية دفعة واحدة كانما من مسدس واسعاد البروليتاريا والفلاحين بثقافة جددية براقة لن تشبة فيها شي علا الاطلاق ماكان سابقا ابتداء من حرف "أ" حتى القاطرة والمدفع . وهذا مع انة لاضمانة بان الاحرف الجديدة ستكون ممكنة القراءة وبان القاطرة الجديدة ستقودنا الى حيث ينبغي وبان النموذج البروليتاري الجدي من المدافع سيستطيع ان يواجة المدفعية المعادية البرجوازية . فكيف كان في مستطاع فلاديمير ايليتش الا يغضب ويضحك عندما يشهد بام عيينية غباوات تشبة كليا تقريبا هذة الغباوات التي بسطتها ان هنا ؟ .كلا ان فلاديمير لينين كان يعرف انة يتعين علينا ان نكتب على الدراسة بجد واجتهاد ومثابرة وان نستخلص من الحكمة البرجوازية ومن تكنيكها كل ما يمكن ان يكون نافعا لنا من اجل القضاء على البرجوازية وتشييد عالمنا نحن . ولكنة كان يعرف انة يوجد عندنا ما يخصنا نحن وحدنا ما نبذتة البرجوازية وحكمت علية ولعنتة .عندنا حقائقنا الطبقية الخاصة وموقفنا الثوري الجدي من العالم من الادراك والمعرفة من التاريخ من الحاضر والمستقبل . وقد الح لينين من وجهة النظر هذة على ان يكون تعليمنا نفسة ابتدائا منة اول كلمة يقرئها الطفل او امة غير المتعلمة في مركز تصفية الامية مختلفا تماما مفعما بروح اخرى على ان يدفع الادراك في اتجاة اخر تماما . وفضلا عن ذلك علمنا" بتشديد النون " لينين انة يجب ان تكون طرائق تعليمنا والتعليم الذاتي مختلفة ايضا . فلا يجب فقط استبعاد كل كذب وخداع وجميع اوهام وغباوات البرجوازية المقصودة وغير المقصودة بل يجب ليضا الا يسير استيعاب المواد على السبيل الكتبي البرجوازي بل على صلة في منتهى العمق بنشاطنا الاشتراكي العملي اليومي . اغلب الظن ان في وسع هذا المعلم البرجوازي التقدمي او ذاك ايضا ان يقول " تعلم انت وانت تعمل واعمل وانت تتعلم " ولكن فرقا يقوم هنا مفاد ة ان هذا العمل ليس بنظر لينين غير عنصر من عناصر النشاط الاشتراكي وان هذا التعلم وهذا النشاط العملي يؤلفان جزئين لا يتجزئان من الاشتراكية المتنامية عندنا بعد اكتوبر .

اجل بدون رفع مستوى التعليم بدون الدراسة يستحيل علينا ان نوطد مواقعنا السياسية بادراك طبقي واضح وعالي المستوى تكتسبة جماهير البروليتاريا والفلاحين الفقراء . اجل بدون هذا التعليم بدون هذة الدراسة يستحيل تطوير الصناعة بوتيرة سريعة وتحويل الريف الفردي الذهني الى ريف كولخوزي .جماعي تعاوني . ولكنة لايجوز وان لثانية واحدة اذا شئتم الا تقرتفوا خطا فادحا فصل هذا التعليم وهذة الدراسة عن نضالنا السياسي عن نضالنا الاقتصادي عن تصنيعنا عن تحويل استثماراتنا اللاحية الى استثمارات تعاونية جماعية . وهذا واضح الان كما كان واضحا من كلمات لينين في اولى الاشهر التي اعقبت الثورة . ولكن الوقت يسير الى امام "والظرف الجاري " الشهير يجري بسرعة عاصفة ونحن لم نشهد بعد انة اضر في مجراة باي من مبادئنا بيد ان نهر الزمن المتدفق يطرح علينا عند كل انعطا ف تارة مهام جديد ة وطورا مهام قديمة بمظهر جديد ......

واذا ماتسائلنا الان مالذي يبرز في المرتبة الاولى بالذات من التعليم الذي تركة لنا لينين بصدد اتلجانب الثقافي من ثورتنا الاشتراكية ما الذي اصبح اهم عنصر بين العناصر الملازمة للينينة الان والملازمة لها من قبل ايضا بالطبع فانة يترتب علينا ان نقول ان مسالتين قد اقتربتا منا بقوة لا سابق لها وخارقة الالحاح هما "مسالة الملاكات"" ومسالة تازم النضال الطبقي في الميدان الثقافي" . ولكن ترى هل كان ثمة مالم ينشغل فية بال لينين بمسالة الملاكات ؟ ترى الم نسمع نحن من على لسانة نصائح عميقة عن ككيف تجب صيانة الملاكات القديمة وكيف يجب استخدامها لاجل انشاء وتطوير ملاكات جديدة ؟ ترى الم نسمع منة كذلك كيف ينبغي التعجيل بفتح كل جهاز التعليم بما فية من مؤسسات التعليم العالي امام الشباب من العمال والفلاحين لاجل تكوين ملاكات جديدة لنا بالذات من المثقفين كافية كما وكيفا لاجل تكوينها باسرع وقت ؟ ترى الم نسمع نحن منة كيف ينبغي تربية هذة الملاكات بعناية لكي لا تتباهى بمعارفها ولا تستسلم لمؤثرات غريبة لكي انها عظم من عظام الشغيلة ودم من دمائها وانة يجب عليها ان تضرب المثل في سمو الوعي الاجتماعي ونكران الذات ؟ كل هذا سمعناة من لينين .

