الدِّيمُقراطِيَّة الشّعبِيَّة


السموأل راجي
2012 / 8 / 4 - 06:10     

تقدِيـــــــــــــم:

بإرتِباط مع تطوُّر الـنِّضال العُمّالِيّ والشّعبِيّ ضِدّ الإستغلال الرّأسـمَالِيّ - الـمَافِياوِيّ ، وثبُوت مقدرة الشُّعُوب على الــمُضِيِّ قُــدُمًا في درب التحرُّر الـدِّيــمُـقراطِيّ والإنعِتاق الإجتـمَاعِيّ ، وكُلّــمَا حقّقت الجَـمَاهِير الشّعبِيَّة مُكتسباتٍ على الأرض إلاّ وإحتَــدّ العُواء البُورجوازِيّ حول الدِّيــمُقراطِيَّة والحُريَّـــة بدُون أيّ معنى وبإفراغ هذِه الـمفاهِيــم من مضامِينِها الثّورِيَّة أو تحوِيل وِجـهَـتِـهَا إلى خانة اللّيبرالِيَّة الـمُـنتَـهِـيَة تارِيخِيًّا بوِلادة إنتكاستـهَا للوراء: النيُوليبرالِيَّة.
تطوَّرت اللِّيبرالِيّة البِنْيَة الفوْقِيّة للرّأسمالِيَّة في إطَار أنظِمَةٍ إسْتِبدادِيّةٍ بِــكُلّ ما في الكلمَة من معانِي ، إبتِداءًا مِن ألمانِيا البرُوسِيّة وفرنسا نابليُون ومن بعد جاء دورُ الوِلايات المُتّحِدة الأمرِيكِيَّة بلدُ العبُودِيّة وإبادة السُكّان الأصلِيِّين ، فجَسَّدَت التّناقُضَ الصّارِخ بين الدِّيمُقراطِيّة والتَّوْق إلى الحُريّة من ناحِيَة وبين واقع إقتِرانِها بالطُّغْيان والإعدامات المقصلِيّة والإستِعمار وإقتِسام العالم ونهبِ ثروات الشُّعُوب ، قُـــلتُ مِنْ قَبل أنَّ "فلسفة الحُريّة وُلِدَت في مُواجهة اللّيبراليّة وليست بها أو منها،وكان الصّراع الطّبقيّ وحركات التحرّر الوطنيّ وكتابات ما بعد ماركس وحتّى البعض ممّن سبقه هي من أضاف زخم التّحرّر وكشف زُور دعاوى جون لوك وآدم سميث وستيوارت ميل وعرّت نضالات البروليتاريا والشّعوب بُهتان دعاوى " أهميّة الفرد، وضرُورة تحرّرِهِ من كُلّ أنْواعِ السّيطرة والإستبداد" بما في ذلك القوانين المُنظّمة للعمل والمُحدّدة لساعات العمل والحدّ الأدنى المضمون للأجور وسقف الأسعار وما إليه من مُتطلّبات أساسيّة لطبقات وشرائح تُولَدُ من عملها الثّروة لتتكثّف في يد حفنة من عصابات الحقّ العامّ همّها الرّبح وضرب كُلّ خطرٍ مُحتمل يتهدّد مصالِحها"
لم تتورَّع اللّيبرالِيّة عن التغلُّف بِــكُلّ ما أمكَنَها من نظرِيّاتٍ ورُؤى بِــمَــا في ذلِك الدِّين الذي سَــخَّــرَت رُمُوزَهُ لِــفائِدَتِها فكَان بابا الفاتِيكان حالَ تحْوِيم شبح الشّيُوعِيَّة الـمَادِيِّ على كامِل أورُوبا والعالَم يرُشُّ الـمِـيَاه الـمُقدّسَة على وجه موسوليني لِــيُبارِك هتلَر مُغْلِقًا فَــمَــهُ أمام القهر الطبقِيّ وأمام جرائِم الإستِعمَار حاثًّا جُيُوش أوروبا على فتحِ العالم "البِدائِيّ" كما أسْمَاهُ ، ونافِلِ القَوْل أنّ "إحدى فضائح الرّأسـمَاليّة اليوم هو حِـمَايـتِـها للأُصُولِيّة الدّينِيّة وإسنادها لقوى سياسيّة تدّعي تمثيل الدِّين مقابل عدائها لقوى أخرى ، وهي تـحـتَـمِـي اليوم بِـــهَا لتقوم بإنتكاستها المهزليّة لتبرير أفعالها وهذا إمام الدّيكتاتوريّات العربيّة جورج بوش يحدّثه إلاهه آمرا له بالتوجّه لحماية المسيحيّة ؛ وذراعه في الشّرق الأوسط يقيم دولته التي وعدته بها قوى الإمبرياليّة في مفتتح القرن العشرين على أسس اليهوديّة ويبارك إسلام أردوغان ويتحالف مع السّعوديّة ويتناقش سرّا أحيانا وعلنًا أحيانا مع الإخوان وإشتقاقاتهم ويدعو لإدماج قطعان من طالبان في مشروع "الدّولة" التي أقامها في أفغانستان" وسَانَدت بقاياهُ في البيت البيضاوِيِّ لِـــحَى مِصر وتُونِس والمغرب الأقصَى رَاعِيَةً عَـمَـائِمَ الإرهاب في العِراق .

