الجنوب الامريكى و مشروع الشرق الاوسط الكبير: هل تستدعي امريكا تجربتها مع مسيحية الجنوب في مذهبة الاسلام؟


خديجة صفوت
2012 / 9 / 3 - 20:25     


تمهيد: هل لا تملك امريكا ابعد من تجربتها مع سود الجنوب؟
 مر يوم 28 اغسطس-اب 2012 على الاعصار كاترينا 7 سنوات. و كان الاعصار كاترينا قد دمر اجمل و اهم مدن الجنوب الامريكي و تاريخ مدينة نيواروليانز وماحواليها من مدن الجنوب. و تستعد المدينة او مابقي منها مجددا لاستقبال الاعصار اسحق Hurricane Jacob. و كنت قد كتبت مأخوزة مرة و مسحورة مرة طوال اسبوع اعصار كاترينا ما يشارف اليوميات فوجدتى افهم بصورة غريبة و عميقة معا اجتياح العراق و مشروع الشرق الاوسط الكبير.
الاستثنائوية الامريكية Exceptionalism :
 اجادل انه ان سوغ ما يسمى الاستثنائوية الامريكية لامريكا ادعاء دمقرطة العراق-تكاذبا- فلعل مسيحية الجنوب الامريكى يسرت لامريكا-الرأسمالية المالية-مذهبة الاسلام. و تعني الاستثنائوية وجيزا ان الولايات المتحدة تملك الحق الالهى فى ان تصدر بالعنف-مثلما فعلت في نصرنة الشعوب المكتشفة بالعنف حتى الموت ثوابا فى الرب-ان تصدر ما تسميه تخاتلا الحرية و الديمقراطية من فوهة البندقة او من على ظهر المدرعة ابراهام 8  لبقية البشرية قسرا.
و تقيض الاستثنائية بهذا الوصف لامريكا ادعاء اعادة تشكيل العالم-ليس على شاكلتها كما تزعم تزويقا بالمفردات المتخاتلة انما-على الشاكلة التي تقيض المراكمة واقسى الربح خصما على المدخرين و على منتجي الفائض و الكفاف و الحياة الخ فى كل مكان. و اجادل ان امريكا استدعت مفهوم الاستثنائوية من عشرتها الطويلة و اعراب الشتات ممن كان قد راح يعيد تشكيل العالم  على مر السنين على ما يناسبه خصما على من عداه.
و ازعم انه ان كانت انجلترا ما تنفك تصدر عن تجربتها مع الشعوب الكلتية وهم السكان الاصليين-و بخاصة مع الايرينلدين فامريكا ما تبرح تصدر عن تجربتها مع السود. و لعل حادثة استضافة العرب لمناقشة القضية الفلسطينية في انابليس Annapolis –عاصمة ولاية ميريلاند  state of Maryland-تستدعى تجربة امريكا مع العبيد. فقد كان تجار العبيد يوظفون كل من محو هوبة العبد و- او تأهيله لما تعده له رسمالية الجنوب البدائية التى هي تنويعة باكرة على الرأسمالية المالية-من مصير. وكانت امريكا-تجار الرقيق-قد استخدموا برشامة تدمير ذاكرة و هوية  العبيد  لاعدادهم و "تأهيلهم" على طريقة العزف الفائق Extraordinary    Rendition و تطرية تلطيف الجو Adjusting the Environment فى استنطاق العراقيين فى ابوغريب و "الارهابيين" فى جوانتانامو و فى السجون السرية خارج الولايات المتحدة.
ففي طريقهم على طول محطات تجميع العبيد كان العبيد من لحظة وصولهم الى العالم الجديد حتى ترحيلهم فحلولهم لدن اسياد العبيد  يخضعون لعمليات نفسية و بدنية مركبة. و ثمة قياس ناجز ماثل على تلك العمليات يعبر عن نفسه فيما يخضع له القرد الامريكى و غيره اليوم في كل مكان  بوصف ان تلك العمليات قمينة بان تخلق- فى المقياس المدرج- فى الفرد ما يسمى سمات الشخصية "العادية". و مفردة العادية تلك ينبغى تأملها طويلا. فهي مفردة مزوقة Euphemised تزويقا. فالعادية مجازا هي ما تتطلبه و الاحري تفرضه السيطرة بغواية  الفرد على التسوق واحباره على  البهجة الكاذبة.    
ذلك انه ما ان وجدت امريكا صعوبة-بعد ان كانت قد جأرت بحرية التعبر و التفكير وزاودت على غيرها  بذلك- فى قمع الناس بالقوة فقد راحت امريكا-اعراب الشتات يتعينون على التحكم فى الفكر بخلق اجماع شعبى بالاعلام اليومي الذى يلح  بلا هوادة على غسل امخاخ الناس.
  و قد وصفت هارييت بيتشر ستو Harriet Beecher Stowe جانب من تلك العمليات فى كوخ العم توم   Uncle Tom’s Cabin.  و كانت مدينة انابوليس بجوار ووشينجتون دى سى Washington DC احدى محطات تجميع  "معالجة العبيد[3]. و تقول هارييت ستوا "ان متعهدى توريد تلك البضاعة الادمية كانوا يبذلون جهدا كبيرا ومنظما من اجل أغراق العبيد فى و دفعهم الى الاستغراق فى بهجة صاخبة بغاية منعهم من التفكير فى  او تأمل حالهم". فالعبد المهوم خطر و اخطر منه أن يملك عبدا ذكريات و ذاكرة. فالذاكرة مفتاح الهوية. و ازعم ان احدى اهم ابعاد اجندة الرأسمالية المالية-الصهيونية العالمية تكرس عقلانية كل ما من شأنه:
1-تفريد الفرد ليواجه همومه او لا يواجهها منفردا فيعيش او يموت وحيدا. 
1-محو هوية الفرد و عزله عما يذكره بتلك الهوية بغاية و عن طريق  اغراقه فى عالم افتراضي من العلاقات و العواطف و المشاعر الاباحية. وقياسا لا تصدر تلك العلاقات و لا العواطف او المشاعر عن الوفاء لافراد بعينهم بما في ذلك الاباء و الامهات و الازواج و الاخوة و لا حتى الابناء. فالعالم الافتراضي يستبدل الاخيرين باخرين فيعوض الفرد-ان صح التعبير- بنظائر افتراضية. 
-اشاعة البهجة الكاذبة بما يمكن ان يمسى  ثقافة الديون التى تخلق احساسا زائفا بالوفرة بالاستهلاك بين المستهلكين.
-اشاعة الاباحية و قد باتت طبع الاشياء في المجتمع الاستهلاكي الذي يكافئ المستهلك والمبذرين و يعاقب المنتج و المدخرين. فالاستهلاكية نوع من الاباحية الاقتصادية تتأسس على المال البلاستيكي Plastic money وعلى الاستدانة بلا ترو مما يصدر بدوره  عن واقع افتراضى.   
-دفع من لا يملك و لا يستهلك بنفس القدر الى النزيوع الى تعويض احساسه بالنقص عن طريق المخدرات و الجريمة. فما ينفك الاخير ان يسقط بدوره فى عالم افتراضى. 
فما هي تجربة الجنوب الامريكي التى تكشفت عنها كارثة الاعصار كاترينا بوصف انها مفتاح فهم ذهنية سياسة الولايات المتحدة و ما تفرزه ازاء العرب و المسلمين؟ و هل ثمة مفردات يعاد انتاجها أو-و تزويقها من اجل فهم اعمق لما يحيق بنا و لما يتوعدنا؟ 
الجنوب الامريكى خاو على عروشه:
يفوق حجم الجنوب الامريكى المضار بالاعصار حجم الجزر البريطانية. و قد قضى الاعصار تماما على مدن بكاملها مثل نيوبورت و على 80% من نيواورليانز. و يثار السؤال ما اذا كان الناس سيعودون الى مدنهم مرة اخرى.  و قد لاحظ الناس كيف طفح العداء لامريكا فى الصحافة البريطانية فتوصف امريكا بان الاعصار اثبت ان الولايات المتحدة لا تزيد على دولة من العالم الثالث بل قال بعض الصحفيين ان ما يحدث فى نيو اورليانز على الخصوص يخجل تواضع اى دولة من العالم الثالث. و يطرح مصير بوش للمسائلة و يضخم عجزه و تختزل امريكا فى كونها مجتمع منقسم عنصرى لا علاقة بين الامريكان البيض الاثرياء و السود المفقرين فيه.
