النضال ضد الإمبريالية هو نضال ضد الرأسمالية


الحزب الشيوعي اليوناني
2012 / 11 / 28 - 00:11     

كلمة الأمين العام للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني اليكا باباريغا في اللقاء العالمي اﻟ14 للأحزاب الشيوعية و العمالية

المنعقد في بيروت 22 – 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2012.
النضال ضد الإمبريالية هو نضال ضد الرأسمالية

أيها الرفاق و الرفيقات الأعزاء،

نشكر استضافة اللقاء في هذا البلد في منطقة تتعرَّض للمحن على مدى سنوات حتى الآن، وخلال الأيام الماضية، حيث يشكل التدخل والغزو الإمبريالي عنصراً شبه دائم يتمظهَر عبر كافة تدرُّجات الهمجية و الاستبداد. هذا و تتواجد اليونان أيضا ضمن هذه المنطقة لذا نشعر دائما أن واجبنا لا يقتصر على التعبير عن تضامننا الأممي، بل يشتمل على الأخذ على محمل الجد في اعتبارنا للتطورات الجارية التي تؤثر في بلدنا، باعتبارها بلداً رأسمالية مندمجة بالكامل في استراتيجيات و أهداف الاتحاد الأوروبي و الناتو والولايات المتحدة، عبر الاتفاق الطوعي للغالبية العظمى للقوى السياسية. لقد نددنا بالاتفاق الاستراتيجي المبرم بين اليونان وإسرائيل، ما دام بالتأكيد ليس متعلقاً بمصالح الشعوب المشتركة بل بالأهداف الاستراتيجية الضد شعبية على وجه السواء لطبقة بلادنا البرجوازية ولإسرائيل. حيث يستهدف هذا التعاون الاستراتيجي العسكري والاقتصادي، المشاركة في الصراع الجاري بلا حدود و قيود على الثروة الطاقية و الثروة الأشمل المتواجدة في المنطقة. إن اليونان مستعدة للمساهمة في العمليات العسكرية الإسرائيلية وخاصة إذا ما قررت مهاجمة إيران. كما و تجري في الواقع مناورات مشتركة مع إسرائيل تحاكي عمليات عسكرية إما ضد سوريا أو ضد إيران.

و ليس من قبيل المصادفة غياب تعبير الحكومة اليونانية حتى عن التعاطف الشكلي مع شعب فلسطين المُعذب الذي يتعرض لمرة أخرى للقصف، في حين تلتزم أحزاب المعارضة الأخرى الصمت أساساً.

و على الرغم من حقيقة معاناة المنطقة لسنوات طويلة من تدخل إمبريالي متعدد الأشكال ومن الحكومات والأنظمة الرجعية، لكن ما نعيشه في السنوات الأخيرة و في هذه الأيام هو مرتبط بشكل وثيق بتطور و امتداد أزمة منطقة اليورو الرأسمالية الاقتصادية العميقة التي تمارس تأثيراً مباشراً عالمياً، وخاصة على المراكز الإمبريالية المعروفة و على القوى و المراكز الإمبريالية الصاعدة.

إن الأزمة التي نعيشها، والتي بدأت في الولايات المتحدة، هي استمرار للأزمة التي اندلعت في نهاية عقد التسعينات في ما يسمى ببلدان النمور الآسيوية و في روسيا كما و في أمريكا اللاتينية. حيث عندما حضر الانتعاش حينها، لم يبلغ المعدلات السابقة. ونحن لا نستبعد على الإطلاق حضور انتعاش هزيل تَخلُفُه أزمة متزامنة و أشد عمقاً في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان.

إن النظام الرأسمالي عاجز عن إدارة الأزمة بنفس سهولة قدرته سابقاً. إنه عاجز عن معالجة آثار الفقر والبؤس على غرار الماضي. إن هذا لا يعني بالتأكيد أن النظام سينهار من نفسه نتيجة تناقضاته، من دون أن تتشكل في كل بلد حركة عمالية شديدة البأس قادرة على الإنتقال نحو الهجوم الشامل، هي حركة ينبغي أن تكون في جهوزية عند اندلاع الحالة الثورية أو عند وشوكها. فالحركة الثورية لن تولد فجأة، بل هي حركة يجري إعدادها و تربيتها، و إكسابها الخبرة من خلال النضالات اليومية.

إن وقوع أزمة رأسمالية اقتصادية معممة ومتزامنة، جلب إلى الواجهة سمة النظام الرأسمالي المعاصر اللاإنساني الذي عفا عنه الزمن، كما وجلب راهنية وضرورة الاشتراكية، و ضرورة إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الأممية.

