اليسار العراقي)) وعي المهمه المصيريه ))وتكتيك الشخصنه


ليث الجادر
2012 / 10 / 9 - 18:00     

مع توافر ونضوج امكانيات نهوض القوى اليساريه في العراق واضطلاعها بدور قيادي سياسي يؤهلها لان تاخذ بيد المجتمع العراقي الى اعتاب الانطلاقه نحو مستقبل اجتماعي تنشط فيه كل شروط اقامة سلطة العدل والرفاه , يبرز شرط جوهري يتوقف عليه مسار هذه القوى وبالتالي مصيرها التنظيمي , هذا الشرط يتمثل في ضرورة ادراك القوى اليساريه العراقيه انها ككيان تنظيمي .. انما تواجه ظرفا مصيريا يستوجب فيه اتخاذها قرارا بالانعطاف نحو منهج اكثر راديكاليه على مستوى الاداء التكتيكي السياسي , ان تطور امكانيات نهوض هذه القوى من مستوى الاحكام النظريه والمقاييس العقليه المرتبطه بها ( التمايزات الطبقيه الحاده , ثراء الدوله , القاعده الثقافيه الغنيه ) الى مستوى الامكانيات الواقعيه ( تحول انعكاس تلك الامكانيات الى حاله جدليه متازمه بسبب تداخلات العمليه السياسيه التي افرزت حالة تغير جوهري وخطير في حالة التمايز الطبقي حيث اعادة للطبقه البرجوازيه الصغيره والوسطى دورها وموقعها القيادي في المجتمع – موظفي الدواوين الحكوميه بكل درجاتهم بما فيهم العمال – بعد ان اجهزت تماما على ماهية العمال الحكوميين وحولتهم الى محض عاطلين عن العمل وكائنات كسوله تتقاضى مقابل كسلها رشوات مغريه ومقبوله تمكنهم من اقتناء احدث اجهزة الموبايل التي تعينهم على قضاء اوقاتهم في واثناء ممارستهم لدورهم المزعزم كقوه منتجه !! ؟ .. ) وهكذا انسحبت امكانيات وشروط الثوره والتغيير الى ادنى درجات القدره الطبقيه حيث يقبع في الطليعه جيش المعطلين عن العمل وتتبعهم فئة الكادحين الرثه والبقايا المطحونه من المتقاعدين واعداد من الفلاحين اللذين بات وجودهم وجودا انثروبلوجيا , لا فعل له على ارض الواقع ...هؤلاء هم انصار التغيير لكن لا يمكن ان يعتبروا ادوات الثوره بمعناه الطبقي العلمي ..واليسار هنا هو المرشح للسلطه في مواجهة اليمين وليس اقصى اليسار ((الشيوعيون )) ... لان مطلب التغيير هنا يتحدد بتغيير السلطه البرجوازيه ولم تتوفر بعد مطالب وشروط الانقضاض الكامل على البرجوازيه كاطار يحكم طوقه على المفاهيم الاجتماعيه وعلاقات الانتاج بصفقه واحده ...ولهذه الاسباب كلها كان اليسار الاقصى العراقي (( الحزب الشيوعي العراقي باجنحته )) يتخلى تدريجيا عن شيوعيته ولهذه الاسباب الواقعيه ايضا وكنتيجه صائبه في قرائتها وبتداخل الاراده الذاتيه السياسيه للقيادات تخلت القيادات عن مفهوم العنف الثوري والنضال الصعب, بفقدانها وتسرب انصارها الطبقيون ( العمال الحكوميون اللذين يمثلون طليعة الطبقه العامله في العراق والموضفين الصغار والفلاحين الصغار ) ..هكذا تحولت الشيوعيه العراقيه الى شيوعيه بالممكن الى اشتراكيه بالممكن واصطبغت بالثوريه الاخلاقيه والواقعيه بالحتم , فالشيوعيه لا يمكن ان يؤوسسها العاطلين عن العمل او الفئات الكادحه المتذمره, والاخلاق والارادات ليست كافيه لبناء واقع جديد , لكنها وفي حالات خاصه يكون تحقيق مشروعها بمثابة تمكين وتهيء لبناء واقع ينطلق ويتأهل للانطلاق نحو مجتمع بسلطه شيوعيه , اذن والحال هنا ان نعطاف قوى اليسار بسلوكيتها ومطالبها بصوره راديكاليه ( تغييريه جذريه ) لاتعني الا صيغتها التكتيكيه فهي هكذا بكونها فقط تطوير التكتيك والارتقاء به بما يوازي انعكاسات ونتائج التكتيك القديم الذي يقوم اساسا على مبدأ المعارضه الهادئه والنقد الناعم , من تاكيد الاعتراض الى تثوير الاعتراض وبالتاكيد ليس