نقاش مع صديق اسلامي


محمد المثلوثي
2012 / 7 / 17 - 02:48     

أنشر هنا نص مناقشة قامت بيني وبين أحد الأصدقاء الاسلاميين على الفيسبوك. وموضوع النقاش انطلق من حوار حول نص كنت قد نشرته بعنوان (ما هي الاشتراكية)
أسامة أسامة:
الحديث عن حكم مباشر للشعب من خلال المجالس الشعبية و الكمونية يذكرني بسخافة الجماهيرية عند القذافي و هو امر اقل ما يقال عنه انه جنوني ...أما عند غاوى تحطيم الطبقات و المساواة الاجتماعية الكاملة المستقاة من الماركسية فهي نظريات تصادم الواقع و تعادي الفطرة و تحارب التميّز و الابداع فتساوي بين العبقري المجتهد الذي يفني عمره و يسخّر طاقته في بناء دولته و الغبي الخامل الذي لا يستطيع حتى القيام بنفسه قال الله تعالى في سورة النحل " وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 76 )
محمد المثلوثي:
أما القذافي فانه كان يتحدث عن سلطة الشعب ليمارس سلطته ولا علاقة للكمونية بالقذافي...واذا أردت معرفة المغزى من الكمونية، أو الشيوعية فعليك قراءة تجربة كمونة باريس، حيث الكمونة هي ببساطة الادارة التعاونية لكل مناحي الحياة الاجتماعية بدون الأجهزة البيروقراطية والطفيلية للدولة والسياسيين الذين لا يسعون الا الى الامتيازات المادية والمعنوية على حساب المنتجين الحقيقيين للثروة الاجتماعية....وأما حكاية التمايز في القدرات بين أفراد المجتمع فانها لا يجب أن تكون مبررا لإستغلال فئة لأخرى وهذا جوهر الموضوع...صديقي العزيز ان العالم اليوم يتكدس بالمنتجات الاستهلاكية، بل ان الراسمالية تعاني من فيض الانتاج، وفي المقابل نجد ملايين من البشر يتضورون من الجوع، وهذا ليس بسبب التفاوت في القدرات الفردية بل هو تفاوت يصنعه المجتمع ويفرضه على الأفراد باعتباره شيئا طبيعيا أو مقدرا من الله، وهذه كذبة كبيرة فليس الأكثر ذكاء أو الأضخم في البنية الجسدية هم الذين يتحصلون على مداخيل أفضل...ثم اذا كان بالامكان توفير حاجيات الجميع بشكل متوازن ومتضامن (وهذا أمر ممكن بالنظر لما حققته البشرية من تطور مذهل) فلماذا العودة للطبقية ولوجود أغنياء وفقراء...اذا كان الله يريد ذلك فهو مخطئ، اما في الواقع فهناك من يستفيد من ذلك ويبرره بكلام الله
أسامة أسامة:
اولا اذا اردتني ان اناقشك واتحاور معك باحترام متبادل فارجو ان تتأدب في الحديث عن الله...ثانيا الغنى والفقر لا يعني بالضرورة استعباد فئة لفئة اخرى او ظلما لها بل بالعكس ان تتكافل هذه الفئات الاجتماعية و تسعى الدولة لتحقيق كفاية المجتمع ثم رفاهيته ..ثم تترك الناس يتفاضلون حسب جهدهم و قدراتهم وعملهم فهل يعقل مثلا ان نساوي في الاجر بين العامل المجتهد و العاطل الكسول ؟كما أن الاسلام يرفض اي دعوة الى البغضاء و الكراهية بين اي فئات فالعباد كلهم اخوة في نظر الاسلام .