مدخَل عامّ

قامت الدّولة الرّأسـمَاليّة التي إكتـملت لَـبْـرَلَـتُـهَا وتشادق مُثقّفوها بالحُرّيّة بأبشع الـمجازر في حقّ عُمّال وشُعُوب العالم أجمع إذ عملت على تصفية طبقات إجتماعيّةٍ واسعة عبر القضاء على أدوات الإنتاج البسيطة اليدويّة (التّقليديّة) ورمتها في ملاجئ الجُوع والتشرّد ثُمّ عملت على توسيع مجالات نُفُوذها الحيويّ بخلق أسواق جديدة لمُنتجاتها عبر الجيوش فإكتسحت كامل أفريقيا وأجزاء من أمريكا اللاّتينيّة وآسيا وغيّرت فيها حتّى التّركيبة الدّيمُغرافيّة وقتلت أنفاس التحرّر والإنعتاق بإسم الليبراليّة رافِعةً شعار دَعْنِي أعمل وتتغلّف أحيانًا في شقّها الأكثر تطرُّفًا بمقُولات شوفينيّة ونعيق العُنصر الأرقى وتحرير البدائيّين من مُعتقداتهم البالية بالتّبشير الكنسيّ ولم يَكُن الهمّ اللّيبراليّ إلاّ تنفيذ شُروط الهيمنة الإقتصاديّة إستجابةً لـمُتطلّبات الرّأسمال في تحقيق أقصى الرّبح السّريع ولو كان ذلك بحمّامات الدّم وأنهار عرق الكادحين وعَمُودُهم العُمّال: تلك هي اللّيبراليّة، تقوم على المُحافظة على ما هُو موجود مادام يحفظُ الطّبقيّة وسيطرة رأس المال ، والكلام على الدّيمُقراطيّة مُجْتَـزَءٌ عَمْدًا تمويهٌ لا أكثر ، فحُكم الشّعب وسيادةُ نَفْسِه بنفسِهِ والعقد الإجتماعيّ وحُريّة المُعتقد غير مطروحةٍ إلاّ من زاوية إستدامة الهَـيـمنة عبر حصر السّلطة السّياسيّة في من يمتلك المال ، والعقيدة عُنصر داعِمٌ مادامت لا تتواجه مع المُهَيْمِن.
