ستالين والعقوبات الجماعية ضد الاقليات القومية - الفنلنديين -1


طريف سردست
2012 / 10 / 28 - 15:50     

السياسة القومية للاتحاد السوفيتي
في بداية تأسيس الاتحاد السوفيتي ازدهرت القوميات بسرعة. الى عام 1933 كان هناك 5300 مجلس سوفيت قروي قومي و250 منطقة قومية. في منطقة لينيغراد وحدها كان هناك 57 سوفيت قروي قومي وثلاث مناطق قومية. في لينينغراد، في بداية الثلاثينات، كانت الجرائد تصدر بأربعين لغة قومية، بما فيه باللغة الصينية، وكان هناك إذاعة باللغة الفنلندية، إذ في منطقة لينيغراد كان يعيش 130 الف فنلندي. كما كانت المدارس تدرس لغة الاقليات القومية. {1}

منذ اواسط الثلاثينات، ومع تزايد سيطرة ستالين على الحزب واجهزة الدولة والتحول نحو المركزية وقمع اختلاف وجهات النظر والمعارضة، بدأت سياسة الاتحاد السوفيتي نحو القوميات تتغيير.

في النصف الثاني من الثلاثينات اصبحت الدراسة باللغة الروسية. {2} في عام 1939 جرى الغاء مجالس القرى السوفيتية القومية، وجرى دمج الوحدات الادارية القومية بجاراتها الروسية، وبذلك تم إلغاء العديد من مناطق الادارة القومية، بما فيه التي كانت في منطقة لينينغراد. لم يتوقف الامر على إلغاء الادارات القومية بل تبعه إلغاء للشخصية القومية للاقليات برمتها. خلال الثلاثينات، جرى تهجير الفنلنديين ( بأنواعهم) من منطقة لينيغراد، كما جرى تهجير جماعي للالمان والبولون من منطقة اوكراينيا، وعشرات القوميات الاخرى، وتفريقهم الى عدة مناطق بهدف عدم إعطائهم فرصة للمحافظة على روابطهم الثقافية وإذابتهم في الاكثرية بمحيطهم الجديد.

تهجير الفنلنديين
في 6 ابريل من عام 1935 جاء انذار الى منطقةسكان قرية Колтушей (Ингерманландцы) بتجهيز طعام يكفي لستة ايام وغيارين ملابس داخلية. الحرس على الفور ينبه الى ان لديهم الاوامر بإطلاق النار على من يغادر الطريق. كل شخص يحق له اخذ كيس بطاطا، وكل خامس عائلة الحق بأخذ بقرة واحدة وحصان واحد. وخلال وقت التحضير، تضع كل عائلة احد افرادها رهينة. في 12 ابريل حضر الجميع الى محطة القطار. 35-40 عربة قطار كانت ممتلئة بالبشر، عدا عربات نقل الحيوانات. على العربات من الخارج كان مكتوبا " هجرة اختيارية". [3] كان المهجرين ينامون بالدور لعدم كفاية المكان، والحرس كانوا يمنعون الناس من الاقتراب للتكلم مع المهجرين " اختياريا". بعد محطة سامارا، تغير الحرس واصبح السفر في الليل فقط. في 26 ابريل وصل قطار، هذه المجموعة من المهجرين الفنلنديين، الى محطته الاخيرة: Сырдарья من اعمال اوزبكستان. هذه المحطة كانت من اعمال مجرد كالخوز في ذلك الوقت. في عام 1971 اصبحت مدينة. [4]

في فترة الكلخزة، الفنلنديين، بما فيهم اينغيرمانلانتسي، جرى ترحيلهم الى سيبيريا، اوزبكستان، كازاخستان. وصل مجموعهم الى 18 الف شخص. [5]