محمد المثلوثي:
أولا أنا احترم معتقداتك لكنني لست مجبرا على الحديث بالطريقة التي تعجبك....ثانيا يا صديقي أسامة التفاضل بين الفئات الاجتماعية الذي نلاحظه في مجتمعنا لا يكمن أساسه في الاختلاف في القدرات الذهنية والجسدية بل في ان هناك فئة تحتكر وسائل الانتاج وتستعملها لتوظيف جهد الفئات الأخرى من أجل تحصيل الربح، بحيث في الواقع نجد أن من لا يعمل هو أكثر من يستفيد من ثمرة العمل بينما الذين ينتجون الثروة فعليا هم أقل من يتمتع بها...أنظر حولك ستجد أن الأثرياء لا يعملون بينما الفقراء هم من يعمل، فلو طبقنا مبدأك حول التفاضل حسب الجهد لكان العمال هم الأغنياء لأنهم هم أكثر من يبذل جهدا
أسامة أسامة:
كلانا يتفق على ان الموجود ليس مثالا جيدا و علينا تغييره ..انا قلت اننا نريد ارساء مجتمع يحقق الكفاية و الرفاه لكن نترك الناس تتفاضل بالجهد والعمل والامكانيات ..و الجهد كما تعلم ليس بدنيا فقط بل بدني وعقلي فمن يقول ان على العامل الذي ينقل الرمل ويخلط الاسمنت يجب ان يتقاضى نفس اجر المهندس الذي يصمم البناية والذي يحدد المقادير اللازمة من مواد البناء اللازمة لتشييد بناية من 20 طابقا بدقة متناهية توفر الراحة النفسية والصحية للمتساكنين...من يقول بضرورة تساوي اجر هذين و تساوي جهدهما فهو يجانب الصواب
محمد المثلوثي:
كلا من عامل البناء والمهندس يقوم بوظيفة اجتماعية حيوية لا غناء عنها...بقي أنت تنظر من زاوية المجتمع الراسمالي الموجود القائم على نظام الأجر وأنا أنظر من زاوية تغيير هذا النظام الاجتماعي الظالم والاستعاضة عنه بنظام اجتماعي يتجه فيه الانتاج الى التلبية المتوازنة والمتضامنة لكل أفراد المجتمع...فاذا كان بمقدورنا تحقيق الاحتياجات اللازمة لحياة كريمة للجميع فلماذا التفاوت في المداخيل...المهندس يحقق ذاته في الهندسة وعامل البناء في العمل اليدوي وفق قدرة كل منهما على اسداء خدمة اجتماعية...أما الأيديولوجيين البورجوازيين فانهم يحاولون اقناعنا بأن التساوي في المداخيل سيجعل الجميع لا يعمل وهذا لأنهم هم أنفسهم يرغبون في ابقاء هذا النظام الجائر لمصلحتهم، ولأنهم محكومون بالروح الاستهلاكية لهذا المجتمع حيث النزعة الأنانية الفردية وروح المنافسة وحرب الكل ضد الكل...هذا اضافة لكون الفرق بين العامل والمهندس هو من صنع المجتمع نفسه وليس أمرا طبيعيا، فلو توفرت نفس الشروط الاجتماعية لجميع أفراد المجتمع لأنهارت كل التمييزات ، ليس بمعنى تماثل الأفراد بل بمعنى فقدان اي عمل لإمتيازه عن العمل الآخر....فهل يدرس مثلا أبناء الفقراء في نفس الظروف التي يدرس فيها أبناء الأغنياء؟
أسامة أسامة:
اؤكد لك أن اغلب المهندسين و انا احدهم نشأنا في عائلات فقيرة او شبه فقيرة و أن العملة لا يختلفون عنا في اي ظروق اجتماعية عند الانطلاق
محمد المثلوثي:
هل برايك أن ظروف التعليم متساوية بين ابناء الأغنياء وابناء الفقراء؟...أول مرة أسمع مثل هذا الكلام....لكن على اي حال فالمهندس والعامل كلاهما أجراء تحت امرة صاحب المقاولة، أي صاحب راس المال والذي هو في الغالب لا يعمل، بل أنه في الشركات الكبيرة يتمثل صاحب رأس المال في مالكي الأسهم الذين لا تربطهم أية علاقة بالعمل الفعلي وهم يتحصلون على الجزء الأعظم من نتاج العمل ليس من خلال عملهم بل من خلال تملكهم لرأس المال....الشيوعية هي ادارة الانتاج الاجتماعي من طرف المنتجين الحقيقيين (العامل والمهندس والاداري...) بشكل تعاوني ويقومون بتوزيع ثمار عملهم وفق خطة متوازنة تراعي الانسجام الاجتماعي وبطريقة يحقق فيها كل فرد في المجتمع حياة كريمة بعيدا عن الروح الاستهلاكية المرضية التي تصنعها الرأسمالية بشتى الوسائل لعل من ضمنها عمليات الاشهار
أسامة أسامة:
أنا لم اقل ان الظروف متساوية بين ابناء الاغنياء و أبناء الفقراء لكن قلت ان المكانة العلمية لشخص لا ترتبط كثيرا بهذه الظروف فاغلب الاطباء و العملة البسطاء بدؤوا بظروف متساوية ...المهم اريد ان استفسر منك عن مبدأ يقال ان الشيوعية تتبناه و لن يتسن لي التثبت منه و هو مبدأ "دع الامور تتعفن" يعني لا تحاول القيام باي اصلاح جزئي داخل المنظومة الراسمالية لتتدهور الامور و تنفجر فيطالب الناس بالشيوعية..هل هذا المبدأ موجود فعلا؟
محمد المثلوثي:
عزيزي أسامة الأمور تتعفن بطبيعتها في ظل الراسمالية وهي لا تحتاج للشيوعيين في ذلك...أما مبدأ "دع الأمور تتعفن" فانني اول مرة اسمع به
أسامة اسامة:
لعله لم يكن بهذه الصياغة في كتب ماركس..هل يجوز للشيوعي ان يقوم باي اصلاجات جزئية داخل المنظومة الرأسمالية؟
محمد المثلوثي:
الشيوعيين هم في صدارة المطالبات الاجتماعية لصالح العمال وعموم الفقراء والمهمشين....المشكلة هي أن النظام الراسمالي حتى وان اضطر للتنازل عن بعض المكاسب سريعا ما يتراجع عنها بمفعول الأزمات والاختلالات المتعاقبة...لذلك فالشيوعيين يرون أن الحل الجذري والعميق يكمن في التخلص من هذا النظام الاجتماعي الفاسد والاستعاضة عنه بأسلوب ادارة جديدة يكون فيها جميع أفراد المجتمع مشاركين في تسيير الشأن العام وليس احالة هذه المهمات لطائفة قليلة من السياسيين الذين يتنافسون على الكراسي المريحة
أسامة أسامة:
يعني مبدأ دع الامور تتعفن مبدأ شيوعي صميم؟
محمد المثلوثي:
قلت لك ان الأمور تتعفن ليس لأن الشيوعيين يريدون ذلك بل لأن المنطق الاقتصادي الذي يسير وفقه النظام الراسمالي، أي الانتاج من أجل الربح وليس من أجل تلبية حاجات البشر، يدفع المجتمع الى الأزمات...أنظر حولك في العالم فهل كل هذه الأزمات المتعاقبة والمدمرة سببها الشيوعيين المتآمرين أم طبيعة الاقتصاد الرأسمالي؟ وفكرة الشيوعية لم تظهر الا لأن النظام الرأسمالي أثبت فشله في السير بالبشرية نحو تحقيق تحررها الفعلي بل هو يدفع العالم الى الهاوية والكارثة...فماذا تريد؟ هل ننتظر حتى يفجر هؤلاء المجانين الكرة الأرضية بالقنابل الذرية أو بالتلوث...