العمل الشُّيُوعي الـمُـتَـمثّل في نشر الوعي الـمَاركسي يُصبح الواجب الأول للشُّيُوعيين أنّى كانوا إذ لا عَمل شُيُوعيّ بدون نظريّة شُيُوعيّة. أما العمل الشيوعي العَمَلي مثل تنظيم الإضرَابات وقيام الـمُظاهرات أو القِـيام بانتفاضة أو ثورة فذلك يتطلب بدايةً وُجُود خريطة طَريقٍ لِثورة إحداهَا حدثت في تُونس ويسعَى حِزب الطّبقة العامِـلَة لإستِـكـمَال مَـهَامِّـهَا ، في هذا السِّياق ، ومن باب إقامة فُرُوقات طبقِيَّة بين المفاهِــيـم أقامَـتْـها أدوات الدِّعاية البُورجوازِيَّة الـمَافياوِيَّة وردَ في واحِدَة من أهـمّ وثائِــق الـمُؤتمر التّأسِيسِيّ للكُومنترن مُقرّر "ديــمُقراطِيَّة ودِيــكـتاتُورِيَّــة" حيث جاء فِـيـهِ :" إن ما يسمى بالديموقراطية، أي الديموقراطية البرجوازية ليست سوى دكتاتورية برجوازية مقّنعة. إن « الإدارة الشعبية » التي طالما جرى تمجيدها ليست سوى تلفيق، مثل وحدة الشعب. الواقع أنه توجد طبقات لا يمكن التوفيق بين مصالحها المتعارضة. وبما أن البرجوازية ليست إلاّ أقلية ضئيلة، فإنها تلجأ إلى هذا التلفيق، هذه « الإدارة الشعبية »، المزعومة من أجل تثبيت سيطرتها على الطبقة العاملة بواسطة التعابير الجميلة، ومن أجل أن تفرض عليها إرا دة طبقتها. وعلى العكس من ذلك، فإن البروليتاريا التي تشكل الأغلبية العظمى من السكان، تستخدم بشكل صريح قوة منظماتها الجماهيرية وسوفياتاتها من أجل الدفع بالانتقال نحو مجتمع شيوعي بد ون طبقات"
وجاء في الــنُّقطَـة 15 من "موضُوعات حول الـدِّيـمُقراطِيَّة البُورجوازِيَّـــة ودِيكتاتُورِيَّـــة البرُولِـيـتارِيَا" لِلرّفِيق الفذّ لِينين :" كانت الديموقراطية القديمة، أي الديموقراطية البرجوازية والبرلمانية منظمة بطريقة تبعد الجماهير الكادحة، أكثر فأكثر، عن الجهاز الحكومي. إن سلطة السوفيات، أي ديكتاتورية البروليتاريا، مبنية على العكس بحيث تقرّب الجماهير الكادحة من الجهاز الحكومي، وللغاية نفسها يهدف الجمع بين السلطة التشريعية والتنفيذية في التنظيم السوفياتي للدولة، كذلك استبدال الدوائر الانتخابية الإقليمية بوحدات عمل، مثل الـمصانع والورشَات" ؛ وقد هدَف البلاشِــفَــة على الدّوام إقامَــة الفارِق الطّبقِيّ الحَاسِــم بين إدّعاء الدِّيــمُـقراطِيَّة وبين الدِّــمُراطِيَّة الحقِيقِيَّة التي لا تعدُو عن أن تكُون دِيكتاتُورِيَّة طبقة على أُخرَى بتحالُفات تعقِدها من أجل إفتِكاك السُّلطَة ، وفي هَــذا السِّيَاق تُــعَــدّ مسألة الدِّيــمُقراطِيَّة الشّعبِيَّة مفهُومًا ومُـمارسَةً وشكلاً ومضمُونًا واحِدة من أهَــمّ وأخطَر ما يُطرَح اليوم خاصّةً فِي ظِلّ التَّــسْــوِيق الدّائِــم لِــمقُولات التّداوُل السِّلـمِـي على السُّلطَة والتّعايُش السِّلمِيّ و....و السِّلـم الطبقِيّ ! وباتَ من الضّرُورِيّ وضع هذا الـمفهُوم حَيِّزَ الشّرح من أجل دفعِ النِّقاش ومزِيد فَــهْـم آلِيَّات التّضلِيل الإيديُولوجِيّ الليبرالِيّ البُورجوازِيّ التِي بلغَت حَدًّا من الصّفاقَة جعلــهَا تتغَنَّى بوهمٍ يُدعَى الليبرالِـيَّـة الإجتــمَاعِيَّة.

الـدِّيــمُقراطِيَّة الشّعبِيَّة مفهُومًا

الدّيـمُقراطية شامِلة ،ولا تكُون كذلِك إلاّ في مُـجْـتَمع خالٍ من القهر والقمع والحرمان والظلم والإستغلال الطّبقي، أمّا اختزالهَا في الانتخابات او في حُريَّــة التعبير، فهُو تشويه قصدِيٌّ لَـهَا ، والخُرُوج من واقِـع الإستِبداد إلى واقع أرحَب إشتِراكِيّ أي ديـمُقراطي ِبـمضمُون شاملٍ يستدعي ثورة ديـمُقراطيّة كحلقة ضِـمْن ثورة هي واحدة في الأصل، هي الثّورة الإشتراكيّة مُقدِّماتُـهَا في الأقطار التّابِـعَة : ثورة دِيـمُقراطِيَّة ووطنِيَّة ذات أُفُق إشتراكِيّ .