فامريكا فى التحليل النهائى ليست سوى فقاعة وهم كبير. ذلك ان اسطورة القوة العظمى تكشفت عن دولة كل رصيدها التقدم التكنولوجى و السلاح و كلاهما حصاد أدمغة معظمها كان باكرا و منذ ما بين الحربين و بخاصة بعد الحرب العالمية الثانية و ما تبرح غير امريكية. فامريكا تستحوذ على العقول و الارهان و قد باتت الاخيرة للبيع و يستهدف  لادارة عمليات نهب و سلب ما فى اذهان ن عدى الامريكان لحساب الاخيرين. 
يوميات الاعصار:
 لم ادرى و انا اسجل تداعيات الكارثة ان كان علي المرء(أة) ان يفرح لان  نيواروليانز تحمل اخيلة اندلسية معمارا عربيا و نخيلا و حدائق فواحة. و تجمع نيواورليانز بين الطراز الاندلسى عن طريق المكسيك فعن طريق الاسبان الفاتحين و المعمار الرومانى عن طريق الفرنسيين مثلا فيما يسمى بالحى الفرنسى فى قلب المدينة و المعمار الحديث. الا ان اكثر ما يمنح نيواورليانز طابعها المعمارى هو تلك البواكى الاندلسية و البيوت المطلة على باحات داخلية تتوسطها نوافير و حدائق غناء و شرفات واسعة.
 فلم تكن نيواوريانز يوما امريكية لا روحا و لا تاريخا بالمعني الذى يصدر عن الحلم الامريكي..فنيواورليانز كاريبية و امريكية لاتينية و اندلسية اكثر منها اى شئ اخر. و كانت المدينة تعبر ثقافيا عن تاريخ زاه و زاهر بتعاقب غزاة و محتلين و مهاجرين من كل مكان من فرنسا و المسكيك الى الاسبان و الافريقيين و غيرهم. و قد بادرت نيو اورلينز فى 1817 بالابداعات الفنية. و ليواوريانز تاريخ و ارث هام من الابداع الفني بخاصة موسيقى الجاز و من اهم موسيقييها لوى ارمسترونج و يعتقد حتى الان انه عندما خرج ارمسترونج من نيواوليانز اخذ معه الجاز. فقد كان مبشرا فنشر الجاز فى كل مكان.
 .الا اننى لم اعد املك سوى ان احزن على ما الم بالبشر و على ان نيواروليانز لن تعود الى ما كانت عليه يوما. فقد دمر ما يزيد على 90% مدينة نيواورلينز و يبلغ  60% من سكانها افروامريكان و 40% بيض. و حين يعاد بناء نيواورليانز و اذا اعيد بناؤها فسوف تكون فيلاتها الفاخرة للبيض و سوف يقوم ببنائها السود. و سوف يعمل السود سعاة و حمالين فى الفنادق التى سيستثمر فيها تنمويون بيض. فمعظم السود لا يملك بيتا و ليس لديه شهادة بحث بالارض التى قام عليها بيته يوما و ربما ذهب الاعصار بتسجيلات الاراضى و المواليد و غيرها من السجلات الرسمية. 
 و قد اعاد الاعصار كاترينا المدينة و ما حواليها لالوان من عبودية المفقرين السود  و قد تكرس التمايز الطبقى بصورة افتضحت معها اسطورة امريكا اغنى  بلاد العالم. فقد راح البعض يؤكد مجددا ان الفرق بين الحياة و الموت في الولايات الجنوبية بقي لون جلد الناجين و الغرقى. و يقول اخرون أن السلطة لم تكتف بعد ذلك بتجاهل السود و انما أرسلت لهم قوات بيضاء لتقتلهم.
عنصرية الحلم الامريكى و الداروينية الاجتماعية:
فى أى  مجتمع متحضر يستقيل رئيس جمهورية اذ يعجز عن ادارة عملية غوث و انقاذ مواطنيه ابان كارثة. الا ان جورج ووكر بوش لا يزور نيواورليانز وهو من الجنوب و يصرح بانه لا يريد زيارة المدينة حتى لا يزحم المكان او يقف فى طريق عمليات الانقاذ. و قياسا فقد ظهر كل من جورج بوش لاب و باربارا بوش الام و جورج بوش الابن على شاشة السى ان فى اليوم الخامس للكارثة و راحت باربارا خصوصا تردد كم هو رائع جورج بوش الابن الا ان الناس يخذلونه. و رأيهما فيما حل بالمتضررين فى الولايات المنكوبة وهو ان عليهم باتلاي "ان يحمدوا ربهم اذ ان حالهم اصبح بتهجيرهم غربا و شمالا أفضل بكثير مما كان عليه حالهم فى الماضى".
 و ان الكنائس و الصليب الاحمر و غيره من الجمعيات الخيرية و الجيرة و القطاع الخاص تقوم بتقديم العون ل "ألمهاجرين" وايجاد عمل لهم.
و حيث لا دور للحكومة فليس على جورج ووكر بوش عتب. و تقول بعض الصحف الامريكية ان بوش تسول بلير ان يعلن اعجابه بالطريقة التى ادار بها بوش الكارثة. و ينسى معظمنا ان امريكا هى المثال النموذجى لتحقق مبدأ الداروينية الاجتماعية. و قد لا يتذكر بعضنا ان الحلم الامريكي ليس سوى تزويق بديع و مخاتل معا للداروينية الاجتماعية ليس الا. فلا عليك الا ان تصل بان تنجح و تثرى. سوى ان ما قد يفعل الفرد اويترك قد لا يحقق مبدأ الصراع من اجل البقاء و انما يبقى دليلا على البقاء للاصلح.
فان كانت الولايات المتحدة مثل دول الخليج لا تزيد نسبة الاعراق الراقية بها عن 5 الى 10% فان اغلبيات اثنية و عرقية اقل رقيا و تحضرا حسب ما تختزن ذهنية الاقلية الراقية و يفرز معمار لغتها-تحيط بتلك الاقلية, وفيما يثير ذلك زعرا ماثلا فى خاطر تلك الاقليات الراقية يعبر عن ذلك الزعر و التطير فى اللغة و الاستخدامات Usages.
فان كانت الطبقة الحاكمة دائما اقلية الا ان المحكومين لم يكونوا دائما غرباء او العكس فقد كان الحكام دائما غرباء. سوى ان الطبقة الحاكمة الانجلوامريكية مثلها مثل نظيرتها الانجلوساكسونية ليست و حسب اقلية و انما اقوام غازية. ذلك انه ان اباد الامريكان السكان الاصليين استوردوا محكومين و عامة و عبيد. و قياسا فالانجلو ساكسون غزاة جعلوا من السكان الاصليين عبيدا و اقنان منذ سقوط الامبراطورية الرومانية و ربما قبل ذلك حتى الحرب العالمية الثانية مثلما جعل الانجلوساكسون و نظائرهم الاوربية البيضاء في كل مكان جاعلة من كل من عداهم ارقاء سواء رقيقا منقولا او-و مرتهنا بالارض. 
دولة في غيبوبة مع سبق الاصرار:
عبرت علاقة الفرد الامريكي  بالدولة عن نفسها في طبيعة الدولة, فالدولة لم تكن يوما مسئولة عن الشعب حتى مع  العقد الاحتماعي وغيره من احابيل الفكر السياسي الرسمي. و قياسا يغدو توقع ذلك تجديف بحق رأسمالية الجمهوريين والديمقراطيين على السواء. وقد عبر ذلك عن نفسه فى عمليات الانقاذ غب الاعصار. فقد رحل اثرياء المدينة و اموالهم بليل مخلفين حثالة البشر من مفقري نيواوليرانز و ما حواليها لقدرهم الذى قيضه لهم الرب الامريكي بخاصة الجنوبي. و الرب الاملايكي الجنوبي خاصة عنصري بلا احتشام فهو يعد البيض بالجنة و السود بالنار فى الدنيا و الاخرة. و لا يزيد الرب سوى ان يعبر عن نفسه في علاقات الانتاج و العمل بين اصحاب الثروة و ارباب العمل-لاحظ(ي) ارباب العمل هذه فهم الذين يخلقون اثروة و هم بمثابة الرب نفسه معا-و دور الرب فى حماية الثروة دون اكتراث للعمل و قوى العمل التى تخلق الثروة. 
و يقول الكاتب و المؤلف الامريكى الاسود جون ام بارى John M Barry كانت نيو اورليانز تملك أهم المصارف فى امريكا فى عشرينات القرن العشرين. الا ان اثرياء نيواورليانز دمروا السدود التى تحمى المدينة فى 1927 قبل العاصفة التى اجتاجت المدينة وقتها لحماية اسعار الاسهم فى نيويورك و بوستون و لندن.  و يقول ايضا أن الدولة لم تكن فى عشرينات القرن العشرين مسئولة على الاطلاق عن الفرد. و ربما يتذكر جيل الستينات ما سجلته افلام الكتاب الامريكان بشأن الازمة الاقتصادية الكبرى و الكوارث الطبيعية كالمجاعة فى كاليفورنيا فى كتاب عناقيد الغضب لشتانيبيك.  