في عام 1935 جرى التهجير الجماعي للفنلنديين القاطنين قرب الحدود مع فنلندا والمشار اليهم بتعبير " عناصر الكولاك والمعادين للثورة السوفيتية". بنتيجة هذه العملية جرى تهجير 11 الف شخص. بعض الباحثين لايعتبرون عملية التهجير هذه كانت موجهة ضد الفنلنديين على التحديد، إذ حسب معطيات В. А. Иванов, جميع المناطق المحاذية لفنلندا جرى ترحيل اعداد متساوية منها بما فيه المناطق التي لايقطنها فنلنديين. [6] ولكن، حسب معطيات زيمسكوفا، التي تعتبر الامر موجه ضد الفنلنديين تحديدا، فإن التطبيق تجاوز أعداد المهجرين في الخطة الاصلية بمرتين، حيث جرى تهجير 5059 عائلة بعدد أجمالي وصل الى 23217 الف شخص، حسب معطيات الاحوال الشخصية في الاقاليم التي استقبلت المهجرين. بالمقارنة مع ارقام الخطة الاصلية تجد ان العدد تضاعف.

في عام 1936 ، وبمبادرة من قيادة الدائرةالعسكرية لمنطقة كاريل، جرى ترحيل جميع سكان المنطقة المحاذية لفنلندا، من جميع الاثنيات. بطبيعة الحال كان الفنلنديين هم الاكثرية. من المحتمل، ان كون اكثرية سكان المنطقة المحاذية لفنلندا من الفنلنديين هو العامل الرئيسي الذي حفز على تهجير جميع سكان المنطقة. [7]

في الواقع، من مجموع 1602000 شخص جرى اعتقالهم على مدى اعوام 1937-1939 ، تحت فقرات قوانين الجرائم السياسية، انتمى منهم 346000 شخص الى الاقليات القومية، ومنهم 247 الف جرى اعتقالهم بتهمة " جواسيس اجانب". من مجموع ابناء الاقليات القومية المعتقلين، شكل اليونانيين والفنلنديين غالبية المعدومين، حيث النسبة 81%، 80% على التوالي.[8][9]

السوفييت العسكري لمنطقة لينيغراد، أصدر، بتاريخ 20 اذار من عام 1942، القرار رقم № 00714 يطلب فيه ضرورة تهجير السكان الفنلنديين والالمان. القرار كان تنفيذا للامر الصادر عن رئاسة مجلس السوفيت الاعلى، بتاريخ 22 يونيو من عام 1941، تحت عنوان " حول الوضع العسكري"، بموجبه جرى تخويل الفيادات العسكرية المحلية اختصاص :" السماح بالدخول والخروج من المنطقة، بالاعتماد على الحالة العسكرية، او بشأن بعض الشخصيات، يشكلون خطرا اجتماعيا في نشاطاتهم الاجرامية أو في علاقاتهم مع اوساط اجرامية".[10] في هذه المرة، جرى تهجير 44737 شخص وجرى تفريقهم الى مناطق كراسنايارسك، ايركوتسك، اومسك، فولغاغراد ومنطقة كيروف. عند وصولهم الى مناطقهم الجديدة أجبر الفنلنديين على تسجيل حضورهم اليومي في مراكز الهجرة الخاصة. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الغي نظام الحضور اليومي، غير انه جرى منع سكن الفنلنديين في منطقة لينينغراد، التي استحوذت على مناطق سكنهم الاصلية. في 11 فبراير من عام 1949 جرى السماح للفنلنديين السوفيت بدخول منطقة كاريل ( المجاورة لمنطقة لينينغراد) وسمح لهم بالانتقال الى هناك تحت تعبير " مهاجرين خاصين" او تعبير " مواطنين فنلنديين سابقين"، بموجب مرسوم من مجلس الوزراء السوفيتي. [11] بموجب تنفيذ هذا السماح اصبحت كاريل واحدة من اكبر ثلاثة مراكز لسكن الفنلنديين السوفييت. غير ان هذا المرسوم جرى تعديله بمرسوم جديد بموجبه يعاد تهجير الفنلنديين من القرى الحدودية. [12]