والسؤال هنا هو أية حركة عمالية و حركة شعبية هي تلك القادرة على خوض مسار وعر مليء بالمنعطفات و المنحدرات و الصعود، من دون أن تُفخِّخ لنفسها أو تُبتذل، في حين قدمت التجربة الأخيرة و سابقتها أدلة كافية على وجود مخاطر مماثلة. أية حركة عمالية شعبية هي تلك التي ستصمد في مواجهة عدوانية الامبريالية و ستفتح جبهة من أجل مواجهة الحرب الإمبريالية، و السلام الإمبريالي لكي لا تسفك الشعوب دمائها من أجل مصالح الامبرياليين.

إن اختبار خط تعزيز الحركة العمالية و إعدادها لخوض معارك يومية، وتحالفها من الشرائح الشعبية هو ممكن حصراً عبر سبيل واحد عبر طريق نضال متحرر من أجل أهداف معادية للاحتكارات و الرأسمالية على الصعيد الوطني في ظروف تعاون أممي و نشاط مشترك ..

إن التعبير عن الوطنية المعاصرة اليوم يكمُن في النضال من أجل إسقاط الرأسمالية، من أجل الاشتراكية. فليس من بلد رأسمالي، و مهما كان تقدم ديمقراطيته البرلمانية، هو بقادر على ضمان الاستقلال الوطني لشعبه، واحترام حقوقه السيادية، سوى شكلياً و دون محتوى جوهري.

إننا نراقب عن كثب للتفكُِّر و النقاشات الجارية في الحركة الشيوعية بصدد الإمبريالية، و استراتيجية الحركة، و الاتهامات الموجهة ضد سياسة الإدارة الليبرالية للنظام الرأسمالي. ونحن نعتقد اليوم بقيمة الخطوات الجارية و القفزات العملية، في محاولة حشد جماهير عمالية أوسع، و كما و بأن قيمة توضيح قضايا أيديولوجية و نظرية مهمة تتعلق باستراتيجية وتكتيك الحركة في مواجهة الامبريالية، هي مضاعفة لقيمة الخطوات العملية المذكورة .

إن السياسة المهيمنة في العالم ليست مجرد وصفة إدارة ليبرالية كما يُزعم عموماً. و بغض النظر عن الفروق الجانبية بين الوصفات الليبرالية و الإشتراكية الديموقراطية، فنحن هنا بصدد الاستراتيجية المعاصرة الصديقة للإحتكارات التي أُطلقت بعد الأزمة الممتدة من 1971و حتى 1973، كردٍ على مشكلة نزعة تقلص متوسط معدل الربح في ظروف المنافسة بين القوى الإمبريالية مع احتدام التنمية الغير متكافئة كعنصر متواجد في جينات الحمض النووي للنظام الرأسمالي العالمي.

تتمثل إحدى مكونات السياسة المعاصرة الصديقة للإحتكارات في تأمين قوة عمل رخيصة و في عمليات إعادة هيكلة رجعية "تحرير"، و خصخصة ملك الدولة، إضافةً للتدخلات و الحروب الإمبريالية من أجل إعادة توزيع الأسواق.

و قد اتُّبعت و تُتبع السياسة المذكورة الصديقة للإمبريالية، من قبل قوىً برجوازية حكومية ليبرالية و اشتراكية ديموقراطية وحتى من قبل حكومات يسار الوسط على مدى السنوات اﻟ 30 الماضية. و دُشنت في الولايات المتحدة وبريطانيا و أمتدت نحو الإتحاد الأوروبي. حيث عجزت في القرن اﻠ20 و تعجز على وجه السواء كِلا الإدارتان الليبرالية والكينزية عن إعاقة و إحباط وقوع الأزمة الاقتصادية والحرب الإمبريالية.

إن القضية المركزية تتمثَّلُ في إقناعنا لأكبر جزء ممكن من الطبقة العاملة و الشعب العامل بالطابع الحقيقي للأزمة، كأزمة فرط تراكم على أرضية الملكية الرأسمالية والاستغلال الطبقي. و أن نجابه و بحجج محاولة التضليل والتشويش الممنهج الجارية لإخفاء الأسباب والعوامل الحقيقية للأزمة. أي أن نواجه نظريات "رأسمالية الكازينو" و تلك القائلة بأن الأزمة تعود حصراً إلى النظام المالي، ونظرية "فرط الإستهلاك" أو عكسها ﻟ" نقص الاستهلاك".