حين يطفح ما كان تحت السطح مع الجثث:
فى مدينة روزينبيرج بولاية  تيكساس الجنوبية حيث رحل بعض المتضررين باعصار كاترينا تجمع المهاجرون على قارعة الطريق فى طوابير الحصول على بطاقة تموين الا ان بعض سكان المدن البيضاء راحوا يتصلون بالشرطة يستجيرون برجال الامن من السود. و حيث بقي الكل بخاصة البيض يحمل سلاحا دفاعا عن نفسه فقد بات اتهام السود ناجزا اذ يعتبر كل من يشاهد من السود فى حى ابيض تهديدا. و البيض ما يبرحون فى خوف من السود. و قد تفاقمت التفرقة فطفح ما كان تحت السطح مع الجثث فوق مياه الخليج و نهر المسيسيبى.
و يخشى البيض لاول مرة مغبة طبيعة المجتمع الامريكى و كيف ان الاساس الذى بنى عليه الامريكان كل شئ ليس بالقوة التى تصوروا. و يتوعد السود بانهم سوف يعودون الى الخروج الى الشارع –في تطاهرات-و هم نادمين على انهم خلفوا ثقافة  الخروج الى الشارع منذ 40 عاما منذ حركة الحريات المدنية التى قادها مارتين لوثر كينج.  والواقع انهم ادركوا انهم لم يخفلوا ثقافة الخروج الى الشارع بعدما طحنهم الازمة المالية التى اندلعت منذ ربيع 2008. رغم ان الاخيرة فعلت كل ما من شأنه مصادرة الحربات المدنية.
ذلك ان قادة سود الجنوب الدينيين والعلمانيين كانوا قد راحوا يجأرون بأن السود اخطأؤا اذ خلفوا تقاليد الخروج الى الشارع منذ 40 عاما و كادوا ينسونها. ويستدعى تشارلز ستيل Charles Steel رئيس مجلس زعامة المسيحية الجنوبية Charles Steel the President of the Christian south leadership المسيرات الكبرى التى استطاع بها السود فرض تنازلات غير مسبوقة على السلطات الامريكية. و يندم معظمهم "على اليوم الذى خلفوا فيه عادة الخروج الى الشارع دفاعا عن حقوقهم" فراحوا يفكرون فى تنظيم انفسهم مجددا فى مواجعة الرأسمالية المالية التى باتت تراكم ببيع المال كسلعة و بانتاج و المتاجرة فى السلاح خصما على انتاج السلع والخدمات. ولعل ذلك كان باكورة احتل شارع  المال  وOccupy Wall Street غيره من الحركات الشعبية التى باتت تنتظم الامريكيين العاديين بصورة غير مسبوقة لاول مرة. فقد بقيت المعارضة الشعبية و التنظيم الشعبي منذ بداية الاتحاد عملا غير مشروع بل يوصم بالخيانة-للرأسمالية طبعا بل و تجديف بالرب فالرب الامريكي رأسمالي مالي بامتياز.
فلم تلبث  قوانين الرب الرأسمالي المالي بامتياز ان اخذذت تسن تباعا لاعتقال قادة الحركات النقابية و المطلية و حركات التضامن مثل حركة احتل وول ستريت وذلك بليل و اخفاء مكان اعتقالهم و قتلهم ان لزم. و يقول رون بول Paul Ron  في فيديو على الشبكة ان الكونجرس مرر قانون طوارئ في يناير 2012 يمنح القوات المسلحة سلطة اعتقال و احتجاز ناشطين بصورة دائمة وتعذيبه و قتلهم  Obama signs NDAA Martial Law Bill that Allows Military to Arrest, Permanently Detain, Torture, Kill American[4]
و قد تعين قانون NDAA for American citizens (section 1021)  الصادر في يناير 2012 على توسيع من سلطات الرئيس اوباما فى مايو 2012 بحيث يشمل مواطنين امريكان ناشطين فوق التراب الامريكي نفسه. و كانت محاولات الشرطة اخفقت في استقطاب اؤلئك الزعماء لحساب سادة الكون. ذلك ان الاقليات البيضاء باتت تتطير من الاعداد الزائدة عن الحاجة.
الجنوب الامريكى: هل لا تعرف امريكا عن العالم سوى تجربتها مع السود؟
 يعبر الجنوب الامريكى عن نفسه فى كل من الجمال القاسى و الفقر و التطرف فى كل شئ. و الجنوب الامريكى معزول و ناء و مهووس بنفسه و متميز على غيره و منغلق على نفسه و لا يعرف غير نفسه و قد لا يتعرف عليها انافاق الى نفسه الا بقدر ما تزوره بعض الفرق الفنية او-و يخرج منه بعض الفنانين و الموسيقيين السود مهاجرا بلا عودة غالبا فيشعر بالوحشة وبنتابه الحنين الى ما كان دون ان يملك تصور ما سيكون.
مسيحية الجنوب و الرأسمالية:
حيث يقف عالم السود قائما بذاته فعالم بيض الجنوب يقف بدوره قائما بذاته وكان الرق لم ينته فما برح الجنوب منقسما بين السادة و العبيد. و الجنوب الابيض ما يبرح منغلقا على نفسه متدين حد التطير تملأ قبله الهواجس فيستعين عليها باحاطة نفسه بكل ما يدل على ذاته البيضاء النقية المسيحية التقية تكاذبا او صدقا لا يهم. و قياسا يبق لكل من المجتمعين الجنوبيين مسيحه الخاص.
و قياسا فمسيح البيض ابيض اشقر و امه كذلك و هو فى متوسط العمر و لم يكن طفلا ابدا خوفا عليه من ان يفسق به السود. و عليه يغدو مسيح السود اسمر و شعره اجعد اسود و أمه كذلك. و لم يكن المسيح الاسمر طفلا يوما لان مسيح السود جاء مع السود من افريقيا راشدا او يافعا كما انه لا يشيخ. و يطرح استقطاب المسيحية بين بيضاء و سوداء قضية التطرف و العنصرية دفعة واحدة. ذلك ان الاخيرتان تصدران عن وتتمأسسان فوق مجتمعين لا لقاء بين سكانهما الا عند حاقة او-و في جوف الاقتتال.
و قياسا يتعود الفرد فى الجنوب على التطرف منذ مولده ويموت جراء التطرف و العنصرية معا فى عزلته القاتلة. فالتطرف الدينى يدفع الفرد الى ان يعيش حياته و كأنها قصة تبدأ بان يولد مسيحيا مرة اخرى To be born again Christian  فى منتصف العمر. و الانتظار ذلك فالفرد ينفق سنوات عمره الاولى جوابا مترحلا لا يحمل اكثر من قيثارة و يتردد على الحانات يشرب و يدخن و يتعاطى المخدرات و يغنى مقابل قوت يومه او وجبة ساعته. و يمارس فقراء السود نفس الفاتازيا و يسعون الي نفس التوق الساحق و غير القابل للالتقاط. 
 و يرتجل بيض و سود الطبقات الجنوبية المرهقة الغناء. و يترنم المغنى فى الجنوب بسيرة المغنى الذاتية غالبا و اقوال مأثورة عن الام او الاب او الجدة أو عم او جار او قديس. و حيث يحيا الجنوبى حياته بالموسيقى يسجلها ايضا على نغمات الموسيقى الا انه يترحل فيترك فصل من تلك السيرة الذاتية فى كل مكان يهبط عليه و لا يخلف وراءه ذكرى. فكل السير الذاتية متشابهة حزينة ومتفلسفة و غالبا مملة جراء تكرارها.
 الا ان احدا لا يصرح لاحد بملالة ما يردده  المغنى  و لا يعبر احد امام احد عن الملالة. فليس لدى احد طاقة على الافصاح عما قد يثير ما من شأنه تطلب جهد على مواجهة موقف او شخض والكل نصف مييت. وقياسا لا تزيد الاستجابة للاصغاء الآلى للرواية المنغمة عن سهوم السامع وقد تغيب ملامح السامع و المغنى والراوى ورؤسهم جميعا وراء سحب دخان اللفائف و الافيون و غيره من المخدرات ركضا وراء الشارد من ذكريات لم  تقيض اصلا. 
و هكذا يتصل التاريخ الشعبى و السيرة الذاتية او ينقطعان جراء تراخى عضلات الروح و عجز القلب عن الوفاء لاي شئ و الذهن عن الاحتفاظ يشئ الا بقدر ما يتصور وكانه سجل قابل للبقاء و ربما للخلود فى ذواكر اناس هم غالبا مخدرون مخمورون جياع يشيخون باكرا فهم معروقون في سن العشرين.ذلك ان نصف حياة الفرد فى الجنوب ضائع فى الخمر و المخدرات و اللعب الخطر و المقامرة وهم في حالة ترحال دائم من كل مكان الى كل مكان.