ولكن الوقت يركض بسرعة عاصفة ان ابعاد بنائنا هائلة وقد برزت مسالة مفادها الا ياتي الانسا ن عندنا من الذنب في ظل صناعتنا المتنامية وفي ظل تجهيزاتنا الالية اا يتاخر عن تعقد وترقي الالات والاساليب والا يقف امامها نصف همجي من الناحية التكتيكية محاولا ان يتغلب بيدية غير الحاذقين على معاونة العاصي على عقلة . ان القرارات التي اتخذتها الدورة الاخيرة للجنة المركزية بشان الملاكات تتسم بسمة لينينة عميقة ولكنة واضح لكل امرى أي جهود فوق طاقة البشر تقريبا ينبغي بذلها سواء من جانب المنظمين ان من جانب الاساتذة ام من جانب الشباب لكي تنفذ في حينها المهمة التي رسمها اللجن المركزية امامنا بخطوط حريئة وصحيحة .

لقد حذر لينين من ان العدو سيكون قويا بخاصة في ميدان الثقافة " والمعيشة " وانة سيكون هنا " ماكرا .حاذقا . عنيدا "

كان زمن وحاربنا والان ايضا لا نعد باننا لن نحارب ولكنة ينبغي لنا الان اكثر مما في أي وقت مضى طرد العدو من المواقع الثقافية ينبغي لنا الا نكتفي حتى باحتلال قمم القيادة والاشراف بل ينبغي لنا ان نستولي على ارض العدو كلها .

ان الكولا كي وجميع من انتشروا حولة على نطاق واسع بمن فيهم اكاديمي ما اوربي الاسم وبطريركي الشيب وكاتب حقود سريع الغضب يطلي لنا البوابة بالقطران بصورة حاذقة بحجة الاخلاص للحقيقة الفنية والمعلم الذي يدس خلسة نكات ضد السامية والوبش الذي شرب باخر بنطولاناتة ويروي بصوت ابح حماقة شريرة في جمع السوق _ جميع هؤلاء يحاولون داخل بلادنا ان يحفظوا انفسهم وبعضهم بعضا في المواقع القديمة وان ينشروا سمهم حولهم داسينة حسب الامكان سواء للفلاح المتوسط المتذبذب ام لفئات المستخدمين المتقلقلة ام للشباب الذي لم يستقر مصيرهم بعد ولم تنتظم احوالهم . احيانا لايقع امام انظارك غير لوحة زرقاء سماوية او برتقالية ولكنك عندما تحدق فيها تتكشف واحيانا حتى لصاحبها غير الواعي تماما قطعة من هذا الغاز الخانق الكرية الكثيف الذي الثقافة المعادية للبروليتاريا ....

وهنا لابد من يقظة هائلة لابد من مهارة في التنمظيف لا حازمة وحسب بل دقيقة ايضا ولا ينبغي لنا ولا يمكننا ان نكون مبددين انما ينبغي لنا ان نعرف اين تقع القروح التي يتعين بترها وحرقها واين ما يمكن علاجة وما يجب الصبر علية غصبا عنا طالما لم نستعض عنة بجديد خاص بنا ينبغي ان نعرف من يصح ان ندعمة ونعلمة ونوبخة في حينة كما يجب . يجب ان يصون الاحتراس اليقظ ابداعنا الثقافي في جميع ميادين الفلسفة الماركسية والميتودولوجية _ في العلوم الاجتماعية في اصلاح علم الطبيعيات وعلم التربية النظرية والعملية وتاريخ الفن واخيرا في شكل منتجات الابداع الفني بالذات هذا الابداع الذي يجلب افكارنا ومشاعرنا ويستحوذ بصورة واسعة على الجماهير التي تنمو بسرعة عاصفة .

في مجرى بنائنا اقتربنا من لحظات مهيبة كتلك التي لم ترتسم للينين الا في "حلمة" المنفلت الارضي والعملي كليا والتي ارتسمت بوصفها مستقبلا قريبا جدا لم يتسن مع ذلك ليد الثوري الاعظم ان تصل الية . ذلك اننا نبدا ببناء مدننا الاشتراكية .:. ذلك اننا نبدا ببناء مدننا الزراعية :.. ذلك اننا نبدا ببناء ذلك الوضع المادي " الوسط " المادي المجدد كليا الذي سيسهل فية فائق السهولة على الانسان ان يتغير ويفصل عند ادم القديم ويتحول الى انسان جديد . ان البروليتاري اذ يغير الاشياء حولة في سياق نضالة الثوري _ كما علم ماركس ولينين _ انما يغير نفسة ايضا . ولقد غير الاشياء حولة من جوانب كثيرة ومن جوانب كثيرة اعاد صنع نفسة ايضا . ولقد نما الان الى حد ان في مستطاعة ان يشرع في بعض الاماكن بانشاء نمط معيشة اشتراكي حقا انشاء دائبا ومنتظما كليا . وباي فرح كان نظر زعيمنا الى هذا : ولكنة يجب ان نقر بما يلي : اذ نتناول الكلام الفرد فان للبناء الرئيسي لكل مدينة اشتراكية لهذة البلورة العالية التكوين والسامية التشكيل للثقافة الاشتراكية سيكون مع ذلك هو نفسة فلاديمير ايليتش لينين ..


ـــــــــــ

البرافدا 21 كانون الثاني "يناير "1930

ترجمة دار التقدم موسكو .

لينين في الثقافة والثورة الثقافية 1966

نسخ الكتروني

جاسم محمد كاظم