لا ينبغي على الحركة العمالية وحلفائها التواجد بين مختلف خلائط إدارة الأزمة التي تظهر اليوم في الاتحاد الأوروبي وجميع أنحاء العالم، وذلك لغياب خليط إدارة مخرج من الأزمة صديق للشعب. فكافة الخلائط المُصاغة بوضوح، تستند على قوة عمل رخيصة، و تضرب قسماً كبيراً من صغار الشرائح الوسطى، كما و تدعم عمليات إعادة الهيكلة الرأسمالية.

هناك نقاش حاد يجري اليوم حيث تبرز اختلافات كبيرة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبين قطاعات من الطبقة البرجوازية في كل بلد، وبين الأحزاب السياسية البرجوازية، حول ما إذا كان الإفلاس الممنهج يشكل حلاً ، أو ما إذا كان يتوجب الحفاظ على منطقة اليورو كما هي، أو حول تحويل الاتحاد الاوروبي إلى فدرالية من شأنها أن تؤدي على الأرجح إلى طرد بعض الدول، و ما إلى ذلك.

هذا وتغذي كوادر الدوائر البرجوازية السياسية و الاقتصادية، أيضا النظرية القائلة بأن الخروج من منطقة اليورو و حتى من الاتحاد الأوروبي، سوف يساعد الحكومة البرجوازية على الإنعتاق من التزامات العملة الموحدة، و إصدار نقدها الخاص، من أجل جذب المستثمرين المراهنين على رخص العملة الوطنية و ما إلى ذلك..

إن الموقف المذكور هو ذو سمة طبقية متعلقة بإبرازه من قبل قطاعات من الطبقة البرجوازية والمضاربين و ليس له أية علاقة بالموقف الطبقي للحزب الشيوعي اليوناني بصدد السلطة العمالية الشعبية، وفك الإرتباط من الإتحاد الأوروبي و إلغاء الديون من جانب واحد و فرض التملك الإجتماعي للاحتكارات، و تعاونيات إنتاجية زراعية مُدرجة نسبياً ضمن التخطيط المركزي.

تدعم القوى الانتهازية المعارضة للوصفة الألمانية، تخفيف قسوة السياسة المالية والإفلاس الممنهج، حتى أنها تُبرز الرأي القائل بأن هناك برنامج نضال انتقالي قادر على الموازنة بين مصالح الاحتكارات والشعب العامل. و مثل هذا البرنامج المؤدي لنتائج لصالح الإحتكارات و الشعب لم يتواجد قط و لن يوجد الآن، بمعنى أنه لم يُثبت من قبل الحياة لا على المستوى الوطني أو على مستوى مجموعة من البلدان. فليس من قبيل المصادفة عدم ذكرها لمثال بلد واحد كمثال على تطبيق مثل هذا الخيار.

إننا نمر بمرحلة تدفع خلالها النزاعات الإمبريالية في ظروف أزمة عميقة، قطاعات من الطبقة البرجوازية ومجمل الطبقة البرجوازية لهذا البلد أو غيره، لاختيار ما إذا كانت تريد البقاء في معسكر الإمبريالية هذا أو العبور نحو غيره، فهي تقوم باختيار الإمبريالية التي تود التواجد في جانبها. هناك عملية إعادة ترتيب جارية في نطاق التحالفات الإمبريالية، حيث هناك ميوعة في هذه القضية و هي في رأينا تشمل منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط و محيطها مع شمال أفريقيا.

إن اصطفاف الحركة العمالية وحلفائها مع إحدى خلائط الإدارة، أو مع هذه القوة الامبريالية أو غيرها، يعني خضوعها و تجندها تحت راية أجنبية. انظروا حال الأمور في منطقة اليورو.

إن كِلا الطبقتين البرجوازيتين الألمانية والفرنسية تواجهان معضلات جدية حول مستقبل منطقة اليورو. حيث توصلتا على الرغم من تناقضاتهما، كما حدث في الماضي، إلى توافق هش مؤقت لا يقلل من وحشية جميع التدابير الضد عمالية والإصلاحات الرجعية، و هو أيضا لا ينفي مسببات احتدام التناقضات الإمبريالية.

إن النزعة السائدة للطبقة البرجوازية الألمانية تعطي الأولوية لحماية اليورو و للاستقرار النقدي و ترفض تحمُّل تكلفة خفض قيمة رأس المال في البلدان المثقلة بالديون.