وفي كل ذلك و بسببه  يوقن الفرد الامريكى الجنوبى انه على موعد مع الرب ما ان يفيق ولا يقيض له ذلك غالبا الا اذا المت به ملمة او جاع و لم يجد ما يبتاع به الدخان و المخدر. . ذلك انه ما ان يفيق حتى يقابله الرب و يدعوه مباشرة اليه و يخصه برسالة. وقياسا ما ينفك الفرد ان يتعين على استدعاء تلك الرسالة التبشيرية التى لا يطالها الشك من بين يديها و لا من خلفها دون ان يتلهف عليها حقا. فان تبشر تلك الرسالة بالنجاة فان معظم متوسطى العمر من مسيحيي الجنوب قبل التوبة و المغفرة المشروطة بتأدية الرسالة كالمسيح مصلوبون بما جنت ايديهم.
فمسيحية الجنوب الامريكى كالرأسمالية لا تقدم شيئا بلا ثمن و ليس ثمة سبيل الى صدقة او احسان من لدن محسنين فذلكم كان قديما على عهد المجتمع الفيكتوري ومع بداية البرجوازية الصناعية الوجيزة. الا ان الرأسمالية المالية لم نتفك ان قضت على اي ذكرى لاعادة التنوزيع و الاحسان غير مشروط فى المخيلة الفردية و الجمعية حتى لا يجرؤ مؤمن او ملحد او مهووس فيحلم بما لا سبيل اليه.  
و يعيش الفرد فى الجنوب عند حافة فضاء يخصه فلا يفارق تلك الحافة. اذ لا حراك بين الاغلبيات الغالبة عدديا فى الجنوب على جانبى الطيف العنصرى الا بقدر ما تتعين الطبقة البيضاء المتوسطة على الحاق نفسها بنظائر خارج الجنوب. أما الطبقة البيضاء الوسيطة والدنيا فليست اقل  افقارا من نظيرتها السوداء الا بقدر ما قد يعينها تفوقها اللونى لا أكثر على ما هو افضل قليلا.
و الزمن فى الجنوب الامريكي يقف رانيا الى نفسه فلا يكاد يتحرك. و لا فرق بين زمن الاخيرين من بيض الجنوب أو سود الجنوب و بالمقابل ينفق الجنوبيون حياتهم يزاودون على بعضهم فيما بينهم بيضا او سودا. و يمكن الزعم هنا  ان الجنوب الامريكى يعبر عن نفسه بصورة نادرة عن قدرة الرأسمالية ما بعد الصناعية-المالية-بل مثابرتها على اعادة انتاج نمط انتاج الاقطاع الاسيوى او ما يسمى الشرقى. و الرأسمالية المالية ما تنفك تفعل اليوم فى كل مكان بكافة فالمجتمعات ما تفعله بالجنوب الامريكي. فهى تذرذر المجتمعات فتجعل منها دويلات وكانتونات و قد راحت تدفع  الافراد الى البخث عن الهوية و قد قضي(مبنى للمجهول) على الحس الوطني و االقومي لديهم.    
مذهبة المجتمعات الجديدة و نموذج  الجنوب الامريكى 
ينطلق الذين ولولدوا مسيحيين مرة اخرى Born again Christians   يبشرون فى الناس بهوس انبياء مغشوشين بما قد تتقطع له نياط القلوب او-و  السير الذاتية التى لا يصغي لها احد ذلك انه حتى ان تنبه  احد على منشد السيرة الذاتية تلك فانه غالبا ما لا يصغي. فلا يزيد السامع الاصم ذلك عن ان يعيد انتاج مستمعى اغانى الحانات البدوية التى تسمع و لا تصغى لما يدور حولها  على نواصى الطريق السريع من مدينة او قرية الى اخرى.
ويلاحظ من شاهد افلام امريكية تدور احداثها-كمطاردة مجرم- على طول الطريق من ولاية الى اخرى ان معظم القرى ان وجدت و المدن الامريكية الصغيرة وما حولها-فيما خلا عواصم الولايات الموانئ الكبري لا تزيد على محطات بنزين و ما حولها لخدمة المسافرين.
فزرى و مدن الجنوب الصغيرة بدورها عبارة عن موتيل Motel او حان بجوار محطة بنزين أو مقهى-كافيتيريا-لتناول طعام سريع. و قد تجد بضعة ماحيلات لبيع حاجات المسافرين الا انك لا تلمح مدرسة ولا مستشفى او اى من ملامح المجتمع المستقر رغم ان كنيسة صغيرة جدا قد توجد فى كل محطة من تلك المحطات.
و كل محطة تشبه غيرها الا بقدر ما تتغير الاسماء و يرتفع عدد اللافتان المضيئة باعلانات السلع والخدمات المشبوهة فى الليل او-و تكثر او تقل حركة المرور فوق الشارع الوحيد. وتختلف المدن العواصم فى الولايات الجنوبية مثل لويزيانا و ميسيسيبى و الاباما مما اجتاحته الاعصار كاترينا مثلا. و ذلك ان معظم مدن الجنوب المشهود يعود انشاؤها الى زمن الاستعمار الفرنسي للجنوب و قبل ان تجبر انجلترا نابيلون على بيع توسعاته فى امريكا الجنوبية و الوسطى جراء افلاسه بمغبة حروبه التوسيعية مع بريطانيا العظمى فى القرن التاسع عشر.  
العوز والبقاء و القيم :
توصل الجماعات الغازية السكان الاصليين و العبيد الى ما يستوى معه اى فعل و كل فعل فى معركة بقاء طاحنة. و يقول بيل نيلى مراسل آى تى فى ITF ان النساء السوداوات يبعن أنفسهن داخل الملجأ فى نيواورليانز لقاء جرعة ماء و تغتصب الصغيرات داخل قبة الملجأ على مرآى الكل و قد انتشرت الجريمة فى عموم المدينة.
وحيث ان الاثرياء اباحيين فيما يتعلق بحق الاماء فالفسق بامة لا يعتبر اثما, و قياسا يجعل السود بدورهم من اغتصاب نساء البيض نوعا من المقاومة او الاستجابة للاستعرار. وقد تتكرس مثل تلك الذهنية بمحض الفعل و رد الفعل فى دائرة مفرغة. و حيث يرغم السود على حياة كان قد خلق فيها شرط تدنى اسهام الاسود فى المجتمع و تنتشر فيها العطالة والادمان و الجريمة فن اسلوب حياة السود يغدو فائض انتاج الاستلاب و العنف و العنصرية و التمايز الطبقى الا ما خلا الفن و الموسيقى والازياء.
فقد انتج الجنوب و بخاصة نيواورليانز أهم ما عرفت به امريكا من الفنون و بخاصة الموسيقى و تصدر الاخيرة عن السيرة الذاتية للمبدعين و تعبر عن نفسها كونها حصيلة فائض انتاج العنف و العنصرية والتمايز الطبقى العنيف. و يعبر فائض انتاج العنف و العنصرية و التمايز الطبقى العنيف عن نفسه فى الفن و الازياء و فى معمار اللغة و الخارطة الذهنية الامريكية. و تنعكس الخارطة الذهنية الامريكية على رؤية كل من البيض و السود لبعضهما و رؤرية امريكا لمن عداها.
و لعل ذلك يفسر كيف ان امريكا تصدر حاصل جمع تلك الذهنية فيما تسمى النموذج الامريكى للتنمية The American model of development  و فى الدمقرطة.
عندما لا يعرف عدد الضحايا الا تقديرا:
قدر عدد ضحايا الاعصار كاترينا ممن سقطت فوقهم الانقاض او من غرق من سكان لويزيانا وحدها بحوالى 10 الاف و 18 الف من نيواورليانز معظمهم من الافروامريكان و مفقري البيض كالصيادين و مرشدى السواح و عمال المقاهى الليلية. و تطفو الجثث المتعفنة جراء شمس الجنوب الحارقة و بفعل الرطوبة العالية و تملأ المكان رائحة لا تطاق. و يحتدم الجدل بين العلماء ما اذا كان تفاقم الاحتباس الحرارى وراء تفاقم تداعيات الاعصار و ما اذا كان اعصار كاترينا كارثة طبيعية حقا.
وبالمقابل لم يكن لدى السلطات الفيدرالية أى خطة لمقابلة تداعيات الاعصار كاترينا. ذلك ان الامريكى بات-مع ثقافة تفريد الفرد تحت ظل الادارة الامريكية 43-قياسا على غياب تضامن الناس ابان الكوارث و العاديات- بات الفرد يعتصم ببيته اذا اصابته مصيبة. و اذا اندلعت اضطرابات او وقعت كوارث فكر الامريكى اول ما يفكر فى اقتناء سلاح اذ لم يكن لديه سلاح او اخرجه ليستخدمه كما يستخدم منديل جيبه.