وتُــمَـيِّــزُ مرحلة الإنتقال إلى الدّيـمُقراطيّة هذِه الأقطار الرّأســمَالِيَّة التّابِعَة ويكُون ذلِك عبر ثورة شعبِيَّة تنتُجُ عَـنْـهَا عبر سيرُورَة ثورِيَّــة بِنَاء دربٍ إشتراكِيٍّ عبر ثلاث ثَوراتٍ في ثَورة واحِدَة:: ثورة إقتصاديّة وبنَاءٍ اقتصاديّ وطني ومستقلّ وشعبِيّ ، ثورة وطنيَّة وضرب أسُس الـهَـيْـمَـنَة الإمبريالِيَّة بالقطع مع سلسلة إتِّفاقِيّاتٍ جعلَت رِقاب الشّعُوب تحت سِكِّين دوائِر مافياوِيَّة ،ومنـهَا إلَـى ثورة اشتراكيّة والقضَاء على الطَّـبَقات والإستغلال وتحقيق العَدل والـمُساوَاة . ثورة واحدة تقودها الطّبقة العاملَة عبر حِزبِــهَا الـمَاركسِيّ اللِّـيـنِـيـنِـيّ في إطار التّحالُف الوطنيّ الواسع الذي يضُم فئات وشرائح وطبقات مُـتضرِّرة من سيادة اللاديـمُقراطيّة والظُّلـم الإجتـمَاعِـيّ . الثورة الوطنية الديمقراطية، في برنامجها العام تفرض وتستلزم مهامًّا لا مَحيد عنـهَا على رأسِــهَا وبِصفةٍ مُباشِرَة حلّ مُشكل الـحُكم بإقامة مؤسسات منبثقة من إرادة الشعب في اتِّـجاه بِـناء سُلطة الـجـمَاهير وإقامة نِظامٍ شعبيٍّ ديـمُقراطيٍّ.
أوّل من طرَح الـمَهامّ الـدِّيـمُقراطِيَّة على الــمَاركسِيَّة بِصفةٍ غاية في الوُضُوح كان لينين حيثُ بَــوَّب الثّورة إلى مبادِئ سبعةٍ :
المبدأ الأول: الجماهير هي صانعة الثورة تحت القيادة الإيديولوجية والسياسية للبروليتاريا (الذات الثورية)، (الصراع الطبقي هو محرك التاريخ والجماهير هي صانعته). يتمشى الطرح اللينيني مع نظرية الصراع الطبقي كـمَا بلورها مؤسسا الفكر الـمَاركسيّ: كارل ماركس وفريدريك انجلس.
المبدأ الثاني: القيادة الطبقية للبروليتاريا لا تقوم ولا تحقق على أرضية الواقع إلا بوجود الحزب الماركسي- اللينيني الثوري باعتباره نواة قائدة للطبقة العاملة والجماهير الثورية.
المبدأ الثالث: مُعاصرة الثورة الديمقراطية للمرحلة الإمبريالية بما يعني نهاية مرحلة الثورات الديمقراطية بقيادة البورجوازية وتحولها إلى قيادة البروليتاريا.
المبدأ الرابع: الثورة الوطنية الديمقراطية لا تصنعها البُورجوازية. (انتهاء دورها التاريخي) في بلد يوجد تحت سيطرة وقمع الإسـتِـعـمَار بِـشِقَّــيْهِ بل تقوم الثورة بواسطة حكم العمال ولفلاحين تحت قيادة الطبقة العاملة وحزبها الثوري.
المبدأ الخامس: في تحليله للسّيرُورَة الثّورِيَّة (المرحلة الدّيـمُقراطية والـمرحَلة الإشتراكيّة) اعـتَـمد لينين مبدأ "التّميـيز والترابط" بين الـمَراحِل بدل التّميِـيـز فقط
المبدأ السادس: انطلاقًا من فهمِه الـجدلِيّ العميق للمسار الثّورة أكّد لينين على مفهوم الإنقطاع في إدراك السّيرورة التاريخية للثورة إذ بدون ذلك لا تتوفّر إمكانية التّمييز بين التّناقضات والتّحالفات على ضوء مَهامّ مرحلة مُحدَّدَة.