الانتقال من اسلوب الاعتراض الى اسلوب المقاومه ! تكتيك الاطاحه ببرجوازية السلطه ضمن اطار راسمالية الدوله , هذا هو الخيار المرحلي لقوى اليسار العراقي وهو وكما قلنا تكتيك محكوم بالسلميه والتدرج بالصعود نحو الدرجات النهائيه لها والتي تفصلها عن المقاومه الثوريه العنيفه , مما يعني ان اسلوب التظاهرات بات نافلا ليحل مكانه اسلوب الاعتصامات وان اسلوب النقد العام والمجرد صار منتهيا تماما ليحل مكانه اسلوب التجريم والنقد الهادف الى تغيير جذري ممكن في اطار القانونيه والتشريع..نعم فمن الوارد جدا ان تبدا خطوة الانعطاف بمطلب ثوري قانوني .. وتفصيليا فانه من الوارد جدا ان تتشكل بوادر تلك الخطوه بالمطالبه لتعديل قانون الانتخابات واليتها عن طريق اعلان حمله شعبيه وتنظوي تحت جناحها كل القوىوالتوجهات السياسيه ..ويرافق ذلك تفرد قوى اليسار الى اعلان حمله ومطالب محدده بتطوير وسائل مكافحة الفساد واليتها منطلقه من المطالبه الفوريه بتجريم المفسدين كاشخاص بعينهم والتخلي عن الاكتفاء بالنقد المجرد والمعمم للفساد الحكومي , فالجهد الذي يبذل لكي يؤشر على حقيقة فساد الحكومه اصبح فعلا باليا وساذج , والمطلوب الان هو ليس التاكيد على اسماء المفسدين والاكتفاء بالمطالبه في محاسبتهم بل التاكيد على ضرورة تغيير الية محاسبتهم تغييرا جذريا , ان صحف ووسائل اعلام القوى اليساريه من المفترض الان ان تصطبغ بلونها الاصفر الفاقع وهي تسطر اسماء المفسدين والنصوص القانونيه التي تتاسس عليها الية تجريمهم .. قانون العقوبات العراقيه لا بد وان يكشف عن زيفه وفساد مضمونه بدل من الاكتفاء بالتاشير على ممارسات الحكومه الفاسده , ان اداة تطوير موقف قاعده اليسار ( المعطلين عن العمل والمتقاعدين والفئات المسحوقه والظعيفه ) لا يمكن الا ان تكون متشكله الى اقصاها والحال هنا لابد وان تكون مشخصنه كاجراء مرحلي حتمي , استهداف (فلان ) بذاته والمطالبه بمحاكمته وتجريمه وتطوير القانون الذي يعاقبه الى درجته البالغة الشده , هو وجهه من اوجه الانعطافه الراديكاليه التي لابد وان يقوم بادائها اليسار العراقي ..وفي هذا الوجه تجتمع ثلاثة جوانب واحتمالات
الاول ان هذا الاسلوب (شخصنة الهدف ) يمثل الاسلوب الوحيد الناجعه في استثارت قاعدة انصار اليسار ..فالعاطلين عن العمل والمتقاعدين والفئات الاخرى ليس لها قوة تاثير واقعيه الا اذا تجمعت وهي لا تجتمع بفعل معاناته اليوميه وتواجدها المنفرط العقد الا اذا وصل مطلب التجمع حدا من الواقعيه الملموسه واحتمالية تحقيق الهدف فوريا ,, وهنا تمثل الشخصنه نوع من انواع الرمزيه الفكريه , حيث يستعاض بها عن الدعايه النظريه بواقعية هدف التحريض... اما الجانب الثاني فان شخصنة المفسد او الهدف تفرز امكانية تفعيل قوة ومقدار الصراع بين القوى السياسيه الحاكمه ذاتها وما يتاسس على هذا من تداعيات تعجل في انهيار وحدة اضدادهم , واخيرا الجانب الثالث الذي يتمثل في توافر الاحتمال القوي في ان يعجل هذا الموقف من اتخاذ السلطه اجراءات قمعيه ضد من يقوده او لجؤء جهه سياسيه معينه الى استخدام القوه والعدوان عليه , وكل هذه الجوانب لا يمكن فيها لناقدي او خصوم اليسار من ان يؤشروا على انه خطى خطوه واحده خارج اطار الدائره المقدسه للديمقراطيه !! او انه حن الى ماضيه الثوري العتيق.. لكن والحق يجب ان يقال فان اليسار العراقي اذا ما تململ بحركة هذا التكتيك وبجرأه وثبات .. فانه سيخلق للثوره الاجتماعيه فرصه من شانها ان تخلده وتمسح عن تاريخه كل اشارات التكاسل وعلامات الاستفهام .