و فيما تحرض اللجنة الامريكية الوطنية للسلاح الناس على المزيد من اقتناء السلاح الا ان امتلاك السلاح كونه تزويق لحق الفرد فى الدفاع عن الملكية الخاصة لم يقيض للسود حمله كونهم لا ملكية خاصة لهم. بل العكس فالسود سفر تكوين الملكية الامريكية بعد الارض التى سرقها البيض من السكان الاصليين فكلى وسائل –الارض و العمل الحي Living labour-الانتاج الامريكى مسروقان.
و قياسا فان يقرق كل من مفهوم الملكية و الحرية بين الامريكان لا تتعين الادارة الامريكية بتنويعاتها على خلق احساس بامة واحدة بل العكس. فقد فاقمت الادارات الامريكية من الادارة 39 و 41 الى الادارة 43 تفريد الفرد و شجعته على الاستهلاك كون الاخير تعبير عن الولاء للنظام و الوطنية.
 و قد تخلت أمريكا فى الحزام الجنوبى-حيث حلت كارثة الأعصار كاترينا-عن المفقرين و المعوقين و المعاتيه و كبار السن. و قد tانقشع وهم الحلم الامريكى الذي لم يكن سوى آلية سلطة و ثروة اقليات الامريكان. و لعله لم يزد يوما على كابوس بالنسبة لاعداد كبيرة من الامريكان و قد عرى اعصار كاترينا كل ادعاءات امريكا كما فضح خباياها مما كان يتخفى وراء حيطان البيوت بخاصة فى الجنوب الامريكى. ذلك انه ما أن يهبط الليل بعد الاعصار حتى تروح جماعات  تجوب المكان  تروع الاخرين و قد غابت الشرطة و انعدم الامن وكأن السلطة نسيت ضحايا كاترينا. و يقول بعض المراسلين ان تجربتهم بين ضحايا كاترينا قياسا على تجربتهم فى المجاعات و الكوارث فى العالم الثالث تؤكد لهم ان ليس ثمة فرق بين الاثنين رغم ثروة الولايات المتحدة و ربما بسببها.
و يتساءل البعض كيف تنفق الولايات المتحدة اكثر من 140 مليار فى حرب تبعد عنها الاف الاميال و لا تجد فى قلبها اعاثة مواطنيها؟ و يقول راى نيجان عمدة نيو اورليانز ان موت الاف الناس يوميا لا يدفع الولايات المتحدة الى ان تهب الى نجدة جماعات عرفت بمناصرة الحزب الجمهورى طوال تاريخها فرغم ان الجنوب ذاق مرارة الرق و بقى يعانى العنصرية حتى وقت قريب فما الذى يدفع السلطات الامريكية الى فعل اى شئ للمواطن الامريكي فى أى وقت آخر؟
و يرتفع سعر البترول الى 3 دولارات للجالون واحيانا 6 اى اضعاف اضعاف سعره العادى مما يهدد كل من اقتصاد امريكا بخفض معدل ما ينفقه الامريكى على  الاستهلاك انعاشا للاقتصاد و ينعكس ذلك بدوره على الاقتصاد العالمى. و قد امر بوش بقتح باب توريد ثلث مخزون امريكا فى مصافى الخليج المكسيكي من النفط فارساله الى الشمال. و قد اضر الاعصار بعدة مصاف فى الحنوب.
مسيح الجنوب يبشر السود بجنهم البيض بالجنة:
انتشرت سيرة أحداث الاعصار كاترينا فى عموم الجنوب حتى ان المكان بدى و كان نهاية العالم اوشكت او حلت و قد اختفت روح الدعة و الاسترخاء التى هي كمياء الجنوب و اختفت اصوات المبشرين المعهودين يتوعدون الكفرة-السود كل السود- بالسعير و بئس المصير-و المؤمنين-البيض كل البيض بالجنة. و قد راح البعض يعتقد ان قد حان الوقت لتصفية حساباته فانطلق يصفى حساباته الخاصة و العامة. فقد كان الكل فى امريكا دائما فى حرب ضد الكل.  و يقول  الفس تشارلز ستيل رئيس مجلس مركز الجنوب المسيحي  أن الله يعرف كيف ينتقم لنفسه من الذين يقترفون بحقه الاثام. و لا يفصح القس عمن يتكلم.
و قد اجتاحت الناس قوة احاسيس يسوعية قيامة راح بعضهم يجأر بان ما حدث كان علامة انجيلية توراتية يود بها الرب ان يقول للمؤمنين ان ارحلوا فبلاد الله واسعة و يجأرون ان المسيح جميل و ان الحياة جميلة و انهم ليسوا نادمين على ترك مدنهم ورائهم و ان معظمهم لا يفكر فى العودة اليها حتى اذا اعيد بناؤها و ربما لن يعاد بناء تلك المدن المسحورة مرة اخرى. فقد كانت منذ البدئ فى المكان الخطأ تحت سطح البحر و تحت مستوى النهر و بلا استحكامات تذكر. و الحكومة لا تكترث لتقوية الاستحكامات لان ذلك مشروع طويل مكلف و فوق كل شئ لا يستهوى الناخبين و لا يكسب فلا يأت باصوات رغم تحرير العبيد و الزعم بتحقق مطالب  حركة القوق المدنية.
-سفر تكوين الفكر السياسى  للحلم الامريكى و صك الحرية الذي بلا رصيد:
كانت الحقوق المنصوصة فى اعلان الاستقلال و الدستور لكل امريكى ابيض او اسود قد الهمت خطبة مارتن لوثر كينج Martin Luther King الشهيرة فى 1962 التى استهلها ب " ان لدي حلم I have a dream". و كان مارتين لوثر كينج يصدر عن حق جميع الامريكان دون فرز ان يحققوا الحلم الدستورى المزعوم كون الدستور الامريكى صك بالحرية والحياة و السعادة لكل فرد. ومع ذلك فقد بقي  الصك طويلا و ما يبرح يرد  فى كل مرة الى الاسود وعليه خاتم يقول "غير قابل للصرف لعدم وجود رصيد"[5].
وما يبرح الصك يرد للاسود بهذا الوصف و قد افشت تداعيات الاعصار كاترينا أسرار و خبايا التمايز الطبقى العرقى الامريكى و قد استقر فى اعصاب  المجتمع و التاريخ غير المكتوب فما يبرح الحلم الامريكى شئ والواقع الامريكى شئ اخر. و يبلغ عدد من لا  تأمين احتماعى لهم بين الامريكا 44 مليون و ثمة 65% تحت الفقر و ثمة مليون فرد فى الولايات الجنوبية بسجل جنائى فلا يملك حق التصويت. و محض 3% من السود ينجح فى دخول الجامعات الامريكية و لا يملك اسود فى الولايات الجنوبية التى اجتاحها الاعصار قيادة عربة قمامة فليس له الحق فى امتلاك رخصة قيادة.  و ما ان تصل مكتب استقبال فى فندق بنيو اورليانز حتى تزود بخارطة المدينة و بها نصيحة بالاحياء التى عليك تجنبها.
و لا يذهب السود الى نفس المسارح او السينما او المطاعم التى يذهب اليها البيض و لا يجلسون فى نفس الاماكن فى الحافلات العامة. و يتوارث الناس فى امريكا سودا و بيضا مهن ابائهم من بوش الابن الى مارتين لوثر كينج وصولا الى زبال فى سانت لويز او فى اريزونا أو نيواورليانز وغيرها من ولايات عبودية اقطاعات القطن و  السكر السابقة على الحرب الاهلية -1861-1865-و تزوق فى الادب السياسى الامريكى بوصفها حرب تحرير العبيد.  ومن المفيد تذكر ان العبيد جندوا فى صفوف المتحاربين على جانبي صراع البيض الجنوبيين و الشماليين من اجل الاستحواذ على فائض او خالص عمل العبيد. فقد كان الاخيرون هم الايدي العاملة فى مزارع القطن و السكر و غيرهما فيما كان الشال يسعي الى الاستحواذ على قائض و خالص عملهم في الصناعات البازغة  فى الشمال. وهكذا تشعل حروب يخوضها الضحايا من الجانين تحت الوية  تحريرهم مما يذكرك بما حدث و يحدث في ليبيا و في سوريا.
