تضم الصياغات الأولى ل-رأس المال-/ طبعة جديدة لأعمال ماركس وانجلز الكاملة


رشيد غويلب
2013 / 1 / 12 - 23:19     

إعداد: رشيد غويلب
أصدرت، "أكاديمية برلين – براندنبورغ للعلوم" في ألمانيا، في عام 2012 ، طبعة جديدة للاعمال الكاملة لكارل ماركس و فريدريك انجلز، وتحتوي الطبعة الجديدة على آخر 15 مشروعاً وتخطيطاً، ومصادر المقتبسات ومعادلات رياضية استفاد منها ماركس في حينه، والتي لم تكن معروفة في طبعات أعمال ماركس السابقة، وبهذا تكتمل أجزاء المجلد 3و4 من الجزء الثاني من "رأس المال" وتحضيراته. ولأول مرة تنشر كتابات اقتصادية لماركس مدققة ومقارنة بالنصوص الأولى، بضمنها آلاف الصفحات التي لم يسبق طبعها مطلقا. ويعتقد مانفريد مونكلرفون من اللجنة المعنية بإصدار المجلدات، لقد أصبح الآن ممكنا تقييم اعمال المفكر والباحث والسياسي الشيوعي بشكل أفضل.
ولا يشك أحد بان الأزمة جعلت ماركس معاصرا أكثر من السابق، ويرجع اليوم الكثير من الاقتصاديين والمعلقين، بما في ذلك داخل الأوساط البرجوازية إلى النقد الأكثر عمقا بين نقاد الرأسمالية. والجديد ان بعض وسائل الإعلام، ومنذ اندلاع الأزمة في عام 2008 تطرح بخجل وتردد طبيعة النظام على بساط البحث. وقبل بضعة أسابيع من صدور هذا المجلد، كان العنوان الرئيسي لصحيفة "زود دويجه تسايتونغ"، وهي صحيفة يمينية محافظة واسعة الانتشار، " هل كان ماركس محقا؟" وكتبت فرنسسكا اوغشتاين مساهمة مباشرة، ومؤيدة لماركس أثارت الاستغراب. و بالضد من ذلك رد المحرر الاقتصادي نيكولاوس بايبر بمقالة بعنوان: " لماذا كان ماركس مخطئا؟" وعلى خلفية النصوص الصادرة للتو، تصبح مقالة الأخير مجرد هجاء
وهو نفس الوهم الذي يقود الرأسمالي لإدعاء ان فائض القيمة تنتجه السوق بفعل الربح المتحقق. وعلى النقيض من ذلك يثبت ماركس وبالتحديد في مخطوطته الرابعة ، إن فائض القيمة يتحقق من خلال التداول في السوق، ولكنه يتأتى حصرا من استغلال قوة عمل في مواقع الإنتاج. ولكن الرأسمالي لا يرى هذه الآلية بوضوح، ويحدث نفس الشيء مع السيد نيكولاوس بايبر، ويعود ذلك لان ممثلي رأس المال في وسائل الإعلام يدعون دائما ما يتناغم مع مصالح الرأسماليين، لذلك تراهم يرددون ما يعيده الاقتصاديون البرجوازيون باستمرار.
يقول غيرالد هوبمان: "ان هذا المجلد يتيح نظرة عميقة في طريقة عمل أحد آخر الموسوعيين الكبار. لقد كان ماركس مفكراً مفاهيمياً، ولكنه كان إلى حد بعيد كاتباً متنقلاً وكأنه يسابق الزمن، ففي عام 1868 كان يعمل في نفس الوقت في المخطوطات الثلاثة الرئيسية، و بين هذا وذاك أنجز شرحاً لمقتطفات من آدم سميث، وكتب الصياغات الأربع التي أوقف العمل بها بين حين وآخر للفصل الأول من الكتاب الثالث. وعنون النصوص الرئيسية فيه بـ " حول فائض القيمة ومعدل الربح، قوانين معدل الربح، وسعر الكلفة وتدوير رأس المال". وهو نص حسابي معقد. لقد ركز ماركس في دراساته خلال عامي 1867 و1868 على مسائل الكتاب الثالث غير المحلولة، ولكنه تعامل أيضا مع جوانب الكتاب الثاني، واستمر في إضاءة قضايا في إطار سياقات أخرى.