اسامة أسامة:
المهم هل قرأت كتاب العدالة الاجتماعية في الاسلام"؟
محمد المثلوثي:
لا تحلني على الكتب بل عبر أنت عن أفكارك
أسامة أسامة:
عبرت عن افكاري لكن اردت ان تقرأ شرحا مفصلا للعدالة الاجتماعية من نظر الاسلام
محمد المثلوثي:
لقد قرأت كثيرا من الكتب والنصوص في هذا الموضوع...وعلى فكرة سأنشر قريبا نصا حول أسطورة الاقتصاد الاسلامي...ببساطة الاقتصاد ليس اسلاميا ولا مسيحيا.... تتحدد طبيعة الاقتصاد بدرجة تطور القوى الانتاجية للمجتمع لا غير
أسامة أسامة:
ماذا تقصد باسطورة الاقتصاد الاسلامي؟
محمد المثلوثي:
الحديث عن اقتصاد اسلامي أو مسيحي أو يهودي هو مجرد أسطورة ولا علاقة له بالواقع التاريخي
أسامة أسامة:

كيبف ذلك؟
محمد المثلوثي:
قلت لك أن طبيعة الاقتصاد لا تتحدد بالدين أو الأفكار والمعتقدات بل بدرجة تطور القوى الانتاجية للمجتمع
أسامة أسامة:
الدين الاسلامي فيه نظام اقتصادي خاص اثبت جدارته و نجح في عدة مرات عبر التاريخ و وصل الى القضاء التام على الفقر في عهد عمر بن العزيز
محمد المثلوثي:
هذه أسطورة من أساطير التاريخ العربي الاسلامي ولا علاقة لها بالحقيقة...لكن حتى لو افترضنا أنه في فترة هذا الخليفة قد تحققت انجازات اقتصادية فهل هذا يعني أن الاقتصاد كان اسلاميا؟ كلا أبدا فنحن نعرف الاقتصاد ليس من خلال الدين السائد بل من خلال طبيعة علاقات الانتاج، وهذه الأخيرة مرتبطة بدرجة تطور القوى الانتاجية....واذا كان اقتصاد عهد هذا الخليفة قد حقق رخاء اجتماعيا حقيقيا فلماذا انهار بعد ذلك؟ هل موت شخص يغير في طبيعة الاقتصاد؟ هل الاقتصاد بعد عمر ابن عبر العزيز اسلامي أم كافر؟ ولماذا كف الاقتصاد عن كونه اسلاميا؟
أسامة أسامة:
الامر حقيقة واقعة و ليس اسطورة كما تقول و يمكنك الرجوع الى تاريخ الخليفة بن عبد العزيز و قبله عمر بن الخطاب ..اما سبب عدم تواصل هذا الرخاء الاقتصادي (و لا اقول انهيار لانه بقيت الدولة الاسلامية هي الاقوى حتى بعده بقرون ) فببساطة لان الحكام الذين جاؤوا بعده لم يلتزموا بالنظام الاسلامي كما يجب و غلب عليهم الجشع و الطمع و الانانية و ان كان لهم اثر طيب في جوانب اخرى .