و ينسى معظمنا او يدفع لنسيان و قد عاصر بعضنا حركة الحقوق المدنية فى ستينات القرن العشرين و اغتيال مارتين لوثر كينج الذى لم يعرف قاتله حتى اليوم- ننسى ان الديمقراطية الامريكية حديثة جدا سواء بعمر استقلال الولايات المتحدة و الاهم بعمر و سعة فضاء الحريات المدنية للسود. فلم يمر 50 عاما على حركة الحريات المدنية. و ما يبرح الجنوب الامريكى يشارف ما كان عليه قبل حركة الحريات المدنية و مع ذلك فان علاقات الملكية و الانتاج وانتشار الثقافة الافانجلية الاصولية جراء استقطاب المجتمع على نحو عميق ما تنفك تنتج الحزام الانجيلى المتطرف و هو ايضا مستودع اعداد مؤيدى الجمهوريين.
وحيث ينبغى على العرب و المسلمين تأمل الارث "الديمقراطى" الامريكى عميقا و بجدية و خطورة فان على العرب  المسلمين و غير الغربيين مجادلة الديمقراطية التى تريد امريكا تصديرها الى من عداها. اى ديمقراطية تلك التى تريد امريكا تصديرها الى العرب و المسلمين؟ اليست هى ديمقراطية لا تزيد على الاقتراع كل 4 سنوات فيما تخصم ديمقراطية الاقليات الاقتتصادية على أغلبيات منتجى الثروة؟ 
من المفيد تذكر ان تاريخ نشوء الفكر السياسي فى الولايات المتحدة كان قد اتصل اجتماعيا و سياسيا بحرب الاستقلال او حرب التحرير الامريكية. و عليه فان فكرة او مفهوم الامركة يتصل بكون الولايات المتحدة كانت قد ورثت اكثر ما ورثت التركة الانجلو ساكسونية فيما يتصل بالصراع حول تخليص الحياة السياسية من ثقل الحق الالهى للملوك مما انتشر فى فلسفة لوك فى القرن السابع عشر.
و على الرغم من ان الدستور الامريكى كان قد استدعى الحقوق الاساسية فى الماجناكارتا من انجلترا المجتمع الام كما استقى الدستور الامريكى فلسفة لوك 1690 فقد تاثر الدستور الامريكي اكثر ما تأثر بمناداة لوك فى العقد الاجتماعى بالحقوق الفردية و حق الفرد ازاء الدولة اكثر من الحقوق الجميعة و مما تعين على مناوأة الحق الالهى للملك-او للسلطة مثلا[6].
و كان لوك قد ناهض الحق الالهى للملك فى مواجهة الواجب الفردى و الحقوق السياسية للافراد اكثر مما توفر لوك على حقوق المجاميع ناهيك عن الحق الاقتصادى الا ماخلا اسطورة الحلم الامريكي. فمن المهم ايضا ملاحظة ان الحلم الامريكى كان قد فرغ حق الفرد من محتواه الاقتصادى  فيما لم يتوفر بذلك الحق للفرد الامريكى سوى سراب السلطة و وهم الثروة اللذان لا سبيل اليهما لاغلبية الناس بواقع مواضعات السلطة نفسها أو الثروة  بطبيعتهما المتناهية.
و من المهم ايضا تذكر ان الولايات المتحدة التى لم تكن قد توسعت حتى بعد حرب الاستقلال الى بداية القرن التاس عشر. انها  تمأسست-فيما بعد فى الولايات الغربية–او الغرب الامريكى الشهير الغنى فوق حكومة فيلاديلفيا الاقليمية و لم تكن الحكومة الاقليمية فى فيلايدلفيا تعارض السيطرة الانجلو ساكسونية حتى حرب الاستقلال او التحرير لولا ان بريطانيا وقفت عائقا دون التوسع نحو الغرب الامريكى بغاية ضمه الى الولايات زيادة على الضرائب على المحاصيل و الحواجز التجارية التى اعتبرها التجار الامريكان اجحافا بشروط ازدهار تجارتهم و من ثم ارباحهم. ذلك انه لو كان ملك انجلترا تفاوض مع التجار-وكانوا رعاياه- و وصل الى تفاهم معهم لما استقلت امريكا..
و الى ذلك فلم تكن امريكا تملك حتى اندلاع حرب الاستقلال- آليات تنظيم وتسيير حكومة مستقلة. من هنا اجادل أنه ان لم تكن ثمة تقاليد سلطة دستورية-او شعبية واضحة فان تقاليد معارضة دستورية فيما لم تشأ تاريخيا معارضة كبناء فى التراث السياسى ترتب عليها مصادرة كل امكانية لمعارضة شعبية. ذلك ان الحزبين الكبيرين لم يكونا سوى تعبير مصالح الرأسمالية بتويعاتها. و قياسا لم ينشأ تراث معارصة شعبية تلقائية فى ضمير "المجتمع" الامريكى. ذلك ان مفردة المجتمع مغيبة فى ادبيات السياسة الامريكية حيث لا يشار الى كيان بهذا الوصف مما قد يفسر كيف راح اليمين الجديد يجأر فى ثمانينات القرن العشرين و قد تملكه الزعر اللامتحفظ  من مفهوم الطبقة و التمايز الطبقى  و المجتمع مما تصدر عنه الامركة علانية بوصف "أن ليس ثمة ما يسمى بالمجتمع There is no such thing as society"[7]. و على العرب و المسلمين تأمل ذلك مليا فان  غياب مفهوم المجتمع بهذذا الوصف حريا بان ييسر عمليات التجزئة فى التجزءة التشطير تحت رايات الاقليات و المذاهب و الجهويات. 
الملهم فورا لم يمفصل الادب السياسي الامريكى مفهوما للمعارضة. و كانت حركة التحرير قد تمثلت-فى مواجهة بريطانيا-بعيدا عن و فى غياب اى شكل تنظيمى-مكتمل فيما لم يتعين ما بعد التحرير على التوفر على اقامة حكومة بديلة من احزاب حاكمة أو احزاب معارضة حتى بعد توحيد الولايات الامريكية فى نهاية القرن التاسع عشر.
و يترتب ذلك على-فيما يفرز- فى نفس الوقت-انه و ان تحررت امريكا  من بريطانيا فى نهاية القرن الثامن عشر بما يدعى انه كان حرب تحرير مسلحة سوى ان مفهوم المعارضة الدستورية لم يكن مفهوما مصطلح عليه فى الولايات المتحدة في ذلك الوقت و الى اليوم. و قياسا فقد بقي مفهوم المعارضة و المعارضين بالمفهوم الاوربى الغربى الليبرالى فى الذهنية الانجلو امريكية كما فى الذهينة الانجلوساكسونية مشتبه فيه. و ما برحت الذهنية الانجلو ساكسونية و الانجلو امريكية حاصة تستريب بالمعارضة والمعارضين خارج الحزبين الكبيرين.اللذان لم يزيدا كما قلنا عن احزاب الرأسمالية بتفاوت لا يذكر غايته الهاء الجماهير فغوايتها بتصور ان ثمة فرق بين الاثنين. ولم يتضح ذلك اكثر و لا اقل مما  اتضح بين الرئيسين باراك اوباما و جورج ووكر بوش اي بين الادارتين ال 43 و 44 رغم ان الاولى جمهورية الثانية ديمقراطية.
والى ذلك و بالضرورة و النتيجة فقد بقي تراث السلطة الامريكية في الادب السياسي الامريكى  بلا مفهوم للمعارضة الدستورية. واذ بقى مفهوم حق الفرد لا معرف بدوره الا بقدر ما يتضمن تواجه الفرد والسلطة فيكاد يستعدى الفرد على الدولة مما سوغ فقيض للاخيرة الاستفراد فالاستفراس بالفرد مما يلاحظه الناس حتى نشوء حركة احتل شارع وول ستريت Occupy Wall street –فقد  ابقيت المعارضة الدستورية المنظمة ناهيك عن المعارضة الجمعية الشعبية التلقائية امر شبه زائد عن الحاجة .
و يلاحظ ان نموذج الحكومة الامريكية الذى انتشر فى العقود الاربع الماضية فى كل مكان لم يكن يفتقد تراث المعارضة كما تعرفها الديمقراطية الليبرالية فى اوربا الشمالية الغربية وحسب بل اكتفى بان تمحور حول مفهومات محددة جدا وهى:
-تنظيم الحكومة بحيث يرجع ذلك التنظيم غياب المعارضة على النحو ما بعد الليبرالى فى نفس الوقت الذى تأصل فيه مفهوم الحزبين الكبيرين اللذان لا فرق و نادرا ما يكون ثمة خلاف حقيقي بينها على الاساسيات فكلاهما حزب الرأسمالية
- انه ان باتت الاخيرة مالية و مشخصنة الا ان تلك اشخصنة تسربلت وراء التسارر البعيد. فان كان ثمة حزبين كبيران الا انهما لا يختلفا على برامج "التنمية" اى على النموذج  الامريكى للتنمية و لا يعني سوى الخراب لحساب الرأسمالية المالية.