وأحيانا يتم التركيز في العرض على اعتبارات منفردة، او يتضمن العرض أمثلة مكملة. إنها "نصوص حية" ليس لها نهاية. ويصاب المرء بالدهشة للسلسلة المتوالية من المعادلات والعمليات الحسابية، وهو يتصفح صفحات فائض القيمة و معدلات الربح. ويحتاج هذا إلى مؤهلات تخصصية لفهمها. ويعود ذلك لسعي ماركس صياغة موضوعاته المركزية بطريقة رياضية. وعندما اشتكى انجلس من عدم قدرة القارئ على فهم هذه المعادلات رد ماركس: " المرء يطلب الجديد، الجديد في الشكل، والجديد في المضمون". وحاول أيضا صياغة الدورة الاقتصادية ، والقوانين الرئيسية للأزمة" رياضيا، ولكنه اعترف بفشله. وبالرغم من ذلك فقد عده ليون سمولنسكي احد ممثلي مدرسة شيكاغو، و بول سامويلسون من كامبريدج من أهم علماء الاقتصاد الرياضي – نسبة إلى الرياضيات -.
في مقدمة المجلد التي وضعها الفريق الذي قام بمراجعته تفنيد للاتهام القائل إن ماركس لم يتعرف على واقع الاقتصاد. و في الفترة التي تتناولها المخطوطة كانت له حوارات مع مساعد مكتب الإحصاء الملكي – الهانوفري (نسبة الى مدينة هانوفر الألمانية – المترجم) غيورغ ميركل، وزار مصنع مكائن ومسبك غيورغ ايغشتورف، الذي كان ينتج القاطرات البخارية والمراجل وفق أعلى معايير ذلك الزمان. والتقى مدير السكك الحديدية في هانوفر البرت فون مايباخ ، عندما كان يحل ضيفا مهاجراً عند كوغلمان، وتناول الحوار تكاليف النقل والاسترجاع البطيء لرأسمال في الاستثمارات الكبيرة، وهو موضوع كان يشتغل عليه ماركس بشكل مكثف. ويجب ان لا ننسى ان انجلس كان رجل أعمال مرموقاً وكان ماركس يعود اليه بخصوص القضايا المتعلقة باقتصاد المصانع مثل المحاسبة، فترة الاندثار، والتخزين.
ويرى كارل أرش- فولغراف، الذي حاول في المقدمة، وبالاستناد إلى المخطوطة، أن يجعل ضمن أمور أخرى، نشوء نظرية القيمة سهل الفهم على القراء، ان فترة البحث التي أعقبت طبع المجلد الأول من "راس المال"، وبالضد من تفسيرات أخرى تؤكد وجود ابتكار وتجديد في أعمال ماركس بالاستناد إلى معارف وتحليلات جديدة. ويثبت من خلال تفاصيل جديدة في النصوص، عودة ماركس مرة أخرى لتناول نظرية ادم سميث، ويقول فولغراف بهذا الخصوص: " يفهم مشروع "راس المال" بالكامل على انه تقكيك تدريجي لنظرية آدم سميث حول القيمة"
ما هو الشيء الذي ما يزال مقنعا وصالحا في عصرنا الذي تهيمن عليه الرأسمالية؟ ما هي المسائل التي لم يتناولها ماركس بدقة وتفصيل؟ ما هي المساحات الغامضة التي لم تتمكن حتى الذهنية التحليلية لماركس من إضاءتها؟ ما هي الجوانب التي تم طرحها بشكل خاطئ، وما هي التفسيرات الخاطئة؟ إن العرض الصحيح "للنصوص الأصلية" للكتابين الثاني والثالث من "رأس المال" أعادت النقاشات اليوم من جديد. وستعزز ظواهر الرأسمالية المالية أو الرأسمالية العنيفة تمسك وتأييد القراء لماركس.
وسيستمر نقاد ماركس بالبحث عن مواقع لتشريح ماركس والقول بخطأ نظريته، ولكنهم في الغالب لا يخدشون سوى السطح، ولا يفهمون عمق نظريته، أو كما كتب كافكا على لسان بطل روايته " المحاكمة": "النصوص خالدة، ولكن الآراء غالبا ما تكون تعبيراً عن اليأس"
ـــــــــــــــــــــــ
*- عن مقالة بقلم يانس غرانت نشرت في جريدة نيوز دويجلاند" (ألمانيا الجديدة) في 29 . 11 . 2012
العنوان الأصلي للمجلد الجديد:
»KarlMarx: Oekonomische Manuskripte 1863 - 1868. Teil 3. Band II/4.3 Marx-Engels-Gesamtausgabe (MEGA). Bearbeitet von Carl-Erich Vollgraf. Akademie Verlag, Berlin 2012. 1065 S., geb.