إلى السموأل راجي والمنظمات المنتدية في تونس


فؤاد النمري
2013 / 1 / 31 - 11:52     


قرأت مقالكم تحت عنوان (إعلاَن تُونِس للنّدوة الأمَمِيّة للأحزاب والمُنظّمات الماركسِيّة اللّينِينِيّة) في الحوار المتمدن في 30 يناير فاستبد بي الغضب. قوم يتنادون للاجتماع في تونس تحت راية الماركسية اللينينية وإذ بهم يتطفلون على ماركس ولا يفقهون منه حرفاً، وينتدون تحت راية الشيوعية وإذ بهم أعداء للشيوعية.
ماركس أيها السموأل المنتدي تحت رايته لم يدعُ شعوب العالم لأن تتحد للتحرر من الإمبريالية بل دعا عمال العالم تحديداً لأن يتحدوا من أجل التحرر من الرأسمالية.
وعندما دعا لينين لدى تشكيل الأممية الشيوعية في مارس 1919، دعا الشيوعيين في البلدان المستعمرة والتابعة لأن يصطفوا خلف البورجوازية الوطنية التي تناضل من أجل الاستقلال وفك الروابط مع مراكز الإمبريالية وإلا فلن يكونوا شيوعيين ـ نعم لن يكونوا شيوعيين ـ فذلك كان بسبب قيام ثورة اشتراكية عالمية بدءاً من روسيا، والثورة الوطنية في المستعمرات ستكون رديفاً للثورة الاشتراكية في تفكيك الرأسمالية العالمية كخطوة لازمة من أجل نجاح الثورة الاشتراكية العالمية. وفي خطابه إلى زعماء الشرق الإسلامي المجتمعين في باكو 1921 حذرهم لينين من أنهم لن ينجحوا أبداً في ثورتهم الوطنية بدون التحالف مع البلاشفة في الاتحاد السوفياتي.

أين أنتم أيها السيد السموأل من كل هذا !؟ قبل أن يستبد بك الغضب مما أقول يترتب عليك أن تحدد فيما إذا كانت دعواكم المبينة في الإعلان الموضوع تستند إلى نداء ماركس أم إلى نداء لينين وبغير ذلك فسيكون إعلانكم من خارج التاريخ، ومثل ذلك جميع المنظمات المنتدية.
نداء لينين 1919 لن يظللكم بالطبع، فليس هناك في عالم اليوم بلاشفة، كما ليس هناك اتحاد سوفياتي أو ثورة اشتراكية. وعليه فإن ادعاءكم باللينينية لا يمكن تفسيره بغير التطفل على لينين وابتذال اللينينية.
ونداء ماركس أيضاً لن يغطي إعلاناً من خارج التاريخ كإعلان تونس. لم يبق أحد في أطراف الأرض لا يعلم أن الدولة (دولة الرفاه) في بريطانيا وفرنسا وألمانيا والتي كانت مركز الرأسمالية العالمية أيام ماركس لا تجد اليوم ما يغطي معاشات التقاعد لعمالها من غير الاستدانة من الخارج وهو ما يعني أن العمال في هذه الدول لا ينتجون ما يغطي معاشاتهم ويأكلون خبزهم من كدح عمال بلدان أخرى. فكيف لهذه البلدان أن تكون رأسمالية وهي تستهلك أكثر مما تنتج !!؟ مثل هذه "الرأسمالية" لم يعرفها ماركس. ماركس كتب عن رأسمالية أخرى، رأسمالية ينتج عمالها أكثر مما يستهلكون.
الولايات المتحدة الأميركية التي كانت قلعة الرأسمالية الأخيرة يتهددها اليوم الإفلاس. فبين شهر وآخر يعلو صياح مجلس الشيوخ الأميركي حول سقف الديون المرتفع والذي لم يعد بالإمكان رفعه أكثر. لكن عندما تواجههم بالمقابل حالة الإفلاس، أي أن يعلن الرئيس الأميركي الولايات المتحدة دولة مفلسة لا تستطيع أن تخدم ديونها، والكارثة العالمية التي ستتبع ذلك الإعلان فلا يجد الشيوخ مناصاً من الموافقة على رفع السقف قليلاً لخدمة الدين بالدين. ذلك لن يستمر عدة أشهر أخرى وستفلس الولايات المتحدة وسيواجه العالم كارثة لم يسبق أن عرف مثيلاً لها. والسبب الوحيد لمثل هذه الكارثة الكونية هو أن الولايات المتحدة الأميركية لا تنتج. فكيف بها تكون رأسمالية إمبريالية !؟ رأسمالية لا تنتج !!!

ما كان ليخطر على بال ماركس أو لينين أن يتبعهما جهولون كجهالة المنظمات المنتدية في تونس تحت راية زعموا أنها ماركسية لينينية. السياسة الماركسية اللينينية هي بالضبط أدب الصراع الطبقي، أدب الإقتصاد، والمنتدون في تونس لا يميزون بين الرأسمالية (Capitalism) أو تفكك الرأسمالية (Decapitalism) أو الاستهلاكية (Consumerism) . كيف لأناس بهذه الجهالة يتحدثون بالسياسة فينقلبون من نصراء للشيوعية إلى أعداء لها.
على الشيوعيين في العالم أن ينتدوا في ندوة عالمية تبحث في طبيعة النظام الاقتصادي السائد حالياً في العالم كيلا يكونوا أعداءً للشيوعية بدلاً من أنصار لها.