- ان يتفق الحزبان بنوع خاص بعد الحرب الباردة-بصورة متطابقة على السياسة الخارجية- بخاصة سياسات الولايات المتحدة -و بريطانيا-قابلتها فى ادارة الكوننة-حول اعادة تقسيم العالم بزعامة معسكرة اكثر منها ديمقراطية رغم ادعاء السعى نحو دقرطة المجتمعات بالتعددية الحزبية و بتفريد الفرد سياسيا فى عراء شروط التفريد الاقتصادى و حقوق الانسان الخ.
التباس الهوية بالتعدد الثقافي و الترويع:
يقول البعض ان الثقافة البريطانية هى محصلة القوانين الرومانية و الثفافية المسيحية اليهودية و كلها ثقافات بحر متوسطية. فكيف تذرى بريطانيا و كذا امريكا بالثقافات الاتية من الشرق الاوسط؟  الا انه حين تم أدراك أن ليس ثمة تجانس فى المجتمع البريطانى أبدع (مبنى للمجهول) مبدأ او فكرة التعدد الثقافى و العرقى و قد سن قانون فى 2002 كيما يدرس الاطفال و الكبار كيفية التعامل مع الغير و الاخر المختلف او- الذى يكرس اختلافه تكريسا خصما على كل ما يجمعه و غيره فى الانسانية و حتى فى الادمية من متشاركات و متشابهات بالضرورة و النتيجة.
و يعتقد ان التعددية الثقافية و العرقية بلدت الاحساس بمفهوم الخديعة بل معنى الخيانة . فقد بات كل شئ جائز طالما هو تنوعا ثقافيا. فليس ثمة ثقافة بريطانية فالثقافة البريطانية مزيج من حاصل جمع كافة البريطانيين. على أن البعض يعتقد ان تعريف البريطانى بانه او لعله يدعى أنه محب للكريكيت و بدين بالولاء للملكة كلما لزم و يشرب الخمر حتى الثمالة الا ان ذلك كله لم يسعف التعددية الثقافية  بتعريف شاف. فقد  باتت التعددية الثقافية فجأة موضوع حوار فى بريطانيا سوى ان فرنسا و المانيا حسمتا التعددية الثقافية بان حددتا موقفهما من الغرباء و المهاجرين و بخاصة المسلمين.
و حيث لم يعد ثمة هوية بريطانية و حيث يخفق البريطانيون فى تعريف ما معنى ان تكون بريطانى يندفعون الى تعرثف انفسهم بما ليسوا هم عليه أى بالمغايرة مع اخر يختلقونه. و قد بات الاسلام "الاخر الجديد". و غدى كل مسلم ارهابى و كل ارهابى مسلم. وحيث يقول البعض ان الارهاب وراء اجتاح افغانستان و العراق يقول البعض اخرون ان التعدد الثقافى هو السبب فى اجتياح العراق حماية لاسرائيل.
و قياسا يستثمر الصهاينة في هذه الاحبولة فيحيطون بالادارة الامريكية القائمة مثابرين على اقناع الادارة الامريكية بضرب ايران حماية لاسرائيل و تدمير سوريا حتى لا يبق من المجتمعات ما يهددهم بشئ او يكرس حضارة تتحداهم و تستتفذهم فيما كان صمويل هنتيجتون قد كرس سيناريو صراع الحضارات كون بعضها-الاسلام-خطر على المسيحية و على الرأسمالية فعلى الحضارة الغربية.  
و حيث تكرس التعددية الثفافية يفرق قانون التعددية الثقافية بين الناس فيكافأ العنصري رسميا-لم توجد ادلة كافية على ما تم بحق اطفال الفالوجا جراء اليورانيوم المنضبو عيره ولا اطفال غزة جراء الرصاص المصبوب و الفوسفور الاربض و لم يوجد دليل على احرام و عنصرية الجنود الامريكان جراء مغب العنصر البرتقالي فى فيتنام على مر ما يشارف نصف قرن. لا ولا ما ارتكب بحق الافغان اذ مارس الجنود الامريكان هواية جمع اعضاء الافغن و اللعب بها على رقعة الشطرنج او ما شابه ولا حين تبلوا على حثث الافغان).  لا  و لا يتم التفاوض على الفروق فى كل مكان ابتداءا من البيت و المدرسة و الشارع. وتكرس الحكومة ما يسمى بالمدارس الدينية حتى لا يفرق بين الناس من حيث الدين. و يطرح نموذج ايرلندا الشمالية حيث يعتقد ان المدارس الدينية المختلفة لكل من الكاثوليك و البروتستانت فرقت بين الايرلنديين.
و يرى بعض الباحثين أن النموذج الذى يعامل الناس بدون تفريق اى بعمى كامل على انتمائاتهم الدينية فيعامل الفرد كفرد فان الاخير يحصل على كافة حقوقه حيث يمنح كل فرد هويتة الفردية فيما لا يعرف الاخير للجماعة هوية. و قياسا تبعد التفرقة فى امريكا عن نظيرتها فى اوربا و ان كانت تتباهي بان الحلم الامريكي-وهو مفهوم دارويني فاشى-فيدعى انه خليق بان يزوب الفوارق و يشاع ان لكل تحقيق مصالحه بالنجاح والثورة بغض النصر عن مصدر اي منهما.  فان يقسم الكل الولاء للعلم الامريكى فان الحقيقة هي ان تلك احتجلا تعبر عن نفسها  فى و لا تنعكس على واقع الفرد الموضوعي كلما اختبر ذلك الواقع منواليا بخاصة تحت مجهر الازمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية.
فقد كشفت تداعيات اعصار كاترينا كيف سقط السود و الهسبان على الخصوص كما المكسيك من شبكة عمليات انقاذ سكان نيو اورليانز و بيلوكسى و باتون روج Baton Rouge –و تقع الاخيرة بجوار لويزيانا-و بورت سالفار Port Sulphur. ذلك ان المتضررين السود بالاعصار لم يتلقوا غوثا الا بعد مرور 5 ايام قضوها فى العراء بلا ماء او طعام او علاج و قد راح ضحية الاعصار ما قدر ب 10 الاف فى لويزيانا وحدها  18 الف فى نيواورليانز. فقد كانت الجثث تطفو فوق الماء و قد غرقت نيو أورليانز مثلا فيما لم يزر بوش الابن ضحايا الاعصار الا بعد مرور يومين. وعندما فعل اكتفى بالتحليق  بمروحيته الخاصة فوق نيو اورليانز.
و احتج الشيوخ و النواب السود مسجلين اعتراضاتهم على أهمال الادارة و السلطات المعنية لضحايا الاعصار كون اغلبهم سود و هسبان و مفقرين فيما أظهرت استجابة  السلطات المعنية كيف ان الاخيرة كانت حرية بان تهتهم اكثر  لو كان المتضررون بالاعصار بيض أو-و اثرياء. و الواقع ان الاخيرين-وكانوا يسكنون احباء مرتفقة مع ذلك فلم يطالها الماء- تركوا المدينة باكرا لانهم ملكوا سيارات يتنقلون بها ولديهم بدائل و خيارات يلجأون اليها و قدرات اقتصادية مثل النزول فى فنادق. و بالمقابل لم يملك السود المفقرين –لذين كانوا يسكنون المناطق لمنخفضة-التنقل الا بالمواصلات العامة. و قد تضررت الاخيرة بدورها بالاعصار. و لم يكن للسود والهسبان و المفقرين خيارا سوى البقاء في الماء و على اسطح المباني حيث لا مكان يلوذون به. 
خبايا الجنوب الامريكى:
من كان يتصور ان الاعصار كاترينا سيكشف ان امريكا في مرتبة او تنكص بالفعل الى ما بخجل اي دولة من العالم الثالث حسب قول احد مراسلى البى بى؟ فقد ادرك الجميع ان النظام الامريكى كان قد نجح او كاد فى اخفاء حقيقة الاوضاع الاقتصادية الاجتماعية بين مكونات المجتمع الامريكى لوقت طويل. و بقي النظام الامريكي يتطير من الحديث عن الفقر. فامريكا لا تتحدث عن و لا تسمح بالحديث عن الفقر والفقراء ناهيك عن المفقرين . الا ان الاعصار كاترينا كشف عن كل تلك الخبايا و قد ظهر للجميع كم هو مستهدف ذلك المجتمع لشتى الاحتمالات.