المبدأ السابع: الهـيـمَنة الإيديولوجيّة للبروليتاريا في سيرُورَة الثّورَة: إذ انطلاقا من أمَمِيّة الـمشرُوع البروليتاريّ ومن الحقائق العامّة لِــفِكرِهَا الثوريّ ومِن رجَاحَة خَطِّـهَا السّياسي والإستراتيجيّ ، تستطيع الطّبقة العامِلة في بلدٍ ما حتّى وإن كانت ضَعيفة عَـدَدِيًّـا أن تفرِض هَـيْـمَـنَـتـهَا الإيديولوجيّة والسياسيّة وسط الفِـئات والطّبقات الكادِحة وذلك عبر الأداة الإيديولوجيّة والسياسيّة التّنـظِـيـمِـيَّة التي يُمثِّلُها حزبـهَا الــمَاركسِيّ اللِّينِينِيّ.
أعلنت الأطرُوحات اللينينية "انتِـهاء الحقبة التّاريـخيّة للثّورات البُورجوازيَّـة (الإمبرياليَّة أعلى مراحل الرأسـمَاليّة) وافتِـتاح مرحلة الثّورَات الإشتراكيّة. وبهذا أصبحَت اللّينينية هي ماركسيّة العصر الإمبرياليّ والثّورات البرُوليتاريَّــة" كَـــمَا يقُول ستالِين في "أُسُس اللِّينِينِيَّة".
تقُوم الدِّيــمُـقراطِيَّة الشّعبِيَّة على تحالُف مُنتِجِين : عُمّال وفلاّحُون ورأسـمَالِيُّون من ذوِي الوطنِيَّة وأقلِيَّة مُنسلِـخَة طبقِيًّا من صُفُوف الطّبقة الوُسطَى ، هذا في الإطار النّظرِيّ طبعًا (مع التّنبِيه على إقامَة الفارِق بين الـموقع الطّبقِيّ والــموقِف الطبقِيّ وإلاّ لَــمَا كان الـمُحامِي الرُّوسِيّ لينين يستوجِب توصِيف شُيُوعِيّ) وأُسُسـهَا هِي التّالِيَة :
• إفتِكاك السُّلطة بكل الطُّرُق الـميسُورَة ودُون إعتبارٍ لشكل الـحُكم أكان ملكيّاً أم جُمهوريّاً مع التّنصِيص على العمَل الـحزبِيّ الـمَاركسِيّ في الـمُطالبَة الدّائِمَة بـجُمهُورِيَّـة الدّيـمُـقراطِيّة الشّعبِيَّة أو بالضّغطِ من أجل تكرِيسِـهَا دُستُورِيًّا وسياسِيًّا بعد ثورة شعبِيَّة إذا ما حدَثَت ومِثالُ ذلِك ما يحدُث من حِراك في تُونس.
• إقتسام السُّلطة بين الطّبقات الإنتاجيّة الثلاث بالتساوي فيكون 30% لكل طبقة والباقي 10% للطبقة الوُسطى
• تلبية احتياجات الشّعب بسلعٍ تُلبِّي الإحتياجات الأساسِيَّة ومُـتَـطوِّرة بديلة تُـحَاكي الصّناعات الأجنبيّة وتتفوّق علـيـهَا بالسِّعر.
تتحمّل كُل مِن الطبقات الإنتاجيّة الثّلاث شيئاً من الأحمال الثقيلة بدايةً من الضّغُوط والـمُقاومة المافياوِيّة واليمِينِيَّة كي تَـتَـمكّن فـيـمَا بعد من تطوِير الثّورة وتعـمِـيقِهَا والسَّير بِها نحو أُفُقِها الإشتِراكِيّ .