محمد المثلوثي:

للاسف صديقي فأنت معبأ بالحكايات التي يتداولها الشيوخ الذين لا علاقة لهم لا بالاقتصاد ولا بالتاريخ....أدعوك لقراءة أشياء أخرى حتى يمكنك أن تكون نظرة نقدية للموضوع بعيدا عن التعصب العقائدي...فهل الغرب قد طور اقتصاده من خلال الدين ام بالنظر للحياة الواقعية والتأقلم معها وصياغة أشياء جديدة تلائمها بدل المكوث في الحنين الى عصور غابرة...أنت مهندس وثقافتك تسمح لك بالاطلاع والتنقيب والبحث وعدم الاكتفاء ببعض الكتب التي تروجها السعودية وبعض الأنظمة الرجعية الأخرى للضحك على ذقوننا والتمتع بخيراتنا بينما نبقى نحن نلوك أشياء قد عفى عليها الدهر
أسامة أسامة:

حسنا عمر بن الخطاب اسطورة ...ما رايك في التقدم الحضاري الذي وصلت اليه الاندلس هل هو اسطورة ايضا ؟ هل الباحثون و الطلبة الذين كانوا يقدمون الى الاندلس ليتعلموا اكذوبة ؟ هل شاهدت المعمار الذي تركه المسلمون هناك ؟ من اين خرجت كل هذه الحضارة اليس من العدم بين قبائل عربية متناحرة في عمق ارض الجزيرة العربية القاحلة التي صار اهلها في بضع عقود سادة العالم ؟ ما دخل الثورة الرهيبة التي احدثها الاسلام في هؤلاء البدو في الضرورة الاقتصادية التي يتحدث عنها الشيوعيون؟
اما الغرب فانت ذكرت بنفسك ان نظامه راسمالي و فاشل و آيل للانهيار فكيف نقتدي به اذن؟؟؟
محمد المثلوثي:
ليس الموضوع موضوع اقتداء بل محاولة فهم سبب التطور الاقتصادي وتخلفه هل الأمر يتعلق بالأديان والعقائد أم بشروط أخرى...فهل تطور الغرب جاء بفضل الدين؟ وهل تخلف الدول العربية هو بسبب انحسار الاسلام؟ ولماذا تطورت الصين وهي كونفيشيوسية بينما بقيت السودان متخلفة وهي دولة اسلامية؟
أسامة أسامة:

ممم و لماذا سقط الاتحاد السوفياتي و هو شيوعي و لم يحقق الرفاه و العدالة الاجتماعية ؟

محمد المثلوثي:

قد تفاجئك اجابتي لكن في الواقع فانه بمثلما أعتبر أن الاقتصاد الاسلامي والخلافة الراشدة التي قضت على الفقر هي من قبيل البناءات الحكائية مثل حكايات عنترة ابن شداد فانني أعتبر بنفس القدر حكاية الاشتراكية السوفياتية مجرد أسطورة حديثة يتداولها أنصار لينين وستالين الذين هم أيضا يقدسون النصوص والزعماء ويستعيضون عن التاريخ الفعلي بالرواية الرسمية التي كتبها النظام السوفييتي عن نفسه (والتاريخ يكتبه المنتصرون كما تعرف)...أما في الواقع فان ثورة السوفيات برغم كل قوتها الثورية فانها قد انقادت للهزيمة سواء من طرف الثورة المضادة التي قادها البلاشفة والانقلاب العسكري الذي استولوا على اثره على السلطة باسم العمال ليقمعوا هؤلاء العمال بالذات ويبنون اقتصادا رأسماليا من نوع ما يسمى برأسمالية الدولة الذي استوحاه لينين من الاقتصاد الألماني أو من طرف الحصار الرأسمالي العالمي والتدخلات العسكرية التي استنزفت الطاقات الثورية لجمهور الشغيلة ودمرت كل الامكانيات المادية لبناء أسلوب انتاج كموني تعاوني...وفي الحقيقة فان الاشتراكية لا يمكن بناؤها ضمن حدود بلد واحد...فالثورة الاجتماعية قدرها اما أن تمتد الى المستوى الأممي أو أنها تتقوقع على نفسها وتضمحل تدريجيا....أرجو أن تكون اجابتي واضحة ولو أن الموضوع شائك جدا
أسامة أسامة:

عجيب..الاتحاد السوفياتي الذي كان يطبق الشيوعية بحذافيرها و يوفر لها الامكانيات الضخمة و ينشر مؤلفات ماركس و انجلز و يطمح لتعميم الشيوعية على العالم و يدعم الاحزاب الشيوعية في القارات الخمس كان دولة غير شيوعية؟؟؟ ..اعتبر ان موقفك هذا ماهو الا محاولة للتملص من الفشل الذريع الذي واجهته الشيوعية عندما اصطدمت بالواقع فاثبتت انها عاجزة عن تحقيق اي عدالة اجتماعية حقيقية و انها رغم محاولة فرضها بقوة الحديد و النار و رغم توفر الامكانيات المادية و الطبيعية و البشرية الضخمة لها عجزت عجزا رهيبا حتى عن توفير الغذاء الكافي لمواطنيها .