في حين تتعزز نزعة أخرى في الاتحاد الأوروبي تريد الحفاظ على منطقة اليورو بأكملها عبر تجنب انكماش السوق الأوروبية أمام المنافسة الدولية الصعبة. و هناك نزعة ثالثة تُشكك بمجمل النموذج الحالي لمنطقة اليورو وتعطي الأسبقية للتقارب مع محور الصين - روسيا.

تقوم كل من الحكومات البرجوازية و الأحزاب الليبرالية و الإشتراكية الديموقراطية و ما يعرف باليسار التجديدي، بالإصطفاف خلف حوامل التناقضات مستهدفين دمج الحركة العمالية وحلفائها في نسخة إدارة معينة أو غيرها يمكن وصفها شكلياً كنسخة تقييدية او توسعية.

إننا متيقنون لأمر واحد، و ذلك من دون أن نقلل من مصاعب تعزيز الحركة التي تنتج عن الوهم واليوتوبيا، و هو أن قطاعات أكبر من الطبقة العاملة ستدخل موضوعياً في تناقض مع حلول الإدارة البرجوازية التي تحاول السيطرة على مدى تخفيض قيمة رأس المال و توزيع الضرر على مختلف قطاعاته.

يتوجب على الأحزاب الشيوعية و الطليعة الجذرية ألا تفقد استقلالية نشاطها و حكمها أمام واقع التكتلات المختلفة التي تشارك إلى جانب هذه القوة الإمبريالية أو غيرها، أو إلى جانب قطاع من الطبقة البرجوازية ضد قطاع آخر، أو لصالح أعلى الشرائح الوسطى.

يجب تعزيز سمة النضال المناهض للاحتكارات و الرأسمالية، وانطلاقا من هذه الرؤية تنبغي مواجهة الإلتزامات و التبعيات التي تعاني منها البلدان والشعوب المندمجة في تكتلات إمبريالية على غرار الناتو والاتحاد الأوروبي.

إن سمة الوطنية المعاصرة تتطابق مع إسقاط السلطة البرجوازية، والملكية الرأسمالية لوسائل الإنتاج، و مع الخروج من أي ائتلاف دولي و حلف إمبريالي.

لذا فما يعرف بالجبهة المعادية لألمانيا و المعادية للأمريكان أي للولايات المتحدة. ليست قادرة لوحدها عن التعبير أو عن أو مواجهة النضال ضد الإمبريالية و ضد تبعات الأزمة. ولا ينبغي أن ننسى أن الرأسمالية الإحتكارية أي الامبريالية هي التي تحدد مصير و مسار البلدان التي لا تنتمي عضوياً للتكتلات الإمبريالية. فليس هناك من بلد اليوم، ليس مرتبطاً بشكل أو بآخر بالنظام العالمي والإقليمي للإمبريالية، أي بالسوق الرأسمالية العالمية، في مناطقها. إن مسار التطور الرأسمالي هو المسار الذي يقود نحو اندماج أضعف أو أوثق في النظام الإمبريالي، وبالتالي فإن النضال ضد الامبريالية هو مناهض للرأسمالية، لأننا بصدد المرحلة الإمبريالية للرأسمالية.

لا تُستنهَضُ كفاحية الشعوب عند تأثرها بآراءٍ تفصل السياسة الإمبريالية عن الرأسمالية الاحتكارية، هي آراء تساوي الإمبريالية حصراً مع العلاقات الدولية الغير المتكافئة و مع التدخل والحرب الإمبريالية. أي فصل التناقضات الداخلية عن النزاعات الإمبريالية.

يجب على الحزب الشيوعي أن يقود نحو التنظيم المستقل للمقاومة العمالية الشعبية بجميع أشكالها، لربط المقاومة مع النضال في سبيل الهزيمة الشاملة للطبقة البرجوازية المحلية والأجنبية باعتبارها غازية، مع ربط عملي للنضال ضد الحرب مع الكفاح لانتزاع السلطة. و من خلال مبادرة وقيادة الحزب فلتتشكل جبهة عمالية شعبية و بكافة أشكال النشاط، مع شعار يقول : إن الشعب سوف يقدم الحرية والمخرج من النظام الرأسمالي الذي ما دام مهيمناً سيجلب الحرب الإمبريالية والسلام الإمبريالي عبر وضع المسدس في صدغ الشعوب.

إننا ندعم في اليونان اليوم التحالف الشعبي، الذي يُعبِّر عن مصالح الطبقة العاملة، و أنصاف البروليتاريين، وفقراء العاملين لحسابهم الخاص والمزارعين و حتى العلماء العاملين لحسابهم الخاص الذين لديهم حرية اكبر من العاملين بأجر، حيث سيتحولون و باضطراد إلى عاملين بأجر منخفض في كبرى المؤسسات الرأسمالية أو كعاطلين عن العمل أو شبه عاطلين عن العمل. من هذه الرؤية فإننا نرفض تقديم أي دعم نحو القوى السياسية التي تدعم إحدى خلائط الإدارة هذه أو غيرها.