في كلِـمَـة واحِدَة ، تُعادِل الدِّيــمُـقراطِيّة الشّعبِيَّة في بُعدِهَا الإقتِصادِيّ إقتِصادًا وطنِيًّا مُستقِلاًّ وشعبِيًّا يقطع مع التبعِيَّة والنّهب وذهنِيَّة الرِّبح السّرِيع مهمَا كانت الأثـمَان ، وهذا الأمر يستلزم اتخاذ جميع الإجرَاءات الكفيلة بضَـمَان زِيادة مُطَّرِدَة في الإنتاج، وضِـمنـهَا العمل التطوُّعيّ الواعِي، خاصة لدى الفئات الشبابيّة. ويقتضي أيضا تكيِـيف التّعليم مع مُقتضيات تحقيق التّـنْمية الاقتصاديّة والاجـتِـمَاعيّة، وربطِـهِ بما يحتاجُه الاقتصادُ والـمُـجْـتَـمع،(انظر برنامج حزب العُمّال الإقتصاديّ والإجـتِـمَاعِيّ) وتوسيع الأسوَاق الدّاخليّة كشرطٍ لتطوِير الـمنتُوج الـمحلِّي، والتحكم في الرّأسـمَال الأجنبيّ

لا مَـجال للحدِيث عن مُـمارسة الدِّيــمُقراطِيَّة الشّعبِيَّة خارِج سِياقٍ رقابِيٍّ شعبِيٍّ واسِع عبر مُراقَبَة النّاخِب للـمُنـتَـخَـب وتفكِـيـك مَرْكَزَة السُّلطَة عبر توزِيعِـهَا على هياكِل جهوِيّة ومحليّة ومنحِــهَا صُلُوحِيّات تسيِير خاضِعَة للـمُحاسَبَة بدورِها وإستقلالِيَّة هيئات الرّدع والتّوازُن بِــمَا في ذلِك دائِرة الـمُحاسبات والزّجر والـمحكَـمة الدُّستُورِيَّة وغيرِها وبإقامة نِظامٍ برلـمَانِيٍّ مُعدَّلٍ شعبِيٍّ يحتفِظُ فيه الشّعب بِحَقِّ عزلِ نُوّابِه عِند الإقتِضاء ، وتُنَظّمُ الإدارة دِيـمُقراطِيًّا عبر التّســيِـير الـمُراقَب وسنّ مبدأ الإنتِـخاب لرُؤسائِـهَا بعد ضبط قواعِــد تناظُر كفائِيٍّ ،،: لا سبيل لـمُمَارسة السّيادة الشّعبيّة إلاّ عن طريق انتخابات حرّة وديمقراطيّة ونزيهة وهو ما يقتضي توفّر حرّية التّعبير والتّنظيم وحرّية التّرشّح والانتخاب لكافّة المواطنين إناثا وذكورا، سواء تعلّق لأمر بانتخابات رئاسيّة أو تشريعيّة أو بلديّة أو غيرها.
ثانيا : وعليه فإنّ ضمان العمل بمبدأ السّيادة الشّعبية يقتضي من الأغلبيّة المنتخبة لحكم البلاد أن تحترم الحرّيات الفرديّة والعامّة، باعتبارها حقوقا غير قابلة للتّصرّف، فلا تستصدر قوانين تلغيها بدعوى "أنّ الشّعب اختارها".
ثالثا : إنّ احترام الأقلّية لإرادة الأغلبيّة مرتبط ارتباطا وثيقا بمبدأ احترام حقوق الأقلّية في التّعبير عن آرائها وفي تنظيم صفوفها وفي النّشاط من أجل كسب الشعب إلى جانبها. ذلك أنّ أغلبيّة اليوم قد تصبح أقلّية الغد والعكس بالعكس.
رابعا : إنّ مُـمَارسة السّيادة الشّعبيّة لا تتمثل في اختيار من ينوب أو من يحكم فقط. ولكنّها تـتـمَثّل في مُـمَارسة سلطة التّشريع أيضا سواء عن طريق النّواب أو بصورة مباشرة. وهذه السّلطة لا سلطة عليها غير سلطة الدّستور الدّيمقراطي الذي يقرّه الشّعب أيضا. وبتعبير آخر فلا رقابة على الشّعب أو على نوّابه في ممارسة سلطة التّشريع من قبل أيّة هيئة "روحيّة" تعطي نفسها صلاحيّات لا تفويض لها فيها من أحد.
خامسا : إنّ ممــارسة السّيــادة الشّعبيّة تقتضي تمكين الشّعب من مراقبة حكّــامه ومحــاسبتهم وعزلهم حتى لا يتحوّلوا إلى حكّام إطلاق. كما تقتضي تمكينه من مراقبة نوّابه ومحاسبتهم حتى لا ينقلبوا على ما نُوّبوا من أجله.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمّ إعتماد عدد من الوثائق المتعدِّدَة أرجُو المعذرة إن لم أذكرها كلها الآن لكن ورد ذكرها في آخر الكُرّاس الذي سأنشُر جُزئه الثّانِي