محمد المثلوثي:
صديقي أسامة ان الماركسيين قد ابتدعوا دينا أرضيا جديدا اسمه الماركسية ليستعيضوا به عن الأديان السماوية وصارت لديهم نصوص مقدسة مثل كل المتدينين هي كتب ماركس ولينين....أما ماركس نفسه فيقول: "كل ما أعرفه أنني لست ماركسيا" في اشارة لرفضه تحويله الى أيقونة مقدسة، فماركس باحث قد ساهم في تطوير كثير من الأبحاث الاقتصادية والتاريخية لكنه لم يكن أبدا نبيا معصوما من الخطأ...وأما الماركسية فانها لا علاقة لها بالشيوعية رغم كل الادعاءات، ذلك ان الشيوعية ليست دينا نستبدل به الأديان القديمة كما هي ليست نظرية عبقرية لهذا المفكر أو ذاك فلو أردنا تعريف الشيوعية فيجب أن ننطلق من الراسمالية نفسها، فهذا النظام الاقتصادي يقوم على أساس كون من يعمل لا يملك ومن يملك لا يعمل ليستفيد من ثمارات جهد المنتجين الحقيقيين للثروة، وأما العمل في الاطار الرأسمالي فيقوم بشكل تعاوني جماعي حيث العمال والمهندسون والخبراء والاداريين هم من يدير الانتاج، أما حصيلة الانتاج فانها تعود لأصحاب الرأسمال..وهكذا فالشيوعية ببساطة هي اعادة ملكية وسائل الانتاج لصالح جمهور المنتجين في اطار ادارة تعاونية حيث الجميع يساهم في الانتاج الاجتماعي والجميع يتمتع بثمرة هذا الانتاج بطريقة تلبي الحاجات الانسانية المتوازنة والبعيدة عن روح النهم الاستهلاكي المريض الذي تبثه فينا وسائل الدعاية والاشهار...الاتحاد السوفيتي في عهد لينين أو ستالين لم يوفر حتى الغذاء الكافي لمواطنيه كما تقول فكيف يمكن اعتباره شيوعيا..انها الراسمالية متخفية برداء الشيوعية لإقناع الأجراء بالقبول بها والخضوع لنظامها الاستغلالي، اذا فالفشل الذريع هو فشل الرأسمالية القائمة وليس فشل الشيوعية التي لم تقم أصلا
أسامة أسامة:
لماذا لا يكون فشلا في النظام نفسه غير القابل للتطبيق و المعادي للفطرة البشرية؟ هل تعتقد انك اكثر اخلاصا للشيوعية و تفانيا من لينين او ستالين ؟
محمد المثلوثي:

صديقي انك بدل أن تطور نقاشاتنا في الجانب الاقتصادي والاجتماعي بقيت تردد الأفكار المسبقة التي تعج بها الكتب الصفراء...ان الانسان كائن اجتماعي بامتياز، اي أنه يستقي طبيعته (فطرته) من وجوده الاجتماعي...النظام الراسمالي يريد اقناعنا بأن الأنانية وحب الذات والرغبة الجنونية في الاستهلاك وفي التميز الاجتماعي من خلال المظاهر المادية والرغبة اللامتناهية في الملكية هي من الطبيعة (أو الفطرة) الانسانية وبالتالي فعلينا القبول بهذا النظام والتسليم بوضعنا البائس الذي نعيش فيه ليس باعتباره حصيلة الظروف الاجتماعية التي يعيشها الأفراد بل حصيلة نقص طبيعي فينا (لأننا لسنا أذكياء كفاية..لأننا لسنا أقوياء كفاية...) وهكذا سنعود باللوم على أنفسنا بدل لوم النظام الاجتماعي المسؤول عن كل هذه المصائب الاجتماعي