بعد توقيع اتفاقية السلام بين الاتحاد السوفيتي وفنلندا، والتي تضمنت رغبة الاتحاد السوفيتي في عودة المهجرين الى فنلندا ، سمح بعودة السكان الاصليين، الفنلنديين من مجموعة انغيرماندلاندسكي، كان المحتلين الالمان قد قاموا بتهجيرهم الى فنلندا. غير ان الاتحاد السوفيتي، لم يسمح لهم بالعودة الى منطقة لينينغراد وانما الى المناطق الخمسة المجاورة له، نزولا عند قرار اللجنة الحكومية لشؤون الدفاع بتاريخ 19 يناير 1944 والمرقم № 6973сс . مجلس القوميات، بقراره المرقم № 13925рс 19 سبتمبر من عام 1945 سمح بسكن مقاطعة لينينغراد فقط " لعوائل من يخدم بالجيش من الانغيرماندلاسيين والذين شاركوا في الحرب الوطنية". وايضا العائدون ممن ليسوا فنلنديين القومية. [13]

في عام 1993، صدر، عن مجلس السوفيت الاعلى لروسيا الاتحادية، مرسوم بحق العودة لجميع الفنلنديين، غير انه لم يحتوي على آلية لتنفيذه. [14] في الواقع نص القرار يبعث على انه لارغبة اصلا في تنفيذه، إذ يتضمن:" عملية إعادة التوطين الفنلنديين الروس في اماكن سكنهم الاصلية .. تجري بدون انتهاك حقوق ومصالح السكان، القاطنين للاراضي المعنية". في عام 1990 صدر قرار عن جمهورية فنلندا يعطي الحق، لمن يرغب من الفنلنديين الروس، بالانتقال الى فنلندا. أنتهى مفعول القرار في 1.07.2011.

1- Карло Курко «Финны-ингерманландцы в когтях ГПУ» Porvoo-Helsinki 1943, СПб 2010, стр. 9
2- Мусаев В. И. Политическая история Ингерманландии в конце XIX—XX веке. — 2-е изд. — СПб., 2003, с. 182—184.
3- Hannes Sihvo Inkerin Maalla. — Hämeenlinna: Karisto Oy, 1989. — С. 244. p. — ISBN 951-23-2757-0
4- Inkerin Maalla; c 24
5- Шашков В. Я. Спецпереселенцы на Мурмане: Роль спецпереселенцев в развитии производительных сил на Кольском полуострове (1930—1936 гг.). — Мурманск, 1993, с. 58.
6- Иванов В. А. Миссия Ордена. Механизм массовых репрессий в Советской России в конце 20-х — 40-х гг.: (На материалах Северо-Запада РСФСР). — СПб., 1997.
7-Земсков В. Н. Спецпоселенцы в СССР, 1930—1960. — М.: Наука, 2005, с. 78.
8- Список городских и сельских поселений, из которых были в 1937—1938 гг. увезены финны на расстрел за за национальную
9- Глава из книги «Сталин против „космополитов“» / Г. В. Костырченко, 2010. ISBN 978-5-8243-1103-7
10- ТРИ УКАЗА ОДНОГО ДНЯ, УКАЗ ПРЕЗИДИУМА ВЕРХОВНОГО СОВЕТА СССР,ОБ ОБЪЯВЛЕНИИ В ОТДЕЛЬНЫХ МЕСТНОСТЯХ СССР ВОЕННОГО ПОЛОЖЕНИЯ, 22 июня 1941 г.№ 29
11- Мусаев В. И. Политическая история Ингерманландии в конце XIX—XX веке. — 2-е изд. — СПб., 2003, с. 336—337.
12-Постановленем бюро ЦК КП(б) КФССР «О частичном изменении постановления бюро ЦК КП(б) и Совета Министров КФССР от 1 декабря 1949 года»
13-Гильди Л. А. Судьба «социально-опасного народа»: (Засекреченный геноцид финнов в России и его последствия. 1930—2002 гг.). — СПб., 2003, с. 32.
14- ВЕРХОВНЫЙ СОВЕТ РОССИЙСКОЙ ФЕДЕРАЦИИ ПОСТАНОВЛЕНИЕ от 29 июня 1993 года N 5291-1 О реабилитации российских финнов

يتبع