فلم يتضح ان نسبة الفقر فى الجنوب اعلى من نظيراتها فى بعض المجتمعات المسماة نامية و انما ظهر ان نسب الفقر فى الشمال نفسه قدرت بما قد يفوق نظائرها فى المجتمعات المفقرة. ولكم  ان تتأملوا مفردة المتوسطات تلك Averages. فهي واحدة من العايير المضللة المختلة بصورة اليمة. ذلك انها تجمع دخول المليادرديرات و دخول افقر الافراد ثم تعيد قسمتها على مجموع  السكان اي حاصل جمع الافراد فاي تضليل واي جريمة؟
المهم فورا تنعكس المتوسطات على جملة ظاهرات منها متوسط العمر و الدخل والعمالة و الخدمات الصحية والسكن. وقياسا تقدر نسبة وفيات الاطفال فى ووشينجتون دى سى العاصمة الادارية- نفسها باعلى مما هى عليه فى فى بيجين(الصين). و رغم الثمن الفادح و ربما بسببه بين المدنيين الابرياء كالعادة الا ان كاترينا تكاد تختزل الاداردة الامريكية فتردها الى شئ من التواضع. فقد سارعت امريكا التى تذري بالامم المتحدة و بالقوانين الدولية  الى اللياذ بالامم المتحدة و الى المجموعة الاوربية و حلف الناتو طلبا للمساعدة وعرضت  كوبا مساعدات طبية و فينيزوريلا معونات نفطية مما لم يعيد الى لامريكا شيئا من الصواب-صوابها الذى افقدها اياه الحاح المسيحيين الصهاينة او اليسوعوقراط على الصلافة-الا انها اعتصمت بكبر ليس في مكانه و قد استدعت انتصارات عسكرية سريعة فى افغانستان و العراق مثابرة مجددا  على  تصوير المستنقع الامريكى في العراق على انه محض سعلة Hicough تسترد بعدها امريكا انفاسها. فالنصر كما يلح الاعلام مبين لا محالة.
الا ان تداعيات الاعصار كاترينا اضرت بسمعة امريكا مرة و بشعبية بوش مرة اخرى.  فعندما يتساءل السود عما ال اليه حالهم فان اول ما يخطر ببالهم ان بوش لا يهتم بهم.
وحيث يبيح الدستور الامريكي الحق فى حمل السلاح دفاعا عن الحرية والملكية الخاصة مما  قد يفسر مجمل مفهوم الحق والحرية والملكية الامريكية الخاصة والدفاع عنها تكفل المادة الرابعة من الدستور الامريكى حق حمل السلاح دفاعا عن الملكية والحرية الفردية كحق غير قابل للاستلاب" Inalienable Rights  و يتصل مفهوم الحرية بهذا الوصف فى امتلاك الامريكان فيما بينهم اكثر من 100 مليون سلاح ناري منها 60 مليون مسدس دوري الخ. 
فعندما تسمح امريكا بالسلاح كحق دستورى فلا تستغرب ان يستخدم الامريكى السلاح مع اقل شعور بالخطر او من خشية على الملكية او-و بين بعض الموتورين و المستلبين بين طلاب المدارس و الجامعات و المتسوقيين او رواد السينما. ذلك نه ان ذهبت ملكية الكثيرين جراء انفجار فقاعة الائتمان العقاري لم يعد للسلاح وظيفة سوى اشفاء الغليل و فض المنازعات الفردية.
اسطورة الحضارة الغربية و كراهية الشعوب
حيث نادرا ما تقتل حضارة و انما تنتحر التنويعات المزيفة من الحضارات فان الحضارة الامريكية و التنويعات الماثلة عليها تنتحر. فاى ديمقراطية تريد امريكا تصديرها للشرق الاوسط؟
لا تعرف شرائح السلطة الامريكية وحلفائهم و ربما اسيادهم اعراب الشتات الصهاينة و قد اتصل حبل سرة الاخرين جميعا منذ سفر تكوينهم بثقافة رعاة البقر و ما يتصل بتوسيع فضاء المراكمة بابادة شعوب الامم البائدة لامحالة ان قيض لاعراب الشتات و الصهيونية العالمية تحقيق غايتها-و شعوب العالم الجديد ثم شعوب الشرق الاوسط و نظائرهم تباعا.  ذلك ان فضاء المراكمة يتماسس فوق اقليات عرقية اثنية و يصدر عن تنويعات عنصرية تتستر وراء مزوقات و مجاز وكنايات و اساطير. و يعاد انتاج تلك التزويقات و الاساطير في مناويل وتنويعات لا متناهية كحماية المدنيين والعون الانساني الذى تقصر تلك الجماغات الغازية عن توفيره لشعوبها هي  فقلوب تلك الجماعات الغازية  تنفطر رحمة بشعوب غيرها من شعوب المجتمعات المفقرة ليس و حسب لان الاخيرين اغنياء بما يسيل له لعاب تلك الدول المحتالة وانما لان جماعات كارهة للشعوب-من بعض طوائف اعراب الشتات- اما تدعي كل ما لم تملك انشاءه من حضارات او-و تدمر تلك الحضارات على رؤوس اهلها ضغينة.    
فعلى العرب و المسلمين و كافة الشعوب غير الغربية تأمل التاريخ مجددا و محاولة اعادة كتابته حتى لا ينتهوا الى محرقة ليس بعدها شئ بمغبة تخلفهم  وعجزهم عن الاسهام و قصورهم عن اللحاق بالبشرية الانتقائية التى يفبركها الغرب و كان قد فبركها باكرا. فاليونان مستعمرة وادى نيلية و روما حصاد ما نهبته روما من قرطاج و غيرها من التوسعات التى اجتاحتها و قضت عليها بقوة السلاح اكثر من اى شئ اخر. و اوربا الغربية ليست سوى محصلة القرصنة و نهب و سلب  اسيا -شبه القارة الهندية و الصين على الخصوص والشرق الاوسط. اما امريكا فهى وظيفة بداية نهاية انحطاط الغرب على نحو متسارع.
و من المفيد تأمل كيف ان الحضارات الانسانية كان قد صنعها غالبا اقوام مستقرة على ضفاف المياة العذبة و ليس عند شواطئ البحار المالحة. فحتى بل ان ما يسمى الحضارة اليونانية و الرومانية المتاخمة للبحار و ما يسمى الامبراطورينات البرتغالية و الاسبانية و البريطانية محصلة القوة البحرية تعين عليها قراصنة و لصوص ثروات من سمى بالاقاليم المكتشفة و تلك التي هزمت بحق الفتح the  Right of conquestو نهبت باحبولة القسمة و القدر الجلي Divine destiny c او-و كل ما وطأته بطون اقدام اعراب الشتات كما لا يخفى على احد اليوم اكثر من اي وقت مضى.
 
 
                                   


المراجع و القراءات
[2] هذا البحث وغيره من بحوثى واعمالى الاكاديمية و العلمية مسجل لدى الجهات المختصة بموجب حق الاختراع و عليه غير مسموح بالاقتطاف او غيره بدون اذن مكتوب من المؤلفه وشكرا.
[3] لا غرابة اذن ان يجمع العرب فى ربيع 2008 للمفاوضات حول حل القضية الفلسطينية التى لا تنتهى الا بنهاية القضية الفلسطينية خصما على الفلسطيين بامل ان يميت طول التفاوض قلوبهم على مر سنين يأسا  من اى امل و تعويلا على انقضاء اعمار الاجيال التى عاصرت الامل فمجى اجيال  بلا ذاكرة و بلا هوية من طول الهوان.    
 
[4] انظر(ي)Ron Paul . End of your rights Block all http://www.youtube.com results(the scope of the President s authority, including contentions that those whom they claim may be held indefinitely could include U.S. citizens arrested on American soil, including arrests by members of the Armed Forces.)
 
 
[5] كانت الحقوق المنصوصة فى اعلان الاستقلال و الدستور لكل امريكى ابيض او اسود قد الهمت خطبة مارتن لوثر كينج Martin Luther King الشهيرة فى 1962 التى استهلها ب " احلم بان I have a dream".
 
[6]  تتصل الهابياس كورباس Habius Corpus بحق الافراد من  العامة و العبيد و الاقنان على اسيادهم فيما يخص بيعهم او عقابهم. وكانت تعنى الزام من يسترق فرد بسبب دين او عبد او قن او فرد من العامة باحضار ذلك الفرد امام القضاء للحكم فى شأن مصيره فى مواجهة سيده. و قد اتصل القانون او العرف ببيع العبيد السود خارج بريطانيا منذ نهاية القرن الثامن عشر 1772 و فى عام 1778 دفع القانون  الاسكتنلدي بحرمان صاحب العبد من الحق فى بيعه مما آذن بنهاية العبودية فى الجزر البريطانية. و كانت الهيابياس كورباس تتصل بقانون عام صدر فى 1627 تم تعليقه عدة مرات فى 1715 و 1794 و 1817. أنظر(ى) Gardiner & Wernborn:1995: P: 360& 708
[7] من اكثر الشعارات الثاتشرية شيوعا على عهد اليمين الجديد البريطانى فى الثمانينات حتى بداية او منتصف التسعينات من القرن العشرين.