هناك اليوم تفاعلات جارية في اليونان لإعادة تشكيل النظام السياسي، ما دام نظام تناوب الثنائية الحزبية عاجزاً عن العمل الآن عبر تناوب حزب الجمهورية الجديدة الليبرالي و الباسوك الإشتراكي الديموقراطي، خاصة بعد تفكك الباسوك. إن قسماً كبيرا من جهاز كوادر الباسوك و قطاعات الأرستقراطية العمالية و نقابيي الحكومة مع قطاعات الشرائح الوسطى التي كانت تنشط في مدار الإحتكارات عبر إدارة قسم من رزم الدعم الأوروبي، قامت بمجملها بتغيير حزبها السياسي عبر القفز نحو حزب سيريزا الذي يتحول من حزب إنتهازي إلى خَلَفٍ للإشتراكية الديموقراطية مُحافظاً على بعض الشعارات بغرض الحفاظ على ملامح يسارية للتجديد الشيوعي.

لقد قاوم الحزب الشيوعي الضغط الكبير الذي تعرض له للمشاركة في حكومة قوامها حزب سيريزا، أي في حكومة تتسم مواقفها البرنامجية بتوجه واضح لدعم التنمية الرأسمالية و بتناقضات تحكم مسبقاً باندماجها الكامل عند تحولها إلى أغلبية حكومية. لقد كان لموقفنا المذكور كلفته الإنتخابية، ولكنه لم يسلب من الحزب بعد الانتخابات قدرته على تعبئة الجماهير وتنظيمها. وهو يشكل مرجعية من الآن فصاعدا لحركة من شأنها تجنب المكائد و المنزلقات الخطرة، التي من شأنها أن تضرب وتسحق مصالح الشعب في نهاية المطاف لفترة طويلة حاسمة.

لقد وضَّح الحزب الشيوعي اليوناني موقفه منذ بداية التحركات في بلدان شمال افريقيا كما و منذ بداية الصدام المسلح في سوريا. إن أي مساهمة شعبية خاصة في مصر وتونس أعربت بالتأكيد عن مشاكل شعبية داخلية، عن حقوق العمال و عن الرغبة في تغيير سياسي. ولكن لا يمكننا أن نغمض أعيننا عن حقيقة إما خلقها أو استغلالها من قبل القوى امبريالية قوية برئاسة الولايات المتحدة ومنافسيها من أجل السيطرة على الثروة و تحقيق تغيير في القائمين على دفة قوى الحكومة نحو جلب قوى يمكنهم التحكم بها بشكل أفضل. حيث صرحنا بوضوح أن ذلك هو جزء من الخطة التي أعلنها بوش كمشروع "دمقرطة" البلدان العربية والعالم العربي.

تتواجد جذور أحداث سوريا في المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها الطبقة العاملة و باقي الشرائح الشعبية. ولكننا نعارض أي محاولة تدخل إمبريالي من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي وإسرائيل وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية.

وقد كشفنا أمام الشعب اليوناني حقيقة رغبة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل، في زعزعة استقرار و إضعاف توازن القوى ضمن النظام البرجوازي السوري، وذلك لأن قيادة هذا النظام هي حليف لفلسطين ولبنان وتعارض مواقف و مخططات الامبريالية التي تعبر عنها كل من الولايات المتحدة و حلف شمال الأطلسي وإسرائيل، التي تقوم اليوم بقصف غزة بلا رحمة، و تحتل أراضٍ فلسطينية و لبنانية وسورية. إن إضعاف أو إسقاط النظام السوري سيفتح شهية الإمبرياليين لمهاجمة إيران، و للمباشرة بتقسيم جديد لدول المنطقة، أي نحو دومينو زعزعة استقرار وسفك دماء، سيجلب بدوره مجدداً حروباً و تدخلات إمبريالية.

ونحن نقدِّر أنه يجب علينا أن نعمل جميعا في نضال مشترك ضد الامبريالية و الاحتكارات و من اجل فك الإرتباط من المنظمات الإمبريالية، وإزالة القواعد العسكرية الأجنبية والأسلحة النووية، وعودة القوات العسكرية من البعثات الإمبريالية، و إدراج هذا الكفاح في النضال من أجل السلطة .